من يحكم العراق بالحديد والنار؟
لقد خضع العراق لقرون وعقود تحت هيمنات استعمارية كثيرة وانتفض عليها وأسقطها بعد أن تكبد الكثير من الدماء والدموع والكثير من الخراب والتأخر. ولكنه في المحصلة النهائية انتصر كل مرة. وبعد فترة يتعرض لهجوم جديد وخيانات من قبل حكام مستبدين جدد، فيسقط مرة أخرى تحت هيمنة جديدة. هذا ما سجله تاريخ العراق منذ آلاف السنين. يمكن أن أعود بكم إلى كتابي الموسوم “لمحات من عراق القرن العشرين” (11 مجلداً بـ 4250 صفحة عن دار أراس، أربيل 2013) حيث نطالع فيه لمحات من تاريخ العراق منذ السومريين والبابليين ومروراً بغيرهم ووصولاً إلى الفرس والعثمانيين ومن ثم الانجليز والعهد الملكي وثورة تموز وحكم القوميين والبعثيين الدكتاتوري، حتى قيام الحكم الطائفي الفاسد الراهن تحت حراب المحتل الأمريكي-البريطاني. كثيراً ما كسَّر الشعب قيوده ليبني وطنه، ثم يبرز من بين أبناءه، وليس بناته، من يخون الزاد والملح ومن يخون حليب أمه فينقلب على الشعب ويحكمه بالحديد والنار ويدوس على كرامته. حصل هذا منذ العام 1963 واستمر حتى الوقت الحاضر. فمرة عبد السلام محمد عارف وأخرى أحمد حسن البكر وثالثة صدام حسين ورابعة إبراهيم الجعفري، ثم نوري المالكي، المستبد بأمره وأمر ولي وولي أمره علي خامنئي، الذي برهن على أنه يلتقي مع الأكثر توحشاً وعدوانية في حكم العراق صدام حسين، ومن ثم كان العبادي، وأخيراً الدكتاتور الصغير عادل عبد المهدي، الذي تلطخت أيديه بدماء شهداء بغداد والناصرية والبصرة والحلة وكربلاء وواسط والعمارة وديالى و… الخ. السؤال الذي يدور في بال كل العراقيات والعراقيين هو: من يحكم العراق؟ لم يكن الجواب صعباً على المنتفضين في بغداد وكربلاء والبصرة وبابل والناصرية فقد أجابوا بصوت واحد: (بغداد حرة حرة.. إيران برة برة)، ومن ثم “كربلاء حرة حرة .. إيران برة برة”. ثم عززوها بالشعار الآخر، الذي أكد بأن إيران تحكم العراق عبر أتباع لها في الداخل: حين هتفت الجماهير الغاضبة والمنتفضة: (باسم الدين باگونة الحرامية)، هتافات هزّت الأرض والسماء صارخة ضد الميليشيات الطائفية المسلحة وضد الأحزاب الإسلامية السياسية ورموزها الحرامية.. هكذا حدد شعب العراق من يحكم العراق منذ إسقاط الدكتاتورية واستيلاء حزب الدعوة والتحالفات الطائفية التي أطلق عليها “أهل البيت” على السلطة في البلاد بتآمر ومساومة بين الولايات المتحدة وإيران.
ولكن حكام العراق الذين يحكمون باسم إيران في العراق هم محكومون بمستشارين قادمين من إيران وبقوات عسكرية تحمي هؤلاء الحكام وتوجه نيرانها صوب المنتفضين. أن الحاكم الفعلي في العراق ليس عادل عبد المهدي بل قاسم سليماني وليس عادل عبد المهدي سوى الذراع القذرة التي يستخدمها الحاكم والمستبد بأمره قاسم سليماني. وهذه الذراع يجب أن تقطع وكل ذراع مماثلة. هذه هي الحقيقة المرة التي تواجه العراق. وحين يقول عادل عبد المهدي لن “أستقيل” فهو يردد إرادة علي خامنئي ووكيله في العراق قاسم سليماني. إن منتفضي كربلاء على حق حين أكدوا بأن إيران هي الفاعل الفعلي في العراق منذ 16 عاماً وهي التي يجب أن تطرد من العراق مع رموزها والتابعين لها والضاربين باسمها انتفاضة الشبيبة والشعب من أمثال فالح فياض والعامري والخزعلي وعبد الكريم خلف وغيرهم من المعادين لحقوق الشعب التي يضمنها الدستور وممن يسيئون يومياً للشعب والوطن وانتفاضته ويمارسون الكذب دون حياء أو وجل!!!
أرى في الانتفاضة الشبابية ضوءاً شديد التوهج في نهاية النفق الذي أدخلَ المحتلون الأمريكان العراق فيه وسلموه لإيران ومعهم حفنة رثة من أتباعها تحكم الشعب بالحديد والنار، وقد برهنت الحياة أن لا مستقبل لمثل هذه السياسات المعادية للشعوب، وأن انتصار الشعب آت لا ريب فيه!