بلد الفصاحة والشعر يحتفي بالمفكر العراقي عبد الحسين شعبان
لبّى المفكر الأكاديمي العراقي المقيم في بيروت عبد الحسين شعبان في الأول من آب الجاري دعوة رسمية لحضور حفل تنصيب الرئيس الموريتاني المُنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي تسلم مقاليد السلطة من الرئيس المنصرف محمد ولد عبد العزيز الذي انتخب رئيساً في العام 2008 لدورتين، وقد حضر حفل العشاء الذي أقيم في المركز الدولي للمؤتمرات (المرابطون)، عشيّة انتقال السلطة سلمياً وديمقراطياً لأول مرّة في تاريخ موريتانيا التي استقلت في العام 1960.
وانتظم حفل تنصيب الرئيس الجديد بحضور متميّز من رؤساء دول ومسؤولين رسميين ومنظمات وهيئات دولية وشخصيات فكرية وثقافية وإعلامية كبيرة.
احتفال تنصيب
وكان رؤساء كل من السنغال ومالي والنيجر وتشاد وغامبيا وبوركينو فاسو وغينيا وغينيا الاستوائية وساحل العاج والكونغو قد حضروا احتفال التنصيب، إضافة إلى رئيس وزراء المغرب سعد الدين العثماني ووزراء خارجية وكبار المسؤولين من الجزائر وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا وروسيا وبريطانيا والمملكة العربية السعودية وعُمان ومصر وفلسطين والكويت والإمارات العربية المتحدة ، وشمل سجل الحاضرين الرسميين أكثر من 30 وفداً حكومياً.
كما حضر الاحتفال شخصيات بارزة مثل وزير التسامح الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إضافة إلى شخصيات عربية رائدة في مقدمتهم الإعلاميين والكاتبين عبد الباري عطوان وسامي كليب، إضافة شعبان.
وخلال وجود الدكتور عبد الحسين شعبان في نواكشوط احتفت به النخبة الفكرية والثقافية والحقوقية على نحو متميّز، وألقى محاضرة عن “المواطنة ودورها الحيوي في الانتقال الديمقراطي” بدعوة من رئيسة مركز محيط للتنمية وقضايا المرأة والسلم معالي الوزيرة مكفولة بنت آقاط ، كما استضافته محطة الثقافية الفضائية، ليكون أول من علّق على تنصيب الرئيس الغزواني من الخبراء العرب والأجانب ، في ظل تحوّل وانتقال سلّمي سلس، مشيراً إلى أهمية ما ورد في خطابه الذي ركّز على ثلاثية التحوّل الديمقراطي من خلال المواطنة والتنمية والإدارة الرشيدة، وقبل كل شيء توفير مستلزمات وحدة وطنية وحرّيات أساسية وتعايش سلمي لجميع الانتماءات الثقافية دون تمييز أو إجحاف.
جدير بالذكر أن الدكتور شعبان تربطه علاقات وطيدة مع النخبة الموريتانية، حيث كان قد زار نواكشوط عدّة مرّات لمهمات مختلفة، سواء لإلقاء محاضرات أو في إطار جهود دولية ضمن بعثة لفتح حوارات بين الفاعليات السياسية والثقافية والنقابية والأكاديمية المختلفة، وسبق له أن التقى الرئيس محمد ولد عبد العزيز والرئيس الذي سبقه محمد ولد الشيخ عبدالله، مثلما تعرّف اليوم على الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني، وأطلّ على تجربة التداول السلمي للسلطة.
وفي سؤال لجريدة الزمان عن دور موريتانيا، أشار شعبان إلى أنها البلد العربي الأول الذي قام بتجريف السفارة ” الإسرائيلية” بعد عدوان “إسرائيل” على غزة في العام 2008 وحين انتقلت السفارة الأمريكية إلى بناية جديدة أطلق على الشارع ذاته اسم القدس ، وبادرت بلدية نواكشوط بدعم النخبة لتصميم مجسّم للقدس الشريف في الساحة المواجهة للسفارة، اعتزازاً بالدور الموريتاني في دعم القضية الفلسطينية.
وفي مكان إقامته قام نقيب المحامين السابق ورئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان محمد سالم ولد بو حبيني بزيارته، كما زاره رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين محمد ولد أحظانا، وزاره أيضاً المفكر والأكاديمي سيد عبدالله ولد أباه والأساتذة نامي صاليحي مدير التراث الثقافي وسيدي ولد أمجاد رئيس فضائية الثقافية والقائم بالأعمال العراقي مصطفى الجبوري.
ونُظّم له حفل استقبال حضره كل من وزير الثقافة السابق الدكتور محمد فال ولد الشيخ ووزير التعليم العالي سابقاً الدكتور البكاي عبد الملك ووزيرة المرأة والشؤون الاجتماعية سابقاً الدكتورة السنّية بنت سيدي هيبة وأستاذة الجغرافيا والتنمية البشرية الدكتورة جميلة بنت السيد لمين والمهندس محمد صلاحي مؤلف كتاب يوميات غوانتنامو والاستاذ الشراد محمد عضو اتحاد الكتاب والدكتور محمد المختار أستاذ القانون العام والمحامي وعضو الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ومحمد الأمين إنداري دكتور العلاقات الدولية والقانون الدولي ومعالي الدكتورة مكفولة بنت آقاط التي تولّت تقديمه لمستقبليه.
وأضاف شعبان في حديثه عن أهميـــــــــــة موريتانيا:إنها بلد الفصاحة والشـــــــــــــعر، وكما يُقال بلد المليون شــــــــاعر، ودورها الراهن في التجربة الوليدة للانتقال الديمقراطي عربياً وأفريقياً، والذي من شأن توطيدها أن يفتح أكثر من أفق أمامها بما تملكه من طاقات وكـــــــــــفاءات وموارد لتجعلها بلداً محورياً وليس طـــــــــرفياً، ويمكنــــــــها بالتنمية وبمـــــــــوقعها كجسر يوصل بين أفريقيا وآسيا وبين التنوّع الإفريقي والعربي أن تلعب مثل هذا الدور المنشود، خصوصاً إذا ما تقلّــــــصت الفوارق الاجتماعية، وطوّقت ظواهر الفقر والتخلف.
ودار الحديث حول قضايا التسامح واللّاعنف والمشروع النهضوي التنويري الحديث وضرورة المواءمة بين التنمية والتقدّم الاجتماعي والمواطنة وتعزيز التحوّل الديمقراطي. كما استُحضرت العلاقة الوطيدة بين موريتانيا والعراق والتي تحتاج إلى المزيد من التعاون والعمل المشترك لما فيه مصلحة البلدين والشعبين ، وهو ما يشمــــــــــل علاقة مــــــــــوريتانيا بالعرب أيضاَ، الذين يجهلون الكثير عن هذا البلد الأصيل بتــــــراثه والغني بكفاءاته والجدير الاهتمام بتجربته الجنينية.
وودّع شعبان مثلما استقبل ووعد بزيارة قريبة قادمة ضمن برنامج عمل يتم الإعداد له مسبـــــــــقاً في إطار تعاون حقوقي وأكاديمي يحقق التكامل بين مغرب الوطن العربي ومشرقه.