صدر حديثا
-
لى الأشجار الباسقة، ذات الافياء .. والذكرى ودروس الأيام.
إهداء إلى الأشجار الباسقة، ذات الافياء .. والذكرى ودروس الأيام ضرغام 4 مقدمة تزرع الشعوب أشجار السنديان لھدفين: الأول من…
أكمل القراءة » -
إصدار عمل روائي جديد .
تهنيء مؤسسة بيدر للإعلام أحد كتابها اللامعين القاص والأديب عبد الجبار الحمدي بصدور روايته البكر ، حب في زمن الارهاب…
أكمل القراءة » -
القهر من الحبّ والحرب والموت في رواية: «أرواح تحت الصفر»- إدريس سالم.
القهر من الحبّ والحرب والموت في رواية: «أرواح تحت الصفر»- إدريس سالم أغسطس 4, 2020 – Leave a Comment نشر…
أكمل القراءة » -
كتاب إسرائيلي يتساءل: هل أصابت لعنة الشهيد أبو جهاد ثلاثة من منفذي اغتياله؟
كتاب إسرائيلي يتساءل: هل أصابت لعنة الشهيد أبو جهاد ثلاثة من منفذي اغتياله؟ القدس المحتلة /سما/ يكشف كتاب إسرائيلي جديد…
أكمل القراءة » -
إصدار كتاب «قصة الحرب في قلب الحرب» من وجهة نظر الكاتب الفرنسي الدكتور «انیس دفویکتور»
إصدار كتاب «قصة الحرب في قلب الحرب» من وجهة نظر الكاتب الفرنسي الدكتور «انیس دفویکتور» عشية يوم الفن للثورة الاسلامية…
أكمل القراءة » -
بيان لجنة السلام العربي حول دعوة امين عام الجامعه العربيه لوقف الحرب في سوريا واليمن وليبيا
بيان لجنة السلام العربي حول دعوة امين عام الجامعه العربيه لوقف الحرب في سوريا واليمن وليبيا 23 مارس 2020/العواصم العربيه…
أكمل القراءة » -
الشيوعيون العراقيون في الإتحاد السوفييتي فصل من كتاب “شيوعيو الشرق الأوسط في الاتحاد السوفييتي” بقلم الباحث الروسي د. جريجوري كوساتش غلاف الكتاب باللغة الروسية جريجوري كوساج جريجوري كوساج في عام 1944 ، وهو مؤرخ سوفييتي وروسي في الشؤون العربية ومختص في الشؤون السياسية العربية المعاصرة، ويتقن اللغة العربية. ويشغل منصب بروفسور قسم التاريخ العربي المعاصر، وحصل على شهادة الدكتوراه في عام 1990، وأخصائي في معهد الشرق الأوسط ونائب رئيس تحرير مجلة “أوراسيا”، وهو مؤلف أكثر 163 من الكتب والمقالات في غالبيتها حول الشؤون السياسية في البلدان العربية. الشيوعيون العراقيون في موسكو، هل وجد حزب أصلا؟ مقر الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق – موسكو، ميدان ستراستنايا في نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات ظهر لأول مرة في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق طلبة من العراق. وكان عددهم قليلا ولم يتجاوز أربعة طلاب. ولم يصل هؤلاء الطلاب إلى العاصمة السوفييتية في وقت واحد، بل بطرق مختلفة وبمبادرة من المجاميع الشيوعية الفاعلة في الشرقين الأدنى والأوسط، والحديث يدور هنا بالدرجة الرئيسية من ايران.إن مثل هذه المبادرات لم تأت نتيجة لنشاط هذه المجاميع بقدر ما تعكس اهتمام الكومنترن بالعراق الذي يستند على قدر من الأسس، رغم أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال تجاهل مبادرات هذه المجاميع. فالعراق كان يعاني من عدم الاستقرار الداخلي أولاً، وثانياً أن حصول العراق على الصفة القانونية كدولة مستقلة سياسياً عام 1932، لم يُغيّر من الواقع الحقيقي، وهو الدور المهيمن لانتداب بريطانيا العظمى على البلاد. إن معارضة شعب البلاد للدولة المنتدِبة قد طرح في البداية على سكرتارية الأممية الشيوعية تحت اسم “ميسوپوتيميا”. كان أول طالب عراقي في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق هو عبد الحميد الخطيب1 (بالإسم المستعار خالد)2 الذي وصل إلى موسكو في آب عام 1929. أما الطالب الثاني فهو عاصم فليح الذي ورد اسمه في وثائق الجامعة. وصل عاصم لفيف من طلبة الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق من مختلف الجنسيات في نهاية العشرينيات فليح3،(بالإسم المستعار صائموف) إلى عاصمة الاتحاد السوفييتي في عام 1931 واستقر فيها، ودرس في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق في الفترة بين عامي 1934 – 1935. وقد اعتبر عاصم فليح ممثل الشيوعيين العراقيين في المؤتمر 1901-1949 1910-1970 يوسف سلمان يوسف (فهد) قاسم حسن أحمد الشيخ السابع للأممية الشيوعية مع قاسم حسن أحمد الشيخ4 ( تحت اسماء مستعارة هي مريد، ناظم تمين، زقور نعيم) 5، بالإضافة إلى يوسف سلمان6 (الإسم المستعار هو فردريك، برنارد فريدريك). لقد مكث قاسم حسن أحمد الشيخ في موسكو لمدة سنة واحدة، وغادرها في عام 1936 بعد أن انهى الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق وعاد إلى الوطن. ومكث يوسف سلمان في موسكو حتى عام 1937، و أصبح لا حقاً قائداً للحزب الشيوعي العراقي. ومن اللافت للنظر هو قلة عدد العراقيين في موسكو، أخذا بنظر الاعتبار اهتمام الكومنترن بتشكيل منظمة شيوعية في العراق قادرة على قيادة النشاط في البلاد. وهنا يطرح السؤال التالي. هل أن تاريخ تأسيس الحزب الشيوعي بدأ بالفعل في عام 1934؟؟ فإذا كان هذا التاريخ صحيحاً، فبأية صفة كان عبد الحميد الخطيب وعاصم فليح يتلقيان الدراسة قبلئذ في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق؟ هل بصفتهم كشيوعيين أم كمرشحين لتبني العقيدة البلشفية؟7، ولماذا وجد بعد عام 1934 طالبان عراقيان فقط في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق في الوقت الذي كانت المنظمة الشيوعية العراقية بحاجة الى أن يتلقى الدراسة فيها عدد اكثر من الحزبيين العراقيين؟ 1 الطلبة العراقون في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق: هل يعتبرون أفراد شيوعيين إن المقبولين في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق من أي بلد كانوا يعتبرون من انصار الشيوعية نظرياً وعملياً، ويعملون بنشاط في صفوف الفرع المحلي للاممية الشيوعية، وإن الذي يرسل إلى العاصمة السوفييتية بناء على طلب الحزب الشيوعي المعني لا بد وأن يتلقى في المستقبل المعرفة الضرورية النظرية والتطبيقية، ويصبح هؤلاء الطلبة أعضاء في اللجنة المركزية أو في الهيئات القيادية المحلية ( أعضاء في اللجنة المركزية أو في لجان المناطق أو لجان المدن أو اللجان المهنية)8. كان العراق حالة استثنائية من هذه القاعدة. فظهور طلبة من هذه البلاد في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق كان متأخراً ولم يكن قد خُطط له مسبقاً. إن قيادة الجامعة استطاعت أن تقبل في جامعتها القادمين من “الريف”9 عند اتخاذ قراراتها فيما يتعلق بقبول الطلبة من البلدان العربية، وبذلك فإنها تميز من الناحية الاجتماعية ممثلي الأحزاب (على سبيل المثال إنها أبعدت الفلاحين عن الإنتماء في صفوف الشيوعيين المصريين)؟ وفي معايير القبول، في حين لم توضع أية ملاحظة تخص العراقيين10. بالرغم من أن الشيوعيين العراقيين كانوا يصرون على إرسال طلبتهم إلى الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق11. يحتوي ارشيف الدولة الخاص بالتاريخ الاجتماعي والسياسي الروسي، وتحديداً في القسم المتعلق بالعلاقة بين الكومنترن والشيوعيين العراقيين، على بعض وجهات نظر لا يمكن مقارنتها بحجم المعلومات المتعلقة بالاحزاب الشيوعية العاملة في البلدان العربية في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي. ففي العديد من هذه السجلات المتعلقة بالعراق، لا توجد من الناحية العملية أية قرارات صادرة من الكومنترن أو سكرتارية الشرق سوى القليل من الرسائل أو التقارير المرسلة من العراق. ولا توجد هذه الوثائق في ملفات مستقلة خاصة بالعراق، بل هي موجودة في ملفات عضو سكرتارية الكومنترن الشيوعي الفرنسي أ. مارتي(تسع وثائق). وإن تم الإعلان رسمياً عن تاريخ تأسيس الحزب، فهل اعترفت الأممية الشيوعية به مباشرة بعد تأسيسه؟ وهل أن الحركة الشيوعية العراقية في الثلاثينيات قد مرت بأحسن فترة من تاريخها؟ من المناسب العودة إلى موضوع الطلبة االعراقيين في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق، حيث تطرح العديد من الأسئلة في تعابير أخرى: ما هي مهنهم وما هو العامل المشترك بينهم؟ أو السؤال عن ما هو العامل الذي أدى إلى تأسيس الحزب في حالة إنتماء مثل هؤلاء الأعضاء إليه؟ إن أعمار هؤلاء الطلاب تدل على أنهم ينتمون إلى جيل واحد. وحسب تأكيدات عبد الحميد الخطيب، فإنه قدم إلى موسكو بعد أن جرى تعيينه معلماً للفيزياء في إحدى المدارس العراقية12. وقبلئذ كان عبد الحميد قد أنهى مدرسة الصنائع العراقية وأرسل إلى البصرة حيث قام بالتدريس في أحدى المدارس المحلية لمدة عام واحد13. ويمكن القول إن عمره لم يتجاوز العشرين عاما. وفي أغلب الظن إنه ولد في الفترة بين عام 1909 وعام 1910. وولد يوسف سلمان في عام 1901 وعاصم فليح في عام 1903 وقاسم حسن في عام 1910. وقد وحدتهم بغداد كمسقط رأسهم. وكان عبد الحميد الخطيب من عائلة ميسورة الحال. أما عاصم فليح فقد ولد يتيماً من أب معلم، واشتغل في الهند ولم يكمل حتى تعليمه الإبتدائي، حيث لم يجلس على مقعد الدراسة سوى لمدة سنتين ونصف. وترك الدراسة لمساعدة عائلته وأصبح خياطاً واختار مهنة والدته. وسار على هدى الطريق الذي سار عليه يوسف سليمان في طفولته، حيث شارك مسار رفاق دربه في العقيدة. ولد البطل الرسمي اللاحق للحزب الشيوعي العراقي(فهد) في عائلة مارست مهنة الخبازة، إلاّ أنه يختلف عن الشيعي عاصم فليح. فيوسف سلمان ينتمي إلى المكون المسيحي الكلداني15 .ودرس في الفترة التي سبقت عام 1912 في مدرسة مسيحية في بغداد، ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى، واجبره أبوه على التوجه إلى البصرة للدراسة في المدرسة التبشيرية الأمريكية في البصرة. وأخيراً، نعرج على المنحدِر من الطائفة السُنّية قاسم حسن أحمد الشيخ. فالشيخ كان ابن جنرال في الجيش العثماتي، ودرس في مدرسة الحقوق التي كان من الممكن أن تفتح أمامه أبواب الرزق ويصبح محامياً في بغداد. إلاّ أنه لم يكمل دراسته في تلك المدرسة15. عاد قاسم حسن أحمد الشيخ إلى موسكو في عام 1941 بسبب اندلاع الحرب العراقية البريطانية في آيار من نفس العام حيث أعلن عن مشاركته فيها16. وأمل في أن يحصل على اللجوء السياسي، ومن جديد دوّن سيرة حياته. وجاء في مدونة السيرة ما يلي:” إنني ابن ضابط في الجيش التركي، وكان أبي الموظف الوحيد في العائلة التي اشتغل أفرادها كعمال. وكان والدي يشغل رتبة لواء في الجبهة الشمالية من العراق في فترة الحرب الأمبريالية الأولى عندما أحتل الجيش البريطاني العراق. وقد وافته المنية في كردستان العراق، وقد دس له السم من قبل عميل بريطاني”. ويستطرد قاسم حسن في تدوين سيرته قائلاً:”وبعد وفاته لم يبق للعائلة أي مصدر للرزق. وانتقلنا إلى بغداد حيث مكثنا فيها ثلاث سنوات في بيت واحد مع أقرباء لنا لحين حصول أخي الأكبر على راتب يسد قوت العائلة. في أعوام 1924-1928، انهيت الدراسة المتوسطة واضطررت إلى العمل كعامل. وقتها كنت أعمل في النهار واستمر في الدراسة المسائية. وبدأت بدراسة التاريخ والعلوم الاجتماعية. وكان تاريخ ثورة اكتوبر الاشتراكية أحد المواضيع التي اوليت له جل اهتمامي في الوقت الذي تصاعدت خلالها موجة الحركة الوطنية الثورية ضد الأمبريالية البريطانية”17. ومما يثير الإهتمام إن الخيار الشيوعي (أو بالأحرى التطلع الى بلوغ الوضع المأمول كلاجئ) قد ارغم هذا الشخص على تعديل سيرته الذاتية. أنه لأمر سئ كون المسؤولين في الكومنترن ليسوا على معرفة جيدة بالبلاد التي تنشط فيها منظمات لها علاقة بهم. وكيف إستغل عدم المعرفة هذه وجمود تفكير رجال اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية الأفكار والممارسات الشيوعية بعد دخول الإتحاد السوفيتي الحرب العالمية الثانية (يكفي ان نشير بهذا الصدد الى التفسير المعادي للإنكليز الذي طرحه قاسم حسن أحمد الشيخ .. في حادثة وفاة والده). لم يتقن عاصم فليح سوى اللغة العربية، أما يوسف سلمان يوسف، الذي عمل، بعد انهاء الدراسة في المدرسة التبشيرية عام في البصرة عام 1916، مترجماً في الجيش البريطاني، فقد كان يجيد اللغتين العربية والانجليزية. أما فيما يتعلق بقاسم حسن أحمد الشيخ فإنه كان يتحدث بطلاقه باللغات العربية والتركية والكردية والانجليزية18.وقدم تقريره باللغة الانجليزية، وتدل تواقيعه على إتقانه لغة المتروبول. وعلى الرغم من التباين في منحدراتهم الاجتماعية ومستوى تعليمهم، إلاّ أن ذلك لا يعني أن الطريق والمصير الذي اختطوه كان متعارضاً. على العكس، فقد واجهت الجميع ظروف مؤثرة من شأنها أن وحدت ابن الجنرال السابق الذي ينحدر من من مجموعة أثنية ودينية غير مرموقة وممثل طبقة متوسطة انحدر بسبب عوامل عائلية نقلته من واقع الصدف إلى مرتبة اجتماعية متدنية. لم تؤسس الدولة العراقية بفعل عوامل داخلية نابعة من رحم المجتمع، بل نتيجة لتدخل طرف خارجي فرض سياسته في المنطقة بقوة السلاح. هذا الطرف هو بريطانيا، الدولة العظمى في تلك الفترة. فبفضل الجهود التي بذلتها في عام 1920، تم تأسيس المملكة العراقية على جزء من أراضي الامبراطورية العثمانية ( في البداية على شكل انتداب)، واستلم التاج قائد “الثورة العربية الكبرى” الأمير فيصل الذي أطيح به جرّاء ضربات الجيش الفرنسي ضد ” الدولة العربية” في دمشق. في فترة تأسيس الدولة العراقية ( في الوقع لقد تأسست لاحقاً لأسباب عديدة)‘ فإن التركيبة المحلية كانت تبدو في الواقع بعيدة كل البعد عن كونها مجتمعا وطنيا 19. وهذا يعني أن العراق يمكن أن يصنف كمجال أرضي يحتاج إلى أن يصبح حقيقة سياسية ترتبط بمُثُل موحدة للمجتمع الوطني. وكان الطريق إلى ذلك شائكاً. وخلال كل الفترة بين الحربين العالميتين عصفت بالبلاد موجة من العصيانات والانتفاضات، إضافة إلى تناقضات بين “الفئات الحاكمة” المدعومة من الخارج، هذه التناقضات التي لم تهدأ بعد إعلان الدولة المستقلة سياسياً. فالمصالح المتعارضة لهذه المجاميع النخبوية الداخلية التي تتمتع بعلاقات معقدة مع ” الفئة الحاكمة” في البلاد، أثارت في المجتمع مواجهات عرقية طائفية تميل إلى الإتفصال ولا نهاية لها، ودموية أحياناً. لقد أدى إعلان الدولة العراقية إلى تغيير في أولويات االعراقي ومصيره. وتشكل وضعً انطوى على حراك اجتماعي لم يسبق له مثيل، وتدمير المؤسسات الاجتماعية القديمة التي بدت غير قابلة للتغيير. فهل كان من الممكن لإبن جنرال الجيش العثماني، الذي تعرض للهزيمة بين القوى المتصارعة، أي دول المتروبول، أن يحتفظ بمكانته الاجتماعية السابقة؟ ألا كان من الأفضل أن يستمر، على سبيل المثال قاسم حسن أحمد الشيخلي، بنمط الحياة التي عاشها، قبل الحرب العالمية الأولى، والإنخراط في مهنة والده العسكرية في الجيش العثماني. وهل أنه اختار حقل دراسة الحقوق لأن الخيار الأول بدا وكأنه ضرب من الخيال؟ بالطبع أن الدراسة في مدرسة الحقوق تتطلب موارد مالية، وشكل ذلك العامل الذي أدى إلى عدم قدرة قاسم حسن أحمد الشيخ على الاستمرار بالدراسة. ومن المحتمل أنه لم يكن بمستطاعه توفيرالمبالغ الكافية كي يصبح محامياً. إن تطور الأحداث اللاحقة في العشرينيات والثلاثينيات أصبحت متوقعة. وعمل الشيخ “كاتباً في وزارة المعارف” (عندما احتاجت الدولة العراقية إلى المعلمين من أجل تأسيس المعاهد التعليمية). ثم تعرض الشيخ إلى الفصل من الوزارة لاحقاً جراء “نشاطه الشيوعي”20.”، كما جاء في وثائق الكومنترن، علما إن صفحة الأعمال الخاصة بقاسم حسن أعدت من أجل حاجة الأمن الداخلي في الكومنترن ، وليس من المجدي فهم أقوال كاتبها حرفياً “، ولم يوضح مكان انتقاله إلى وظيفة محاسب هذه المرة. الحديث يدور عن تدهور لاحق للحالة المعيشية وإنحطاط الوضع الاجتماعي، وكذلك عدم وجود وارد مستقر له. أضطر قاسم حسن أحمد الشيخ جراء فقدان عمله في بغداد إلى الانتقال إلى بعقوبة حيث تولى مهمة تأسيس خلية شيوعية فيها21 ، ثم عاد لاحقاً إلى العاصمة وخاض النشاط السياسي العلني. في عامي 1934 و 1935 عمل الشيخ في جريدة “الأهالي”22 . وقد أشار إلى تلك الفترة من حياته في مدونته الجديدة التي كتبها في تشرين الثاني من عام 1941 في موسكو:” لقد عدت إلى بغداد حيث كان ينشط تنظيمنا الشيوعي كتفاً لكتف مع العناصر الثورية الأخرى التي أصدرت جريدة “الأهالي”. وقد شاركنا بفعالية في هذه الجريدة ونشرنا على صفحاتها مقالات دافعنا فيها عن مطالب الطبقة العاملة. وأصبحت على رأس تحرير هذه الجريدة، وشرعت في الوقت نفسه بالدراسة في كلية الحقوق التي تولت إعداد المحامين”. ومن جديد صحح قاسم حسن أحمد الشيخ سيرته الذاتية، ويبدو أن سيطرة الكومنترن الشاملة على أقسامه كانت في الواقع ضرباً من الخيال. ولم يكن مصير عاصم فليح استثنائياً. فقد احتفظ بمهنته كخياط. ومن يطلع على سيرته الذاتية يجد مشاعر من الاحباط العميق عند هذا الإنسان24. لقد دخل المدرسة قبل رحيل والده. وكان من الممكن أن يستمر في دراسته والحصول على مهنة محترمة كمعلم مدرسة، لولا المصاعب المالية التي أضطرت والده إلى الهجرة، مما أجبر عاصم فليح على ترك مقاعد الدراسة. ويشير في سيرته الذاتية الى أنه كان يأمل في تلقي تعليمه ذاتياً . ولكن هل كان سيؤدي ذلك إلى رفع مكانته الاجتماعية؟ ومن المحتمل أن العديد من الشباب من أقرانه، من الذين الذين يقعون تحت تأثير تقاليد الثقافة الدينية، طمحوا إلى الإرتفاع بمعارفهم بشكل مستقل. ولكن هل تمكنوا من رفع مستواهم المعرفي؟ إن الظروف التي أحاطت بالشباب نتيجة للأوضاع في العراق، ومنهم عاصم فليح، قد وضعت أمامهم إمكانية أخرى، وهي السياسة، التي كانت من الممكن أن تحدد النوعية الشخصية للمنخرطين فيها. والحديث لا يدور حول تقييم تلك الثقافة السياسية التي تقبلها عاصم فليح. في أعوام 1920– 1923، أصبح عاصم فليح مشاركاً فعالاً في “الخلايا الوطنية”، ولاحقاً عضواً في نادي ” التضامن”. وفي شباط عام 1928، تعرض شيوعي المستقبل إلى القمع بسبب اعتقاله جراء مشاركته في مظاهرة أحتجاجاً على زيارة الفريد موند الداعية الصهيوني البريطاني إلى بغداد بدعوة من صديقه الملك فيصل للترويج لإقامة دولة يهودية في فلسطين. ولم يمكث فليح في المعتقل لفترة طويلة، فبعد إطلاق سراحه لم يقطع علاقته مع الوطنيين. وشارك في عام 1930 في لجنة وطنية بغدادية وضعت على رأس مهماتها تشكيل حزب وطني. أما يوسف سلمان فقد إختار طريقاً آخر؟ فبعد الإنتهاء من دراسته في المدرسة التبشيرية الأمريكية في البصرة خلال الأعوام الممتدة بين 1916 إلى 1919، عمل يوسف سلمان كمترجم في الوحدات العسكرية للمتروبول التي استقرت في العراق بعد الحرب العالمية الأولى25. وليس هناك اية جدوى في المبالغة أو التقليل من شأن هذه الحالة. انتقلت عائلة يوسف سلمان إلى البصرة لتفادي الملاحقة والتصفيات الجسدية للمسيحيين. إن دراسته في المدرسة المسيحية التي كانت خاضعة للتشريعات في البلاد، والتي تعود إلى دولة أجنبية وقفت موقف الحياد في الحرب العالمية الأولى في بدايتها (الولايات المتحدة –ع.ح.)، ضمنت للطالب الأمان. واعتبر دخول القوات البريطانية في نهاية عام 1916 في جنوب عراق المستقبل من قبل المراهق كنهاية للتهديدات بالتصفية الجسدية وضمان أمنه (هذه التهديدات التي ورثها أب عن جد). لقد وفر العمل لدى القوات المسلحة البريطانية في ظل تفكك وإنهيار مؤسسات الدولة العثمانية، الفرصة للتمتع بقدر نسبي من الأمان لكل عائلة يوسف سلمان. وليس من قبيل الصدفة أن يتوجه في أعوام 1920-1924 للعمل “ككاسب صغير” مستغلاً الظروف التي استجدت. هل كان ذلك بداية لنجاحه؟ ولكن وبسرعة تبين عكس ذلك، لأن يوسف سلمان سرعان ما انخرط في العمل في اجهزة الدولة، واشتغل في البداية كعامل في محطة كهرباء البصرة، ثم في ورشة صناعة الثلج في الناصرية. وانخرط في البصرة في انصار الحركة الوطنية للشباب. فحسب مدونته المحفوظة في ملفات “ارشيف تاريخ روسيا السياسي والاجتماعي ” حول سيرته الذاتية، يشار إلى أنه قد نظم “النادي الشبابي المعادي للأمبريالية”، حيث أسس وقاد الفرع المحلي للحزب الوطني العراقي في الناصرية (1930-1934). واحتفظ بوجهات نظره العرقية والدينية. وكانت الحركة الوطنية العراقية بحاجة إلى محيط أوسع من الأنصار، وطرحت شعار “الوحدة الوطنية الشاملة” ودعت إلى تضامن جميع مواطني البلاد بغض النظر عن منحدراتهم الدينية والعرقية، ومن ضمنها الطائفتين الشيعية والسنية والكرد والتركمان والأرمن والآشوريين والكلدان واليهود26. مر يوسف سلمان في أعوام 1929 -1930 بفترة متميزة حيث زار الدول المجاورة، وصفت بإنها كانت مهمة حزبية. فقد زار كردستان، ولا يعرف هل يدور الحديث هنا عن كردستان العراق، كما زار ايران والكويت وسوريا وفلسطين وشرق الأردن. وهذه المعطيات لا تتعلق بأرشيف الكومنترن، حيث أنه تعرف يوسف سلمان في هذه الزيارات على شيوعيين عرب فلسطينيين، كما تعرف في إيران على ممثلي الدولة السوفييتية. ولا توجد أية معلوات في أرشيف تاريخ روسيا الاجتماعي والسياسي عن عبد الحميد الخطيب، فالحديث يدور فقط في هذا الأرشيف عن تمثيله في اجتماع اللجنة التنفيذية للكومنترن في آب عام 1929 حيث قدم تقريراً عن جهوده لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي (ذي طابع سلبي)27، حيث تبلورت حوله وجهة نظر سلبية للغاية من قبل رفاقه 27، مما يؤكد أنه بقي شيوعياً في النهاية حتى حدود عام 1935 كما تؤكد ذلك التقارير المتعلقة بالشيوعية في العراق. وفي التقرير الذي قدمه عبد الحميد الخطيب إلى اللجنة التنفيذية للكومنترن، أشار إلى موضوعة “وحدة البلدان العربية” التي يمكن لها ان تعود بالفائدة لدى تحقيقها على “الكادحين المحرومين”، حسب اعتقاده. وفي الواقع، ومن أجل أن تتحقق فكرة الوحدة العربية بأدواتها الذاتية، بقوة العمال والفلاحين، ينبغي تشكيل منظمة العمل الشيوعي”28. إن كلا من يوسف سلمان وعبد الحميد الخطيب انضما إلى حلقة للوطنيين الشباب في أثناء مكوثهما في البصرة. ويشير الخطيب في فقرات من تقريره:”يوجد في البصرة نادي الشباب العراقي، وقد استخدمنا هذا النادي وأجرينا انتخابات وانتقلت إلينا قيادة النادي”29. بالطبع، إن تصويره لهذا النادي لا يعني أنه أسس النواة الأصلية للحزب الشيوعي الذي قام بإنشائه. إن عبد الحميد الخطيب ضلل الكومنترن عن وعي. ومع ذلك ، فإن مجرد وجود هذا النادي، الذي يشار إليه عادة في مذكرات المساهمين من شباب البصرة، هوعلى الأرجح حقيقة واقعة30. هذه المذكرات تؤكد مساهمة عبد الحميد الخطيب فيه، بالرغم من عدم مواصلة نشاطه. ومن بين هذه المذكرات يشار إلى أنه قد قدم محاضرة بعنوان :”عاصفة جبارة أطاحت بالطغاة، نشيد للرب المقدس ولحق البشر في الحرية”. وفي هذه المحاضرة طرح موضوعة عن ” إن الطريق إلى احياء الوطن يمر عبر الإطاحة بالعروش وتهديم القصور”. إن مثل هذه الإنبعاث يعود إلى ثورة اكتوبر عام 1917 في روسيا التي تحققت بفعل “اشخاص متنورين”. وكل ما يتطلب من أفضل هؤلاء الرجال أن يتابعوا الطريق على هدى أخوانهم الروس المحبين للحرية”. لقد توحد جميع الطلبة العراقيين الذين التحقوا بالجامعة الشيوعية لكادحي الشرق على طريق التحرك صوب الشيوعية. إنهم على الرغم من خصوصياتهم في كل الحالات الأربع، بقوا متماسكين بمقدار ما كانوا يتجهون صوب طريق يخدم الأفكار الوطنية العربية، والذين عرفوا أنفسهم، أي عبد الحميد الخطيب وعاصم فليح ويوسف سلمان وقاسم حين أحمد الشيخ على أنهم عرب31. 2 الحزب الشيوعي العراقي: نسخة من الرواية الرسمية أسس مؤرخو الحزب الشيوعي العراقي (ومنهم في الوقت نفسه اعضاء قي قيادة الحزب الشيوعي العراقي في السبعينيات وفي الثمانينيات من القرن الماضي، من حيث الأعضاء ونفوذ المنظمة السياسية في البلاد، سيرة حياة “منسقة ومنطقية داخلياً ومدعمة بالكثير من النصوص حول نشوء الحزب وتطوره”. وتحدد منطق هذه الرواية المتين اعتمادا على الرؤية الميثودولوجية الوحيدة لأحداث الماضي الخاصة بالحركة الشيوعية في تلك الفترة، بإعتبارها تمثل في سياق هذه الأحداث العلاقة بين الظواهر الخاصة (المرتبطة بالعوامل الداخلية لتطور البلاد) والظواهر العامة (التي تتسم بطابع متميز في العالم كله). وكان من الطبيعي، أن يشغل مكانة مركزية في سياق هذه الرواية الحادث الذي جرى في روسيا (انقلاب اكتوبر عام 1917)، ومن ثم ظهرر الإتحاد السوفييتي، والذين شكلا العوامل التي غيرت العالم ومنه العراق 32. لقد تغير العالم بسبب رئيسي هو أن الثورة الروسية وفرت الإمكانية لظهور الحركة الشيوعية. وتبعاً لذلك فإن هذه الظاهرة لم تحدد تطور العالم ككل فحسب، بل وكل بقعة من بقاع العالم. بالطبع أن الحوار الشيوعي العراقي لم يكن بإمكانه أن يعتمد على التأثير الخارجي، وبالتالي حصر تأثير هذا العامل على شرعية وجود الفكرة الشيوعية على الحزب. فالحوار الشيوعي العراق حاول الكشف عن العلاقة الداخلية بين هذا التأثير الخارجي وبين واقعهم العراقي. فليس بمستطاع العامل الخارجي أن يترك أي تأثير على العراق إذا لم تتوفر الأرضية الموضوعية. ومن بينها تبلور حركة التحرر الوطني في العراق وظهور الطبقات الاجتماعية الحديثة، ومن ضمنها وبالدرجة الأولى البروليتاريا كطبقة هي الأكثر استمرارية وقادرة على حل مهمات الثورة المعادية للاستعمار والاقطاع. غير أن هذه الحالة لم يتاح لها أن تصبح مؤثرة لولا دور “البطل” الذي”اجترح المآثر”. هذا البطل هو يوسف سلمان – فهد الذي قام بالمأثرة ووحد “الحلقات الماركسية” في نهاية آذار عام 1934، وفي عام 1936، أصبح يوسف سلمان أبرز عضو وأكثر الأعضاء فاعلية في قيادة الحزب الفتي، وتم إرساله إلى الدراسة في موسكو وممثلاً عن الحزب الشيوعي العراقي إلى المؤتمر السابع لمؤتمر الكومنترن، الأممية الشيوعية33. إن مؤلفي “تاريخ الحزب الشيوعي العراقي” الذي صدر عام 1984 وأصبح جزء من الاحتفال باليوبيل الفضي لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، كتبوا التالي:”إن تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في بداية عقد الثلاثينيات في بلد متخلف وبطبقة عاملة فتية قليلة العدد والتجربة في تلك السنوات وفي بلد مثل العراق كان ممكناً فقط لأن ما ساعد على هذه العملية هي الظروف الموضوعية- التغيرات على المسرح الدولي، وكذلك سبب ذاتي متمثلاً في قيادة الرفيق فهد”34. إن المنطق الداخلي لهذا الاختراق موجه إلى إحداث حراك مواز بين منظمة الشيوعيين العراقيين وبين الحزب السوفييتي الحاكم: وبروز العقيدة الماركسية خارج حدود روسيا وقيام “الدولة البروليتارية”من جهة، ولينين وفهد من الجهة الأخرى. وقد استثنت الرواية الشيوعية الرسمية عن سيرة الحزب الشيوعي العراقي أي ذكر للعراقيين كيوسف سلمان من الذين تلقوا الدراسة في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق. وأضحى الصمت يطغي تقريباً على سماته. حقاً إن أصحاب الرواية الحزبية تحدثوا عن ” الحلقات الماركسية” في بغداد والبصرة والناصرية ولقاء قادتها “وتبادلهم الخبرة” مع يوسف سلمان. لقد كانت هذه الحلقات مستقلة بعضهل عن البعض تنظيمياً ولم تظهر إلى الوجود في آن واحد ، فشخصيات قادتها متنوعة، إذا ما إستخدمنا تعبير مؤلف”طلائع الحركة الشيوعية في العراق”35، ولم تذكر أسمائهم بإستثناء مؤلف واحد هو زكي خيري36 . إن الرواية الرسمية للحزب الشيوعي العراقي تعتبر مهمة من جانب آخر آخر. فلدى الإشارة إلى مرحلة “الحلقات” بصفته بداية تاريخ الحزب الشيوعي، لم تعقد مقارنة مجددا مع سلفه الأقدم تاريخياً وروحياً أي الحزب الاشتراكي- الديمقراطي الروسي، بل نسب تاريخ التأسيس ، طبعاً ليس الحزب الشيوعي العراقي، بل. فعند إستذكار مرحلة “الحلقات” بإعتبارها المقدمة لتأسيس الحزب الشيوعي فلم يجري فقط مقارنة بينه وبين شقيقه الروحي الأكبر الذي سبقه تاريخياً – الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي، بل نسب تاريخ التأسيس ، طبعاً ليس الحزب الشيوعي العراقي، بل “الحركة الشيوعية العراقية” إلى زمن أقدم من عام 1934 . 37 لم يتوجه المؤلفون الرسميون للحزب الشيوعي العراقي صوب الوثائق المحفوظة في الأرشيف السوفييتي ( لم يكن هذا الأرشيف متيسرا لاطلاع الباحثين في العهد السوفييتي، وفتح المجال فقط بعد زوال النظام السوفييتي-ع.ح. ). وتكونت لديهم رواية احتوت على اعتراف بأهم الظروف التي حددت تشكيل الحركة الشيوعية العراقية ( إلى تلك الفترة تابعها زملاؤهم السوفييت)، ومصادرهم الوطنية. هذا الاعتراف لا ينطوي بأي حال من الأحوال على التفاصيل ولا يستوعب ضرورة الاستناد إلى ما ورد في الوثائق من معطيات. إن المصادر المحلية عرضت فقط نتاجات طبيعية عن “الروابط الناقصة” مع “الطبقة العاملة” المحلية التي لم تسمح للرواد الشيوعيين الأوائل إدراك أهمية النظرية البلشفية ومبادئ العمل. ولكن أليس من المحتمل أن تكون عملية الوعي قد بدت أكثر تعقيداً؟ وهل من الممكن أنها تأثرت بعوامل أكثر أهمية من التصميمات المجردة، ومن بينها أنه من الطبيعي أن تحتل “الطبقة العاملة” المكانة الرئيسية؟ 3 الكومنترن:مصادر معلوماته عن العراق ومحتواها لقد أدرك العاملون في الكومنترن بسرعة شحة معلوماتهم عن الوضع السياسي الداخلي في العراق، ومن ضمنها تطور الحركة الشيوعية المحلية. وهذا لا يعني أن الكومنترن لم يكن لديه معلومات عن الشيوعيين العراقيين. فهذه المعلومات مدرجة في تقارير وبلاغات ورسائل العراقيين وشيوعيي البلدان العربية المجاورة. وخلاصة القول إنها كانت نصوص مكتوبة، شأنها في ذلك شأن كل المدونات، تعكس وجهات نظر مدونيها، وتصوراتهم الشخصية عن الواقع وأهدافهم وطموحاتهم، وأصبحت بهذا القدر أو ذاك إنعكاس قريب لتطور الأحداث. وإضافة إلى ذلك، إن تجميع هذه النصوص يمكن أن يقربنا من فهم هذه العملية، ولكن على شرط أن يتم وضعها في نص أوسع لتاريخ العراق ونشاط الكومنترن. في نهاية عام 1930، وصل إلى سكرتارية الشرق للكومنترن أول تقرير عن نشاط المنظمة التي أطلقت على نفسها أسم “الحزب الشيوعي العراقي”، قدمه عبد الحميد الخطيب. وإحتوى التقرير على على ملاحظة من كاتبه بأنه على صلة مباشرة مع الشيوعيين العراقيين. وكتب على الأقل أنه:”بعد فترة طويلة من العمل( في تأسيس منظمة الشيوعيين العراقيين- ج.ج.ك)، قرر الحزب في طهران في بداية عام 1929 إرساله لتلقي الدراسة في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق38. ويستطرد عبد الحميد الخطيب في تقريره أنه يوجد هناك في العراق”حزب شيوعي قوي ونقابتين عماليتين”- إتحاد المهنيين واتحاد عمال الطباعة. ويشير كاتب التقرير بصراحة أن كلتا النقابتين قد تم تأسيسهما من قبل الشيوعيين وتحت قيادتهم. ويعلن مقدم التقرير المرسل إلى الكومنترن إن رفاقه يخططون لتأسيس ” اتحاد للعمال” من شأنه أن يقود كل المنظمات العمالية العراقية تحت القيادة التامة للحزب”. والحديث هنا يدور حول اتحاد نقابي قوي،اقنع عندها عبد الحميد الخطيب الكومنترن، بأن الهدف قابل للتحقيق، وإنه ستصدر في البلاد صحيفتان “تخدمان الحزب”. وأشير في تقريره إلى أن الشيوعيون ينشطون في البصرة وضواحيها، وفي الناصرية وسوق الشيوخ والمنتفك والعمارة والنجف وكربلاء والرمادي وفي بغداد وضواحيها، ومن ضمنها الكاظمية والأعظمية، وفي الموصل وكركوك. ويقود هؤلاء الشيوعيين أربعة مراكز في البصرة والناصرية والحلة وبغداد. ويفهم من كلامه أن هذه اللجان الحزبية هي أشبه باللجان المنطقية (أو أنها تشمل عدداً من المناطق). وأنشأ الحزب لجاناً في المدن، وخاصة في بغداد والبصرة. كما يؤكد عبد الحميد الخطيب إن ” الأوضاع لم تسمح لنا بإنتخاب لجنة مركزية، لأن أعضاء الحزب موزعون في شتى أنحاء العراق، وإن الأعضاء على إرتباط بعملهم المهني”، بالرغم من أن سكرتاريي جميع هذه اللجان على صلة بكاتب التقرير (مؤسس وقائد الحزب)، إلاّ أنه على صلة بالحزب الشيوعي الإيراني. إن كاتب التقرير يطمح بالطبع إلى تكوين إنطباع من هذا التقرير بأن الحزب الشيوعي العراقي- حزب كبير وتنتشر منظماته في سائر أنحاء البلاد. ولكن توزيع الخلايا ، إذا ما وجدت، فقد إقتصرت بالأساس على المناطق الشيعية من البلاد. إن الخضوع التنظيمي لقائدهم ( إن كان عبد الحميد الخطيب هو القائد فعلياً) والتوزع الهيكلي للشيوعيين العراقيين ( الذين قرروا إرسال الخطيب إلى الدراسة في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق)، فرض عليه أن يؤكد أن الحزب الشيوعي العراقي قد تأسس( حسب التقرير في عام 1926) كفصيل لا يتجزأ عن التنظيم الشيوعي في الدول المجاورة39. ويشير التقرير إلى الاتجاهات الرئيسية في نشاط الشيوعيين غي العراق. من الطبيعي إن أهم ما قاموا به هو النشاط في الأوساط العمالية40، وهو أمر مفهوم وواضح، بقدر ما تتطلبه المبادئ الشيوعية ومواقف الكومنترن. ومن المنطقي أن يكون الاتجاه الآخر هو إقامة الصلة مع الفلاحين كما أشير في تقريره وخاصة في “المناطق الجنوبية من الفرات ومع مركز البصرة”، واستنهاض الفلاحين للنضال ضد الاقطاعيين ( وهذه هي أحد مطاليب الكومنترن)، وهذا ما تطلب شن دعاية لأفكار هذا النضال في مناطقهم. وكما أوضح كاتب التقرير إلى اللجنة التنفيذية للكومننترن:” ومن أجل الدعاية، فإننا استخدمنا مجاميع الفنانين وزيارة بعض القرى في أثناء راحة الفلاحين”، والقيام بالدعاية لأفكر النضال في هذا الوسط. ” ومن أجل الدعاية، كما يشير كاتب التقرير إلى اللججنة التنفيذية للكومنترن، فإننا نستخدم مجموعة من الفنانين ونزور بعض القرى في أوقات العطل”.أما التجاه الثالث فكان نشر المقالات في الصحافة المهمة الصادرة في البلاد، وكما يشير عبد الحميد الخطيب، “فإن مساعد منظمة جنوب الفرات أخذ على عاتقه العمل في الصحافة، وهو الآن يشغل مراسلاً لأهم الصحف العراقية”. ويدورالحديث في التقرير أيضاً عن تشكيل منظمات اجتماعية ونوادي بقيادة الشيوعيين مثل “نادي الشباب العراقي” الذي أشرنا إليه آنفاً. وإلى جانب ذلك، وجدت في البصرة “جمعية البحوث العلمية” التي شارك في نشاطها الشيوعيون الذين استطاعوا أن ينظموا “النقاشات حول الشيوعية والحركة العمالية العالمية”. وأخيراً النشاطات الجماهيرية:” المظاهرات ضد الصهيونية في بغداد في أثناء المواجهات الدامية في فلسطين بين العرب واليهود. وقد قاد الحزب هذه المظاهرات. في التقرير الذي استندنا إليه، تعمد كاتب التقرير المبالغة في إمكانيات ودرجة نفوذ المنظمة التي أدى نشاطها ، حسب رأيه، إلى تغيير جذري في الوعي في البلاد:” فالأغلبية الكبيرة من المثقفين، وقبل تشكيل الحزب، كانت تعتقد أن الشيوعية هي مرادفة للفوضى والخراب وإباحة النساء ، وإن السلطة السوفيتيية هي مصدر كل هذه الفوضى، ولذا ينبغي الإطاحة بها. ولكن بعد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي، خاض عملاً واسعاً من أجل إيضاح الحقيقة”. وكان من نتيجة هذا النشاط أن تغير موقف العراقيين تجاه الشيوعية وتجاه السلطة السوفيتية:”والآن هناك فرق كبير في أذهان الرأي العام بين عام 1926 وعام 1930 تجاه الشيوعية وروسيا السوفييتية. وإذا ما نظر آنذاك إلى الشيوعية كفوضى، فالآن أصبحت المثل الوحيد والواقعي للطبقة العاملة”. وكسب الحزب:”التعاطف في المجتمع لصالح الاتحاد السوفييتي”. لماذا اختار مدون تقرير الكومنترن اللجوء إلى هذه المبالغة؟ إن الجواب على السؤال موجود في متن التقرير نفسه. فعبد الحميد الخطيب يؤكد أن ماجاء في تقريره:هو أن “هناك حزب شيوعي فعال ومتطور في العراق ونقابات متنوعة، ولكن مازال حزبنا غير قانوني وغير معترف به رسمياً. وكذا الحال بالنسبة للنقابات العمالية فهي غير المنضمة إلى النقابات الأممية الحمراء، وهي تحتاج إلى قيادة جيدة. ولذا يقترح:1) إرسال رفيق أو أكثر إلى العراق لتنظيم الحزب والنقابات العمالية؛2) دعوة عدد من الرفاق العراقية للدراسة؛3) الاعتراف بالحزب”. وبعبارة أخرى فإن كاتب التقرير بالغ في إمكانيات منظمته، وسعى إلى أن يجري الأعتراف بالحزب كعضو مستقل في الكومنترن، ويتطور معه العاملون تحت قيادة النقابات الأممية الحمراء عبر علاقات مباشرة. وحتى لو برزت المنظمة الشيوعية للشيوعيين العراقيين إلى الوجود نتيجة نشاط أقرانهم في العقيدة من الأجانب، فإنها طمحت إلى الخروج من وصايتهم. وهذا يعني أمراً واحداً لا غير وهو أن: قادة المنظمة تعتبر أن العراق ، الذي أصبح واقعاً سياسياً فهو بهذا القدر يسعى إلى أن يصبح أرض طبيعية لنشاط الشيوعيين المحليين. وبفعل هذا الوضع فإن أغلبية أعضاء الحزب ( وفي المقدمة منهم الشيعة) راحوا يدركون من جديد أهمية ظهور الدولة العراقية كدولة عربية. ومن هنا أيضاً برز موقفهم الحاد تجاه الصهيونية والسعي إلى الخروج من دائرة الجنوب الشيعي وتحويل الحزب إلى منظمة تضم جميع ألوان الطيف العراقي. لقد شكل تقرير عبد الحميد الخطيب بالنسبة إلى اللجنة التنفيذية للكومنترن أساس كاف للتحليل الدقيق للمشكلة. وجاء في قرار الكومنترن العبارة التالية:” يرسل ويوضع تحت تصرف مارتي”(المقصود المندوب الفرنسي المسؤول عن قسم الشرق)ع.ح. ولكن لم تبادر اللجنة التنفيذية للكومنترن إلى إقامة صلات مع الشيوعيين العراقيين إلاَ بعد ثلاث سنوات، و إرتفع صداهم. في أيلول عام 1933، وبمبادرة من مارتي، اتخذت اللجنة التنفيذية للكومنترن قراراً حمل عنوان”مقترحات حول العمل في العراق”. وفي الوقت نفسه تم إرسال عبد الحميد الخطيب إلى الوطن، وذُكر في القرار أسم مستعار هو “حلوان” كقائد فعلي لأنصار الكومنترن المحليين. كما أشير في القرار أيضاً إلى عاصم فليح الذي اقترح عليه على الفور أن يتوجه إلى العراق لصالح تعزيز نشاط الشيوعين. وأخيراً، ومن أجل حل هذه المشكلة، اعتبرت اللجنة التنفيذية للكومنترن أنه من الضروري أن يرسل إلى العراق واحد أو اثنين من الشيوعيين السوريين (عبر الموصل) من أجل ترتيب أمور الشيوعيين المحليين و”تكليف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الإسراع بتنفيذ مهمة إرسال ثلاثة طلبة عراقيين للدراسة في الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق”. وفي هذا السياق، فإن أحد مهمات الشيوعيين الفرنسيين هي ” إقامة الصلة مع الطلبة العراقيين الذين يتلقون الدراسة في باريس، وعلى الشاكلة نفسها يتولى الشيوعيون الأنجليز “تشكيل مجاميع معادية للأمبريالية” بين الطلبة العراقيين الذين يتلقون التعليم في لندن”. وكما تشير الوثيقة، فإن قرار اللجنة التنفيذية للكومنترن لم يتضمن طرح مسألة الاعتراف الرسمي بالتنظيم الشيوعي العراقي ( إذ برزت شكوك وحذر حول واقعية وجود هذا التنظيم في العراق)، ولم تضع اللجنة الشيوعيين المحليين تحت رعاية الحزب الشيوعي السوري، ولكنه في الوقت نفسه كلف هذا الحزب القيام بدور فعال في الحلقة المركزية للحركة الشيوعية في كل البلدان العربية. وهكذا فإن مصدر كل المعلومات التي ترد إلى الكومنترن حول الشيوعيين العراقيين كانت تأتي من التركيب التنظيمي “الشقيق” أو المعلومات الواردة من العراق بشكل مباشر، ولكنها خاضعة لرقابة هذا التركيب بصورة مشددة. محمود الأطرش( محمود الجزائري) (1903-1981) علماً إن أمكانية للرقابة على المعلومات بالدرجة الأولى، تحددت بأنه تم في عام 1935 اختيار ممثل الحزب الشيوعي السوري م.م. الجزائري (محمود الأطرش- ع.ح.) عضواً في القسم الشرقي اللجنة التنفيذية للكومنترن. بماذا تم إبلاغ اللجنة التنفيذية للكومنترن بعد عام 1933؟ يبدو أنه قد وردت إلى موسكو من دمشق في عام 1934 وثيقة باللغة العربية (دون ذكر التاريخ التقريبي ) بإسم ” حركة التحرر الوطني في العراق”( في الحقيقة كانت تسمى ( لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار- ع.ح.) 42، كما تؤكد الوثائق الرسمية للحزب الشيوعي العراقي. وأشير لأول مرة في هذه الوثيقة عن الرابطة العضوية بين الشيوعيين والوطنيين العراقيين، الذي يمثلهم قبل كل شيء في جنوب العراق الحزب الوطني بزعامة جعفر أبو التمن43. إن فكرة هذه الرابطة قد جرى الإشارة إليها في أكثر من وثيقة في عام 1927، حيث أسست مجموعة من الشباب يبلغ عددهم ثلاثة عشر شاباً من أعضاء الحزب الوطني، النادي الثقافي في البصرة . وضم هذا النادي أعضاء من الموظفين والطلاب والمعلمين. وضم مؤسسي هذا النادي عدد من الشباب من ذوي النزعات الراديكالية (شباب المعرفين)44. وفي عام 1929 أصبحوا من أنصار جعفر أبو التمن، والذين بادروا في البصرة إلى تأسيس أول خلية شيوعية، ولحقتها خلية ثانية في الناصرية. وتضمن البرناج الحافل الدعوة إلى إستقلال العراق ووحدة البلدان العربية والنضال ضد الأثرياء والاقطاعيين، بإعتبار هذه الفئة من عملاء الأمبرياليين جعفر ابو التمن 1881-1945 الانجايز، ونشر العلمانية بإعتبارها ملاذأ للمساواة بين جميع الطوائف الدينية والنضال ضد التطرف الديني وإزاحة المستشارين الانجليز من أجهزة الدولة وتنظيم العمال والنشاط في صفوف الفلاحين ورفع مستواهم التعليمي. ولم تطمح هذه الشبيبة الراديكالية إلى القطيعة التامة مع الحزب الوطني، واعتبرت أنه من الضروري ” دفعه إلى تشكيل منظمة لكل الفئات الشعبية في الحملة المناهضة للأمبريالية”. ويضاف إلى ذلك، فإن الشيوعيون ساعدوا على “تأسيس فروع لهم في البصرة والناصرية”. وفي الوثيقة المذكورة أعلاه يشار إلى أنه فقط” في عام 1934، وبمساعدة الرفاق السوريين”بدأت في صفوف الشيوعيين العراقيين عملية “التمركز”. وبفضل الشيوعيين السوريين جرت المبادرة إلى تأسيس ” نقابات سرية في الموصل وخانقين”، و” تعزز أيضاً الاهتمام بالفلاحين والقبائل البدوية، عندما شارك الشيوعيون بنشاط في انتفاضة العشائر في الهندية في الفرات الأوسط، وانتشرت بين المنتفضين البيانات والنشرات كدعاية تحريرية”. وأخيراً، جرى التأكيد في الوثيقة على حادثة جرت في عام 1934 حيث أصطدم انصار الكومنترن مع “تيار برز في صفوفهم من الشعبيين” من الذين وقفوا ضد التحول إلى الشيوعية”. وهناك الكثير من الموضوعات المهمة في هذه الوثيقة، خاصة الإشارة إلى مصادر الشيوعية في البصرة ذات الأغلبية الشيعية- كالحزب الوطني العراقي بزعامة القيادي السياسي الشيعي، إضافة إلى الإشارة حول الدور المهم لرفاقهم السوريين قي توحيد المجاميع التي تكونت في الجنوب مع تلك المجاميع من أنصار الأفكار الشيوعية التي تأسست في بقاع أخرى من البلاد. وهنا فإن الإشارة إلى “الشعبيين” ترتدي أهمية مبدأية. لقد تردد ذكر هذا المصطلح في قاموس الكومنترن في فترة النصف الثاني من عقد الثلاثينيات، وفي أحاديث شيوعيي الشرق الأوسط ومن ضمنهم الشيوعيين العراقيين. وهي تعني بالنسبة لهم مجموعة سياسية بارزة في العراق في تلك الفترة وتدعى “جمعية الإصلاح الشعبي”، ومقرها في بغداد ويترأسها كامل الجادرجي وعبد القادر اسماعيل. وقد أشير إليها في تقرير عبد الحميد الخطيب، كامل الجادرجي عبد القادر اسماعيل والتي أصدرت صحيفة “الأهالي”. وعبرت عن عقيدتها السياسية في برنامجها المنشور عام 1936 الذي أكد على ضرورة إجراء”إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي في المجتمع لصالح جميع أفراد الشعب العراقي وتطوره والقضاء على الاستغلال”45. وقد فصّل البرنامج هذه الموضوعات العامة وتناول السياسة الخارجية وأكد على أهمية “تقارب البلدان العربية (ام التقارب)”، “وتعزيز عرى الصداقة بين العراق وجيرانه”. وفي الميدان الداخلي، أكدت الوثيقة على “تقوية الجيش”، “وتوفير الظروف لنشر حرية الرأي والديمقراطية”، “ورفع المستوى المعيشي للشعب عن طريق توفير كل النعم المادية والروحية”. وتطرق البرنامج إلى تطوير “التعاونيات الفلاحية”، مؤكداً على أهمية تصفية الأمية وبناء المؤسسات الصحية وتشريع قوانين العمال، ومن ضمنها حرية تأسيس المنظمات العمالية، وكذلك تحرير المرأة. وإعتبر الكومنترن المنظمات المشابهة لهذه الجمعية كحركات وطنية ديمقراطية، ينبغي على الشيوعيين إقامة علاقة وثيقة معها ( على الأقل في بداية وأواسط عقد الثلاثينيات) تحت الشعار الذي راج في بلدان الشرق حول ” تأسيس الجبهة الموحدة المناهضة للأمبريالية”. وعلى الفور أغرى ذلك الشعار أنصار الكومنترن من العراقيين الطامحين وطالبوا “بتحويل الشعبيين إلى الشيوعيين” بإعتباره أمراً يتجاهل ( أو على الأقل لا يفهم) تكتيك هذه الجبهة. زد على ذلك، فإن هذا الإغراء قد تعزز لأن الكومنترن قد سبق وأن طلب من أنصاره في بلدان الشرق إلى تحويل ” التنظيمات الوطنية الديمقراطية” المحلية في مجال نشاطها، عن طريق احداث انشقاق في هذه التنظيمات كي يتم انتقال ” العناصر الأكثر ثباتاً” في صفوفها إلى مواقع الشيوعية. لقد وجد هذا المنحى فهماً دائماً في صفوف جميع شيوعيي الشرق. ولكن، كما يبدو فالحديث لا يدور فقط عن نهج تذبذب الكومنترن، بقدر ما يدور حول ظروف تأسيس الحركة الشيوعية العراقية التي تحددت بدورها بعوامل تأسيس الدولة العراقية. ومن المناسب هنا التوقف عند بعض الوثائق المتعلقة بالحزب الشيوعي العراقي. في كانون الأول علم 1936 تلقت سكرتارية الشرق التابعة للكومنترن ” ومن جديد عير سوريا” وثيقة غير موقعة تحت عنوان ” الوضع في العراق ومهمات الحزب الشيوعي العراقي بعد انقلاب التاسع والعشرين من نشرين الأول عام 1936″. واحتوت الوثيقة على سمات المنظمات والأحزاب السياسية المحلية، ومن ضمنها الحزب الوطني وجمعية الاصلاح الشعبي. وجاء في الوثيقة :”إلى جانب الحزب الوطني، توجد في البلاد مجموعة تلتف حول جريدة ” الأهالي” اليسارية وهي حلقات الشعبيين. و برز الحزب الشيوعي العراقي في عام 1934 من وسط الشعبيين بالدرجة الأولى”46. وهكذا فإن المصدر الثاني لتأسيس الحركة الشيوعية العراقية – هم الشعبيون (وهذا هو الترابط العضوي مع الحركة الوطنية). ويبدو أنه من الممكن استعادة قائمة بأسماء 15 عضواً من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي من الذين انشقوا عن الشعبيين. وهم أعضاء المجموعة الشيوعية البغدادية من ناشطي جمعية الإصلاح الشعبي ومن بينهم عاصم فليح ، الذي أصبح سكرتيراً لهذا “الحزب” بعد عودته من موسكو، وقاسم حسن أحمد الشيخ ممثله في الكومنترن عام 1935. في الرسالة التي أرسلها قاسم فليح باللغة الروسية وحملها قاسم حسن أحمد الشيخ في أول زيارة له للعاصمة السوفييتية، أعلن فيها:”أننا على إدراك بجذرية وعدمية ميولنا” 48. وبعبارة أخرى، فإن وجهات نظر الشيوعيين البغداديين تتميز مبدئياً عن أقرانهم في البصرة. ويشير الكاتب إلى أن ” السبب الرئيسي ..هو قلة أعضاء المجموعة” و ” عدم حياز
الشيوعيون العراقيون في الإتحاد السوفييتي فصل من كتاب “شيوعيو الشرق الأوسط في الاتحاد السوفييتي” بقلم الباحث الروسي د. جريجوري كوساتش…
أكمل القراءة » -
وطن مجنون باللغة الإسبانية والعربية .. ديوان جديد.
صدر حديثا عن دار دراويش ديوان جديد بعنوان ( وطن مجنون ) باللغة الإسبانية والعربية للشاعر العراقي المقيم في السويد…
أكمل القراءة » -
الهوية والمواطنة .
يناقش الكتاب اشكاليات فكرية وسياسية واجتماعية متعلقة بالهوية والمواطنة عن «مركز دراسات الوحدة العربية»، صدرت أخيراً الطبعة الثانية…
أكمل القراءة » -
سجين الشعبة الخامسة .
سجين الشعبة الخامسة . عن دار الرافدين في لبنان – بيروت – الحمرا . صدر كتاب ( سجين الشعبة الخامسة…
أكمل القراءة »