تفاصيل ما دار بين قاض عراقي وداعشي فرنسي
سرد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية الحوار الذي دار بين قاض عراقي ومتهم فرنسي حكم عليه بالإعدام لانتمائه لتنظيم داعش.
المتهم هو إبراهيم النجارة (33 عاما)، كان واحدا من بين اثنين حكمت عليهما محكمة في بغداد الاثنين بالإعدام، ليرتفع عدد الفرنسيين الذين واجهوا المصير ذاته إلى ستة خلال اليومين الماضيين.
وكان جهاز الاستخبارات الفرنسي اتهم النجارة بتسهيل إرسال إرهابيين إلى سوريا، وقد نقل المتهم في كانون الثاني/يناير الماضي من سوريا إلى العراق بهدف محاكمته في هذا البلد.
يبدأ إبراهيم النجارة بصوت منخفض دفاعه عن نفسه ضد التهمة الموجهة إليه بالانتماء إلى تنظيم داعش، فيرد عليه القاضي من منصته “ارفع صوتك، كما كنت ترفعه في الفيديو مهددا فرنسا”.
القاضي أحمد محمد علي أفسح المجال أمام النجارة لسرد روايته كاملة، وهو يكرر كلمة “استرسل” لما يقارب ثلاث ساعات.
وظهر النجارة الذي يتحدر من بلدة ميزيو القريبة من ليون في وسط شرق فرنسا، في مشاهد مصورة نشرها تنظيم داعش بعد هجمات تشرين الثاني/نوفمبر2015، التي أسفرت عن مقتل 130 شخصا في فرنسا، حسب مركز تحليل الإرهاب (CAT) في باريس.
ويواجهه القاضي أولا بالتسجيل على شاشة متوسطة الحجم علقت فوق المنصة، وتخصص عادة لمتابعة محضر الجلسة الذي يكتبه شاب يتوجه إليه القاضي باسم “عمار”.
خلال العرض، يحرك النجارة، أو “أبو سليمان”، وهي كنيته داخل التنظيم، رأسه إلى الأمام، كمن يحاول التأكد من شيء ما.
فيسأله رئيس الجلسة “أهذا أنت؟”، ليجيب المتهم “نعم، لكنني رفضت في البداية التسجيل، غير أنهم هددوني بالسجن”.
فيطلب منه القاضي أن يرفع صوته غير المفهوم، قائلا بنبرة المؤنب “لماذا لا يمكنك رفع صوتك كما كنت تشيد وتهدد بعد هجمات فرنسا في 2015؟”.
فيؤكد المتشدد الفرنسي بزيه الأصفر المختوم بعبارة “دائرة الإصلاح العراقية” أنه “محبط” لما فعله منذ التحق بصفوف التنظيم في سوريا التي وصلها في العام 2014.
كان النجارة يتقاضى من التنظيم، حسب أقواله، مئة دولار عنه وعن زوجته، و105 دولارات عن أطفاله الثلاثة، في ما يطلق عليه اسم “كفالة” في مصطلحات تنظيم داعش.
ويؤكد الرجل الملقب أيضا بـ”أبو حيدر المهاجر”، أمام القاضي أن أصدقاء له أقنعوه أنه “في سوريا يمكنك أن تمارس شعائرك الدينية بأمن وسلام”.
وهنا انتفض القاضي علي قائلا “في سوريا؟ بحثا عن ماذا؟ تركت بلدا يهاجر إليه السوريون في البحر بحثا عن الأمان، ويحصلون بصفة لاجئين في بلدك على حياة أفضل بكثير”. فيتلفت المتهم يمينا ويسارا، مثل الباحث عن إجابة تقنع القاضي.
لا يوجد محام أصيل لغالبية المتهمين الذين يمثلون أمام المحكمة. ويأمر القاضي مباشرة في ضوء ذلك بانتداب محام للدفاع عن المتهمين.
لكن ما الذي يمكن لهذا المحامي تقديمه، وهو “يدرس القضية داخل المحكمة مباشرة”، حسب ما تقول لوكالة الصحافة الفرنسية المحامية غفران عبد الرحمن التي انتدبتها المحكمة للدفاع عن الفرنسي كرم الحرشاوي الذي حكم عليه بالإعدام.
وتقول عبد الرحمن البالغة من العمر 33 عاما “لا اطلاع لي على القضية من قبل. غالبية القضايا تكون محسومة. لكن إذا التمسنا أن هناك بصيص أمل بقضية المتهم، نلفت نظر المحكمة إليها، للحصول ربما على حكم مخفف أو مرض للمتهم”.
وتؤكد المحامية الشابة أن “تعاملنا كمحامين مع قضايا الإرهاب تكون بإنسانية رغم كل شيء. نتأسف على ما فعلوه، لكننا ننظر إلى الأسباب الخارجية التي جعلتهم يرتكبون هذه الأشياء”.