لفتت السويد في الأسابيع الأخيرة أنظار العالم اليها، بسبب تعاملها المميز مع أزمة كورونا. فرغم أن السويد منعت تجمعات أكثر من خمسين شخصاً، وفرض عقوبة دفع غرامة أو السجن لمدة تصل الى ستة أشهر للمنظمات أو الشركات التي تخالف التعليمات، إلا أن السلطات السويدية لم تمنع التجول في المدن أو زيارة المطاعم والحانات، مكتفية بثقتها بأن الشعب السويدي سيلتزم بتوصيات هيئة الصحة العامة الداعية الى غسل اليدين، التباعد الاجتماعي وحماية الفئات الأكثر تضرراً من الإصابة بفايروس كوفيد 19 ، مثل كبار السن.

من أين تنبع تلك الثقة المتبادلة بين السلطات السويدية والشعب؟ سؤال طرحه راديو السويد بالعربي على لارش تراغورد، بروفيسور في التاريخ  وباحث في الثقة الاجتماعية وما يعرف بالعقد الإجتماعي السويدي، Det svenska samhällskontraktet، وهو العقد المبرم بين الشعب السويدي، الدولة والمؤسسات المشتركة من خلال التشريعات والقوانين المختلفة.

عن السؤال متى في تاريخ السويد وضعت أسس الثقة المتبادلة بين المواطنين والدولة، أجاب لارش تراغورد، بأنه لم يكن هنالك أبحاث متعلقة بالثقة داخل المجتمع السويدي قبل ثمانينات القرن الماضي، لكن هنالك شواهد تاريخية تشير الى أن نواة التجربة السويدية المرتكزة على الثقة المتبادلة بين الشعب والدولة بدأت بمرحلة مبكرة. ففي القرون الوسطى بدأ المجتمع السويدي يخلف من ورائه المنظومة الاجتماعية المبنية على العائلة، القبيلة وصلة الدم، متجهاً الى مجتمع يحتكم بالقوانين. فهنالك مقولة شعبية سويدية تعود للقرون الوسطى وهي Land skall med lag byggas أي سيبنى البلد بالقانون.

بدأ تأسيس شكل الدولة السويدية، بقوانينها ومؤسساتها في ثلاثينيات القرن السابع عشر على يد رجل الدولة وأحد أبرز نبلاء السويد آنذاك أكسيل أوكسين خانا، الذي شكل المنظومة الإدارية للدولة السويدية، وأهم أركانها تطبيق القانون على الجميع، القضاء على الفساد وبسط الشفافية بين المواطنين وصناع القرار، بحسب تراغورد.

تعتبر السويد أول بلد أوروبي يدشن منظومة ضرائب تحاط بالشفافية، وتفتح المجال للمواطنين للتدقيق في كيفية صرف السياسيين لأموال الضرائب. ومن أهم العوامل الذي ينظر اليها الباحثون في الثقة المتبادلة بين الشعب والدولة، هي قابلية المواطن لدفع الضرائب وثقته بأنه سيحصل على المقابل من طبابة وتعليم وضمانات اجتماعية.

لمعرفة المزيد استمع للتقرير كاملاً في الملف الصوتي أعلاه.