لمحات من تأريخ الحزب الشيوعي العراقي
لمحات من تأريخ الحزب الشيوعي العراقي
من أين أتت الحركة الشيوعية ؟
– الحلقة الثانية –
صحيفة اعمال – اشهر من البلبة والتخبط
ابان نكسة ١٩٤٨-١٩٤٩ ، وعلى اثرانهيار واعترافات مالك ويهودا ساد في الحزب فترة من البلبلة والتخبط خلال اكثر من ستة اشهر وظل بلا قيادة ومركز . وفي خضم صراع متواصل وعنيف بين الشيوعيين الساعين الى اقامة مركز قيادي جديد للحزب وبين الأجهزة الفمعية العميلة التي كانت تحاول القضاء التام على الحركة الشيوعية في العراق ، تمكن الاعداء من الاطاحة بالمراكز القيادية المتعاقبة ، المرة تلو الآخرى ، خمس مرات منتالية على الوجه المذكور أدناه .
– بعداعتقال مالك ويهودا تحول سلام الناصري وعزيز الحاج ، وهما كانا من الكوادر الوسطية ، الى شبه مركز قيادي . وبعد شهر من اعتقاله ، عندما انهار مالك واعترف ، سلمهما الى الشرطة لأنهما ظلا في نفس الدار التي كان مالك يعرفها قبل اعتقاله .
– اقيم المركز الثاني ( بعد اعتقال سلام الناصرى وعزيز الحاج ) من قبل ساسون دلال و رفيق جالاك . وكان جالاك شيوعيا هاربا من مدينة السليمانية الى بغداد ، حيث استخدم في جهاز المراسلة . وعلى علم باعتقال المركز القيادي المشكل من سلام الناصري وعزيز الحاج ، فنصب نفسه مركزا جديدا لحشع ، وجمعته الصدفة مع ساسون دلال ، الشيوعي اليهودي الهارب من منفاه ( بلدة البدره ) والمستعد للعمل الحزبي السري في بغداد . فقال جالاك لساسون :
– تعال لنقود الحزب سوية ، انت كمسؤول سياسي ونظري وأنا كمسؤول ميداني .
باشر ساسون عمله واصدر توجيهات الى منظمات الحزب داعيا الى تجديد وثبة كانون لانقاذ فهد من خطر الاعدام . نفذت منظمة السليمانية هذا التوجيه واقامت ثلاث مظاهرات في كانون الثاني – شباط ١٩٤٩ ، في وقت كانت الحركة السياسية قد دخلت في جزر عميق وكان يجب على حشع ان يتبع تكتيك الانسحاب المنظم . كان ساسون مناضلا شيوعيا مثقفا وشجاعا ومتطرفا . ولم يبق هذا المركز اكثر من أيام اذ اعتقل جالاك وانهار وغدا خادما حقيرا للأمن العام ، وسلم ساسون وصمد الاخير واعدم شيوعيا بطلا .
– المركز الثالث ، شكله جاسم الطعان ، ولاأعرف عنه شيأ سوى انه كان من الكاظمية وانهار فور القبض عليه و اصبح عميلا للأمن العام .
– والمزكر الرابع شكله صبرى عبدالكريم . وقد اعتقل وانهار وعمل لخدمه الامن العام . وكان الضابط الشيوعي المفصول مهدي حميد ، وهو من كركوك ، في احد هذين المركزين . وقد اعتقل و صمد و سجن واطلق سراحه اثر ثورة ١٤ تموز ، واستشهد على أيدي البعثيين في وقت لاحق .
– شكل المركز الخامس حميد عثمان ، ولم يبق اكثر من اسابيع قليلة اذ سلمه احد المعتقلين المنهارين . وقد صمد في الأمن العام . وكان ذلك مهما وحافزا على تقوية المعنويات في تلك الأيام حيث كثرت الانهيارات .
صحيفةاعمال – بهاءالدين نوري
في حزيران ١٩٤٩ ، يوم كنت قد غدوت سكرتيرا لمنظمة حشع في محافظة السليمانية ، وردتني رسالة حزبية من بغداد و حملها الطالب في بغداد ، وهو من. أهل السليمانية ، عبدالله البرزنجي – طلب مني السفر الى بغداد . سافرت في ٢٥/٦ و التقيت هناك مع الطالب في دارالمعلمين الابتدائية الشيوعي هادي سعيد ، و ابلغني بانني استدعيت بناءا على توصية من حميد عثمان قبل اعتقاله اذ طلب بان ادعى لتشكيل المركز الحزبي الجديد في حالة اعتقاله هو .
أنا لم افكر قط مجرد التفكير في ان أكون سكرتيرا لحشع ولم ادر ان استدعائي الى بغداد هو لهذا الغرض . صحيح أني شيوعي و متحمس للنضال ، الا انني شاب في الثاني و العشرين من العمر، قليل التجربة و لم اكمل من الدراسة الا الثالث المتوسط . فهل اصلح لمثل هذه المهمة ؟ وعلى أي حال فان التهرب من هذا الطلب يعتبر لونا من الجبن ، ولا يليق بي ان افعل ذلك . فقبلت المسؤولية و بدأت العمل من بغداد . و استقدمت مسؤول محافظة البصرة زكي وطبان ليكون معي في المركز الذي شكلته .
في ٢ أيلول ، بعد شهرين من وصولي الى بغداد ، وقعت مع زكي في كمين مفرزة الأمن العام ، ومعها كل من المنهارين رفيق چالاك و هادي سعيد ، و اثر عراك بالايدي تمكنت أنا من الهروب و لم يصبني شيئ من طلقات مسدساتهم . فبقيت و بقى المركز الحزبي السادس بسلام ، و اتخذت تدابير الصيانة الافضل للسلامة . فيما قبض على رفيقي البصري زكي وطبان بعد ان هرب بدوره و أصيب بطلق ناري في رجله .
في مجرى العمل على. رأس الحزب تطورت و تنامت كفاءاتي و تجاربي و كرست كل طاقاتي لخدمة الحزب ، و الحزب وحده ، و نجحت في مهمتي خلال السنوات الاريع التي قدت فيها حشع . ولا اخجل من تقييم صحيفة أعمالي و منجزاتي : قدت العمل لإعادة بناء التنظيمات الحزبية ، في ظروف العمل السري و الإرهاب البوليسي الشديد ، و ركزت في السنة الأولى على تجميع بقايا الشيوعيين و استيعاب المقبلين الجدد و اعادة الصلات مع المحافظات و التنظيمات المنقطعة ….
– بدأنا من ١٩٥١ بإعادة بناء النشاط النقابي العمالي و المهني و حققنا بعض النجاحات في المؤسسات الأهلية ، وركزت السلطات و الاستعماريون خاصة ضد بعث النشاط النقابي في شركات النفط وفي السكك و ميناء البصرة .. إلخ . وقد شكلنا من النقابات و التجمعات العمالية اتحاد النقابات العراقية و مكتبا دائما لها .
– أعدنا بشكل سري و في خريف ١٩٥١ ، بناء اتحاد الطلبة العراقي العام ، الذي كان قد شكل بصورة علنية و عبر الانتخابات في ١٩٤٨ ثم حطمته السلطات ، و استطعنا تنظيم حركة نقابية واسعة و قوية بين الطلاب .
– شكلنا في١٩٥٢، ولأول مرة في العراق ، اتحاد الشباب الديمقراطي و أرسلنا وفدا سريا الى المهرجان العالمي للشباب .
– شكلنا في ١٩٥٢ رابطة المرءة العراقية ، بقيادة الشيوعية الراحلة نزيهة الدليمي . وكانت أول منظمة عراقية خاصة بقضايا حقوق المرأة .
– ونظم الحزب سلسلة دورات تثقيفية قصيرة للكوادر الشابة الفتية ، حاضر فيها بعض الرفاق المثقفين . وكانت مفيدة ومحفزة للنضال .
أريد ان يعرف جميع الشيوعيين في العراق بأنني القيادي الوحيد في حشع الذي تعرض لعقوبات قاسية ولا نظامية ولااخلاقية على ايدي رفاقه المسؤولين الاوائل . فعلى يد حميد عثمان ، حين أصبح المسؤول الأول في الحزب عام ١٩٥٤ ، عوقبت بالتنحية من كافة المسؤوليات عقابا على الغاء جمهوريته الشعبية المضحكة في سجن نقرة سلمان . وعلى يد الشهيد سلام عادل جرت تنحيتي من كافة المسؤوليات و جمدت عضويتي في الحزب بتهمة تكتل يميني ذيلي مزعوم . وبعد حوالي ثلاث سنوات ابلغونا ان لم يكن هناك تكتل ، بعد ان كان سلام عادل قد استشهد . وفي ١٩٨٤ قررت اللجنة المركزية بقيادة عزيز محمد طردي من حشع حتى بدون اي لقاء معي وبدون سماع كلمة مني . و تواطأ عزيز محمد مع احمد بانيخيلاني على خداعي و نقلي من جبال هورامان الى قرية مركور جنب المثلث الحدودي ، العراقي – التركي – الايراني ، لوضعي هناك تحت الاقامة الجبرية . وصمدت انا ازاء ماحدث دون أن افقد توازني . وهربت من معتقل عزيز محمد ، كما هربت في بغداد من معتقل عزيز الحاج في ١٨ ايلول ١٩٦٧ عندما جرى الانشقاق باسلوب انقلابي . و تعامل عزيز محمد بهذه الطريقة معي خوفا من حضوري في اجتماع اللجنة المركزية والكشف عن فشله و طلب معاقبته .
واتحدى جميع اعضاء القيادة ان يقدموا شخصا آخر تحمل ما تحملته انا دون ان يفقد توازنه ويترك حزبه .
– في سنوات قيادتي تعافي حشع من النكسة الكبرى و استعاد حيويته و نشاطه الجماهيري و قام بمئات المظاهرات الطلابية و الجماهيرية ، بدءا من مظاهرة الأول من أيار ١٩٥١ ، مرورا بمظاهرة تشييع جنازة الشهيد نعمان محمد صالح الذي اضرب عن الطعام في السجن حتى الموت و تتويجا بانتفاضة تشرين ١٩٥٢ ، التي انطلقت فيها مئات الألوف في شوارع بغداد هاتفة بسقوط الاستعمار و عميله النظام الملكي و بانتصار الجمهورية الشعبية . وعجزت قوات الشرطة عن قمع الانتفاضة ، رغم قتل العشرات و جرح أضعافهم. ، وانسحبت من الشوارع و اضطرت السفارة البريطانية في بغداد و البلاط الملكي للجوء الى الورقة الأخيرة في أيديهم : انقلاب عسكري و نصب رئيس اركان الجيش نورالدين محمود رئيسا للوزراء و اعلان الأحكام العرفية العسكرية . ورغم ذلك ، فان النهوض الثوري في البلاد بقي مستمرا بسبب سلامة و حيوية حشع .
– على اثر انقضاء سبع سنوات على انتهاء الحرب العالمية الثانية وما ترتب على ذلك من تغيرات في الوضع الدولي ارتأيت ضرورة اجراء تعديلات على برنامج ( الميثاق الوطني ) حشع . وقد اجريت في ربيع ١٩٥٢ التغييرات التالية :
أ – ادخال فكرة إسقاط النظام الملكي العميل و إقامة حكم جمهوري شعبي .
ب- الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الكردي في العراق .
ج- تأميم شركات النفط الاستعمارية .
ء- توزيع أراضي الاقطاعيين و كبار الملاكين على الفلاحين بقطع صغيرة و بدون بدل .
– تمسكت على الدوام باستقلالية قرار الحزب السياسي ، سواء في سني قيادتي للحزب أو أي وقت اخر . وأوضح مثال على ذلك كان موقفي من اكبر خطأين سياسيين في سني قيادة عزيز محمد ، في السبعينات والثمانينات .
صحيفة اعمال – كريم احمد – ١٩٥٣ – ١٩٥٤
هو ابن فلاح من سهل اربيل ، ، معلم ابتدائية ، انتسب الى حشع مباشرة في اربعينات القرن العشرين و لم ينضم الى جعاعة الراحل صالح الحيدري . وقد تعرض اكثر من مرة للاعتقال و الملاحقات . واصبح في وقت مبكر في عداد الكوادر الحزبية ، و عندما فكرت انا المسوؤل الاول للحزب ، بعد نكسة ١٩٤٨- ١٩٤٩ ، في اعادة بناء اللجنة المركزية للحزب جلبته الى بغداد ، بعد ان كان قد انهى فترة سجنه ، و اخترته واحدا من الرفاق الذين شكلت منهم اللجنة المركزية في ١٩٥١ ( طبعا دون انتخابات ) .
كان كريم احمد شابا شجاعا وذا جهادية عالية ، سائرا في الصفوف الامامية . وبقي على هذا المنوال طيلة عمره النضالي الطويل . ولم اره في موقف الضعف الامرة واحدة ، حيث وقع اسيرا بصحبة الرفيقين احمد بانيخيلاني و قادر رشيد ، بعد خسران معركة بشتئاشان ، و غير موقفه السياسي على ١٨٠ درجة و بصورة مفاجئة ، عند وصوله اسيرا الى مقر جلال الطالباني في نيوزنك ، واصدر بيانات باسم حشع ادان فيها موقف القيادة ، الذي كان قد صاغه بنفسه و قاد مسلحي حشع في الاقتتال قبيل ساعات . وبمجرد نشوب القتال في بشتئاشان و خسارة المعركة و انقطاع كريم احمد عن رفاق القيادة انقلب على الخط الذي صاغه بنفسه ، او شارك في صياغته ، و وقوعه في اسر مسلحي أوك ، انفرد بتغيير الموقف السياسي – العسكري رأسا على عقب ، و تصرف مع بانيخيلاني كما لوكانا هما القيادة و صاحب كافة الصلاحيات . علما ان الاغلبية الساحقة من اعضاء القيادة – المكتب السياسي و اللجنة المركزية – كانوا في الاول من ايار ١٩٨٣ ، في بشتئاشان و عبروا في ذلك اليوم بصحبة عضو المكتب السياسي عمر علي الشيخ و آخرين من الرفاق العرب و الكرد . وقد عبروا جبل قنديل الى الجانب الايراني . و كان على الرفيقين كريم احمد و بانيخيلاني ان يتريثا و يخبرا الطالباني بانهما لايملكان حق اصدار أي بيان ما لم يتداولا مع بقية رفاق قيادة حشع . وقد أرسلت قيادة اوك نسخة من البيان ، الذي اصدره كريم احمد ، الي وطلبت مني الاقتداء به ، فأجبتهم : ( ان كريم احمد الآن اسير لديكم ، ولا اعتبر موقفه هذا بمثابة موقف قيادة حشع )
على أن الاخطاء الكبرى لدى الرفيق كريم احمد ، شأنه شأن سائر رفاق القيادة ، لم تكن مجرد هذا الموق شبه الاستسلامي و حسب ، بل كانت تبعيته لسياسة الرفيق السكرتير عزيز محمد في مجمل سياسته اليميني الذيلية وراء صدام حسين و حزبه القومي الفاشيني و عمالته للمخابرات الامريكية ، المسوؤلة الرئيسية عن اسقاط نظام عبدالكريم قاسم ، في ٨ شباط ١٩٦٣ ، ثم تبعيته الذيلية للبارزاني و اقحام البشمركه الشيوعيين في أقتتال الاخوة بين الحزبين القوميين الكرديين بزعامة جلال الطالباني من جهة و البرزاني من جهة ثانية .
جدير بالذكر هنا ان الرفيق كريم لم يكن القيادي الوحيد المنجرف وراء عزيز محمد في اقامة التحالف مع صدام ، بل كان واحدا من الرئيسيين في السعي لاقامة هذا التحالف ، الذي تنافس في دعمه عامر عبدالله و باقر ابراهيم الموسوي ، و انضم الهم لاحقا الراحل زكي خيري و الرفيق عمر علي الشيخ . و كنت أنتظر من كريم احمد ان يمارس النقد الذاتي في السنين الاخيرة و بعد ان اتضحت الامور و الاخطاء كلها و لمح اليها في مذكراته و بعض مقالاته .
صحيفة الاعمال – حميد عثمان ١٩٥٤ – ١٩٥٥
بدأ حياته كشيوعي بالانضمام الى كتلة يوسف زلخة في ١٩٤٤ . وبعد حل هذه الكتلة وانضمام اعضائها كافراد الى حشع بقي حميد مع صالح الحيدري كمنظمة شيوعية كردستانيه حتى ١٩٤٦ ، ثم انضموا في ١٩٤٦ ، الى حشع . وعرفته في ١٩٤٩ مسؤولا لمحافظة السليمانية . وسافر في آذار ١٩٤٩ . الى بغداد وكان قد شكل المركز الحزبي الخامس في أيار وأصدر العدد الاول من نشرة باسم ( الصراع ) مكتوبة بخط اليد . وقبض عليه بعد حوالي الشهر وصمد تحت التعذيب واعطى بذلك دفعا معنويا جيدا لرفاقه . وكان له دور في شق منظمة السجن واقصاء الرفاق القدامي امثال سالم عبيد و محمدحسين ابولعيس وغيرهما .
وتحدثت عن جمهوريته الشعبية في سجن نقرة سلمان ، التي كانت تدل على ضحالة وتطرف العقلية السياسية . وقد الحق الاذى بحشع واساء اليه خلال تلك السنة التي كان على رأسه . لااعرف ملابسات الاتفاق بين حشع وبين احزاب المعارضة وموقف حميد في ١٩٥٤ – حيث كان هو المسؤول – ولكن من البديهي ان ذلك كان موقفا صحيحا في عقد جبهة التعاون لخوض الانتخابات البرلمانية . ولأول مرة في تأريخ العراق عقد تحالف انتخابي من ذلك القبيل وحققت القاتمة انتصارا بكسب عشرة مقاعد برلمانية . ولم تتحمل الطغمة الرجعية الحاكمة هذه النتائج ، فاقيلت الحكومة وعاد نوري السعيد الى الحكم و حل فورا البرلمان الجديد وقرر اجراء انتخابات جديدة . وأعلنت الاحزاب البرجوازية الوطنية مقاطعة الانتخابات الجديدة . وكان على حشع ان يكون ضمن المعارضين ، لكن حميد عثمان المصاب بالغرور والغباء السياسي اصر علي خوض الانتخابات بمفرده وفكك تحالف حشع مع تلك الاحزاب ولم يحصل على اي كرسي برلماني . فكان من المنطقي في حالة كهذه ان يتنحى حميد عن القيادة ، ولكنه تشبث بكرسيه ، كما هو مألوف في البلدان المتخلقة . ونشب صراع مرير داخل القيادة ( في ١٩٥٥ ) وكان سلام عادل قد لعب دورا متميزا انتهى باقصاء حميد و وصول سلام عادل الى القمة . وقد ترك حميد صفوف حشع وانضم الى البارتي بقيادة حمزه عبدالله ، وفي وقت لاحق انتخب الى مكتبهم السياسي . بانضمامه الى البارتي كشف حميد عثمان عن حقيقة انه كان شيوعيا قومي النزعة منذ البداية ، ولم يكن جديرا يوماما بأي منصب قيادي في حشع . بل كان يريد المنصب وليس المباديء والمصالح العامة .
تدهور حميد عثمان من كونه شيوعيا الى الصف القومى ثم انتقل الى معسكر حزب البعث الحاكم في سبعينات القرن الماضي . واتضح ذلك من عرض المشاهد الخمسة التالية :
١- في اوائل ١٩٤٩ كان حميد مسؤولنا في محافظة السليمانية ، وكنت أنا من كوادر المنظمة .
٢- وفي ١٩٥٣ حكمت ونقلت الى سجن نقرة سلمان ، فوجدت هناك حميدا رئيسا للجمهورية الشعبية العراقية ، الصبيانية ، وتحت امرته حوالي عشرين شابا مسلحين بسيوف صنعت من بليت البراميل الحديدية . وكانت المجزرة الثالثة مرتقبة في سجن نقرة سلمان لولم يكن مدير شرطة البادية رجلا عاقلا وهادئا ولولم أصل انا في تلك الايام الى هناك .
٣- في ١٩٥٨ ، بعد حروجى من السجن و وصولي الى السليمانية ، جاءنى حميد عثمان ضيفا الى بيتي وقدم نفسه كعضو في المكتب السياسي للبارتي .
٤- في ١٩٦٦ كنت في طريقي لزيارة مسؤولي البارتي بمنطقة بالك . ونصحني رفاقي المرافقون لي بالمبيت ليلا عند رفيق شيوعي لنا في قرية ليوزه ، أرسله حشع الى هناك استجابة لطلب الراحل مصطفى البرزاني لينضد لهم حروف الطباعة لاصدار جربدة ( خبات ) . زارنى هناك حميد عثمان وفي تبادل الاحاديث ذكر أنه هوالذي يصدر الجريدة وليس له أي علاقة حزبية مع البارتي ، بل يعمل كممثل شخصي للبرزاني .
٥- وفي ٢٠٠٣ لم ار حميد عثمان بل رأيت فايلي الشخصي في الامن العام البعثي ، جلبه لى رحمان غريب . وكنت اتصفح في فايلي فوجدت رسالة من حميد عثمان الى قيادة حزب البعث ، يذكر فيها ان بهاءالدين نوري يتجول في شوارع بغداد ويطالب باعتقالي .
عزيز القارئ
تقرأ الآن الحلقة الثانية و تقرأ في 30 / 4 / 2020 الحلقة الثالثة ، و تبدأ بعد ذلك بكتابة تعليقاتك و ملاحظاتك خلال اسبوع ، تقرأ بعد ذلك الحلقة الرابعة و الختامية ، وهي مكرسة للبحث عن حل المشكلة ، اي ستقرا ما يجيب به بهاءالدين نوري