نداء صادر عن المؤتمر العربي العام
لإسقاط اتفاقيات التطبيع والصلح والاعتراف مع العدو الصهيوني
في إطار مواكبته للمواجهات البطولية لشعبنا العربي الفلسطيني في عموم فلسطين دفاعاً عن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتأكيداً على حق شعب فلسطين في تحرير أرضه من الاحتلال، قرّر المؤتمر العربي العام الذي يضم المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي – الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومؤسسة القدس الدولية، والجبهة العربية التقدمية، توجيه “نداء إلى الأمّة” عبر القوى الحيّة في الأمّة والعالم من أحزاب ونقابات ومؤسسات ثقافية وإعلامية واجتماعية ومرجعيات دينية وفكرية من أجل نصرة شعبنا الفلسطيني في معركته التاريخية لدحر الاحتلال وإسقاط اتفاقات التطبيع والصلح مع العدو، ومواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري الذي لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يستهدف الأمّة كلها، والقيم الإنسانية بكل تجلياتها.
وفيما يلي نص النداء:
نداء إلى الامة
تشهد أرضنا الفلسطينية المحتلة من شمالها إلى جنوبها، ومن البحر إلى النهر، هذه الأيام واحدة من أهم المواجهات البطولية مع المحتل استكمالاً لمواجهات وانتفاضات وثورات ومقاومة لم تتوّقف منذ انطلاقة المشروع الصهيوني – الاستعماري الذي لا يستهدف فلسطين وحدها، بل عموم أقطار الأمّة، بل يستهدف مجمل القيم الأخلاقية والإنسانية التي تحرص عليها البشرية بكل مكوناتها.
وفي هذا الإطار يسجّل المؤتمر العربي العام بمكوناته (المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي – الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، ومؤسسة القدس الدولية، والجبهة العربية التقدمية)، جملة حقائق:
- إن الهبّة الشعبية الرمضانية الفلسطينية التي نشهدها هذه الأيام، والتي أسقطت ما يسمى باحتفالات “الفصح اليهودي” الذي يسعى لتأسيس معنوي للهيكل المزعوم، تمهيداً لإقامته مادياً على أنقاض المسجد الأقصى، تؤكّد أن الشعب العربي الفلسطيني ماضٍ في مقاومته ونضاله، رغم كل ما يواجهه من عوائق وحواجز وتخاذل وتواطؤ، مؤكّداً قانوناً تاريخياً عرفته كل الشعوب والأمم الحرّة وهي أن شعباً يكافح من أجل حريته لا بدّ أن ينتصر.
- إن نجاح هذه الهبّة الشعبية في مواجهة الاعتداءات الإجرامية المتوحشة لقطعان المتطرفين الصهاينة وحماتهم من الشرطة والجيش الصهيوني، قد أكّد من جديد قاعدة نضالية في فلسطين، وهي أن المقاومة المسلحة تردع العدو، وتحمي الشعب الذي ينتفض بوجه هذا العدو وينتصر عليه، وهي حقيقة تؤسس لمرحلة تزدهر فيها المقاومة وتتغير فيها موازين القوى لغير صالح العدو وداعميه والمتعاونين معه.
- إن وحدة الشعب الفلسطيني ميدانياً ،في كل فلسطين والشتات، دفاعاً عن حقوقه وكرامته ومقدساته، أكّدت أن مقاومة المحتل هي السبيل الأجدى لدحر المحتل، وأن الوحدة الحقيقية هي التي تقوم على أساس برنامج المقاومة الشامل بكل مستوياته العسكرية والشعبية والسياسية والأمنية والثقافية والإعلامية والتربوية والاجتماعية، بل أن هذه الوحدة هي ضمان حرمة الأقصى والقيامة الذين استهدفهما العدو في إطار محاولته الدائمة لضرب المقدسات الإسلامية والمسيحية.
- إن الصمود الرائع للشعب الفلسطيني في مواجهته للاحتلال سواء بالعمليات النوعية أو بالمسيرات أو بالاعتكاف في الأقصى المبارك، يحتاج إلى أوسع تحرك تضامني عربي وإسلامي وعالمي، شعبي ورسمي، انتصاراً له ولعزل العدو إقليمياً ودولياً.
- إن العدو ما كان ليقدم على ممارساته العدوانية العنصرية الوحشية، لولا الدعم الاستعماري غير المحدود الذي يتلقاه من الغرب الأطلسي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية.
- إن العدو أيضاً لم يكن له أن يقوم بما يقوم به من اعتداءات وانتهاكات لولا شعور قادته أنهم نجحوا في تأمين غطاء لعدوانيته تحت شعار “التطبيع” الذي انزلقت إليه حكومات وتسعى إلى تحويله إلى تحالف بين بعض الحكومات والكيان الصهيوني.
- وإذا كانت مقاومة الاحتلال في داخل فلسطين هي مهمة الشعب الفلسطيني البطل التي يقوم بها بكل نجاح، فأن مقاومة التطبيع واتفاقات الصلح ومقاطعة العدو ومشاريع التحالف معه، هي مهمة شرفاء الأمّة وأحرار العالم في كل البلاد العربية والإسلامية وبلدان العالم التي تبدي شعوبها تضامناً متصاعداً مع قضية فلسطين ونبذ كيان الفصل العنصري القائم على أرض فلسطين.
- لقد عرفت أمّتنا، كما العديد من بلدان العالم، نجاحاً لتجارب مقاومة التطبيع مع العدو في أقطار أمّتنا، كما تجارب مقاطعة هذا العدو اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً في بلدان العالم.
فلا معاهدة “كمب دايفيد” في مصر قبل أكثر من أربعين عاماً نجحت في أن يتمكّن التطبيع من اختراق الشعب المصري العظيم، ولا من تغيير عقيدة جيشها البطل الذي ما زال يعتبر الكيان الغاصب عدواً له.
ولا معاهدة “وادي عربة” في الأردن نجحت في تغيير موقف الشعب الأردني المناضل من الكيان الغاصب، بل أن الشعب العربي في الأردن يخرج اليوم بالمسيرات الضخمة بعد 28 سنة على هذه الاتفاقية مطالباً بإلغائها وطرد السفير الصهيوني.
ولا اتفاقية “أوسلو” المشؤومة عام 1993 وما تلاها من تنسيق أمني نجحت في وقف مقاومة الشعب الفلسطيني وانتفاضاته وعمليات أبطاله النوعية، بل نرى الشعب الفلسطيني في عموم فلسطين يتصدى بكل بطولة لهذا الاحتلال.
وفي لبنان، رغم سطوة الغزو والاحتلال الصهيوني عام 1982، التي فرضت عليه اتفاقية 17 أيار عام 1983، فإن الشعب اللبناني بكل قواه وشخصياته الوطنية والإسلامية، نجح باسقاط هذا الاتفاق وكل مشاريع التطبيع التي يحملها، تماماً كما نجحت المقاومة اللبنانية ، الوطنية والإسلامية، الباسلة من تحرير أرضه (ما عدا مزارع شبعا وكفر شوبا والغجر الشرقية) من براثن الاحتلال.
وفي موريتانيا الواقعة في أقصى المغرب العربي، فإن نجاح شعبها في اقتلاع سفارة العدو من عاصمته نواكشوط وطرد السفير الصهيوني وقطع العلاقات مع العدو يؤكّد أن الشعب الموريتاني يعتبر قضية فلسطين قضيته كما قضية كل عربي ومسلم حرّ في العالم.
وفي المغرب الشقيق أُغلق مكتب الاتصال وقُطعت كافة العلاقات في شهر أكتوبر من عام 2000، بضغط شعبي هائل، ونرى حالياً فيه وفي البحرين، القلعة العربية، يومياً مبادرات وتحركات تشمل أحرار البلدين في رفض واضح للتطبيع وآثاره، فيما أبناء الكويت وتونس والسودان يعبّرون عن مواقفهم الرافضة للوجود الصهيوني في كل مناسبة وطنية أو قومية، أ, ثقافية أو رياضية، أو سياسية، أو نقابية، أو حقوقية..
وفي سورية والعراق واليمن وليبيا وقبلهم الجزائر، حيث تعرّضت هذه الأقطار إلى حروب عالمية وإقليمية طاحنة بهدف جرّها إلى التطبيع وحيث نجحت في استدراج البعض من أبنائها إلى هذا المنزلق الخطير، إلاّ أنها صمدت وما تزال في وجه التطبيع الصهيوني والإملاءات الاستعمارية مستندة دون شكّ إلى دعم دول الجوار الحضاري ودول صديقة على المستوى العالمي، بل في دول عربية عدة فتحت حكوماتها مكاتب اتصال للعدو في أوائل تسعينيات القرن الماضي، سرعان ما اضطرت إلى إغلاقها علناً بفضل الهبّة الشعبية العربية الهائلة التي انطلقت تضامناً مع انتفاضة الأقصى المبارك في 28/9/2000، وأكدّت قدرة القوى الشعبية العربية، إذا تلاقت بتياراتها، على إسقاط التطبيع، وكل اتفاقاته ومخرجاته.
- إن القراءة المعمّقة للمشهد العربي والإقليمي والعالمي وتطوراته المتسارعة تظهر أن العدو الصهيوني وداعميه في مأزق بنيوي سياسي وعسكري واقتصادي عميق، وأن انتزاع نصر لشعب فلسطين وأمّتنا العربية والإسلامية بات أمراً ممكناً إذا تصاعدت المقاومة في فلسطين، وتنامت حركة مواجهة المشروع الصهيوني – الاستعماري في الإقليم والمنطقة عبر تصعيد المعركة ضد التطبيع وكل مخرجاته، داخل فلسطين وعلى مستوى الأمّة، وتصعيد حركة المقاطعة العالمية التي بدأت تحقّق انتصارات شعبية وتضامنية وسياسية في العديد من بلدان العالم، والعمل على طرد الكيان الصهيوني من العديد من الهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية.
- إن أي مواجهة حاسمة مع الاحتلال داخل فلسطين وخارجها تحتاج إلى تلاقي كل تيارات الأمّة على قاسم مشترك واضح وهام، وهو قضية فلسطين بكل أبعادها، الأمر الذي حقّق في العقد الأول من هذا القرن إنجازات كبرى قبل أن يتم الإجهاز عليه بسبب الانزلاقات في سياسات التناحر والإقصاء والإلغاء والتنابذ التي شهدناها في العقد الماضي.
إن سرد هذه الحقائق يدعونا في المؤتمر العربي العام بكل مكوناته إلى إطلاق ” نداء إلى الأمّة” يطلب من كل قواها الحية من أحزاب ونقابات وجمعيات ومؤسسات ومرجعيات أن تخوض في كل قطر من أقطارها معركة إسقاط التطبيع وكل عناوين المشروع الصهيوني – الاستعماري.
كما يُطلب من التنسيقية الشعبية العربية التي انبثقت عن المؤتمر العربي العام “متحدون ضد التطبيع” الذي انعقد افتراضياً في 20/2/2021، وضم أكثر من 400 شخصية عربية من مختلف الأقطار والتيارات والانتماءات بالتعاون مع كل الهيئات المماثلة إلى إطلاق مبادرات وتنظيم فعاليات تسعى إلى إسقاط كل مخرجات التطبيع في الأقطار التي أقدمت حكوماتها على التطبيع مع العدو، كما إلى بناء كتلة تاريخية كبرى تحمل مشروعاً للنهوض بالأمّة وتحشد الطاقات لمواجهة كل المشاريع الهادفة إلى احتلال إرادة الأمّة والحؤول دون وحدتها وتحرّرها ونموّها ونهضتها.
والله ولي التوفيق
المؤتمر القومي العربي | المؤتمر القومي – الإسلامي | المؤتمر العام للأحزاب العربي | مؤسسة القدس الدولي | الجبهة العربية التقدمية |
التاريخ: 27/4/2022