ثقافة التشهير
ثقافة التشهير
علي الشكري
ليس اكثر قبحاً من المساس بسمعة الإنسان وكرامته وإنسانيته بحق وليس باطلاً ، فالخطأ إن كان شخصي فهو من المختصات ، وإن كان عاماً فالقانون كفيل بالجزاء عنه ، وإن كان شرعاً فالدين متوليه . واذا كان الخطأ من مختصات ذو الشأن ، فغياب الخطأ أولى بالتجنب . يولد الإنسان وله كرامة وشأنية ونسب وصلات وقرابة وقبلها مشاعر ، فالإنسانية من المختصات التي كرم الله بها البشر دون باقي خلقه ، ويقيناً أن لا كرامة دون إنسانية ، ولا إنسانية دون كرامة ، من أجل هذا يسعى الإنسان ويكدح ويجهد في بذل ما يمكن من أجل بلوغهما ، الجد لهما والاجتهاد بقصدهما والسعي لنيلهما ومواصلة الوقت وربما قطع البلاد لبلوغهما ، وليس أيسر عند من لا يتقي الله المس بهما بكلمة أو إفتراء أو إدعاء بداعي الحسد أو فشل . وبالقطع أن المساس تشهيراً بالسمعة والتاريخ والشرف من الآفات التي راحت مرضاً تفشى في أوساط مجتمعنا الذي كثيراً ما وصف بالفضيلة والتقوى والورع والتماسك ، فالدين في العراق والشرف فيه والكرم منه والغيرة عنده والعلم منبعه وكثير الفضائل تنسب إليه ، وبعد كل هذا الإرث المتراكم الثر ، راحت كل الأمراض الاجتماعية تفتك به ، ففي عراق اليوم ليس أيسر من السب والقذف والاتهام ، الجميع سارق ، والأغلب فاشل ، ليس في العراق الفاضل ، وليس فيه من حافظ على ما أؤتمن عليه ، الاتهام يسير والتلويح والتهديد راح وسيلة للابتزاز والانتزاع والكسب اليسير ، حتى عاد المرجع والفضلاء ورجال الدين متهمون ، بل عند من ابتلي بمرض النفاق والشقاق والادعاء ، أن رجل الدين أضحى مصدر البلاد ومنبع الشقاء والآفة الواجب مكافحتها ، ليس في العراق رجل سياسة أو وزير أو رئيس الا ودائرة الشبهة تحيط به بل نيران القذف تتلاقفه ، وليس في وطني متعهد ولا شركة ولا بانٍ ولا رجل أعمال إلا وهو سارق فاشل نصاب ، الطب في بلدي مضى والعمارة رحلت والإبداع صار ذكرى ، والبقاء للمنافق الآفاق الكذاب الذي ما ترك خلفه مرض اجتماعي الا وابتلي فيه ، وأجهد نفسه في جمع كل كذاب آفاق منافق فاشل ، نعم ليس لمتألق البحث في خصوصية الآخرين ، وليس لعالم النظر الى الفاشلين ، وليس لشريف مجالسة الفاسدين ، وليس لكبير راحت الأضواء تلاحقه والمنتديات تتبع أخباره والنشرات تعلن نجاحاته الاستماع لمن شح عليه الجاه والتاريخ والعلم والأثر ، لقد ابتلي المتألق في وطني بداء الاستهداف ، بعد أن راحت كل أبواب التواصل الاجتماعي مشرعة أمام الفاشل المتصيد دون قيد ولا رقيب أو حسيب ، نعم لقد استغل الفاشل في وطني ما ابتكر العلم وأبدع العقل من أجل الارتقاء بالإنسانية أسوء استغلال ، بل راح يستثمرها للابتزاز ولو كان الثمن الوطن ، وهو كذلك ، فالوطن راح في مرمى الاستهداف بعد أن أهين الورع والمتلقي والديّن والشريف ، فكرامة الوطن من كرامة شعبه ، ومكانته من مكانة أبناءه ، وسمعته من خزين رجالاته وعقوله وبناته ، فإذا أضحى الجميع مستهدفاً راح الوطن مستهدفاً . لقد حابا الله العراق بكل الكرامات ، وميزه بكل المكرمات ورفعه بكل الشأنيات ، فليس في الأوطان ما في العراق ، الدين في العراق ، والنبوة عنده ، والإمامة في ارضه . ليس أغنى منه ثروة ، واعرق منه تاريخ وارث ، وأعمق منه علم ، وأكثر منه ابداع وتألق ، وكيف للحاقد حاسد الا يسعى للإطاحة به ، ورب في كل هذه الإشراقات تفسير للابتلاءات التي ما فتىء وطني يخرج من إحداها حتى يدخل في الأخرى ، واللافت في وطني القدرة على تجاوز الابتلاءات والخروج من الملمات والتعافي من النكبات وهو قوي مقتدر ، لكن آفة الاستهداف التي ألمت به ولما تخيم عليه ، راحت تعبث بمقدرات كباره وتهدد إشرافه وتستهدف ساداته ، وهي دون ريب جزء من مخطط أكبر يرى أن لا مكان لكبير والعراق قائم ولا تميز والعراق يبتكر ولا علم والحاضنة الأم تنتج ولا قوي والعراق متصدر قائم معافى . وطني لقد تكالب عليك كل الحاسدين ، واستهدفك كل الفاشلين ، وتوحد للإطاحة بك كل المتأزمين الذين جمعهم الفشل والإخفاق والضعف وشح التاريخ والامتداد والعمق ، فراحوا ينشرون أمراضهم في وسط بعض من ابتلي بمرض الحقد والحسد والكراهية ، فيقيناً أن لا نيل من مجتمع ولا استهداف لوطن دون المكنة من قاعدته الاجتماعية ، وهو الخطر الأكبر الذي راح يهدد وطني ، فقد أضحت قاعدته الاجتماعية متاحة ، الجميع فيه مستهدف ، الكبير التزم الصمت ، والورع أعتكف ، والشجاع ترفع عن مقارعة أشباه الرجال تسامياً ، فراحت سهام المرضى تنال من الجميع ، والخاسر الأكبر الوطن ، الذي أصبحت كل الفضائيات ووسائل الإعلام تتناقل السيء من أخباره والملفق من أنباءه ، ليس في العراق نزيه الجميع فاسد ، وليس فيه عالم الكل جاهل ، وليس فيه باني الكل هادم ، وليس فيه متقي ورع الكل متهم ، وليس فيه سياسي محترف الجميع مراهق هاو . وطني لقد أضحت أنباءك لا تسر الا عدوك ، وعلومك لا تستهوي الا حسادك ، مكانتك على المحك ، وكرامتك تنالها التقولات ، لا خيار الا الانتفاض على المر ، والثأر للتاريخ والجيل والكبير ، ويقيناً أن لا نجاح أو تصحيح دون شفاء لمن ابتلي بمرض الشقاق والنفاق من أبناءك ، فهم أبناءك وإن تقولوا وادعوا وتطاولوا ، والكبير من ترفع عن الإساءات وتجــــــاوز عن المسياءات وترفع عن الصغيرات ، ويقيناً أن الـــــعراق باق والملمات راحلات .