تأسيس أكاديميّة “ريال مدريد” في بغداد
في شهر آذار مارس الماضي استقبل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وفد من نادي “ريال مدريد” الإسبانيّ للبحث في مشاريع رياضيّة مشتركة في العراق.
وقد حظيت الزيارة باهتمام جميع النخب السياسية والرياضية والإعلامية، وعموم العراقين من مشجعي النادي وأعدائهم التقليدين من مشجعي نادي برشلونة.
حيث أن العراقيّين عرفوا بحبّهم لكرة القدم ومتابعاتهم الواسعة للدوريّ الكرويّ الإسبانيّ، وقد أنشأوا من أجل ذلك رابطة مشجّعي “ريال مدريد” في العراق، وافتتح نادي “إسبانيول” الإسبانيّ، في 12 آذار/مارس من عام 2018 أكاديميّة رياضيّة خاصّة به لكرة القدم في بغداد، بإشراف فنيّ من مدرّبين عراقيّين.
يدرك “ريال مدريد” هذه الحقيقة، إذ استقبل في 22 آذار/مارس من عام 2019 على هامش لقاءاته، أبناء شهداء التفجير الذي استهدف تجمّعين لرابطة مشجعّي النادي خلال عاميّ 2006 و2016 في بغداد وتكريت وديالى. وكان 16 من رابطة مشجّعي “ريال مدريد” قد لقوا مصرعهم في 30 أيّار/مايو من عام 2016 داخل مقهى، وهو مقرّ للرابطة، في هجوم لداعش بمدينة بعقوبة في ديالى – شماليّ بغداد، فيما نعى “ريال مدريد” مشجّعيه في بيان عبر موقعه الرسميّ على شبكة الإنترنت.
وكشف رئيس وفد فريق “ريال مدريد” الإسبانيّ، في 20 آذار/مارس من عام 2019، عن “مشاريع في العراق منها تشكيل مدارس للتعليم الشامل للأطفال العراقيّين، من بينها كرة القدم وافتتاح أكاديميّة للريال”، وقال: “إنّنا نحمل رسالة من كابتن الفريق سيرجي راموس للعراقيّين. كما نحمل رسالة مهمّة لأطفال العراق”.
ونشر رئيس رابطة نادي “ريال مدريد” في العراق زياد البيضاني في صفحته التفاعليّة على “فيسبوك” أنباء بيّنت اهتماماً واسعاً للصحف الإسبانيّة بزيارة الوفد الكرويّ الإسبانيّ لبغداد، فيما لفت في اتصال لـ”المونيتور” إلى أنّ “أحد الأهداف الذي تحقّق من وراء الزيارة، هو دعوة بعض من أبناء شهداء الرابطة إلى إسبانيا للقاء كادر نادي ريال مدريد وأنصاره”، مشيراً إلى “التنسيق مع السفارة الإسبانيّة في بغداد لمنحهم الفيزا وإعداد برنامج مفيد للزيارة”.
ووصف البيضاني ذلك بأنه “يعبّر عن وفاء النادي لمشجّعيه خصوصاً، لا سيّما الذين عانوا من الإرهاب الذي شمل حتّى مشجّعي الرياضة في العراق”.
وفي إطار مشاركة النادي الإسبانيّ في تشجيع الرياضة بالعراق، قال زياد البيضاني: “إنّ وفداً من النادي الإسبانيّ سيحضر افتتاح ملعب الزوراء في بغداد مطلع عام 2020، بعد أن زار الوفد الإسبانيّ النادي، واطّلع على فعاليّاته ودوره في الكرة العراقيّة”.
وتبدو العلاقة الرياضيّة بين العراق وإسبانيا مثمرة، ففي 23 آذار/مارس من عام 2019 شاركت أكاديميّة “إسبانيول” في العراق التي تأسّست خلال عام 2018، في بطولة كأس البحر الأسود بلاعبين من أشبال العراق.
وأشار المستشار الفنيّ لأكاديميّة “ريال مدريد” في العراق اللاّعب العراقيّ نعيم صدام خلال حديث لـ”المونيتور” إلى أنّ “اللقاء بين الحكومة العراقيّة والنادي الإسبانيّ أثمر عن الاتفاق على إنشاء أكاديميّة رياضيّة لتنمية رياضة كرة القدم في العراق”، وقال: “إنّ الغرض من الأكاديميّة يتجاوز الهدف الرياضيّ إلى الأهداف الثقافيّة، وتعزيز التواصل والتعاون والانسجام بين الشعوب، وتعزيز المنهج العلميّ في دراسات كرة القدم في العراق”.
واعتبر نعيم صدام أنّ “أحد أسباب نجاح المشروع، أنّ النادي الإسبانيّ الملكيّ متحمّس لتطوير المواهب الرياضيّة، لا سيّما الكرويّة في العراق، ولديه صورة واضحة عن مدى انتشار كرة القدم باعتبارها الأولى بين الألعاب في العراق، فضلاً عن الإنجازات العراقيّة الكرويّة على المستوى الإقليميّ”.
وأكّد أنّ “موافقة الحكومة العراقيّة على إنشاء الأكاديميّة قد تمّت، وهذا يعني الشروع لاحقاً في تفاصيل المشروع”، مشيراً إلى أنّ منصبه فيها هو “المشرف الفنيّ للأكاديميّة”.
ورغم أنّ تفاصيل الخوض في المشروع لا تزال مبكرة، إلاّ أنّ صدام كشف عن بعضها بالقول: “إنّ المتوقّع، بحسب تجارب النادي الإسبانيّ مع مدارسه في دول أخرى والتي هي تحت إشرافه، أن تضمّ الأكاديميّة في بغداد، نخبة من المعلّمين والمدرّبين الأكفّاء، الذين تنطبق عليهم معايير النادي، وأن تكون المناهج مستوحاة من منهاجه التعليميّ والتدريبيّ، فيما يحقّ لأبناء العراقيّين ممّن يودّون الدراسة فيها التقدّم إليها”.
من جهته، أكّد عضو لجنة الرياضة والشباب النيابيّة ديار برواري لـ”المونيتور” أنّ “خطط التعاون مع الأندية العالميّة تصبّ في صالح العراق لأنّها تكسب الشباب والمدرّبين العراقيّين التجربة وتنقل الخبرات إلى داخل البلاد”، معتبراً أنّ “واجب الحكومة توفير الأمن والاستقرار وتسهيلات الاستثمار، ومن دون ذلك ستهرّب مشاريع الاستثمار الرياضيّ”.
لكنّ ذلك لا يبدو سهلاً، إذ تسود المخاوف من أن ينتهي المشروع إلى طريق مسدودة، كما حدث خلال عام 2012 في إقليم كردستان حين وقّعت وزارة الشباب في الإقليم عقدها رسميّاً مع إدارة نادي “ريال مدريد” الإسبانيّ لافتتاح أربع أكاديميّات رياضيّة في الإقليم “غير أنّها لم تر النور، بسبب نقص الأموال وسوء استخدامها، ثمّ انشغال الإقليم بالحرب على داعش”، بحسب مصدر رياضيّ كرديّ، فضّل عدم الكشف عن اسمه.
المشروع المرتقب، حتّى في حال كونه مشروعاً ربحيّاً، فسيساهم في دعم الاستثمار بالقطاع الرياضيّ بغية توفير الأموال اللاّزمة لتطوير البنى التحتيّة. فيما لا يخلو المشروع أيضاً من أهميّة تعزيز مهنيّة تعليم وتدريب الكرة في العراق وتعزيز علاقاته الرياضيّة مع دول العالم، فضلاً عن كونه مشروعاً يجلب الكثير من السمعة الإعلاميّة للبلاد ويجذب الاستثمار، بعد أن تجرّأ أحد أشهر النوادي الأوروبيّة على العمل في بلاد مزّقتها الحروب.
نقلا عن AL Montior