صحفي عراقي يعيش في أمريكا يكشف جوانب غامضة من حياة رئيس الوزراء العراقي الحالي وتجربته السياسية
كتب الصحفي العراقي المقيم في الولايات المتحدة الامريكية رياض محمد، يوم الخميس، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، الحلقة الأولى من سلسلة حلقات يتناول فيها جوانب غامضة في شخصية رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي وتجربته السياسية.
وقدّم رياض محمد لتدوينته بالقول، “كتبت عن عادل عبد المهدي في صحيفة النيويورك تايمز، كبرى صحف امريكا والعالم وفي صفحتها الاولى وفي لحظة حرجة في مساره السياسي بعد جريمة مصرف الزوية”، مضيفا “وكوني قد عشت وعملت في منطقة الكرادة وغطيت الجريمة وما تلاها من ملابسات وحضرت محاكمة من ألقي القبض عليهم من الجناة، اود وانا ارى تكرار ذكر هذه الحادثة الآن وربطها بعبد المهدي ان اوضح انه لم يثبت ان له اي علاقة بالتخطيط او في التنفيذ لهذه الجريمة ليس لأنه منزه عن الخطأ لكنه ببساطة أذكى من ان يتورط في هكذا جريمة”. مسترسلا بالقول “ما اثار الشكوك هو ان المتهم الرئيسي في الجريمة وقد كان نقيبا في فوج حمايته قد تمكن من الفرار”، وأكمل محمد ديباجة السلسلة بالتالي “غادرت العراق في عام 2011 وعلمت ان أحد الجناة قد نفذ فيه حكم الاعدام في عام 2013، واود ان اوضح ايضا انه لا تربطني مع عبد المهدي اي علاقة عداء او صداقة. كما انه ليس لي اي علاقة صداقة او عداء بمنافسيه على رئاسة الوزراء. وقد كنت وما زلت مستقلا عن اي حزب وعملت في مؤسسات صحفية عريقة مثل النيويورك تايمز وشبكة أن بي سي يونيفرسال ومجلة فورن افيرز”.وفي سياق تبرير ما كتبه أورد محمد التالي “اما وقد كلف الرجل بأهم منصب تنفيذي في العراق، فمن حقنا جميعا كعراقيين ان نعرف كل شيء عن عبد المهدي لكي يكون حكمنا على اهلية الرجل علميا موضوعيا لا عاطفيا. كل ما كتبته هنا موثق بمصادر متعددة وفي الحالات القليلة التي تفتقر الى مصادر مؤكدة فقد أوضحت ذلك ليفهم القارئ انني غير متأكد من المعلومة. وأرحب بكل تصحيح علمي من القراء واعد بتصحيح اي معلومة غير دقيقة كتبتها عن الرجل ان تأكدت من عدم دقتها. سيتم حذف اي اساءة لعبد المهدي او اي شخص اخر ورد في المنشور وسيحظر المسيء. كل ما كتبته في هذا المنشور يعبر عن رأيي الشخصي لا عن رأي اي مؤسسة أعمل فيها او عملت فيها سابقا”
التفاصيل التي ذكرها الصحفي في مقاله:
والده: (عبد المهدي المنتفجي)
عادل عبد المهدي من عائلة ال شبر. شارك والده عبد المهدي المنتفجي في ثورة العشرين ثم أصبح أحد رجالات العهد الملكي. عين وزيرا للمعارف (التربية حاليا) والاشغال وانتخب نائبا في مجلس الامة عن لواء المنتفق (محافظة ذي قار حاليا) لست دورات. كما عين ايضا في مجلس الاعيان وكان لفترة نائب رئيس مجلس الامة.
اشتهر المنتفجي بحادثة انيس النصولي وهو مدرس سوري عمل في العراق وألف كتابا امتدح فيه الدولة الاموية مما استفز مشاعر الشيعة فعزلة وزير المعارف المنتفجي. تضامن مدرسين سوريين اخرين مع النصولي ففصلهم المنتفجي ايضا. كما رفض المنتفجي قانون التجنيد الاجباري.
كان للمنتفجي علاقات جيدة مع العائلة المالكة ومع نوري السعيد وصالح جبر وبعد سقوط النظام الملكي حجزت حكومة عبد الكريم قاسم امواله وممتلكاته.
في حزب البعث (العراق)
ولد عادل عبد المهدي في بغداد ودرس في كلية بغداد الشهيرة. انتمى لحزب البعث مع اخويه هشام وباسل عام 1959. ويقول طالب شبيب وعلي كريم سعيد في كتابهما (عراق 8 شباط) ان عبد المهدي كان معتقلا في معسكر الرشيد خلال انقلاب 8 شباط وانه وبعثيين اخرين مثل صالح مهدي عماش تمكنوا من السيطرة على المعسكر مما ساعد حظوظ الانقلاب.
انحاز عبد المهدي لجناح البعث اليساري بقيادة علي صالح السعدي في صراعه مع جناح حازم جواد عام 1963. وبعد انقلاب عبد السلام عارف في تشرين الثاني 1963، اعتقل عبد المهدي في معتقل الفضيلية. وبعد تشتت تنظيمات البعث في عام 1964، شكل بعض أنصار السعدي ما سمي بـ (لجنة تنظيم القطر) التي حاولت لم البعثيين من جديد. كان عبد المهدي أحد اعضاء هذه اللجنة.
دخلت اللجنة في صراع مع القيادة القطرية الجديدة المزكاة من ميشيل عفلق (وضمت احمد حسن البكر وصدام حسين واخرين) حتى انقلاب تموز 1968 عندما شن نظام البعث حملة ضد يسار البعث.
في الحزب الشيوعي القيادة المركزية (لبنان)
تخرج عبد المهدي من كلية التجارة (الادارة والاقتصاد حاليا) في جامعة بغداد وحصل على الماجستير في فرنسا وهو على عكس ما هو معروف ليس بدكتور فلم ينل الدكتوراه. عمل موظفا في الدولة حتى نهاية الستينيات.
انتمى بعد تركه حزب البعث الى الحزب الشيوعي القيادة المركزية وكان اسمه الحركي ابو امل. عاش في سوريا ثم لبنان حوالي عقد كامل بعد عام 1972 وهناك اقترب من منظمة التحرير الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين كما تعرف على العديد من قادة المعارضة العراقية ووطد علاقته بجلال الطالباني الذي اسس الاتحاد الوطني الكردستاني في دمشق 1975. في نفس السنة شارك عبد المهدي في تشكيل تنظيم من كوادر القيادة المركزية سمي بـ (وحدة القاعدة) وكان يتزعمه رياض البكري. ترك عبد المهدي لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي في عام 1982. كما تلاشى تنظيم وحدة القاعدة.
في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (فرنسا)
عاد عبد المهدي لفرنسا وهناك عمل في التأليف والنشر. ويقول القيادي البعثي السابق صلاح عمر العلي ان بداية علاقة عبد المهدي بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية كانت في رغبة الاخير في نافذة لنشر رؤى المجلس في اوروبا ومن هناك توطدت العلاقة معه حتى أصبح ممثلا للمجلس في فرنسا. عمل عبد المهدي ايضا كممثل للمجلس الاعلى في كردستان وهناك نسج علاقات جيدة مع الحزبين الكرديين.
يجب ان نلاحظ هنا امرا هاما، فبينما كان انتماء عبد المهدي للبعث ثم الى يسار البعث ثم الى يسار الحزب الشيوعي واقترابه من التنظيمات الفلسطينية جزءا من ظاهرة جيل الستينيات السياسية والثقافية شأنه في ذلك شأن اخرين مثل قيس السامرائي وباسل الكبيسي واخرين كثر، كان تحوله الى الاسلام السياسي الشيعي وصعوده فيه ناتج عن ظروف اخرى.
ففي فرنسا مثلا كان هناك اخرون ممن تقاسموا مع عبد المهدي تأريخا مشابها لكنهم لم يغازلوا الاسلاميين شيعة ام سنة. ولا يقل هؤلاء ثقافة وذكاء عن عبد المهدي. اذكر على سبيل المثال لا الحصر الدكتور وثاب السعدي وطالب البغدادي وعبد الاله البياتي. ولفهم مواقف هؤلاء يجب معرفة ان جزءا كبيرا من المعارضة العراقية كانت تنظر للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية – لست هنا في معرض مناقشة صحة او عدم صحة هذا الرأي – على انه امتداد لإيران وانه شارك مع الجيش الايراني في حرب الثمان سنوات.
ولهذا فأن عادل عبد المهدي – بتاريخه البعثي والشيوعي – وبإجادته الفرنسية والانكليزية و بخلفيته العائلية كنجل وزير سابق مثل مكسبا للمجلس الاعلى مثلما كان المجلس الاعلى مكسبا لعادل عبد المهدي الذي رشحه في كل مناسبة تشكيل حكومة بعد عام 2004 لاهم منصب تنفيذي في العراق وهو رئاسة الوزراء. فلولا المجلس الاعلى لما كان عبد المهدي قد ترشح لكل هذه المناصب.
كما ان هناك عاملا اخر ساهم في صعود عبد المهدي داخل المجلس الاعلى. فكون عبد المهدي (سيدا) وهو امر تعلم العراقيون اهميته بعد 2003 ساهم في صعود حظوظه لدى تيار سياسي متدين يقدس ال البيت ومن يتحدر منهم.
في مجلس الحكم (العراق)
عاد عبد المهدي لبغداد في عام 2003 – تاركا عائلته في فرنسا – وأصبح عضوا مناوبا في مجلس الحكم بالنيابة عن عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية. هناك لعب ادوارا مهمة أثرت ولا زالت تؤثر على حياة العراقيين. يروي بول بريمر الحاكم المدني الامريكي في كتابه (عام قضيته في العراق) ان عبد المهدي طلب منه منح المجلس الاعلى للثورة الاسلامية معاملة تفضيلية وقد رفض بريمر ذلك.
ويقول بريمر ايضا ان عبد المهدي ابلغ السيستاني في نوفمبر 2003 بخطة سلطة الائتلاف المؤقتة لتسليم السلطة الى حكومة عراقية وفقا لقانون ادارة الدولة الانتقالي وان السيستاني وافق عليها. ويضيف بريمر ان عبد المهدي اعترض – بفعل موقف المجلس الاعلى الرسمي – على خطة الحاكم المدني الامريكي بول بريمر لتسليم السلطة لحكومة عراقية تنتخبها مؤتمرات محلية. وبرغم اعلان بريمر عن الموافقة عن الخطة، فقد أخبره موفق الربيعي لاحقا ان عبد المهدي اجتمع مع الاعضاء الشيعة في مجلس الحكم لكي يقنعهم بمعارضتها. وأرسل بريمر مساعدته ميغان او سيلفان (وقد تولت لاحقا منصب نائب مستشار الامن القومي) لتقنع عبد المهدي بالكف عن معارضته. وهنا اتفق الجانبان – بريمر وعبد المهدي – ان يصبح اعضاء مجلس الحكم اوتوماتيكيا اعضاء في الجمعية الوطنية.
وقد اتهم بريمر عبد المهدي فيما بعد بانه نقل رسائل غامضة للسيستاني لان الاخير غير رأيه من تسليم السلطة مطالبا بحكومة منتخبة. وهنا يقول بريمر ان الاسلاميين الشيعة في مجلس الحكم وعلى رأسهم عبد المهدي كانوا يرغبون في زيادة نفوذهم بينما كان موقف السيستاني مختلفا ويدعو لحكومة منتخبة تستلم السيادة.
كما طلب بريمر من عبد المهدي بعد اعتقال صدام العمل على تخفيف سياسة اجتثاث البعث ووعد عبد المهدي بالمساعدة في ذلك. كما يروي علي عبد الامير علاوي الوزير السابق في كتابه (احتلال العراق) ان عبد المهدي هو من اقنع الاعضاء الشيعة في مجلس الحكم بقبول المادة 61 فقرة ج من قانون ادارة الدولة الانتقالي التي تمنح سكان 3 محافظات حق الفيتو على الدستور إذا صوتوا بأغلبية الثلثين ضده في الاستفتاء. وكانت هذه المادة شرطا كرديا للموافقة على القانون. وفي هذا الصدد يقول بريمر انه طلب من عبد المهدي اقناع الشيعة في مجلس الحكم بالتخلي عن رفضهم لهذه الفقرة.
رفض عادل عبد المهدي صيغة (لواء الفلوجة) التي رتبها المارينز ووكالة المخابرات المركزية ورئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي محمد الشهواني لحفظ الامن في المدينة بعد معركة الفلوجة الاولى في نيسان وايار 2004 قائلا انها خطوة نحو تفكك العراق والحرب الاهلية. كما يضيف بريمر ايضا ان عبد المهدي أثنى على العمليات العسكرية ضد جيش المهدي في نفس الفترة قائلا انه يجب مواصلة الضغط على مقتدى الصدر.
وفي النهاية تقرر ان تعلن الامم المتحدة عن عدم امكانية اجراء انتخابات في حزيران 2004 ليوافق السيستاني على تسليم السيادة لحكومة غير منتخبة. حيث تولى بريمر ونائب مستشار الامن القومي روبرت بلاكويل وممثل الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي مع الاخذ برأي المرجع الأعلى علي السيستاني تعيين حكومة اياد علاوي التي كان عبد المهدي أحد منافسيه في منصب رئاسة الوزراء وانتهى به الامر لتولي منصب وزير المالية.
في هذا الصدد يروي بريمر ان الابراهيمي أخبره ان احمد الجلبي حاول دعم ترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء في مقابل منح الجلبي منصب نائب رئيس الجمهورية. وقد قرر الابراهيمي استبعاد عبد المهدي لأنه اسلامي وطلب من بريمر ابلاغه بذلك فوافق بريمر في مقابل منح عبد المهدي وزارة المالية لضمان دعم المجلس الاعلى للحكومة المقبلة. بلغت ميغان او سيلفان عبد المهدي بقرار الابراهيمي وبريمر قبيل لقاء عبد المهدي ببريمر. في اللقاء، حاول عبد المهدي اقناع بريمر ان (البيت الشيعي) قد قرر ترشيحه وابراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء وانه شخصيا يحظى بدعم الطالباني والجلبي وعدنان الباججي وغازي الياور. لكن بريمر عرض عليه وزارة المالية. وهنا طرح عبد المهدي فكرة توليه منصب نائب رئاسة الجمهورية.
كان اياد علاوي مرشح بريمر المفضل بينما كان حسين الشهرستاني مرشح الابراهيمي المفضل. وفي النهاية اقتنع الابراهيمي بعلاوي بعد موافقة السيستاني واعضاء مجلس الحكم عليه. اتصل عبد العزيز الحكيم بمعاون بريمر ريتشارد جونز ليطلب اختيار عبد المهدي لمنصب نائب رئيس الجمهورية باعتباره ضرورة ملحة او منصب وزير الداخلية. كما اتصل عبد المهدي بالإبراهيمي ليطلب منصب نائب الرئيس قائلا ان وزارة المالية وظيفة تقنية ولن تستفيد من قدراته في التعامل مع اوساط المجتمع العراقي. لكن الابراهيمي أصر على منحه وزارة المالية ودعمه بريمر في ذلك.
في وزارة المالية
في وزارة المالية أشرف عبد المهدي على اعداد اول موازنة للعراق بعد استعادة السيادة. ويجب ملاحظة ان موازنة الدولة هي حصيلة اتفاق سياسي يصوت عليه البرلمان وتوافق عليه الحكومة. لكن دور وزارة المالية يظل مع ذلك محوريا في اعداد واقرار الموازنة. في موازنة 2005 التي اعدتها وزارة المالية بإدارة عبد المهدي سنت سنة سيئة عادت على العراق بعواقب وخيمة في هدر المال العام وتهديد وحدة العراق.
عندما بدأ تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء في عام 1997 منح البرنامج حصة 13% من اموال النفط لصالح المحافظات الكردية الثلاث مع ملاحظة ان من كان يتولى ادارة البرنامج في كوردستان برنامج الغذاء العالمي وليس الحزبين الحاكمين. وفي موازنة النصف الثاني لعام 2003 وموازنة 2004 التي اعدتها وزارة المالية تحت سلطة التحالف المؤقتة لم تزد نسبة المحافظات الكردية الثلاث عن الـ 5%. اما موازنة 2005 فقد منحت هذه الملاحظات – ودون وجود اي تعداد سكاني – نسبة 17% ولتستمر هذه النسبة حتى عام 2017.
هذه الاموال استفادت من جزء منها عائلتي مسعود البرزاني وجلال الطالباني في الاثراء غير المشروع فيما حضر البرزاني لتحقيق حلمه بان يكون رئيس دولة كوردستان رغم انه فقد شرعيته كرئيس للإقليم منذ سنوات.
أشرف عبد المهدي كذلك على ملف اعادة جدولة ديون العراق وتكلل هذا الجهد باتفاق مع دول نادي باريس بتخفيض الدين العراقي بنسبة 80% من أصل حوالي 40 مليار دولار يضاف لها ديون اخرى (مثل ديون دول الخليج وديون خارج نادي باريس وديون تجارية وديون الشركات بقيمة اجمالية حوالي 135 مليار دولار). وهنا استفاد عبد المهدي من جهود وزارته والبنك المركزي العراقي وجهات حكومية اخرى والجانب الامريكي (وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر) وشركات ومصارف امريكية. كانت قيمة الديون المخفضة لا تقل عن 32 مليار دولار. كما تعد الاتفاقية اساسا للمفاوضات مع الدول والشركات الدائنة من خارج نادي باريس.
كما انه وخلال فترة تولي عبد المهدي وزارة المالية قام وزير الدفاع الاسبق حازم الشعلان بسحب ما قدر بأكثر من مليار ومئتي مليون دولار من موازنة وزارة الدفاع لصرفها في عقود تسليح ثبت فيما بعد انها فاسدة ولم تستوفِ اي من شروط التعاقدات الحكومية. ويقول علي علاوي في هذا الصدد ان وزارة المالية تحت ادارة عبد المهدي سمحت لوزارة الدفاع بالحصول على مليار و700 مليون دولار من دون التفكير في عواقب هذا التصرف وان صرف المبلغ حدث بطريقة غير مسيطر عليها وغير مصرح بها مما يعد خرقا لعدد من القوانين والانظمة. وقد حدث كل هذا بفعل تعليمات من مجلس الوزراء توصي وزارة المالية بذلك.
ولدى مراجعة تقارير الحكومة العراقية في تلك الفترة بخصوص الفساد المالي والاداري لاحظت وجود كم كبير من المخالفات للقوانين والتعليمات المتعلقة بإدارة المال العام في وزارة المالية خلال عامي 2004 و2005. لكن وللإنصاف فأن اغلب هذه المخالفات تتعلق بدوائر لها استقلالية معنوية (ليست دوائر ديوان الوزارة) مثل الضرائب والتأمين والمصارف الكبرى كما ان كثير من هذه المخالفات ترتبط بأوضاع ما بعد حرب 2003 الاستثنائية وليس سهلا معالجتها خلال 10 اشهر.
نائبا لرئيس الجمهورية
بعد انتخابات كانون الثاني 2005 التي فاز فيها عبد المهدي بمقد في الجمعية الوطنية عبر اصوات قائمة الائتلاف العراقي الموحد (وليس اصوات منحت له شخصيا) رشح عبد المهدي مرة ثانية لرئاسة الوزراء لكنه خسرها لصالح ابراهيم الجعفري. ثم انتخب نائبا لرئيس الجمهورية في نيسان 2005 ومنصب رئيس الجمهورية كما هو معلوم له صلاحيات محدودة فما بالك بنائب رئيس الجمهورية. وقد قبل المنصب وأصبح له قصر ومكتب ومستشارين وطائرة خاصة وفوج عسكري كامل من الحماية وراتب وامتيازات مالية (منافع اجتماعية) رئاسية تبلغ حوالي المليون دولار شهريا.
ويروي علي علاوي ايضا انه في ايلول 2005 تم تداول وثيقة بعنوان (تصورات عن مبادئ الحكم في العراق) قيل ان عبد المهدي قد كتبها. موجز الوثيقة هو ان شيعة العراق سيهيمنون على العراق كونهم الاغلبية وهذا ما تضمنه الديمقراطية لهم وان الاقتصاد وشكل الدولة يجب ان يتحول من المركزية الى الاتحادية والى سلطة المحافظات.
عين اخيه باسل عبد المهدي مستشارا لوزارة الرياضة والشباب في تلك الفترة وقيل وقتها انه قيادي بعثي سابق ومسؤول في اللجنة الاولمبية خلال فترة تولي عدي صدام حسين وحتى عقد التسعينيات وانه حصل على استثناء من قانون اجتثاث البعث.
نائبا لرئيس الجمهورية (2)
فاز عبد المهدي بعضوية مجلس النواب في انتخابات كانون الاول 2005 بأصوات قائمته مجددا. رشح من جديد في عام 2006 لرئاسة الوزراء وخسر هذه الجولة لصالح الجعفري مجددا حتى تنازل الاخير لصالح نائبه في حزب الدعوة نوري المالكي. ومن جديد انتخب نائبا لرئيس الجمهورية.
تتحدث وثيقة سرية امريكية من وثائق الخارجية الامريكية التي سربها موقع ويكليكس اخرى عن لقاء بين مستشار رئيس الوزراء التركي داوود أوغلو والمسؤول عن الملف العراقي في تركيا في حينها (الذي أصبح وزيرا للخارجية ورئيسا للوزراء فيما بعد) ودبلوماسي امريكي زائر لتركيا في ديسمبر 2005. في اللقاء صرح أوغلو لضيفه الامريكي انه واخرين في الحكومة التركية (منهم احمد اوغوز تشيليكول، المدير العام لدائرة الشرق الاوسط في الخارجية التركية والسفير التركي لاحقا في اسرائيل) قد أعجبوا بعادل عبد المهدي وبطاقمه خلال زيارته لتركيا وانهم شعروا ان عبد المهدي أفضل من اياد علاوي.
تتحدث وثيقة اخرى عن اجتماع بين الرئيس جلال طالباني والسفير الأمريكي زلماي خليل زاد في نوفمبر 2006. وفي الاجتماع يسلم طالباني لخليل زاد وثيقة بعنوان (العقد التاريخي) كتبها عبد المهدي لحل مشاكل العراق عبر اتفاق بين فئاته الثلاث الشيعة والسنة والاكراد حيث يتضمن الاتفاق الغاء اجتثاث البعث بعد اعدام صدام حسين وتطبيق المادة 140 في المناطق المتنازع عليها مع الكرد والاحتكام للدستور العراقي الدائم.
وتتناول وثيقة اخرى في ايار 2008 اجتماعا بين السياسي العراقي عدنان الباججي والسفير الامريكي رايان كروكر. وفي الاجتماع يقترح الباججي ان يستقيل عادل عبد المهدي من منصب نائب الرئيس لأنه مقرب من إيران ليحل محله اياد علاوي.
وتتحدث وثيقة اخرى مؤرخة في اذار 2009 عن ان عبد المهدي اشتكى للأمريكان من انهم لم يشكروه على دعمه للاتفاقية الامنية الموقعة بين العراق والولايات المتحدة. كما انه اشتكى عدة مرات من ان نوري المالكي ينفرد بالقرارات التنفيذية دون استشارة مجلس الرئاسة وان الجانب الامريكي ايضا ينفرد بمناقشة القرارات المهمة مع المالكي من دون مجلس الرئاسة.
وفي وثيقة اخرى عن اجتماع بين السفير الامريكي كريستوفر هيل وعادل عبد المهدي في حزيران 2009 يقول هيل ان عبد المهدي أخبره ان هناك تيارا معارضا لتنظيم استفتاء شعبي بخصوص الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة وان هذا شيء جيد. وفي الاجتماع ايضا ايد عبد المهدي المظاهرات التي حصلت في إيران ضد الرئيس الاسبق احمدي نجاد ووصفها بتطور ايجابي.
وبعد أشهر تتحدث وثيقة اخرى عن اجتماع بين عبد المهدي والدبلوماسي الامريكي جيفري فيلتمان في ديسمبر 2009. في الوثيقة يقول الدبلوماسي الامريكي روبرت فورد عن الاجتماع ان عبد المهدي ابدى تأييدا لجولة التراخيص النفطية كما انه أخبر فيلتمان عن لقائه بالرئيس الفرنسي ساركوزي قبيل الانتخابات الايرانية في حزيران 2009 وان ساركوزي سأله رأيه عمن سيفوز فيها فتوقع عبد المهدي فوز احمدي نجاد. ثم زار عبد المهدي طهران وهناك لمس تغيرا في مزاج الايرانيين وان رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني وقيادات في الحرس الثوري اخبرت عبد المهدي ان المرشح المنافس مير حسين الموسوي سيفوز. وقد ابلغ عبد المهدي ذلك لساركوزي.
وقال عبد المهدي لفيلتمان ان خامنئي أخطأ في عدم دعوته مبكرا لقيادات حركة التظاهرات بالهدوء. ونصح عبد المهدي فيلتمان بان على الولايات المتحدة ان لا تسمح بتكون رأي ايراني داخل القيادة الايرانية يقول بان الولايات المتحدة ضعيفة خصوصا في الملف الافغاني والباكستاني لأن ذلك سيقوي التيارات المتطرفة داخل إيران.
كما تكشف هذه الوثيقة ايضا ان عادل عبد المهدي توسط لدى الحكومة الايرانية – بطلب من السفير الكندي في العراق – لإطلاق سراح الصحفي الكندي مازيار بهاري وانه أطلق سراح الصحفي بعد وساطته.
وفي وثيقة اخرى تتحدث عن اجتماع بين عبد المهدي والسيناتور الراحل جون ماكين والسيناتور جوزيف ليبرمان واعضاء اخرين في مجلس الشيوخ الامريكي في كانون الثاني 2010 يروي السفير هيل ان عادل عبد المهدي أكد انه كما كان في الانتخابات السابقة يظل مرشحا لرئاسة الوزراء ثم يعلق السفير هيل ان عادل عبد المهدي يتذكر الدور الذي لعبه السفير الامريكي عام 2006 في منعه من الوصول لرئاسة الوزارة بسبب صلاته بإيران. وفي نفس اللقاء اشتكى عبد المهدي من ان أحد موظفي شركة بلاك ووتر الامنية قتل وهو في حالة سكر أحد عناصر حمايته الشخصية.