“ملكات عربيات قبل الإسلام”: زنوبيا ليستْ الزّباء!
علاء اللامي
هذا الكتاب هو عبارة عن بحث جامعي قدمته الطالبة هند محمد التركي ضمن متطلبات بحثية لنيل شهادة ماجستير. من نقاط الضعف التي يعاني منها هذا البحث، رغم الجهد الكبير المبذول فيه، تعامل الباحثة مع الكتب المقدسة ككتب تأريخية ذات صدقية مطلقة لأنها دينية وكفى، وليس لأن هناك أدلة آثارية وعلمية تسندها. وإذا كنا لا نلوم رجل الدين أو القارئ المتدين حين ينظر إلى المعلومات التاريخية والجغرافية الواردة في الكتب المقدسة كحقائق مطلقة بمنظار إيمانه الذي يوجب عليه التسليم بالغيب، فإن من الصعب تماما الموافقة على أن يفعل الباحث في التاريخ وفق المنهجية العلمية الأمر نفسه، ويهمل أو يسيء استعمال الأساليب المنهجية والعلمية التي تستعين بالعلوم الحديثة كالإناسة وعلم الآثار وعلم طبقات الأرض والجغرافيا والمناخ، والمورثات الجينية …إلخ، ورغم ذلك، لا يخلو البحث الذي بين أيدنا من نقاط القوة والجدة والطرافة، وخصوصا حين يتعامل مع أسماء ملكات عربيات قبل الإسلام، توفرت أدلة ومواد إركيولوجية متعلقة بهنَّ، وخصوصا من العهد الآشوري. سأكتفي بهذه الملاحظة التقييمية السريعة، وأنتقل إلى التعريف بالملكات العربيات اللائي ورد ذكرهن مع التوثيق وباختصار:
*بلقيس ملكة سبأ في اليمن. وردت قصتها واسمها في التوراة/ سفر الملوك، بلفظ “ملكت شبا” ولكن اسمها لم يرد في القرآن، مع ورود أجزاء مهمة من قصتها مع النبي سليمان في سورة النمل. وقد أكد القرآن معلومة ثمينة حولها منها، أنها وقومها كانوا يعبدون الشمس (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ* وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ)، وهذه واحدة من ثلاث نظريات حديثة حول ديانة بلقيس، الأولى تذهب إلى أنها يهودية، والثانية أنها مانوية “على دين ماني البابلي” الثنيوي، والثالثة وثنية تعبد الشمس، وهي التي يقول بها القرآن.
وقد ورد اسمها في التوراة “بلقيس”، بعدة صيغ، قيل إنها آشورية، ولكن هذه الكتابات العبرية أكدت أن كلمة بلقيس ليس اسمها بل هو صفة لها ومن تلك الصيغ: بلجش و فلجش وتعني “العشيقة” أو المرأة غير الشرعية”. ويعتقد حسن ظاظا أن اليهود أرادوا بهذه التفاسير الحط من شأنها. كما ورد اسمها في نقش معيني يمني أشار إليه هومل، أما في النقوش الآشورية لم يرد ذكر بلقيس نصا بل ورد ذكر السبئيين وبعض ملوكهم مثل “يثع أمر” و “كرب إل” في عهد تجلات بلاصر وسنحاريب. وهذه هي الملكة الوحيدة التي يرد اسمها من جنوب الجزيرة العربية، أما في شمالها فنجد العديد من أسماء الملكات ومنهن:
1-الملكة زبيبة: ورد ذكرها في سجلات الملك الآشوري تجلات بلاصر ( 745 -725 ق.م).
2- الملكة شمسي: في العهد نفسه وباسم الملكة سمسي.
3-الملكة يطيعة: ورد اسمها في سجلات الملك سنحاريب باسم “يانعة” ولم يذكر لها تاريخ محدد سوى انها أرسلت جيشا للغزو أو صد عدوان بقيادة أخيها بسقانو.
4-الملكة يافا: ورد ذكرها في نصوص الملك أسرحدون وذكرت منطقة مملكتها باسم ” ذخراني”.
5-الملكة باسو: في عهد أسرحدون أيضا واسم منطقة مملكتها أيخيلو.
6- الملكة تعلخونو وبلغت رتبة الكهانة: وعاصمة مملكتها هو أدوماتو “دومة الجندل” التي عرفت في النصوص الآشورية باسم جبل العرب، في منطقة الجوف شمال الجزيرة العربية.
7-الملكة تبوأة: في المنطقة ذاتها ورد ذكرها في نصوص أسرحدون وآشور بانيبال.
8- الملكة عادية: وزوجها الملك يوتع بن حزائيل، وحليفها الملك عمولادي، ورد ذكرها في نصوص الملك آشوربانيبال وتكلمنا عنها وعن زوجها وحروبهما في منشور سابق قبل أسابيع.
9-الملكة زنوبيا ملكة تدمر وزوجة الملك أذينة ووريثته: وهي أشهر من نار على علم. وتفيها الباحثة السعودية هند التركي حقها فتورد عنها تفاصيل مهمة ومنها أن مملكتها اتسعت وشملت بلاد الشام ومصر بعد ان هزمت الرومان في مصر. واسمها الصحيح في النقوش التدمرية هو “بنت زباي” ويعني الهبة أو المجيدة “بنت المجد”. أما في العربية فلها عدة اسماء منها ” زينب، نائلة، بارعة، فارعة..إلخ” وتفرِّق الباحثة بين الملكة زنوبيا وبين الزباء الغسانية التي تصفها بالأسطورية. وهناك مَن يتفق مع الباحثة هند التركي فيفرق بين الملكتين زنوبيا والزباء، ولكنه يعتبرهما كلتاهما تأريخيتين. كالباحث عدنان البني في الحوليات الأثرية العربية السورية المجلد 42. والزباء المنتقمة لها قصتها المشهورة في السردية العربية قبل الإسلام مع الملك جذيمة الأبرش، أول ملك في الحيرة حكم في الفترة (233-268)، ومؤسس مدينتي الحيرة والأنبار في العراق، وكيف ثأرت الزباء منه وقتلته لأنه قتل أباها جذيمة…إلخ.
في الفصل الثاني من كتابها، أطروحتها تناقش الباحثة وبشيء من التفصيل والتوثيق ما ورد عن هاتيك الملكات العربيات في النقوش الآشورية والسبئية والنبطية والرومانية. أما الفصل الثالث فخصصته الباحثة لذكر الملكات في الموروث الديني والكتب الدينية التوراة والإنجيل والقرآن، والفصل الرابع لأدوارهن السياسية قبل الإسلام. وقد اكتفت الباحثة بأسماء هذه الملكات رغم أن هناك أسماء أخرى كتب عنها باحثون آخرون كالملكة البدوية ماوية الغسانية. “تذكر المصادر أسماء 13 ملكة وأميرة من الغساسنة (مارية، حليمة، واثنتان باسم هند، سلمى، أمامة، فاختة، ميسون، الرعلاء، النادرة، ليلى، الدلفى، الرملة/ مدونة “إرث الأردن – انترنيت”)، والأرجح أن هاته النساء كن شيخات على قبائلهن البدوية أو قراهن الريفية أكثر مما هن ملكات يحكمن ومناطق شاسعة كالملكة زنوبيا ومثيلاتها.
*الصورة الأولى لتمثال قديم للملكلة زنوبيا والثانية لعملة نقدية صكت في عهدها وتحمل اسمها وصورتها في خرق للتبعية للرومان وتمرد عليهم.
*رباط لتحميل كتاب “ملكات عربيات قبل الإسلام” تأليف هند محمد التركي: وسمة لتحميل كتب أخرى #تحميل_كتاب_علاء
https://maktbah.net/%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%af%d8%b1%d8%a7/
علاء اللامي
هذا الكتاب هو عبارة عن بحث جامعي قدمته الطالبة هند محمد التركي ضمن متطلبات بحثية لنيل شهادة ماجستير. من نقاط الضعف التي يعاني منها هذا البحث، رغم الجهد الكبير المبذول فيه، تعامل الباحثة مع الكتب المقدسة ككتب تأريخية ذات صدقية مطلقة لأنها دينية وكفى، وليس لأن هناك أدلة آثارية وعلمية تسندها. وإذا كنا لا نلوم رجل الدين أو القارئ المتدين حين ينظر إلى المعلومات التاريخية والجغرافية الواردة في الكتب المقدسة كحقائق مطلقة بمنظار إيمانه الذي يوجب عليه التسليم بالغيب، فإن من الصعب تماما الموافقة على أن يفعل الباحث في التاريخ وفق المنهجية العلمية الأمر نفسه، ويهمل أو يسيء استعمال الأساليب المنهجية والعلمية التي تستعين بالعلوم الحديثة كالإناسة وعلم الآثار وعلم طبقات الأرض والجغرافيا والمناخ، والمورثات الجينية …إلخ، ورغم ذلك، لا يخلو البحث الذي بين أيدنا من نقاط القوة والجدة والطرافة، وخصوصا حين يتعامل مع أسماء ملكات عربيات قبل الإسلام، توفرت أدلة ومواد إركيولوجية متعلقة بهنَّ، وخصوصا من العهد الآشوري. سأكتفي بهذه الملاحظة التقييمية السريعة، وأنتقل إلى التعريف بالملكات العربيات اللائي ورد ذكرهن مع التوثيق وباختصار:
*بلقيس ملكة سبأ في اليمن. وردت قصتها واسمها في التوراة/ سفر الملوك، بلفظ “ملكت شبا” ولكن اسمها لم يرد في القرآن، مع ورود أجزاء مهمة من قصتها مع النبي سليمان في سورة النمل. وقد أكد القرآن معلومة ثمينة حولها منها، أنها وقومها كانوا يعبدون الشمس (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ* وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ)، وهذه واحدة من ثلاث نظريات حديثة حول ديانة بلقيس، الأولى تذهب إلى أنها يهودية، والثانية أنها مانوية “على دين ماني البابلي” الثنيوي، والثالثة وثنية تعبد الشمس، وهي التي يقول بها القرآن.
وقد ورد اسمها في التوراة “بلقيس”، بعدة صيغ، قيل إنها آشورية، ولكن هذه الكتابات العبرية أكدت أن كلمة بلقيس ليس اسمها بل هو صفة لها ومن تلك الصيغ: بلجش و فلجش وتعني “العشيقة” أو المرأة غير الشرعية”. ويعتقد حسن ظاظا أن اليهود أرادوا بهذه التفاسير الحط من شأنها. كما ورد اسمها في نقش معيني يمني أشار إليه هومل، أما في النقوش الآشورية لم يرد ذكر بلقيس نصا بل ورد ذكر السبئيين وبعض ملوكهم مثل “يثع أمر” و “كرب إل” في عهد تجلات بلاصر وسنحاريب. وهذه هي الملكة الوحيدة التي يرد اسمها من جنوب الجزيرة العربية، أما في شمالها فنجد العديد من أسماء الملكات ومنهن:
1-الملكة زبيبة: ورد ذكرها في سجلات الملك الآشوري تجلات بلاصر ( 745 -725 ق.م).
2- الملكة شمسي: في العهد نفسه وباسم الملكة سمسي.
3-الملكة يطيعة: ورد اسمها في سجلات الملك سنحاريب باسم “يانعة” ولم يذكر لها تاريخ محدد سوى انها أرسلت جيشا للغزو أو صد عدوان بقيادة أخيها بسقانو.
4-الملكة يافا: ورد ذكرها في نصوص الملك أسرحدون وذكرت منطقة مملكتها باسم ” ذخراني”.
5-الملكة باسو: في عهد أسرحدون أيضا واسم منطقة مملكتها أيخيلو.
6- الملكة تعلخونو وبلغت رتبة الكهانة: وعاصمة مملكتها هو أدوماتو “دومة الجندل” التي عرفت في النصوص الآشورية باسم جبل العرب، في منطقة الجوف شمال الجزيرة العربية.
7-الملكة تبوأة: في المنطقة ذاتها ورد ذكرها في نصوص أسرحدون وآشور بانيبال.
8- الملكة عادية: وزوجها الملك يوتع بن حزائيل، وحليفها الملك عمولادي، ورد ذكرها في نصوص الملك آشوربانيبال وتكلمنا عنها وعن زوجها وحروبهما في منشور سابق قبل أسابيع.
9-الملكة زنوبيا ملكة تدمر وزوجة الملك أذينة ووريثته: وهي أشهر من نار على علم. وتفيها الباحثة السعودية هند التركي حقها فتورد عنها تفاصيل مهمة ومنها أن مملكتها اتسعت وشملت بلاد الشام ومصر بعد ان هزمت الرومان في مصر. واسمها الصحيح في النقوش التدمرية هو “بنت زباي” ويعني الهبة أو المجيدة “بنت المجد”. أما في العربية فلها عدة اسماء منها ” زينب، نائلة، بارعة، فارعة..إلخ” وتفرِّق الباحثة بين الملكة زنوبيا وبين الزباء الغسانية التي تصفها بالأسطورية. وهناك مَن يتفق مع الباحثة هند التركي فيفرق بين الملكتين زنوبيا والزباء، ولكنه يعتبرهما كلتاهما تأريخيتين. كالباحث عدنان البني في الحوليات الأثرية العربية السورية المجلد 42. والزباء المنتقمة لها قصتها المشهورة في السردية العربية قبل الإسلام مع الملك جذيمة الأبرش، أول ملك في الحيرة حكم في الفترة (233-268)، ومؤسس مدينتي الحيرة والأنبار في العراق، وكيف ثأرت الزباء منه وقتلته لأنه قتل أباها جذيمة…إلخ.
في الفصل الثاني من كتابها، أطروحتها تناقش الباحثة وبشيء من التفصيل والتوثيق ما ورد عن هاتيك الملكات العربيات في النقوش الآشورية والسبئية والنبطية والرومانية. أما الفصل الثالث فخصصته الباحثة لذكر الملكات في الموروث الديني والكتب الدينية التوراة والإنجيل والقرآن، والفصل الرابع لأدوارهن السياسية قبل الإسلام. وقد اكتفت الباحثة بأسماء هذه الملكات رغم أن هناك أسماء أخرى كتب عنها باحثون آخرون كالملكة البدوية ماوية الغسانية. “تذكر المصادر أسماء 13 ملكة وأميرة من الغساسنة (مارية، حليمة، واثنتان باسم هند، سلمى، أمامة، فاختة، ميسون، الرعلاء، النادرة، ليلى، الدلفى، الرملة/ مدونة “إرث الأردن – انترنيت”)، والأرجح أن هاته النساء كن شيخات على قبائلهن البدوية أو قراهن الريفية أكثر مما هن ملكات يحكمن ومناطق شاسعة كالملكة زنوبيا ومثيلاتها.
*الصورة الأولى لتمثال قديم للملكلة زنوبيا والثانية لعملة نقدية صكت في عهدها وتحمل اسمها وصورتها في خرق للتبعية للرومان وتمرد عليهم.
*رباط لتحميل كتاب “ملكات عربيات قبل الإسلام” تأليف هند محمد التركي: وسمة لتحميل كتب أخرى #تحميل_كتاب_علاء
https://maktbah.net/%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%af%d8%b1%d8%a7/
Re: مقال