فهرس من يسقط الطائرات …؟
فهرس من يسقط الطائرات …؟
مقدمة
- الطائرة الصينية / لين بياو / الصين.
- الطائرة الليبية / سيناء المحتلة.
- الطائرة الكورية / بحر اليابان
- الطائرة الإيرانية / الخليج العربي.
- الطائرة الروسية / البحر الأسود.
- الطائرة البلوروسية / الصومال.
- الطائرة الماليزية / أوكرانيا.
- الطائرة الاوكرانية / إيران.
طائرات سرها في المجهول ….!
- طائرة داغ همرشولد / الكونغو.
- طائرة بانأم الأمريكية/ لكربي بريطانيا
- الطائرة المصرية / المحيط الأطلسي
المقدمة
ضرغام الدباغ
رغم أن إسقاط طائرة مدنية بركابها، تعتبر من الجرائم الفضيعة، ليس لبشاعتها، بمصرع أبرياء على متن الطائرة فحسب، بل وأيضا بوصفها من جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إضافة إلى الطابع الجماعي في الجريمة، ناهيك عما يمثله من تهديد خطير لسلامة النقل الجوي . نقول رغم هذه الاعتبارات إلا أن الرأي العام الدولي يروع بين حين وآخر بأنباء عن إسقاط طائرات مدنية، وسقوط ضحايا أبرياء بينهم نساء وشيوخ وأطفال وشبان، ركاب لا شأن لهم بالسياسة وأحوالها، أو بالصراعات الدولية وتطوراتها، ولكنهم رغم ذلك يدفعون حياتهم ثمناً لظروف وأسباب ومعطيات لا علاقة لهم بها، فهي بذلك جريمة قانونية / إنسانية متكاملة الأبعاد، يمكن اعتبار هذا الفعل إهمالاً وتهورا، يرقى إلى مستوى الجرائم الدولية إضافة إلى ظلال السياسة التي تخيم على الحادث، وتطرح القضية سؤالاً كبيراً : من هي القيادة أو الشخص الذي أصدر الأمر بإسقاط الطائرة …؟.
والحوادث المعروفة أسقطت فيها طائرات الركاب المدنية بفعل بشري بطرق ووسائل مختلفة نضعها في الفئات التالية :
آ . طائرات أسقطت بفعل بشري متعمد، بأساليب متعددة : طائرات أسقطت من الأرض بواسطة صواريخ أرض/ جو، أو أسقطت من الجو بواسطة صواريخ وأسلحة جو / جو أطلقتها طائرات حربية.
ب. أو طائرات أسقطت بواسطة متفجرات شحنت مسبقاً على متنها، أو طائرات سقطت بفعل أعمال إرهابية.
ج. طائرات سقطت بفعل بشري متعمد، ولكن لم يكشف من وراء تلك الحوادث وبقيت في حيز الأسرار التي قد يكشفها التاريخ يوماً.
والملفت للانتباه، أن في معظم حالات إسقاط الطائرات، تحاول الجهة / الدولة، التي أسقطت الطائرة أن تنكر مسؤوليتها أولاً، ثم توزع الاتهامات وتزرع الشكوك وتحاول أن تشتت الأنظار عن الجهة / الشخص المسئول الذي أمر بإسقط الطائرة.
ومن المؤسف القول، أن في الوقت الذي تقدم فيه العلوم والتكنولوجيا وتقدم الصناعة طائرات تمتاز بجودة الإنتاج (هيكل الطائرة، محركاتها، أجهزة الملاحة) وهو ما يرفع نسبة الأمن في الرحلات الجوية، التي تزايدت في عالم النقل الجوي إن للأفراد أو للبضائع، لكن رغم ذلك يتواصل حوادث سقوط الطائرات الناجمة عن فعل بشري ويتزايد حجم الخسائر الناجمة.
وقد لاحظنا من خلال دراسة ملفات العديد من الطائرات التي أسقطت، أنها وقعت في مناطق نزاع، بين فرقاء الصراع المسلح الذي يدور في تلك المنطقة أو على تخومها. وفي بعض الأحيان يجري إسقاط طائرات إن بشكل مباشر، بواسطة صواريخ أو أسلحة مضادة، أو زرع عبوات ناسفة في الطائرة، تنفجر بعد إقلاعها بوقت محدد، أو ربما بسبب أعمال إرهابية هي من لواحق الأزمة المستعصية الحل، والتي يتم خلالها تبادل قتل المدنيين بصور وأشكال مختلفة ولأسباب مختلفة، فقد تسقط طائرة لأنها تحمل شخصيات سياسية أو عسكرية، ولكن يدفع أبرياء ثمن ذلك العمل .
وقد لاحظنا أيضا، أن معظم الدول تحاول نكران دورها في سقوط الطائرة والضحايا، في محاولة للإفلات من تبعات الحادث المأساوي الأخلاقية منها والجنائية، ومن ثم دفع التعويضات المحتملة، وكانت معاهدة اتفاقية مونتريال التي تم توقيعها عام 1999 قد حددت حقوق أهالي الضحايا في حوادث الطيران في حال كان الخطأ ناجماً عن عطل فني أو إهمال من الشركة المسئولة عن تشغيل الطائرة أو الشركة المصنعة لها، بحسب ما ذكره موقع مؤسسة “إتش.غي” المعني بالاستشارات القانونية. ووفقاً لبنود معاهدة مونتريال، تحصل عائلة الضحايا على نحو 113 ألف وحدة سحب خاصة، أي ما يوازي نحو 170 ألف دولار للشخص الواحد.
ووحدة السحب الخاصة، هو أصل احتياطي دولي استحدثه الصندوق في عام 1969 ليصبح مكملا للأصول الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء. وتتحدد قيمة حق السحب الخاص وفقا لسلة من خمس عملات، الدولار الأميري واليورو واليوان الصيني والين الياباني والجنيه الإسترليني، بحسب موقع صندوق النقد الدولي.
وتتحدد المسؤولية بين الشركة المصنعة أو الجهة المشغلة للطائرة على الأسباب التي أدت إلى وقوع الحادث وهل هو خطأ بشري أم خطأ ناجم عن عطب في أحد أجهزة الطائرة.
وتتحدد قيمة التعويضات أيضا بناء على جنسية ركاب الطائرة، في وقت ذكرت بتقارير إخبارية أن الحكومة الأوكرانية ستدفع نحو 8350 دولارا عن كل ضحية من الضحايا في الحادث، مع مطالبة الحكومة الإيرانية بدفع التعويضات بعد إعلانها عن إسقاط الطائرة عن طريق الخطأ. فالدفع هو مزدوج.
وبحسب صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، فإن التعويضات تختلف من بلد إلى آخر مع بلوغها نحو 4.5 مليون دولار للفرد في أميركا و2.5 مليون دولار للفرد في البرازيل، فيما تبلغ قيمة التعويضات في أوروبا 1.6 مليون دولار للفرد في أوروبا، و500 ألف دولار للفرد في الصين.
وكانت شركة بوينغ الأمير كية قد دفعت تعويضات تقدر بنحو 100 مليون دولار لضحايا تحطم طائرتي 737MAX والتي راح ضحيتها نحو 346 شخصا بواقع 289 ألف دولار للعائلة.
وفي جرد لأهم حوادث إسقاط الطائرات المدنية وجدنا أن أبرزها(حسب التسلسل الزمن لها) :
أولاً : حادثة إسقاط طائرة الزعيم الصيني لين بياو 12 / أيلول / 1971
كان القائد لين بياو، يعتبر الشخصية السياسية والعسكرية الأكثر أهمية في الصين. وكان مقدراً أن يصبح خليفة الزعيم ماوتسي تونغ، وإذ به يختفى ذات يوم من على المسرح السياسي دون إيضاحات ولم يعد يشاهد بعدها !
إنها من الفصول النادرة للصراع السياسي في جمهورية الصين الشعبية، والقائد لين بياو لم يكن شخصية عابرة في التاريخ السياسي الحديث للصين، فهو من القادة التاريخيين ممن رافقوا الزعيم ماو في مسيرة تحرير الصين وفي قيادة الحزب، ومن ابرز قادة الثورة الثقافية (في ستينات القرن المنصرم) وشخصية مهمة في الزعامة الصينية.
اختفى هذا القائد دون إيضاحات كافية للشعب، ولأصدقاء الصين قبل خصومه، ترى أكانت نهاية درامية للثورة الثقافية التي لم يجري لها تقييم موضوعي عادل، أم ترى أن القائد لين بياو أراد استباق العاصفة، وعندما فشل أراد الهروب ففشل مرة أخرى ؟
هذا التقرير قد يلقي بعض الأضواء على هذه الحادثة التاريخية المهمة كخلفيات وكحدث ثم كنتيجة !
كان الظلام قد أرخى سدوله على ميدان تيان آمين، وفي فترة ما بعد الظهيرة، بدأت مكبرات الصوت بإذاعة موسيقى ومارشات عسكرية، وأجرى الآلاف من الطلاب والجنود تجربة مسيرة الأول من أكتوبر/ تشرين الأول حيث سيجري الاحتفال بمناسبة الذكرى الثانية والعشرون لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. ولكن الهدوء عاد الآن إلى عاصمة الملايين، بكين، وقد خلت الساحة تقريباً منهم. ولكن سرعان ما عاد ضجيج الدراجات البخارية يحرك هدوء المساء فيما تقاطرت عربات الليموزين السوداء أمام البناية الكبرى لنواب الشعب، التي تقل الشخصيات السياسية البارزة في جمهورية الصين الشعبية والحزب الشيوعي الصيني، يدخلون البناية بخطوات مسرعة، وكان رئيس الوزراء زهاو من بين الحاضرين أيضاَ هذا الاجتماع المسائي، ولكن الغائب الأكبر كان: لين بياو وزير الدفاع ونائب الزعيم ماو، وخليفته المعلن، والرجل الثاني في البلاد.
وفي نفس الليلة، كانت طائرة نفاثة من طراز ترايدنت قد أقلعت من مطار بيداهي ( حوالي 240 كم شرقي العاصمة بكين)، وحلقت باتجاه الشمال وقطعت حوالي الساعة الثانية فجراً الحدود مع جمهورية منغوليا الشعبية، لكنها وبعد نصف ساعة هوت الطائرة وتحطمت على الأرض. وعثرت فرق الإنقاذ بين حطام الطائرة على بقايا بدلات عسكرية للقوات الجوية الصينية، ووثائق ممزقة وأسلحة وجثث متفحمة.
هذا ما حدث في 12 أيلول ـ سبتمبر 1971، ولكن ما ظل في طي الكتمان هو: كيف حدث ذلك ؟ وما هي مداخلات الحادث ؟ أهو صراع على السلطة ؟
وما لفت الأنظار في المرحلة التالية، أن وزير الدفاع لين بياو قد اختفى مع عدد من الضباط من الرتب العالية، من دائرة الأضواء، ولم تعد تذكر أسمائهم. كما أن الوكالة الرسمية للأنباء الصينية (شيخنوا)، لم تقدم إيضاحاً عن ذلك، بيد أن المراقبين الغربيين رجحوا أن صراعاً قوياً على السلطة يدور خلف الكواليس، وهو افتراض أثبت صحته فيما بعد.
وكان الصراع على السلطة قد ابتدأ قبل ذلك ببضعة أعوام، عندما أعلن ماوتسي تونغ الثورة الثقافية عام 1965 التي لم تهدف إلى تعبئة الوعي الثوري لدى الشباب فحسب، بل وفي الوقت نفسه، عبرت عن محاولة لإعادة ترتيب صفوف القيادات حيال تفشي اتجاهات ومجموعات براغماتية كانت تحيط بالزعيم ماو.
وعلى نقيض ماوتسي تونغ، طرح ليوشاوشي مبادئ: الأجر حسب العمل، والملكية الأرض المحددة للفلاحين، واستخدام جزئي لاقتصاد السوق. وفي مطلع صيف عام 1966 تمكن من حشد عدد كاف من أنصاره في الحزب من أجل تحقيق هذه التوجهات وإنجاحها، ثم لإبعاد الزعيم ماو من قيادة الحزب الشيوعي. ومن أجل أن يتمكن هذا المشروع من النجاح، اقتحمت قوات لين بياو وسيطرت على العاصمة وعلى مقر قيادة الحزب، وعزلت كبار أعوان ليو شاوشي الذي اختفى عن المسرح السياسي.
أيديولوجية أم أنتاج سلعي ؟
أدخلت الثورة الثقافية الصين الشعبية في أجواء فوضى الحرب الأهلية، ولم تجد نهاية لها، إلا بعد تدخل الجيش كقوة منظمة، وأخذ العسكريون على عاتقهم واجبات الإدارة، وسيطروا وأداروا المحافظات والموظفين المحليين، ومارسوا هيمنتهم على الموضوعات الأساسية، وعلى الواقع العملي الاقتصادي اعتماداً على الايدولوجيا، فيما مثلت موضوعات الثورة الثقافية الخلفية النظرية لها. وكان المعارض الرئيسي لهذه التوجهات هو رئيس الوزراء زهاو، الذي طالب بإنهاء الصراع الأيديولوجي غير المجدي، والاهتمام عوضاً عن ذلك بسياسة تهدف إلى رفع الإنتاج وإعادة الكثير من الكوادر الحزبية التي طردت خلال الثورة الثقافية إلى وظائفهم.
واجه لين بياو وقادة آخرين من القيادات العسكرية، هذا الانقلاب الجديد في التحرك السياسي، بمقاومة شرسة، ووجدوا أن الوقت قد حان لكي يجعلوا من الجيش القوة الحاسمة في الآيديولوجيا والسياسة. وعندما أنعقد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في ابريل ـ نيسان /1969 كرس لين بياو كخليفة رسمي للزعيم ماو، وقد بدا هذا الهدف قد أصبح قريباً، وبعد عام ونصف فقط كان قد تمكن لين بياو من تهديد زهاو ومجموعته بزجهم في السجن.
حركة سياسية
ترى أي دور كان لماو في هذا الصراع من أجل السلطة ؟ ها كان حقاً يدعم لين بياو، أم أنه تحول إلى زهاو ؟ قراران أوضحا إلى جهة أنحاز الزعيم ماو.
كان القرار الحاسم الأول: كان ذو طبيعة سياسية داخلية حيث ألغى ماوتسي تونغ منصب رئيس الدولة الذي شغله منذ البدء ليوشاوشي، وكان لين بياو يأمل أن يشغل بنفسه هذا المنصب، وكان كوزيراً للدفاع أقل درجة بروتكولياً من غريمه زهاو. وبهذه الخطوة قوض ماو قرار عام 1969 إلي كان قد كرس لين بياو كخليفة له وكرجل ثان في الدولة كنتيجة لذلك.
والقرار الحاسم الثاني: كان ذو طبيعة سياسية خارجية، حيث دعا رئيس الوزراء زهاو باسم الزعيم ماو الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لزيارة الصين، فقام لين بياو على النقيض من توجه رئيس الوزراء زهاو، وطالب بالتصالح مع الاتحاد السوفيتي.
كان ذلك في متأخر صيف 1971، عندما أختفي لين بياو، وكان ذلك يدل بوضوح على تحول الزعيم ماو عن رفيق كفاحه في المسيرة الكبرى والحرب التحرير.
571 ضد B52
حتى وإن لم يكن هناك إيضاح رسمي، تسربت الأنباء والتقديرات، وأفضل تلك اللواقط هي صحف هونك وكونك التي كانت ومنذ أكتوبر 1971 كانت قد ذكرت، أن لين بياو كان في عداد ركاب الطائرة الصينية التي سقطت على أراضي جمهورية منغوليا الشعبية حيث كان يحاول الهروب إلى الاتحاد السوفيتي بعد محاولة أخفقت للانقلاب على ماوتسي تونغ. وفي عام 1973 ظهرت في الأوراق السرية للحزب الشيوعي الصيني بأنها كانت محاولة انقلاب، هكذا كتب بدقة.
سوية مع ضباط كبار، كان لين بياو وأبنه لين ليغة والذي كان ضابطاً برتبة رفيعة في القوات الجوية الصينية قد أتخذ القرار بالقيام بانقلاب على الزعيم ماو، وكانت خطة الانقلاب قد اتخذت الاسم الرمزي تمويهاً(المشروع B52) وكان الرقم والحروف qi yi zw وهو ما يعني “انتفاضة مسلحة” عندما يغير طريقة اللفظ. وكان الرمز الكودي للزعيم ماو هو أيضا B52، وهو ما يطابق أسم الطائرة القاصفة الأمريكية الشهيرة أيضا، التي يعتبرها الصينيون المزعج الأكبر .
وكان المتآمرون يعدون ماو بوصفه ” الطاغية الأكبر في تاريخ الصين ” ويمضون إلى القول، أن B52 لم يبق من عمره سنوات كثيرة، والأعوام الأخيرة شهدت الأعداد لمرحلة ما بعد وفاته، وهو لا يثق بنا، ومن الأفضل أن تحمل المعارك الأخيرة أفضل من انتظار أم يزجوا بنا في السجن. ومن أجل كسب هذه المعركة الأخيرة، فإن كافة المعارك مشروعة: القصف، الغاز السام، الأسلحة البايولوجية، الخطف، القتل والحوادث ذات الإخراج الجيد، في المقام لابد من إبعاد ماو عن السلطة.
كان قد تم الإعداد والتخطيط لثلاث ضربات ضد الزعيم ماو، كان أخرها نسف القطار الذي يستقله وتفجيره في رحلته التفقدية إلى شنغهاي، والضابط الذي كلف بتنفيذ العملية، أصيب بالرعب قبل تنفيذ المهمة. بل أن الطيارون الذين اختيروا لقصف الفيلا الصيفية للزعيم ماو في شنغهاي ترددوا في ذلك ووضعوا الجبس في عيونهم ليصابوا بالتهاب في العين وبالتالي ليصبحوا في وضع لا يسمح لهم بالطيران. والمحاولة الثالثة والأخيرة جرت ليلة 12 / سبتمبر ـ أيلول، حيث كان أحد الضباط المتواجدين في مقر إقامة الزعيم ماو في بكين بواجب الساعي الخاص الذي ينقل الرسائل الخاصة للزعيم ماو، أبدى الحراس الشكوك حوله ولما جرى تفتيشه وجدت لديه الأوامر الخطية باغتيال الرئيس ماو.
بعد ذلك كان قد غدا واضحاً، أن محاولة الانقلاب قد فشلت بصفة نهائية، ولم يعد أمامهم سوى الهرب.
خائن في العائلة ؟
في غضون ذلك سرت في صفوف القيادات الحزبية العليا أعلى درجات الإنذار، وكان من العسير التنبؤ أي وحدات عسكرية هي مع أو ضد الزعيم ماو. كما لم يكن واضحاً بدقة مدى عمق الخطط لدى الانقلابيين.
زهاو، رئيس الوزراء قرر فيما بعد، أن لا أحد في بكين كان على علم دقيق بخطط الانقلابيين. وفي 12 / سبتمبر ـ أيلول، لم تكتشف خطط المتآمرين إلا لاحقاً بعد الإطلاع على الملفات والتخطيطات التي كان المتآمرون قد أعدوها. وكان قد تناهى إلى الأسماع من الإشاعات الدائرة الزعم أن لين دودو ابنة لين بياو من زواجه الأول، كانت قد أطلعت رئيس الوزراء زهاو على خطط المتآمرين وأيضا على خطة هروب والدها في حالة فشل المؤامرة.
كان لين بياو وزوجته ياكون ونجله لين ليجو وبعض كبار القادة العسكريين، قد انسحبوا إلى بايداهي، والانتظار من هناك خطوات تنفيذ خطة المشروع 571 وتطوراته، حيث وصلتهم أخيراً أنباء فشل الانقلاب. ولاحتياطيات أمنية، كان لين بياو قد أمر بتحضير ثلاثة طائرات نفاثة من طراز ترايدنت (طائرة نقل ركاب بريطانية الصنع) التابعة لسلاح الجو الصيني، وكان رئيس الوزراء زهاو على علم بذلك، لذلك أصدر أمراً بمنع الإقلاع من كافة مطارات الصين.
ولكن لين بياو نجح في حمل موظفي ومستخدمي المطار على تعبئة الطائرة بالوقود، وفي اللحظات الأخيرة حاولت عربة وقود صهريج إعاقة الإقلاع بوقوفها في المدرج، ولكن قائد الطائرة نجح بحركة بارعة من رفع الطائرة إلى الأعلى متفادياً عربة الصهريج، والإقلاع بها باتجاه الشمال، ويرجح أن يكون هدف الرحلة: الإتحاد السوفياتي. وكان على متن الطائرة: لين بياو وزوجته وابنه وخمسة من كبار القادة العسكريين.
فشل الهروب
لم يكن حظ المتآمرين جيداً، فقد هوت الطائرة وتحطمت على الأرض، شرقي العاصمة المنغولية أولان باتور. والأسباب ظلت مجهولة. وبموجب المعطيات الرسمية المنغولية، أن الطيار قد أمتنع عن سلوك خط ووجهة طيران صوب الإتحاد السوفياتي، وبناء على ذلك فقد حصل أطلاق نار على متن الطائرة، هوت على أثرها وتحطمت على الأرض.
أراء أخرى تتناقض مع هذا العرض، إذ تفترض نقص الوقود في الطائرة لم يوصلها إلى هدفها، إذ تعمد رجال الخدمات في مطار بيدايهي عدم تعبئة الطائرة بالوقود تماماً، كما تناهت إشاعات تقول أن طائرات مقاتلة صينية أطلقت النيران على طائرة لين بياو وإصابتها مما أدى إلى سقوطها، ثم وكاحتمال أخير: أن تكون قوات الدفاع الجوي المنغولية قد قامت بإسقاط الطائرة.
ولكن من المؤكد أن لين بياو كان في عداد ركاب الطائرة ولقي حتفه فيها عندما تحطمت، وقد تمكن الأطباء السوفيات الذين فحصوا الجثث، أن يتثبتوا من ذلك، والتأكد من جثته وتشخيصه بدقة. وأخيراً فإن كافة الجثث لم تعاد إلى الصين، بل دفنت في مكان سقوط الطائرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Wie geschah es Wirklich
Reader Digest / The Beste
- Stuttgart
ترجمة : ضرغام الدباغ
الصورة : طائرة ترايدنت النفاثة
ثانياً : إسقاط مقاتلات إسرائيلية طائرة ركاب ليبية : 21 / شباط / 1973.
ضلت طائرة ركاب ليبية تابعة لشركة الخطوط الجوية الليبية بسبب عواصف رملية طريقها وانحرفت عن مسارها المقرر ودخلت عن طريق الخطأ المجال الجوي لشبه جزيرة سيناء المصرية المحتلة من قبل إسرائيل كنتيجة من نتائج عدوان حزيران / 1967. حدث ذلك في 21 فبراير/شباط عام 1973، وقامت مقاتلتان إسرائيليتان من طراز “فانتوم 4″، باعتراض طائرة الركاب المدنية وكانت من طراز “Boeing 727 – 224” ، وأطلقتا النار عليها من مسافة قريبة، ما أودى بحياة 108 أشخاص من بين 113 من ركابها.
وكانت الطائرة الليبية قد أقلعت من مطار طرابلس العاصمة، برحلتها رقم 114 ثم هبطت كما كان مقرراً في مدينة بنغازي، ثم استأنفت رحلتها متوجهة إلى محطتها الأخيرة، مطار العاصمة المصرية / القاهرة وعلى متنها 104 ركاب وطاقم فرنسي من 8 أفراد، إضافة إلى مساعد طيار ليبي.
حلّقت الطائرة المدنية الليبية نحو القاهرة في جو ملبد بالغيوم، وتعرضت لعاصفة رملية ورياح قوية على ارتفاع 6100 متر، وبعد نحو 15 دقيقة بدأ الشك يراود الطيارين بأنهما انحرفا عن مسارهما نتيجة عطل في البوصلة ولأنهما لم يشاهدا أضواء مدارج مطار القاهرة. واصلت الطائرة في تلك الأثناء تحليقها في اتجاه الشرق، وظن الطاقم أنهم إلى الغرب من القاهرة، فيما كانوا إلى الشرق منها، إلا أن الطيارين لم يبلغا شكوكهما لبرج المراقبة في مطار القاهرة قبل أن يمنحهم الإذن بالانخفاض.
بعد دقائق معدودة اجتازت طائرة الخطوط الجوية الليبية قناة السويس على ارتفاع 6000 متر، ودخلت أجواء شبه جزيرة سيناء التي احتلتها القوات الإسرائيلية في حرب عام 1967. وحين أبلغ ربان الطائرة برج مطار القاهرة بأنه لا يرى أضواء المهبط، نصحه بالهبوط إلى ارتفاع 1000- 1200 متر، وفي تلك اللحظة اقتربت مقاتلتان إسرائيليتان من الطائرة المدنية الليبية.
أخطأ طاقم الطائرة في تحديد هوية المقاتلتين، وظن أنهما طائرتان حربيتان مصريتان، فيما كانت ستائر نوافذ صالون الطائرة مسدلة نتيجة أشعة الشمس القوية، الأمر الذي أبلغ به الطيارون الإسرائيليون قيادتهم على الأرض. تلقت المقاتلتان الإسرائيليتان عقب ذلك أمرا بإجبار الطائرة على الهبوط في قاعدة “ريفيديم” الجوية، إلا أن الطيارين الإسرائيليين لم يتمكنوا من الاتصال بالطائرة نتيجة لتوقف أجهزة اتصالاتها. عندها أرسلت المقاتلتان إشارات طالبة الامتثال للأوامر، إلا أن طاقم الطائرة ظل حتى دقائق معدودة قبل الكارثة يعتقد أنه يتعامل مع طيارين مصريين، بل إن ربان الطائرة ومهندس الرحلة الفرنسيين، بحسب التسجيلات، اشتكيا من “وقاحة الطيارين المصريين”.
أرسل طاقم الطائرة الليبية إشارات بالأيدي للمقاتلتين الإسرائيليتين تعني أنه فهم المطلوب منه، وحين نزل بالطائرة إلى ارتفاع 1500 متر، علم أنه يُقاد إلى قاعدة جوية، واعتقد واهما أن مقاتلات “ميغ” المصرية تريد أن تظهر له أنه إلى الشرق من القاهرة، حيث توجد فعلا قاعدة جوية، فيما يقع المطار إلى الغرب من المدينة، لذلك غير اتجاه الطائرة وأخذ مسارا إلى الغرب.
على الرغم من أن الطائرة توجهت إلى الغرب مبتعدة عن سيناء وعن إسرائيل ومفاعلها في ديمونة الذي تخشى من استهدافه، إلا أن الطيارين الإسرائيليين عدوا ذلك محاولة للهرب وتلقوا الأمر بإطلاق النار مباشرة على الطائرة المدنية الليبية. تلقى الطيارون الإسرائيليون الأمر، بحسب الرواية الرسمية، من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك ديفيد أليعازر، فأطلقوا زخات من رشاشاتهم على مفاصل أجنحة الطائرة المدنية، فتهاوت وقرر ربانها الهبوط اضطراريا في الصحراء، إلا أن الطائرة تحطمت باصطدامها بكثبان الرمال على بعد 55 كيلومترا من القاعدة الجوية الإسرائيلية و20 كيلو مترا من قناة السويس.
أنكرت تل أبيب في البداية أية مسؤولية لها عن سقوط الطائرة المدنية الليبية، إلا أنه بعد الإعلان عن معلومات الصندوق الأسود وسجل المحادثات بين أفراد الطاقم وبرج المراقبة في 24 فبراير، اعترف الجيش الإسرائيلي بتدمير الطائرة المدنية الليبية. وبررت الحكومة الإسرائيلية فعلتها، التي توصف بأنها قتل جماعي لركاب طائرة مدنية، بالوضع الأمني المتوتر في المنطقة، وألقت باللوم في ذلك على “السلوك العشوائي لطاقم الطائرة الليبية”، وأعلنت على الملأ أنها اتخذت كافة الإجراءات المناسبة بما يتفق مع حقها في الدفاع عن النفس!.
اللافت أن ضابط الاستخبارات الإسرائيلية الموساد السابق فيكتور أوستروفسكي ذكر في كتابه “عن طريق الخداع” أن من اتخذ قرار إسقاط الطائرة ضابط برتبة نقيب، وذلك لعدم التمكن حينها من الاتصال بقائد القوات الجوية الإسرائيلية، بدورها، فضلت الأمم المتحدة عدم اتخاذ أي إجراء ضد إسرائيل، مشيرة إلى حق الدول ذات السيادة في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي. الموقف الوحيد، سجلته منظمة الطيران المدني الدولية، حيث أدان أعضاؤها إسرائيل، وتغيبت الولايات المتحدة، كعادتها عن التصويت.
ــ وللعلم فإن أسرائيل أظهرت مرات عديدة عدم اكتراثها بسلامة النقل الجوي، وقد أرغمت مرة طائرة لبنانية مؤجرة لصالح الخطوط الجوية العراقية، عراقية على الهبوط في إسرائيل (10 / أب ـ اغسطس / 1973)، وتفتيشها وزعمها أنها تبحث عن مطلوبين.
ــ ومرة أخرى أرغمت طائرات مقاتلة إسرائيلية طائرة ليبية متجهة من طرابلس إلى دمشق (4 / شباط ــ فبراير / 1986) على الهبوط في إسرائيل بذات الزعم.
ــ وكانت إسرائيل قد ترصدت طائرة نقل عسكرية مصرية في أواخر الخمسينات، لتسقطها بسبب أنها تنقل مسؤولين عسكريين من جيش الجمهورية العربية المتحدة.
ثالثاً : الاتحاد السوفيتي : الطائرة الكورية : 1 / أيلول / 1983
الغموض في حادثة إسقاط طائرة الركاب التابعة للخطوط الجوية الكورية الجنوبية سبتمبر ـ أيلول / 1982تلك التي أودت بحياة 269 شخص لم يحسم لحد الآن، لكن هناك إيضاحات مقنعة من الخبراء أن الولايات المتحدة الأمريكية، تدل على أن الطائرة استخدمت من أجل اختبار سلامة عمل أجهزة الدفاع الجوي في الاتحاد السوفيتي.
كان الجنرال تشارلز جابريل Charles A. gabriel يبدو سعيداً جداً، إذ بعد أسبوعين فقط من إسقاط الطائرات المقاتلة السوفيتية لطائرة الركاب الكورية الجنوبية KAL ، أصبح لدى رئيس أركان سلاح الطيران الأمريكي لمحة واضحة حول ما حدث في أجواء سيبيريا الشرقية ليلة 1/ سبتمبر ـ أيلول / 1983. ما أعتبره الجنرال ايجابياً هو ” أن أجهزة الدفاع الجوي السوفيتي طرحت نفسها بشكل غير مرن Inflexible ، وفي ذلك ما يمنح الولايات المتحدة المزيد من الثقة بسلاحها الجوي وفي إمكانية تجاوز النطاق المحظور في الأجواء السوفيتية عندما يكون ذلك ضرورياً.
وضاعت كلمات الجنرال وسط موجة الاستياء العامة التي أثارتها حادثة إسقاط الطائرة ومقتل 269 من ركابها كعمل وحشي، وصرح وقتها الرئيس الأمريكي رونالد ريغان غاضباً بصدد الحادثة ووصفها بأنها مذبحة وجريمة ضد الإنسانية والأمم المتحدة تستحق موسكو الإدانة بسببها. كما قام طياروا البلدان الغربية بالامتناع عن الطيران إلى الاتحاد السوفيتي لعدة أسابيع، فيما رفضت واشنطن رفضاً تاماً محاولات الإتحاد السوفيتي بوصف الحادث بأنه خرق متعمد لأجوائها الإقليمية بقصد التجسس.
وقد أدلى العديد من الخبراء الغربيين والعاملين في مجال الأمن والاستخبارات وكذلك الطيارون بآرائهم، ومنذ ذلك التاريخ فإن دلائل وقرائن جديدة تدع مجالاً لإلقاء الضوء على ما لا تعلمه موسكو حول مسؤوليتها في إسقاط الطائرة ومقتل ركابها 269.
ليلة 1 / سبتمبر ـ أيلول /1983، لم تكن كباقي الليالي، إذ كانت كافة الأجهزة الإلكترونية الأمريكية العالية الكفاءة، في شمال الباسفيك بأعلى درجات الإنذار، حيث كان من المقرر إطلاق صاروخ الأبحاث الفضائي السوفيتي SSX – 24 الهدف: شبه جزيرة كامتشكا Kamtschatkte ومنها سترسل إشارات لاسلكية إلى الأرض. وكان الأمريكيون يأملون أن يتمكنوا من الحصول على معلومات عن هذه الصواريخ التي يمكنها حمل الأسلحة النووية، ومن أجل ذلك كان أفضل ما لدى الأمريكان من أجهزة استطلاع الممتازة قد وضعت بالإنذار لهذا الغرض.
جهاز إنذار كوبرا دانا Cobra Dane على أرض جزيرة اليوتن Aleuten ومداه 300 كم موجه إلى الفضاء، والفضاء الخارجي ولا سيما باتجاه شبه جزيرة كامتشكا. وهذه حقيقة تؤكدها معلومات معهد دراسات السلام في استكهولم بوصفها المنطقة الأكثر أهمية والمراقبة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
السفن المجهزة بمعدات حساسة للغاية والتابعة للبحرية الأمريكية US Marine والتي تستخدم القاعدة المعروفة بأسم US Observation Island في شمال الباسفيك والتي تستخدم أجهزة إنذار ورادار System Cobra Judy .
الطائرات الأمريكية الخاصة من طراز RC – 135 المجهزة برادار وأجهزة الاستطلاع لمراقبة الاتحاد السوفيتي على مدار الساعة من جزيرة شيميا Shemya وحتى السواحل السوفيتية وأجهزتها من طراز Cobra Ball.
محطات المراقبة الأمريكية في اليابان وألاسكا.
القمر الصناعي الأمريكي، المخصص لأغراض التجسس من نوع Ferret – D والذي يلتقط إشارات الإلكترونية وإشعاعات الرادارات والمواصلات اللاسلكية ويتم تحليلها فوراً وإرسالها إلى مراكز تجميع المعلومات. وقد دار هذا القمر ثلاث مرات تلك الليلة فوق منطقة كامتشكا محلقاً على ارتفاع 500 كم.
القمر الصناعي الأمريكي Rhyolite والذي يحلق بصفة دائمة لإغراض الاستطلاع فوق الاتحاد السوفيتي على ارتفاع 6000 كم.
في مثل هذه الليلة النشيطة بالفعاليات الأمريكية أقلعت طائرة الركاب الكورية الجنوبية KAL ورقم رحلتهاKE 007 وسلكت خطاً جوياً يبعد كثيراً عن خط طيرانها المقرر، وحلقت فوق أكثر المناطق السوفيتية حظراً وخطورة من الناحية العسكرية، إذ حلقت فوق قواعد صواريخ ذرية، وفوق قواعد الغواصات النووية وأهمها: Petropawlowsk في كامتشكا وكذلك فوق قواعد السلاح الجوي والبحري السوفيتية في جزيرة سخالين Sachalin متوغلة بذلك 700 كم داخل المجال الجوي السوفيتي على الرغم من أن انحراف خط طيرانها حدث بعد فترة قصيرة من أقلاع الطائرة من المطار الأمريكي أنكوراج Anchorage في ولاية ألاسكا، وإن هذا الانحراف لا بد وأن كان مرصوداً بدقة في الأجهزة الأمريكية، إلا أن الطائرة لم تلق بأي حال أي تحذير بتصحيح خط طيرانها، ولم يحذروا الكوريين من هذا الخطأ، وكذلك لم ينبهوا إلى إقلاع العديد من الطائرات السوفيتية التي حلقت في الجو لملاقاة الطائرة واعتراضها.
والخبراء الغربيين مثل دافيد بيرسون David Person من جامعة يالا، والذي يعمل في بناء وإدارة أجهزة الاتصالات في وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون Pentagon، والذي قد توصل إلى نتيجة مريعة: أن الأمريكيون استخدموا الطائرة لاختبار أجهزة الدفاع الجوي السوفيتية، ومن أجل الحصول على معلومات وذلك كان سبب فرحة الجنرال تشارلز جابريل بعد أسبوعين من سقوط الطائرة.
والأمريكيون، هكذا يدعي بيرسون ” أن في حالة الافتراض أن جميع أجهزة الاتصالات والإنذار في تلك الليلة قد انهارت أو أصابها عطب ما فمن المحتمل جداً، أن تكون حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد اتخذت وعن وعي وسابق قصد قراراً سياسياً بأن تزج حياة 269 راكباً مدنياً بريئاً في مغامرة لعبة بأن تحصل على فرصة جيدة للتوصل إلى المعلومات، وأن السوفيات سوف لن يقدموا على إسقاط طائرة مدنية.
في السابق حدث وأن استخدم الطيارون الحربيون في مهمات ” عصفور أغراء ” أي كطعم، ففي 28/ يناير ـ كانون الثاني / 1964 و 10 / مارس ـ آذار / 1964 حلقت طائرات أمريكية من طراز T – 39 ومن طراز Rb-66 في التوغل حتى مسافة 100كم في عمق المجال الجوي لجمهورية ألمانيا الديمقراطية، وهناك تم إسقاطهم وكان التبرير الأمريكي في كلتا الحالتين : هو اختبار أجهزة الدفاع الجوي لحلف وارسو. ومن ذلك، فقد انطلقت المجلة العسكرية البريطانية الحسنة الإطلاع ” الملحق العسكري الدفاعي ” Defence Attache ” إلى القول: أن الطائرة الكورية نفسها كانت جزء من برنامج تجسس، ولبلبلة السوفيت وأجهزتهم الإنذارية والردارية. وذلك أن طائرة استطلاع أمريكية من طرازRC-135 المبنية على هيكل طائرة بوينغ 707، رافقت الطائرة الكورية في اختراقها المجال الجوي السوفيتي ولكنها انحرفت قبل أن تصل إلى شبه جزيرة كامتشكا وغادرت المجال الجوي السوفيتي تاركة الطائرة الكورية تتابع طيرانها الخطر، ويواصل أيضاً بيرسون القول: أن مخططي العملية اعتقدوا أن الطائرة الكورية المدنية لنقل الركاب سوف لن تثير الشكوك وأنها ستنفذ بسلام.
وتشير المجلة أيضاَ إلى اسم رمزي على أنه معروف في مجال هندسة الطيران يرمز إليه: P.Q Mann وهو يعمل في مجال حساس في سلاح الطيران الأمريكي. وتتلخص نظرية السيد P.Q أن الولايات المتحدة نفت أن تكون طائرة الاستطلاع RC-135 كانت تحلق على مقربة من الطائرة الكورية، كما صرح الرئيس الأمريكي رونالد ريغان أن الطائرة RC-135 كانت على بعد 1600 كم ثم حطت فيما بعد في قاعدتها بألاسكا.
وبصدد ذلك يعلق الخبير توم برنارد Tom Bernard من ولاية دنفرDenver أن هناك طائرة استطلاع وإنذار من طراز RC – 135دوماً في الجو كجزء من خطة إنذار وأمن أمريكية، وأن تصريح ريغان بعني أجواء شبه جزيرة كامتشكا وجزيرة سخالين كانت متروكة بدون مراقبة، وذلك أمر غير قابل للتصديق.
وصرح السيد برنارد أيضا والذي كان قد خدم لسنوات متعددة على طائرات من طراز RC-135 : لدينا الأسباب الممتازة للاعتقاد بأن كامل العملية قد تمت برعاية ومراقبة المخابرات الأمريكية واحتالت على تنفيذه وما طرح قبل عام (1983 عام إسقاط الطائرة) من أن الطائرة الكورية ارتكبت خطأ بسيطاً، هو موضع شك كافة الخبراء اليوم. حتى في حالة عطل أو خطأ في برمجة الأجهزة الملاحية الثلاثة من طراز INS – systeme ، وهو أمر غير محتمل، فإن قائد الطائرة وملاحيها كانوا سيشعرون بذلك الخطأ كما يؤكد ذلك السيد رودولف براون بورغ Rudolf Braunburgالطيار السابق في شركة الطيران الألمانية لوفت هانزا Lufthansa ، بأنهم، أي الطيار والملاحين سيعرفون من أنهم يطيرون في مسار وخط طيران خاطئ.
وحول الحديث عن الطيران في مسار خاطئ حتى مسافة 700 كم، يدور الحديث عن تجارب طياري الخطوط الجوية الكورية الجنوبية KAL ، ومنهم الطيار الكابتن شونغ بينغ Chon Pyong وله 10580 ساعة طيران، وهو من أفضل الطيارين وأكثرهم خبرة في الخطوط الجوية الكورية الجنوبية، وقد حلق هذا الطيار على نفس الخط : نيويورك ـ أنكوراج ـ سيؤول ، و لقب بالسيد كومبيوتر لكفاءته في مجال الأجهزة الإلكترونية.
أما الموظف السابق في وزارة الخارجية الأمريكية والأخصائي بقضايا الأمن والمخابرات جون كيبل John Keppel، فقد أطلق لغزاً جديداً: لماذا أقلعت الطائرة الكورية KAL ورقم الرحلة 007 من أنكوراج بتأخير 45 دقيقة..؟
لقد انتظرت الطائرة هبوط طائرة مدنية كورية أخرى تحمل رحلتها رقم 015 قادمة من لوس أنجلوس وكانت هذه الطائرة يفترض بها أن تحمل رقم KE 007 ثم حولت مسارها وطارت فيما بعد في مسارها الصحيح ثم من أجل مهمات التجسس فإن طاقمه خلال هبوطهم في طوكيو وسيؤول منحوا رقم الرحلة KE007 وتحت هذا الاسم الرمزي كانوا يتخاطبون خلال طيرانهم.
أما وزير الدفاع الأمريكي كاسبار واينبيرغر فقد هاجم هذه الادعاءات والدعايات السوفيتية، وغيرها، فهناك أصوات تطالب بأجراء تحقيق من قبل الكونغرس الأمريكي، وصرح جون كيبل: إننا نحتاج إلى تحقيق من أجل توجيه اتهام مقبول إلى قياداتنا السياسية والعسكرية.
خارطة رقم 1
وتشير بصفة عامة إلى انحراف الطائرة الكورية ودخولها الأجواء وإلى عدد من أجهزة الإنذار والاستطلاع الأمريكية المتواجدة في المنطقة.
ترجمة العبارات الواردة في المستطيلات البيضاء على الخارطة :
1 . المسار الخاطئ الذي دخلت به الطائرة الكورية الأجواء السوفيتية.
2 . الخط الدولي الصحيح والذي تسلكه الطائرات عادة.
3 . موقع سقوط الطائرة.
4 ، 5 ، 6 . أشارة إلى مناطق تحليق الأقمار الصناعية التي تستخدم للإنذار والاستطلاع.
7 . ترجمة لائحة الرموز
الإشارات إلى اليمن أسفل الخارطة :
1 . طائرة الركاب الكورية الجنوبية رقم الرحلة 007
2 . طائرة الركاب الكورية الجنوبية رقم الرحلة 015
3 . طائرة الاستطلاع الأمريكية RC135
4 . محطة الرادار الأمريكية كوبرا داني Cobra Dane ومداها 3000 كم.
5 . القمر الصناعي لأغراض الاستطلاع Ferret / D
6 . سفينة الاستطلاع الأمريكي
خارطة رقم 2
وتشير بشكل مقرب إلى المرحلة الأخيرة من أختراق طائرة الخطوط الجوية الكورية الجنوبية KAL البوينغ 747 جمبو قبل إسقاطها والخط المتقطع ـ ـ ـ ـ ـ يشير إلى مسار الطائرة في الأجواء السوفيتية، ويلاحظ وفرة القواعد العسكرية في هذه المنطقة.
ترجمة العبارات داخل المستطيلات البيضاء من الأعلى إلى الأسفل:
1 . منطقة أهداف صواريخ
2 . قواعد للغواصات
3 . الخط المتقطع يشير إلى خط سير طائرة KAL
4 . مكان سقوط الطائرة
6 . محطة رادار
المصدر: نشرت في مجلة شتيرن Stern الألمانية / العدد: 36 / التاريخ: 30 / أغسطس ـ آب / 1984 همبورغ / الكاتب: يوخن شيلدت Jochen Schildt
رابعاً : إسقاط الطائرة الإيرانية إيران إير الرحلة رقم 655 : 3 / تموز / 1988 .
الرحلة (Iran Air Flight 655)، هي طائرة نقل جوي مدني تابعة للخطوط الجوية الإيرانية، كانت تنقل نحو 290 راكبا (طاقم الرحلة و مسافرين)، والطائرة من نوع إي 300 التابعة لشركة إيرباص أقلعت من مطار بندر عباس الدولي إلى مطار دبي الدولي يوم 3 يوليو عام 1988، إلا أن القوات البحرية الأمريكية أمرت بإسقاط الطائرة المدنية ما تسبب بمقتل جميع الركاب (290 شخصا)، وغرقت في مياه الخليج العربي.
وعلى اثر الحادث، رفعت إيران شكوى إلى محكمة العدل الدولية ضد الولايات المتحدة في عام 1989، وفي فبراير 1996 وافقت الولايات المتحدة على دفع مبلغ 131.8 مليون دولار لإيران من أجل وقف الدعوى، على رغم من انها لم تقبل أبداُ بتحمل مسؤولية إسقاط الطائرة.
كانت الحرب العراقية الإيرانية، قد تصاعدت في عام 1984 لتشمل الهجمات الجوية ضد ناقلات النفط والسفن التجارية للطرفين وللدول المجاورة التي كانت تساعد في نقل النفط العراقي. وقعت حادثة الرحلة 655 بعد عام من هجوم القوات الجوية العراقية على الفرقاطة الأمريكية يو إس إس ستارك في 17 مايو 1987، والذي أسفر عن مقتل 37 من أفراد البحرية الأمريكية. وفي أواخر عام 1987 وقع تبادلات اطلاق النار بين القوات البحرية الأمريكية وبين الزوارق الحربية الإيرانية. كما اصطدمت مدمرة “صموئيل ب روبرتس” التابعة للقوات البحرية الأمريكية بلغم إيراني في أبريل 1988. وشاركت الولايات المتحدة قبل الحادث بشهرين، في عملية فرس النبي، التي أدت إلى غرق الفرقاطة الإيرانية “سهند”. فالمنطقة (مضيق هرمز) إجمالاً كانت تشهد توترات عالية.
وفي أبريل 1988، وسعت الولايات المتحدة نطاق حمايتها البحرية لسفن المحايدة خارج مناطق النزاع في الخليج العربي. وفي هذا الوقت، قررت الولايات المتحدة إرسال طراد من فئة تيكونديروجا- كلاس من طراز يو إس إس وينسس إلى المنطقة لمراقبة المناطق التي لا تقع تحت تغطيه رادار أواكس من جنوب الخليج، وذلك لدعم وحدات الولايات المتحدة في المنطقة. غادرت وينسس، المجهزة بنظام إيجيس القتالي الجديد آنذاك تحت قيادة الكابتن ويليام سي روجرز الثالث، مدينة سان دييغو في 25 أبريل عام 1988 ووصلت إلى البحرين في 29 مايو 1988. ويعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم ويبلغ عرضه عند أضيق نقطة فيه نحو 21 ميلاً بحرياً (39 كم).
خلال الحرب الإيرانية العراقية، قامت القوات الإيرانية بتفتيش سفن الشحن المحايدة في مضيق هرمز بحثًا عن مواد مهربة موجهة إلى العراق. وعلى رغم من أن القانون الدولي يسمح لها لهذا الإجراء، لكنه زاد من حدة التوتر في المنطقة.
في 3 يوليو 1988 وفي تمام الساعة الـ 17: 10 صباحا بتوقيت إيران، اقعلت الطائرة الإيرانية من طراز إيرباص A300 من مطار بندر عباس بقيادة الكابتن محسن رضائيان البالغ من العمر 37 عاماً وهو طيار ماهر كان لديه أكثر من 7000 ساعة طيران. وكانت الرحلة متجهة إلى دبي وعلى متنها 274 راكبا بالإضافة إلى طاقم الطائرة المكون من 16 أشخاص. وكان المتوقع بأن تستغرق مدة الرحلة ستدوم 28 دقيقة، والحد الأقصى لارتفاع الطائرة 1400 قدم(4300 م). وفي دقائق الأولى حلقت الطائرة على ارتفاع 12 ألف قدم، ولحظات قليلة قبل دخولها إلى المجال الجوي الإماراتي وفي نقطة تسمى بـ”مولست” اطلع الطيار، مركز المراقبة الجوية الإيرانية بانه يعتزم الارتفاع إلى 14 الف قدم.
وفي هذه اللحظة كانت السفينة الحربية الاميركية تقوم بالحراسة في مضيق هرمز. وفي الساعة 10:24 صباحا، دخلت يو إس إس وينسس المياه الإقليمية الإيرانية، وأمر قائدها “ويل روجرز” باطلاق صاروخين من طراز استاندارد 2 نحو الطائرة، فأصاب أحد الصواريخ الطائرة، وفي هذه الأثناء اختفت الطائرة من صفحات الرادارات الأرضية وسقطت في مضيق هرمز قبالة سواحل الخليج العربي، وقتل 290 شخصا على متن تلك الرحلة.
ووفقاً للوثائق التي قدمتها إيران إلى محكمة العدل الدولية فأن الطائرة كانت تحمل 274 راكبا وطاقما من 16 أفراد. 254 منهم كانوا إيرانيين، وباقي الركاب كانوا من جنسيات مختلفة:
الجنسية | الركاب | الطاقم | المجموع |
إيران | 238 | 16 | 254 |
الإمارات العربية المتحدة | 13 | 0 | 13 |
الهند | 10 | 0 | 10 |
باكستان | 6 | 0 | 6 |
يوغوسلافيا | 6 | 0 | 6 |
إيطاليا | 1 | 0 | 1 |
المجموع | 274 | 16 | 290 |
الولايات المتحدة: عللت السلطات الأمريكية ما حدث بـ “خطأ تقديري”، إذ اعتقدت القوات البحرية الأمريكية أنها كانت طائرة عسكرية إيرانية من طراز “إف-14” وكانت بصدد مهاجمة المدمرة وينسس وان العملية التي قامت بها وينسس كانت دفاعا عن النفس. فيما اعتبرت الحكومة الإيرانية عملية إسقاط الطائرة عملاً متعمدًا وغير قانوني وقالت أن لو حتى كان هناك خطأ في تحديد الهوية، وهذا ما لم تقبله إيران مطلقا، فيعتبر هذا الفعل إهمالاً وتهورا، الذي يرقى إلى مستوى الجرائم الدولية، وانه ليس مجرد حادث.
وأعربت إيران عن تشككها في ادعاءات الولايات المتحدة بشأن الخطأ في تشخيص الطائرة، مشيرة إلى أن رادار إيجيس المتقدم حدد الرحلة بشكل صحيح، كما حددت سفينتان حربيتان أمريكيتان أخريان في المنطقة وهما سايدس ومونتغمري الطائرة بأنها مدنية وهي داخل ممر جوي دولي معترف به. كما أن طاقم وينسس قد تدربوا على التعامل مع الهجمات المتزامنة من قبل مئات طائرات العدو. وقد ترى إيران أن وينسس أتاحت الفرصة لإظهار مهاراتها. وأشارت إلى ان حتى إذا كانت الطائرة من طراز F-14، لم يحق للولايات المتحدة إسقاطها لأنها كانت تحلق داخل المجال الجوي الإيراني وانها لم تتبع مسار الطلعات الهجومية. كما ان قبل الحادثة، دخلت وينسس المياه الإقليمية الإيرانية، وكانت داخل المياه الإيرانية عندما أطلقت صواريخها، فإن الحكومة الأمريكية ستبقى مسؤولة عن تصرفات طاقم وينسس، بموجب القانون الدولي.
وأوضحت إيران أنه في الماضي كانت الولايات المتحدة تدين بقوة عملية إسقاط الطائرات من قبل القوات المسلحة للدول الأخرى، سواء كانت الطائرات مدنية أو عسكرية ” واستشهدت بعمليات إسقاط طائرة العال رحلة 402، والخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 والخطوط الجوية الكورية رحلة 007، وحوادث أخرى. كما أشارت إيران إلى ان عندما هاجم العراق يو إس إس ستارك بالخطأ، حملت الولايات المتحدة الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة، على أساس أن الطيار العراقي علم أو كان يجب أن يعلم بأنه يستهدف سفينة حربية أمريكية.
في منتصف يوليو 1988، طلب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر ولايتي من مجلس الأمن الدولي أن يدين الولايات المتحدة، معتبرا بان الهجوم “غير ممكن أن يكون بالخطأ” وانه كان عملا إجراميا ووحشيا وكان مذبحة. دافع جورج بوش الأب، الذي كان آنذاك نائب رئيس الولايات المتحدة في إدارة ريغان، عن بلاده في الأمم المتحدة بحجة أن الهجوم الأمريكي كان حادثًا في زمن الحرب وأن طاقم وينسس تصرفوا بشكل مناسب مع الوضع.
طلب الاتحاد السوفياتي من الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة ودعم الجهود التي يبذلها مجلس الأمن لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية. ثم أصدر مجلس الأمن قرار رقم 616 أعرب فيه عن حزنه العميق بشأن الهجوم الأمريكي وعن أسفه العميق عن الخسائر البشرية ورحب بقرار اتخذته منظمة الطيران المدني الدولي،
وبناء على طلب إيران، بالشروع فورا في التحقيق في الحادث. كما أكد على ضرورة إنهاء الحرب العراقية الإيرانية.وفي فبراير 1996، وافقت الولايات المتحدة على دفع مبلغ 131.8 مليون دولار لإيران من أجل وقف الدعوى التي رفعتها إيران عام 1989 ضد الولايات المتحدة في محكمة العدل الدولية. كما أعربت عن أسفها للخسائر في الأرواح البشرية، بدون أن تعتذر رسمياً أو أن تعترف بتخلفها.
وعلى الرغم من الأخطاء التي ارتكبها طاقم وينسس، تم منح رجال وينسس وسام البحرية الأمريكية تقديرا لإكمال رحلتهم إلى منطقة الحرب. وذكرت صحيفة واشنطن بوست، في مقال نشر عام 1990 أن الجوائز قد منحت بسب أكمال رحلة الطاقم من عام 1984 إلى 1988 ولإشتباكاتهم السطحية التي وقعت مع الزوارق الإيرانية.
في عام 1990، منح لويليام روجرز وسام الاستحقاق الأمريكي، بسبب حسن تصرفه وتنفيذ خدمات متميزة في فترة تولى مسئوليته في وينسس بين أبريل 1987 ومايو 1989 وفي مراسم احتفال منح الوسام إليه لم يتم الإشارة إلى حادثة إسقاط رحلة رقم 655. وعادة يمنح هذا الوسام في أمريكا إلى أفراد القوات النظامية عن جدارتهم للسلوكيات الاستثنائية في أداء الخدمات المتميزة والإنجازات المبهرة.
خامساً : إسقاط طائرة روسية : 4 / تشرين الأول ــ أكتوبر / 2004
4 أكتوبر 2004: انفجرت طائرة توبوليف تو 154، تابعة لشركة سيبير الروسية، أثناء رحلة لها بين تل أبيب ونوفوسبيرسك في سيبيريا الغربية، في السماء أثناء تحليقها فوق البحر الأسود، وعلى بعد نحو 300 كيلومتر عن سواحل شبه جزيرة القرم.
وأدى الحادث إلى مقتل 78 شخصا، معظمهم من الإسرائيليين، وبعد أسبوع، أعلنت كييف أن الكارثة وقعت جراء إطلاق صاروخ أوكراني عن طريق الخطأ.
سادساً : إسقاط طائرة بيلوروسية : 23 / آذار ــ مارس / 2007
أسقطت قوى صومالية مجهولة طائرة من نوع إليوشن، سوفيتية الصنع، تابعة للخطوط البيلاروسية بصاروخ (على الأرجح محمول) بعيد إقلاعها فوق العاصمة الصومالية مقديشو التي كانت تشهد حربا أهلية، الأمر الذي أدى إلى مقتل 11 شخصا.
وكانت الطائرة تقّل فريقا من المهندسين والتقنيين البيلاروسيين الذي توجهوا إلى الصومال لإصلاح طائرة أصيبت بصاروخ قبل ذلك التاريخ بأسبوعين.
سابعاً : سقوط الطائرة الماليزية : 17 / تموز ــ يوليه / 2014
أسقطت الطائرة الماليزية (الخطوط الجوية الماليزية) وهي من طراز بوينغ 777ــ 200 أي آر، بتاريخ 17 / تموز / 2014 وهي تحمل على متنها 280 راكباً مسافراً، من المؤسف أن يكون على متن الطائرة خبراء وعلماء في مرص نقص المناعة (الإيدز)، إضافة إلى الطاقم 15 شخصاً ليبلغ العدد الاجمالي للضحايا 295، عندما هوت من ارتفاع 10,000 متراً عندما أصابها صاروخ ارض جو من نوع بوك، وهي على الأرجح الطائرة المنكوبة الأعلى عدداً بالضحايا في تاريخ الطيران.
وتشير التحقيقات أن الصاروخ قد أطلق على الطائرة من المنطقة التي تقع تحت هيمنة القوات الأوكرانية الموالية لروسيا، وسقطت بالقرب من مدينة شاختارسك، في منطقة أوبلاست دونيتسك شقي أوكرانيا . وكانت الطائرة قد أقلعت من مطار سخيبول بأمستردام بتوقيت 12,14 بتوقيت وسط أوربا الصيفي، ووجهة الطيران هو مدينة كوالالمبور(عاصمة ماليزيا) بعد نحو 11 ساعة و30 دقيقة. ولم تبلغ الطائرة عن أية مشكلة خلال مدة طيرانها .
وقد أبدت الحكومة الهولندية اهتماما كبيراً بالحادث باعتبار أن 193 من الركاب كانوا من الجنسية الهولندية، 43 ماليزياً27 أسترالياً، وجنسيات أخرى. وقد أتهمت المصادر الهولندية روسيا مباشرة بمسؤوليتها عن إطلاق الصاروخ، ويأن الصاروخ روسي الصنع وأطلق من قوات روسية، ولكن روسيا نفت هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً.
وتوصلت التحقيقات إلى أن الصاروخ أنفجر على مسافة قريبة من مقدمة الطائرة، وأصابت الشظايا جسم الطائرة، ومضت الاتهامات الهولندية إلى درجة إحالة القضية للمحاكم الهولندية، وتثبيت مسؤولية روسيا، التي كررت نفي أي علاقة لها بالحادث. ولكن تواصل التحقيقات حتى بعد مرور خمسة سنوات على الحادث أكدت مسؤولية اللواء الروسي 53 المضاد للطائرات، وإن تحركات وحدات الصواريخ من هذا النوع لابد أن تكون ضمن مسؤوليات قيادات أعلى.
ثامناً : إسقاط الطائرة الأوكرانية : 8 / كانون الثاني ــ يناير / 2020
اعترفت السلطات الإيرانية، أن الطائرة الاوكرانية بوينغ 737 قد أسقطت نتيجة إطلاق صاروخين أطلقا على الطائرة بشكل غير متعمد نتيجة خطأ بشري، متسببا في سقوط الطائرة التي كان على متنها 176 شخصاً لقوا مصرعهم جميعاً، وأعلنت المصادر الإيرانية أن التحقيقات سوف تتواصل لكشف أبعاد الحادث ومحاسبة المسؤولين.
وكانت السلطات الإيرانية قد استبعدت حصول حادث أدى إلى سقوط الطائرة، ورجحت حدوث خطأ فني تكنيكي ، إلا أن السلطات الاوكرانية أصرت على طلب الصندوق الأسود والمشاركة بفحص حطام الطائرة، مما سيكشف حتماً الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة. ومن بين معطيات التحقيق صور فوتوغرافية وفيديوية ألتقطها هواة للطائرة وقت انفجارها في الجو، وفي سقوطها ككرة من النار الملتهبة في ظلام الليل قبل ارتطامها بالأرض.
ويبدو أن جهات إيرانية عديدة قد سربت خبر إطلاق الصاروخان ، وهو ما دفع رئيس وزراء أوكرانيا على التصريح مؤكداً سقوط الطائرة بصاروخ مضاد للطائرات، وكذلك تأكيد رئيس الوزراء الكندي، ورئيس وزراء بريطانيا، ومسؤولون أمريكيون.
وقد أسفر تحطم الطائرة عن مقتل جميع ركابها والطاقم وهم : 82 إيرانياً، و63 كندياً، و11 اوكرانيا، و10 سويديين، و7 أفغان، و3 ألمان.
طائرات ظل إسقاطها من الأسرار
هناك من الطائرات التي مثل سقوطها حادثا سياسياً جللاً، كسقوط طائرة الأمين العام للأمم المتحدة الشخصية السويدية داغ همرشولد أو فاجعة إنسانية / سياسية، كسقوط الطائرة المصرية الرحلة 990 في المحيط الأطلسي.
طائرة الأمين العام للأمم المتحدة
ترجمة : د. ضرغام الدباغ
قدمت دار النشر الأمريكية المعروفة ريدرزدايجست (Reader’s Digest) كانت تصدر مجلة شهيرة بهذا الأسم، صدر العدد الأول منها عام 1922، وصلت إصداراتها إلى 50 نسخة في 21 لغة، مما يجعلها أكبر مجلة مدفوعة تداول في العالم. صدرت الإصدارة العربية منها في سبتمبر 1943 في مصر، وألغي ترخيصها بعد ذلك. ثم أعيد نشر الإصدار العربي باسم “المختار”. في أغسطس 2009 أعلنت الشركة الناشرة لمجلة “ريدرز دايجست”، أنها تنوي وضع نفسها تحت حماية قانون الإفلاس الأمريكي وذلك بالاتفاق مع دائنيها الرئيسيين.
أصدرت دار النشر “الأفضل” (Das Beste- Reder Digest) في شتوتغارت عام 1990 عملاً كبيراً باللغة الألمانية يتسم بالإثارة بعنوان (Wie geschah es wirklich ?) كيف حدث في الحقيقة ؟ ويضم العمل الكبير بين دفتيه، 91 بحثاً عن غوامض الأحداث في السياسة والتاريخ على مستوى العالم، قمت بترجمة العديد من أكثر الموضوعات إثارة، وبتقديري هذه إحداها، مصرع الأمين العام للأمم المتحدة السويدي داغ همرشولد في ظروف غامضة لم تعرف إلى حد الآن وكأن لكل الأطراف مصلحة في إسدال الستار عليها. البحث مثير، وقد يعطي للقار اللبيب إشارات مهمة.
الطائرة سقطت في ندولا : مصرع السكرتير العام للأمم المتحدة
طار السكرتير العام للأمم المتحدة السويدي داغ همرشولد عام 1961، من جمهورية الكونغو باتجاه روديسيا الشمالية لكي يتفاوض مع مويز تشومبي، رئيس المقاطعة الانفصالية كاتانغا ولكن الطائرة اصطدمت بالأرض عند محاولتها الهبوط في مطار ندولا ..!
كان الارتباك قد حل في أروقة الأمم المتحدة عندما وجهت البلدان الغربية العظمى وكذلك بلدان المعسكر الاشتراكي، لا سيما سيد الكرملين خروتشوف، الانتقاد إلى منظمة الأمم المتحدة، والطالبة بإعادة هيكلة شاملة للمنظمة الدولية من أجل إنهاء هيمنة بلدان الغرب عليها. وكان الشرق والغرب قد اتفقا على توجيه النقد لأداء السويدي داغ همرشولد (56)الذي كان يشغل منذ 1953 منصب السكرتير العام لهيئة للأمم المتحدة.
وفي مكانته المهمة هذه، والذي مثل الموقع الرئيسي لتنفيذ قرارات مجلس الأمن واجتماعات الجمعية العامة، كان في بعض الأحيان لا يتجاوز صلاحياته بوضوح فحسب، بل وينتهج سياسة خاصة به، أم ترى أنه وبوصفه السويدي المحايد، تحول إلى كبش فداء في التنافس بين الشرق والغرب من أجل إحراز النفوذ للأمم المتحدة واستثماره في مجال السياسة الدولية.
الصراع من أجل السلطة في أفريقيا
كانت أفريقيا في مطلع الستينات قد تحولت إلى ميدان رئيسي للصراع لما كان يدور منذ عام 1956على مسرح السياسة الدولية، إذ نال الاستقلال عدد كبير من البلدان، ولكن سرعان ما رزح الكثير منها، تحت هيمنة أنظمة ديكتاتورية، وفي المستعمرة البلجيكية القديمة الكونغو(تسمى اليوم زائير)، والتي نالت استقلالها في 30 / حزيران ـ يونية / 1960، وكان السياسي الاشتراكي باتريس لومومبا قد شكل حكومة ائتلافيه، بعد ستة أيام فقط من إعلان الاستقلال، وحيال تمرد الجيش، طلب لومومبا تدخل الأمم المتحدة ومساعدتها التي قدمت القوات العسكرية لحفظ السلام في الكونغو.
ولكن الأزمة سرعان ما احتدمت، إذ أعلنت الولاية الجنوبية كاتانغا، بقيادة الرئيس مويز تشومبي الانفصال عن الكونغو، ولم يكن بوسع هذه الدولة الفتية أن تعيش بدون موارد الولاية الجنوبية الثرية.
وقد بدا أن على الأمم المتحدة، وهي التي كانت ترى في إنهاء الاستعمار واجباً رئيسياً من واجباتها، أن تطالب اليوم بمساعدة البلدان المتحررة والمستقلة حديثاً بما يجعلها قادرة على البقاء في متحدة داخلياً، ومساعدتها على دخول عالم العلاقات الدولية. وكان السكرتير العام داغ همرشولد قد أخذ على عاتقه هذه المهمة، في أن يعيد كاتانغا(الولاية الجنوبية) إلى دولة الكونغو. فسعى من أجل ذلك باذلاً كل جهده في هذا السبيل، فرفع من مستوى حجم القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة في الكونغو التي كانت في اشتباكات مستمرة مع جيش كاتانغا الانفصالي.
وفي سبتمبر ـ أيلول /1961، كان السكرتير العام يبحث بوضوح عن الحسم. فقد كان يسعى إلى تنظيم، خلافاً لقرار مجلس الأمن، ودفع قوات الأمم المتحدة إلى الولاية المتحدة المنشقة، فسافر في 12 / سبتمبر ـ أيلول إلى ليوبولدفيل (اليوم كينشاسا) التي كانت العاصمة لدولة الكونغو، وبينما كان هناك، اندلعت فيما أطلق عليها “بالعملية البوليسية”: هجوم قوات الأمم المتحدة على كاتانغا ومضت بعيداً في هجومها، في هذه الظروف قرر همرشولد القيام بعلاقة شخصية مع تشومبي.
حادث مؤسف للسكرتير العام
في 17 / سبتمبر ـ أيلول / 1961 كان الجهاز الإداري في المقر العام بنيويورك ينتظر ومنذ وقت طويل نبأ يرد إليهم من الكونغو، إذ كان جل ما يعرفونه، أن السكرتير العام قد أقلع بطائرته من ليوبولدفيل إلى جهة مجهولة.
وفي المساء فقط ابتدأت الأخبار المقلقة ترد إلى المقر العام، وفي صباح يوم 18 كان الخبر المشؤوم قد وصلهم فعلاً: لقد ارتطمت طائرة السكرتير العام بالأرض وتحطمت، وهي تحاول الهبوط في مطار ندولا( سابقاً هودسين الشمالية واليوم زامبيا) وإن السكرتير العام قد لاقى حتفه.
وبعد مضي نصف عام على حادثة تحطم الطائرة، وبالتحديد في 24 أبريل ـ نيسان / 1962 ظهر تقرير للجنة الفحص والتحقيق التي شكلت للبحث عن الأسباب التي قادت إلى الحادث. ويشير التقرير أن همرشولد كان يريد أن يلتقي تشومبي في المدينة الحدودية ندولا. ومن أجل هذا الغرض كانت هناك طائرة سويدية من طراز CD-6B مع طاقمها المؤلف من خمسة أفراد، تقف على أهبة الاستعداد، وكانت الطائرة تحمل اسم البرتينا مجهزة بالرادار وبتجهيزات ومعدات تجعلها صالحة للطيران الليلي، وكافة المعدات الضرورية الأخرى. ثم علم فيما بعد أن همرشولد والجماعة المرافقة له والمؤلفة من 10 أفراد كانوا قد طاروا على متن طائرة بلجيكية من طراز CD-4. وبهذه المناورة التضليلية التي تحمل المرء على الاعتقاد بأن الطائرة قد تعرضت إلى عمل تخريبي، أو أن جريمة قد حدثت على متن الطائرة. ولكن السكرتير العام أستخدم حقا الطائرة السويدية CD-6B في طيران لمدة ساعة بعد أقلاع الطائرة البلجيكية CD- 4 باتجاه الشرق، أي بعد عبور كامل أراضي جمهورية الكونغو، وكانت طيلة أكثر من أربعة ساعات تطير في صمت ملاحي(إغلاق اللاسلكي)، ولم تبلغ عن نفسها إلا بعد أن اجتازت الحدود الدولية للكونغو، وهي محلقة فوق بحيرة تانجانيقا، وأبلغت عن نفسها لدى محطة الاتصالات الجوية في سالسبري بروديسيا الشمالية، وأعلن الطيار عن هدف الرحلة، وهو مطار مدينة ندولا.
وكان الطيار وبعد إقلاعه من مطار ليوبولدفيل قد أعلن كتمويه عن وجهة الطائرة صوب لولوابورغ. وفي حوالي الساعة 23،30 بالتوقيت المحلي، أعلنت الطائرة ألبرتينا للمرة الأولى عن هدف الرحلة: ندولا. وفي الساعة0،10(الثانية عشر وعشرة دقائق بعد منتصف الليل) أتصل الطيار ذو الخبرة الكبيرة بيير لونكويست، وابلغ بأنه يشاهد مصابيح مدرجات المطار وهو يهبط نحوها.
وقد أكد برج الطائرة في المطار معطيات الطائرة: وجهة الطائرة غرباً من أجل القيام بالمناورة العادية. ومن أجل الهبوط في مطار ندولا، كان على الطائرة التحليق لمسافة 4،5 كم إلى الغرب من مسار الهبوط، ثم تغير اتجاهها إلى الشمال الغربي، وهنا عليها أن تطير لمدة قصيرة فوق أراضي كاتانغا قبل أن تبلغ الاستدارة بدرجة 180 للتوجه يميناً لكي تستطيع مواجهة مدرج المطار للهبوط. وعندما طلب المرشد الجوي قبل ذلك التأكيد بأن الطيار يفترض أن يكون قد بلغ 6000 قدم، لكن الطائرة ألبرتينا لم ترد على نداءات برج السيطرة لمطار ندولا.
وفي الحقيقة، كانت الطائرة قد بلغت الاستدارة، ولكنها لم تستطع أن تنهي مناورة الاستدارة، بل أن الطائرة وفي تمام الساعة 0،13(الساعة الثانية عشر والربع بعد منصف الليل)، وعندما كانت على بعد 15 كم إلى الشمال الغربي من المطار،لامست قمم بعض الأشجار، ثم هوت على أرض الغابة مشتعلة فيها النيران. وأثبت التحقيق لاحقاً أن المحركات الأربعة وجهاز قياس الارتفاع كانا في حالة سليمة.
ولم يعثر على حطام الطائرة إلا يوم 18 / سبتمبر ـ أيلول، أي بعد مرور أكثر من نصف يوم على سقوطها، فيما لاقى 15 راكباً من مجموع ستة عشر من ركابها مصرعهم على الفور، توفي الراكب السادس عشر متأثرا بجروحه بعد خمسة أيام في المستشفى.
أسئلة الرأي العام
تدور تساؤلات كثيرة ومريبة عن حقيقة سقوط الطائرة، وهي تشغل الرأي العام :
ـ السؤال الأساس هو: هل سقطت الطائرة بفعل عامل خارجي، أو لخطأ من الطيار. والإجابات الرسمية لم تجب إلا على القليل منها.
ـ ألم تكن الطائرة المنكوبة قد واجهت أطلاق نار عليها من طائرة مقاتلة تابعة لكاتانغا قبل يوم واحد فقط من الحادث المشئوم..؟ في حادث أصيبت فيه أحدى المحركات بأضرار، ولكن تقرير الأمم المتحدة يثبت أن طائرة CD-6B قد أصلحت فوراً، ولكن لا يمكن تجاهل تأثيرات هذه الإصابة تماماً.
ـ وتساؤل آخر مهم، هو إن الطائرة ألبرتينا تركت ساعتان أو ثلاثة بعد إصلاحها على أرض مطار ليوبولدفيل دون حراسة.
ـ يبدو أن عملاً تخريبياً للطائرة، هو احتمال لا يمكن استبعاده.
ولم يشر فحص حطام الطائرة إلى أية مؤشرات واضحة لانفجار قوي في داخل الطائرة، أو إلى أطلاق نار، ولكن وعلى أية حال كان هناك عتاد على متن الطائرة لبنادق ومسدسات، وقد انفجرت، وقد أشارت الاختبارات، أن أنفجارات كهذه بالكاد تحطم العلب المعدنية التي تحتويها وليس التسبب في إسقاط الطائرة.
هل كان ذلك انتحاراً ؟
في أواسط الستينات برزت رؤية جديدة تماماً لحادث سقوط الطائرة، بان داغ همرشولد قد شرع بمحاولة انتحار أفضت إلى سقوط الطائرة، وهذه النظرية يصعب تصديقها، ولكن في الواقع هناك بعض الظروف يمر بها الأشخاص يصعب إدراكها بالنسبة للآخرين.
وكان داغ همرشولد قد ترك في شقته بنيويورك مخطوطة كتاب إلى صديقه سكرتير مجلس الوزراء في السويد، وفيها يذكر ضرب من كتاب ابيض(بالمعنى الدبلوماسي كتاب تصدره وزارات الخارجية عن موقف الدولة حول قضية معينة ـ المترجم)، المداولة مع نفسي ومع الله، ترى هل كان هذا نوع من وصية ؟
عن ذلك تحدث همرشولد قبل يومين من سقوط طائرته مع سكرتيرته لأول مرة عن ما يمكن أن يتركه منه بعده وقد نظم ذلك. وأخيراً وجد في الفندق الذي كان يقيم فيه ليوبولدفيل ليس فقط مثل هذه المؤشرات، بل وأيضا كتاب عن خلفاء المسيح وكتب عن المتصوفين في العصور الوسطى المتأخرة الألمانية، كما عثر أيضاً على دفتر صكوكه وعلى حقيبة مليئة بالأوراق السياسية.
كانت التقارير التي تتحدث عن نظرية الانتحار تشير إلى ما هو ابعد، إلى ما هو غير مألوف من الحوادث خلال رحلة الطائرة، أن الطيار قد أعطى هدف الرحلة غير مطار ندولا، ثم أنهم مروا بمرحلة طويلة من الصمت اللاسلكي، وربما أن ذلك، ربما بسبب الخشية من عمل تخريبي أو اعتداء، ولكن هذا التبرير لا يصلح في مرحلة الهبوط في ندولا.
ومن المؤكد أنه لم يكن طبيعياً، أن تبلغ الطائرة عن نفسها مبكراً جداً، 45 دقيقة قبل الهبوط، إذ أعلن الطيار لبرج المراقبة الإشارة بأنه لا يريد الهبوط في ندولا، ولكنه بعد ذلك أتصل ليبلغ: إننا نشاهد أنواركم (أنوار مدرج المطار) نحن فوق ندولا… سنهبط “. كانت هذه آخر محادثة لقائد الطائرة البرتينا.
ترى هل وقف همرشولد، كما تتناقل بعض التقارير، خلف قائد الطائرة مسلحاً، ليرغمه على إطاعة أوامره ؟ وكان حارس همرشولد الشخصي يوليان قد أفضى بإفادته قبل وفاته بقليل، بأن همرشولد أمر بالاستدارة واتخاذ وجهة طيران جديدة للهبوط في كاساما، وأن انفجارا أعقب ذلك، أم ترى أن همرشولد والطاقم الذي معه شعروا بخطر من الأرض ؟ ولكن أي خطر ؟ وفي منتصف الليل ؟…
كما وجدت أيضاً مخطوطات في شقة همرشولد في نيويورك تؤدي إلى نظرية الانتحار، فبعد عدة سنوات من موت السكرتير العام وجدت مخطوطة باللغة السويدية: علامات على الطريق، وجدت فيما بعد طريقها إلى النشر، تنطوي على مؤشرات كثيرة على: ضرورة الاستعداد للتضحية بالنفس، ولكن ما الذي يقصده همرشولد بالضبط ؟ وأي ظروف محددة كان ينتظر الموت فيها ؟
ليست الظروف التي أدت إلى سقوط الطائرة البرتينا التي لم تنضج حتى يومنا هذا. ولكن أيضاً لم يتضح فيه الوقت الدقيق، ونوع الوفاة لداغ همرشولد. فمن المؤكد الثابت أنه ظل حياً حتى بعد سقوط الطائرة، فقد وجدت جراح بليغة في جسده ، مرمياً إلى جانب حطام الطائرة، وبدا أنه الوحيد الذي لم يكن مصاباً بحروق جراء سقوط الطائرة واشتعالها وكانت ساعة معصم همرشولد متوقفة عند الساعة 0،25 وليس في 0،13 وهو وقت سقوط الطائرة. وجدير بالملاحظة أن الطائرة البرتينا قد وجدت رسمياً في الساعة 13،10، إذن فقد وجدت بعد 13 ساعة بعد سقوطها وتحطمها، بينما كان قد ثبت أن الطائرة قد تعرضت إلى سلب ونهب بعد سقوطها بوقت قصير.
وفي اليوم التالي لتحطم الطائرة وجدت أسلاب ومنهوبات من حطام الطائرة تباع في أسواق ندولا، وربما أن أدلة مهمة قد فقدت، وآثار قد أزيلت ؟ ولم يكن بوسع فريق المحققين السويديين المختصين، إيجاد أي دليل من شأنه التعمق في قضية سقوط الطائرة لذلك لم يكن بوسعهم الجزم أي الاحتمالات الثلاثة كانت وراء سقوط الطائرة:
ـ انفجار داخل الطائرة ؟
ـ أطلاقات وجهت لها من خارج الطائرة.
ـ خطأ من الطيار.
لم يكن هناك من سبيل للجزم، أي من هذه الاحتمالات، ومن يقف (افتراضا) وراء سقوط الطائرة، أو ربما أن يكون همرشولد نفسه السبب في سقوط الطائرة، وهكذا تظل كافة الأفكار واردة في مصرع هذا الرجل حتى اليوم، ولذلك سيبقى السؤال الذي نقشته عائلته على شاهد قبره… ” لماذا ؟…”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Wie geschah es Wirklich
Reader Digest / The Beste
1990 Stuttgart
طائرة البانام : لوكربي
هي قضية جنائية، تحولت إلى سياسية، وفي كلتا الحالتين أسيئ استخدام القضية، والضحايا هم الخاسرون حتى وإن تلقوا تعويضات سخية التي كانت تهدف لإلحاق أشد الأضرار بطرف آخر، لأسباب سياسية لم يكن هو الجاني، وأدين فيها رغم عدم توفر أدلة كافية للإدانة في قضية كبيرة، تضخمت حتى تحولت إلى قضية ابتزاز سياسي أصبح التراجع عنها عسير، ووضعت على الرفوف العالية بتدمير ليبيا نفسها.
سقطت طائرة البانام (PANAM) فوق قرية لكربي / دمفريز بأسكتلندا (غربي بريطانيا) بتاريخ 21 / كانون الأول ــ ديسمبر / 1988 وكان على متنها، 259 راكب، كما قتل من جراء سقوط الطائرة 11 شخصاً من سكان قرية لوكربي.
التحقيق المشترك الذي أجراه شرطة دمفريز ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) وأستغرق 3 سنوات، توصل عام 1991إلى إصدار أوامر بإلقاء القبض على أثنين من مواطني ليبيا، قامت ليبيا بتسليمهما عام 1999 بعد فرض عقوبات قاسية من الأمم المتحدة على ليبيا، ومفاوضات مطولة اسفرت عن تسليم المتهمين، للمحاكمة في بلدة كامب زايست في هولندة.
كانت الطائرة قد وصلت مطار هيثرو / لندن قادمة من مطار فرانكفورت / ألمانيا، ثم أقلعت بأتجاه مطار جون كندي / نيويورك، ومن ثم كانت ستتجه إلى ديترويت. توصل التحقيق إلى أن قنبلة موقوتة كانت قد شحنت في الطائرة انفجرت بعد إقلاعها بوقت غير طويل.
وحامت الشكوك حول قائمة طويلة من خصوم وأعداء الولايات المتحدة، من حركات تضعها الولايات المتحدة في لائحة الإرهاب، ومن دول لا تكن لها الولايات المتحدة بمشاعر إيجابية. وحامت الشكوك حول منظمات ودول، منها منظمات فلسطينية، وإيران، وسوريا، وربما جهات أخرى، ثم استقر الأتهام على ليبيا .
وبعد محاكمة من 3 قضاة، أستغرقت 84 يوماً أصدرت المحكمة حكمها في 31 / كانون الثاني ــ يناير / 2001، وأدانت أحد المتهمين الليبيين، أستناداً إلى (قرائن ظرفية) وبرأت المتهم الآخر. وقد ظل هذا الحكم مثار جدل بين رجال القانون على أنه صدر من محكمة بدون دلائل أو قرائن مادية في قضية بالغة الحساسية،ولكن المهم تمثل بحجم التعويضات المبالغ بها، التي تشير بكل وضوح أنها عملية ابتزاز سياسي، في قضية تبدو من أساسها غامضة.
وقبلت بموجب اتفاقات فك الحصار عن ليبيا التي ألحف بها اضرار كبيرة على شتى الصعد، وحولت إلى حساب في بنك التسويات الدولية في سويسرا مبلغاً وقدرة (2,700) ملياران وسبعمائة مليون دولار، على أساس 4 ملايين دولار لكل فرد من الضحايا. ثم هناك دفعة أخرى بنفس القدر نظير أن تقبل الولايات المتحدة رفع العقوبات عن ليبيا، ثم مليوني دولار أخرى لكل ضحية مقابل رفع أسمها من قائمة الإرهاب .
وكانت ليبيا قد أدركت أنها وقعت في فخ محكم، لا يمكنها النفاذ منه دون أن تدفع، ويدور في الكواليس صفقات ترضية دفعتها ليبيا لبلغاريا وفرنسا إضافية، لضمان موقفهما في الأمم المتحدة، وهذه القضية برمتها فضيحة قانونية وسياسية. بقدر ما هو أمر محزن سقوط طائرة وضحايا هم الخاسر الأعظم فيها، ولا يعرف بالضبط كم استفادت الولايات المتحدة من المليارات الليبية، كضرائب .. وأتعاب الدولة والمحاماة ..الخ.
الطائرة المصرية الرحلة 990
بتاريخ 31 / تشرين الأول ــ اكتوبر / 1999 هوت طائرة الخطوط الجوية المصرية وهي من طراز بوينغ 767 ـ 300 إلى مياه المحيط الأطلسي قبالة ساحل ماتساتشوستس / الولايات المتحدة الأمريكية بعد نحو ساعة من إقلاعها من مطار جون كنيدي بنيويورك، متجهة إلى مطار القاهرة/ جمهورية مصر العربية. ولم ينج أحد من ركابها البالغ عددهم 217 وطاقمها.
والتحقيق الذي أجري في الولايات المتحدة، بقدر ما توصلوا إليه من حطام الطائرة والصندوقين الأسودين، يمنح احتمالات عديدة، ومن مرجحات فكرة إسقاط الطائرة بفعل فاعل، وجود وفد عسكري هام يتألف من 33 ضابطاً في القوات المسلحة المصرية، من مختلف الصنوف، بالإضافة إلى 3 خبراء في الذرة .
وتولت الولايات المتحدة التحقيق، واستخرجت الصندوق الأسود من قعر المحيط، واحتكرت فتحة وفحصه وتفسير رموزه، وبدرت إشارات تخبط من السلطات الأمريكية استقرت بعد توجهات أثنين أو ثلاثة متمسكة بكلمات قالها مساعد قبطان الطائرة من تلك الكلمات التي يتلفظها المسلمون غالباً (توكلت على الله)، رغم أن المشكلة كانت قد برزت وسجلها الصندوق الأسود، ووجه (التحقيق) الامريكي في البداية الاتهام إلى قائد الطائرة نفسه، ثم تحولت إلى مساعد القائد (البطوطي)، الذي لم يكن في كابينة القيادة لحظة بدء المشكلة، ثم كان خمسة من الطاقم داخل كابينة القيادة، لم يبدر من أحدهم أي كلام يشير إلى محاولة (أنتحار).
المشكلة، أن الطائرة تعرضت لعمل خارجي هناك احتمالات كبيرة أن يكون :
ــ صاروخ أطلق عليها من البحر، (غواصة أو سفينة)، وهناك شهادتين مهمتين لا يمكن اغفالهما، وهي شهادة طيار ألماني كان يطير على نفس الخط الملاحي قريبا من الطائرة المصرية شاهد جسماً غريباً يمر بالقرب منه قبل وقوع الكارثة بثوان ليصيب الطائرة المصرية وتتحول إلى أشلاء في البحر، والثانية شهادة طيار أردني كان يطير أيضاً على نفس الخط الملاحي شاهد كتلة من اللهب تمر بالقرب منه في نفس الوقت. ثم أن الجثث وجدت متمزقة إلى قطع صغيرة، وهذا ما تحدثه انفجار قنبلة أو صاروخ يؤدي إلى تفريغ كبير في الهواء يفتت أجسام الضحايا إلى انسجة بشرية سقطت في مياه المحيط.
ــ أو أن تكون أعطال فنية آلية، في أحد جهازي الدفع العكسي، الجزء الخلفي، مجموعة الذنب، الذي يتحكم في ارتفاع وانخفاض الطائرة قد أصابه عطب شديد أفقده السيطرة على هذا الجزء، وهو عطل يتكرر في الطائرات التي تنتجها شركة بوينغ الأمريكية للطائرات. والولايات المتحدة تريد التملص من تبعات هذين الاحتمالين، بما يمثله من أضرار بسمعة صناعة الطائرات الامريكية،
ــ والاحتمال الثالث، يتعلق بمستوى أداء نظم السيطرة الجوية وتداخل السيطرات الجوية العسكرية والمدنية، ووقوع خطأ أدى إلى الإخفاق في السيطرة على مسار الطائرة المصرية، وبالتالي في حال إقرار المسؤولية الأمريكية ، دفع التعويضات لضحايا الطائرة. وكانت الطائرة المصرية قد تأخرت عن الإقلاع لمدة ساعتين غير مبررة عن وقتها المقرر، وهو ما يضعها خارج خطط السيطرة الجوية
حيال هذه الأدلة والمادية، علما أن شهادات الطيارين : الألماني والأردني، حجبت عن التحقيق، يبدو التمسك بعبارة قيلت في كابينة القيادة غير كافية على الإطلاق لتقرير الحالة النهائية، والسيناريوهات الثلاثة ممكنة ومحتملة، الشيئ الوحيد الغير محتمل هو سيناريو الانتحار، الذي بتقديرنا أخطأ التحقيق الأمريكي بتبنيها.
ومن الأمور التي يمكن تتبعها، هو أن الحكومة المصرية تعرضت لضغوط شديدة للقبول بنظرية انتحار مساعد الطيار،