أهوال وأحوال البلاد على لسان صناع القرار .. دروس وعبر في كتاب واحد .
أهوال وأحوال البلاد على لسان صنّاع القرار.. دروس وعبر في كتاب واحد عبد اللطيف الموسوي ثمة كتاب يبحث عن قارئ وثمة قارئ يبحث عن كتب وكتاب ا(لاهوال والأحوال – حوارات صحفية في الشأنين العراقي والعربي) لمؤلفه الدكتور احمد عبد المجيد من نوع الكتب التي يسعى إليها القراء سعيا. اجل هو كتاب تسعى انت اليه وليس هو الذي يسعى اليك. وقد كانت مقدمة الكتاب لافتة للنظر حقا وتعكس الرؤية الثاقبة للمؤلف وادراكه لما يريده القارئ وما لا يستسيغه. وبالطبع لم يأت ذلك من فراغ فالسنوات الطويلة التي امضاها عبد المجيد في الاعلام وتراكم الخبرات لديه فضلا عن تخصصه الاكاديمي بوصفه استاذا للصحافة لهي امور كفيلة بأن تجعله يحوز مثل هذه الرؤية وهكذا دخل المؤلف مباشرة في صلب الموضوع فقدم ايجازا يتضمن اهمية الحوار الصحفي ومتاعبه وهي مقدمة مفيدة للغاية لجميع العاملين في مهنة البحث عن المتاعب، ولاسيما المتصدين للحوار الصحفي.وبذلك يكون المؤلف قد قدم لنا درسا مجانيا في اصول كتابة المقدمة وكذلك في فن اجراء الحوار مقدما نصائح من ذهب للمختصين في هذا المجال والاكثر من ذلك ان مقدمته كانت عبارة عن خلاصة وعصارة لتجربة طويلة في العمل الصحفي مع التركيز على فن الحوار. اول ما يشدك الى هذا الكتاب عنوانه الذي حمل ( الاهوال والاحوال ) وهو عنوان يعتمد على تحفيز القارئ وحثه على اقتناء الكتاب للاطلاع على تلك الاهوال والأحوال التي يفترض ان يضمها بين غلافيه . مدرسة جديدة وعنوان هذا المنجز ينتمي الى مدرسة جديدة في اختيار العناوين تعتمد الغرائبية والاندهاش وعدم التقيد بالقاعدة القديمة التي ترى ضرورة ان يكون العنوان منسجما مع المضمون.ولكن مؤلفه حاول ان يفهمنا بأن عنوان كتابه يتماشى مع المضمون وانه ليس هناك من مبالغة في العنوان او تهويل وان الكتاب يتطرق في واقع الحال الى اهوال عاشها العراق وكذا الشخصيات التي تشكل محور الكتاب ومادته الرئيسة، كما ان الكتاب لا يغض الطرف عن الاحوال التي عاشها ابناء العراق وكل ذلك على لسان الشخصيات التي إلتقى بها المؤلف .وقد بدا سعي المؤلف هذا واضحا من خلال اهدائه الذي جاء فيه (الى اهل العراق الذين عصفت بهم الاهوال وذاقوا مرارة الاحوال.كانت في الواقع بطعم الحنظل ..لا يتحمله مخلوق) وكذلك قوله في مقدمة الكتاب “في هذه الحوارات تتكشف ( اهوال) يسردها ابطالها و(احوال) قد تستمر طويلا او تدوم”. وكان عبد المجيد ذكيا وهو يعتمد التسلسل الزمني العكسي لحواراته فيبتديء بتلك التي اجراها في العام 2018 وهكذا نزولا..ولو انه ابتدأ بحوارات سنة 2013 فلربما تسبب بشيء من الضجر لدى القارئ بل ان اول لقاء افتتح به كتابه كان مع رئيس الجمهورية السابق فؤاد معصوم وقد تضمن اسئلة تخص تكليف عادل عبد المهدي برئاسة الحكومة، وبرغم ثناء معصوم على عبد المهدي لعلاقاته الجيدة مع الجميع تقريبا وعدم دخوله مناكفات مع الآخرين فإنه توقع الفشل لتجربة عبد المهدي..وهذا ما حدث في الواقع بصرف النظر عن الاسباب التي ادت الى هذا الفشل.ِ لقد استمتعت حقاً بقراءة الكتاب برغم اني كنت قد قرأت الحوارات التي تضمنها في حينه في صحيفة (الزمان) لكنني وجدت نفسي منساقا الى قراءة تلك الحوارات مرة ثانية، ولم تخل القراءة الثانية من فائدة حقيقية لي شخصيا من جانبين رئيسين، الاول ان القراءة الثانية تجعلك تمعن اكثر في الاحداث والوقائع وانت تستعيد في ذاكرتك شريط الاهوال والاحوال التي مازلنا نرزح تحت وطأتها، والجانب الثاني مهني صرف فهذه الحوارات هي في الواقع تطبيق عملي للعاملين في مجال الاعلام ولكل من يعشق فن الحوار الصحفي ..فكل حوار اجراه عبد المجيد كان عبارة عن ضـــــربة معلم على الآخرين ان يأخذوا منها الدروس والعبر. مادة ثرية وقد تضمن الكتاب مادة ثرية ومعلومات مهمة وردت على ألسن الشخصيات المهمة التي حاورها المؤلف وعرف بحنكته وخبرته كيف يستنطقها ويستخلص منها ما يبحث عنه القارئ والباحث في آن، ومن بينها معلومات تاريخية ظهرت للمرة الاولى على العامة واثارت ردود افعال في حينه، بل ان بعض تلك الحوارات تلتها ردود من المعنيين والمهتمين وسجالات نشرت في حينها في صحيفة (الزمان) تعقيباً على المعلومات التي وردت في تلك الحوارات التي شملت شخصيات جدلية ومن الشخصيات التي حاورها المؤلف محمد دبدب وهاني وهيب وهمام عبد الخالق وحسن العلوي ورشيد الخيون وعلاء بشير ومحمد دحلان وفاضل ميراني وعلي الاديب وعبد الرزاق العيسى وعبد اللطيف جمال رشيد وجبار اللعيبي وخير الدين حسيب وفؤاد مطر والامير الحسن بن طلال وغيرهم . جاء الكتاب في 366 صفحة من القطع الكبير بطباعة انيقة تكفلت شركة الانس للطباعة والنشر في تصميمه وطباعته.. وختاما اقول بصواب ما قاله المؤلف في مقدمته من ان اعادة نشر هذه الحوارات في كتاب (هو جهد مفيد ومستقبلي لمن يعتزمون دراسة حال العراق والامة ويبحثون عن مصادر دقيقة في الموضوعات التي يخضعونها للدراسة ). |