هل أنت على استعداد ل تغير رأيك ؟…
هل أنت على استعداد ل تغير رأيك ؟…
ضرغام الدباغ ضرغام الدباغ
يعتقد البعض أن تغير الرأي ينطوي على تنازل، وربما يلحق الضرر بشخصية المرء واعتداده وثقته بنفسه، وثقة
ا0خرين به … ترى كم ھذا ا4عتقاد صحيح .. أم ترى ھو خطأ فاحش يضر بالدرجة ا>ولى صاحبه .
في الجامعات ا>لمانية، يوجه غالبا من ً أحد أعضاء لجنة الدفاع عن ا>طروحة، لطالب الدكتوراه وھو يمر بوقت صعب
التوتر والترقب مھما كانت درجة استعداده عالية ليوم ا4متحان الكبير. والسؤال صعب
ً
جدا وسھل
ً
جدا في آن واحد : ”
ھل أنت على استعداد لتغير بعض من آرائك ھذه ؟ اليوم وأ غداً وأ في المستقبل ؟ “.
واطروحة الدكتوراه ھي عبارة عن توصل بحثي لحقيقة أو مجموعة حقائق علمية جديدة على ا>رجح، اشتغل الباحث
عليھا بحثاً وتنقيباً ودراسة وفحصاً لمئات وربما أ4ف من الكتب والكراسات والمراجع، وسماع المحاضرات، وسھر
ً لمئات من الليالي، تعاطف فيھا مع قضايا، وصار بالضد من قضايا أخرى، وكون طائفة من ا0راء العلمية لم يكن
الوصول إليھا ھينا … يفاجأ ا0ن بطلب أن يتنازل عن بعضھا أو جلھا ..!
الطdب المرشحون للقب العلمي الكبير (الدكتوراه و) بصفة خاصة القادمون من الشرق يعتقدون أن من العار والھوان،
ا4عتراف بأنه على استعداد لتغير آراؤه وھو في يوم الدفاع عنھا، لذل ك فاiجابة التقليدية : ” كd و4 … ھذه ا0راء ھي
حقائق (Fackts (علمية توصلت لھا بعد فحص وتمحيص وأنا مقتنع بھا كل القناعة “.
ً والحقيقة أن مثل ھذه اiجابة ھي مؤسفة، ومحبطة للتفاؤل، فھذا الطالب المرشح >ن ينال درجة علمية رفيعة تسمى
علميا (A Promotion (يعتقد أن ما توصل إليه ھو علم العلوم وخاتمة المعارف، والواقع أن الحائز على شھادة
بدأ تواً الدكتوراه ھي إجازة في البحث، وھي تعني بالضبط أنه قد في عالم العلم والمعرفة، وھذه ھي خطواته ا>ولى
فحسب و ھا ھو يبدأھا بمبالغات وثقة عالية مفرطة قد تعثر مسيرته .
والواقع أن الحقائق العلمية في تغير متواصل على مدار الساعة 4 الشھور و4 السنوات، وقد تظھر حقيقة جديدة تقلب كل
سا نتاج الصناعي والزراعي، وأعداد السكان، ومعطيات اقتصادية ً الحقائق السابقة رأ على عقب بما في ذلك أرقام اi
ً
وسياسية وجغرافية وتاريخية . وليكن على علم كل من يتعامل مع الحقائق، أن الدقيقة التي تلي تلك التي يتخذ فيھا موقفا
بقدر
ً
ربما ينطوي على تغيير المعطيات المادية المؤثر في قراره، لذلك ينصح كل صاحب قرار بأن يدع في قراره حيزا
معين (يعتمد على ظروف الموقف) يساعده على تصحيح أو تعديل، أو إضافة، أو شطب فقرة من قراره في وقت 4حق .
(أسفل المقال رابط، بأطdع القارئ عليه سيدرك أبعاد ما أقصد، العالم يتغير على مدار الدقيقة الواحدة ….!)
قبل أيام كتبت مقا4 ،ًتقل فيه أن بعض ا>حداث التي ستشھدھا المنطقة (بصرف النظر إن كانت مسرة لنا أو غير ذلك )
ستكون مؤثرة بشكل كبير، ومن تلك مثd ،ًأن الدولة اiسرائيلية ستزول بشكلھا الحالي، والسبب ھو أنھا 4 تساير
العصر وتطوراته، وأن إقامة دولة بموجب شروط فنية وإرادة دول عظمى بواسطة القوة المسلحة وإقرار ا>مر الواقع،
4 يمكن له أن يتعايش مع الزمن، 4 سيما إذا كانت ھذه الدولة مخالفة للشروط التاريخية وiقامة الدول، وھو ما أدركه
فعلوا
ً
عنصريو جنوب افريقيا وفككوا دولتھم بأيديھم بطريقة آمنة وبالطبع حسنا .
توالت علي الكثير من الردود المفتوحة والخاصة على مقالي، وھناك من ا أني أتكلم من عاطفتي وتوجھي
ً
نتقدني معتقدا
السياسي من قبيل العواطف والتوجه السياسي، >نه 4
، والحق أني قد أقلعت منذ زمن بعيد أن أحلل سياسيا أريد أن ألعب ً
دور ظمال للل لناس ، وبوسعي أن أمتنع عن الكتابة في قضية أفقھا مغلق بما يخالف توجھي السياسي. والقضية الفلسطينية
ستدور في مستقبلھا بناء على معطيات تاريخية وتطورات في الشرق ا>وسط والعالم، وا>مريكيون يعلمون ذلك جيداً
ولذلك يبذلون المحاو4ت بأستباق ا4ستحقاق التاريخي القادم دون أدنى شك . ومن يعلم التاريخ والسياسة كعلم، أكرر
كعلم وليس كمدون أو مسجل أو مراقب، وھناك من يتحدث في التاريخ كفتاح فال أو يشتغل بالسياسة بأخذ الخيرة ..!
ومن يكن على استعداد لتغير رأيه وموقفه بناء على معطيات جديدة، ھو ذلك الذي يطعم معارفه بحقائق طازجة، حديثة
تتك سب مداخdته طبيعة الموقف ا>حدث، وآخر الحقائق المعروفة، وسيكون تقدير موقفه بصدد أية قضية (موضوعة
البحث) أكثر واقعية ودقة، وخططه قابلة أكثر للنجاح.ثمة شيئ آخر، من يمتلك مثل ھذه الروحية العلمية، ھو ا>بعد عن
التطرف والتعصب، الداء الوبيل للمعرفة والعلم والسياسة الصالحة حيال أية قضية
ً
عريضا
تعرض عليه، ويمنحه أفقاً
يستطلع أبعاد أي قرار يتخذه ويتجن
جوا4ً
ً
وفكرا
ً
وعميقا ب الدخول في خوانق ودھاليز معتمة .
ً
عميقا
ً
مالذي يجعل أفق المرء عريضا ، يمتلك على أثرھا مرونة وقدرة على ا4ستقراء والتنبوء الدقيق، سوى الثقافة …
والثقافة الواسعة، وخاصة في المجال الذي التعامل يدور فيه وفي أطرافه وجنباته .
/