كلمتي في تقديم الطبعة الثانية لكتاب” أبو كاطع ــ على ضفاف السخرية الحزينة “.

لمتي في تقديم الطبعة الثانية لكتاب” أبو كاطع ــ على ضفاف السخرية الحزينة “.
ــ رسالة في تقريظ الصداقة …!
” القمَمُ ، هي التي تَضربُها الصاعقة ” ــ (أسخيلوس)
هذا الكتاب ـ في جانب من جوانبه ، رسالة في ثقافة الصداقة والصديق ، التي يشهد لها تاريخ الحضارات على هذا الكوكب ، بعلوّ هامة أطرافها ، وصدق أنفسهم ، ونبالة أرواحهم . وهو وثيقة لا تسترجع الماضي القريب فقط ، لكنه ايضا ، وعلى نحو مؤكد ، رسالة الى المستقبل، اي الى الأجيال الجديدة في العراق ، لأن المشروع الكبير الذي إرتبط به شمران الياسري ، إنما هو المستقبل.

حسناً فعل الدكتور عبدالحسين شعبان ، في هذه الطبعة الجديدة من كتابه : ” شمران الياسري.. على ضفاف السخرية الحزينة “، حين وضع مُتلقّي رسالته هذه ، أمام بانوراما لإنسان متصالح مع نفسه وتاريخه ، وأمين على مُثُله ( بصرف النظر عن الإتفاق أو الإختلاف معه ) ، وكاتب يعرف حقوقه وواجباته ، كان راى في الكتابة الأديبة ـ والثقافية عموماً، مهمة إنسانية نبيلة ، تقنرن بالفضيلة وتتبادل مع قيمها المنافع الروحية العليا.

وفي تاريخنا الحديث ، لا سيما في العقود الصعبة والمعقدة التي شهدت صعود وإنتكاسات الآمال الكبيرة التي إرتبط بها شمران ، كان للصداقات العظيمة بين الماضين على هذا الدرب، قُوّة المثل ، وجدارة الحياة ، وصوابيّة الأختيار . وفي هذا الفضاء ، حيث المواجهة والصراع ، مع النفس ، وفي داخل البيت الواحد، وفي النفى المزدوج ايضا ، في الوطن كما في خارجه ، لا سيما في تجربة شمران الياسري ، كانت الصداقة ترفع رقبتها عالية ، بل عالية جداً ، ليراها حتى الإنسان العراقي الكفيف ، شامخة وهو في بصرى الشام .

ان من يعرف ، عن قرب ، الرفقة الكريمة المبنيّة على تشييد تلك الآمال الكريمة ، كما بين الأسماء التي تبدو شاهقة في هذا الكتاب ، سيزداد معرفة في شخصية شمران الياسري، الإنسان ، المثقف ، الكاتب ، المناضل، المختلف ، والمنفي ، مثلما سيعرف ان الشخصيات التي خلقها ابوكاطع في أعماله الروائية ، وفي كتاباته الصحافية ، غنيّة بِمُثل الصداقة التي كانت طابعاً مميزاً في التكوين الإنساني لشمران الياسري ، الإنسان الذي كان منسجماً مع خياره الأخلاقي ، حتى في رحيله الشجاع .

تحية لشمران الياسري ، حيّاً وراحلاً .
تحية للدكتور عبدالحسين شعبان.