تقديس الزعامات .
تقديس الزعامات
الدكتور عبد الحسين أحمد الخفاجي .
المقال الأول
إذا ما أردنا أن نكوّن فكرةً واضحةً عن الكيفيات ولآليات التي تتيح لفردٍ معوزٍ لا يصلح أن يقود نفسه في كثير من الأحيان من أفراد المجتمع ، ليس فقط إمكانية تزعمه في الشأن السياسي السلطوي فحسب ، وإنّما يكمن أس المشكلة في فرض وجوده كشخصية عظيمة في الميدان الاجتماعي ، وجليلة مقدّسة في المجال الديني أيضاً !!. حري بنا الرجوع إلى مصادر الآداب السلطانية المتوافرة في تراث العالمين العربي الشرقي الإسلامي ، ونظيره الغربي المسيحي ، إذ تغدق تلك المصادر على (الراعي) فضائل (الأنسنة) و(العقلنة) من جهة ، وتضفي على (الرعية) رذائل (الحيونة) و(الزعرنة) من جهة أخرى . من منطلق أنّ شخصية (الحاكم ، أو المرجع ، أو الزعيم) هو بمثابة الراعي الذي يتكفّل شؤون رعيته (غنمه) في المجالات الدينية والدنيوية على حدّ سواء ، مثلما إنّ الرعية هي بمقام (الأنعام) التي تحتاج إلى من يوفر لها الحماية ويقودها إلى مضارب الماء ورعي الكلأ . ولذلك فإننا ننسى بسبب كثرة الاستعمال أنّ (الرعية) تعني في اللغة العربية نفسها : الماشية ، أو القطيع من الأكباش والنعاج . وقليلاً ما ننتبه إلى أنّ (الراعي) عندنا هو : الواحد الأحد ، وكثيراً ما يعدّ تعدد الرعاة على رعية واحدة ، حتى ولو كانوا قليلي العدد بمثابة تعدّد الآلهة . وبالتالي فكما أنّ (الشرك) في ميدان الدين غير مقبول ، ولا معقول ، فكذلك ينظر الحاكم إلى (المشاركة) في الحكم أنّها ما تزال عندنا كفراً وإلحاداً في السياسة على الرغم من شعار (التعدّدية) الذي يلوّح به هنا وهناك .