إيران تتقاذفها المحن
إيران تتقاذفھا المحن العصيبة، وإحدى أساليب تجاوز المحن عند الكلاسيكيين من أصحاب الفكر الذي يؤمن بالتوسع، إذ يعتقد أن في ذلك رقي البلاد، ومن أسباب القوة والمنعة. بل وأكثر من ذلك، فمنھم من يعتقد أن سر الخلاص من الأزمة ووصفة العلاج والخلاص من دوامتھا، ھو الھروب إلى الخارج، أقفز خارج الأزمة، وتكبير اللعبة، فذلك سيستدعي لاعبين جدد، وسوف تتغير قواعدھا، وبعدھا يجري تقاسم جديد، ولكل حادث حديث، نكون نحن قد حافظنا على ما بحوزتنا …! ھذا ما لم تحدث مفاجئات ليست في
البال .. وغالباً ما ھناك مفاجئات ..! وحيث من المستبعد جداً أن يكون المرشد الإيراني خامنئي يدرك تفاصيل ھذه المعادلات السياسية التي لا تخلو من الصعوبة والتعقيد، وأكثر منھا في التطبيق، فمن المرجح أن أحدھم قد أشار له، فقد سبق لي أن قرأت مقابلة مطولة مع خامنئي حين كان رئيساً لجمھورية إيران في أواسط الثمانينات مع مجلة دير شبيغل الألمانية )Der Spiegel( ومنھا يستنتج القارئ ضعف قدراته السياسية. وأعتقد أن أحدھم قد نصح المرشد خامنئي بمفردات أزمة الكساد الشھيرة في الولايات المتحدة الأمريكية )Great Depression( في ثلاثينات القرن المنصرم، حيث كاد أن ينھار معقل الرأسمالية، لولا التدھور الحاد في الموقف السياسي في أوربا، الذي قاد في نتائجه إلى الحرب العالمية الثانية: ــ دخول ھتلر للنمسا عام آذار 1938 ــ دخول ألمانيا لتشيكوسلوفاكيا آذار 1939 ــ دخول ألمانيا لبولونيا أيلول 1939 ھذا عدا أن اليابان كانت قد أصبحت قوة اقتصادية / عسكرية كبيرة في شرق آسيا، وتسفر عن خططھا التوسعية في كوريا والصين وجزر الفلبين، وصولا إلى الفلبين واندونوسيا، والجائزة الكبرى … أستراليا. أحداث حملت الولايات المتحدة التخلي عن قانون “الحياد” وتشريع قانون جديد )قانون الإعارة والتأجير( آذار / 1941، ” Lend Lease Act ” وبعدھا بتسعة شھور دخلت بنفسھا الحرب، فكان أن تحول الكساد العظيم، إلى أرباح خيالية، وسحب الأرصدة من الذھب والعملات إلى أميركا التي تربعت وما تزال على عرش الاقتصاد العالمي. ولكننا اليوم في أواسط عام 2020 ، والأمريكيان لديھم على الأقل ما يسوقونه، )ليقتنع البعض( بديمقراطيتھم، بثراءھم، بسلعھم الفاخرة ، بموسيقى الجاز، بالببسي كولا، والھامبرغر، وابل آيفون، ولكن إيران بماذا تبشر في الدول التي تتطلع إليھا … بغير الإفقار والنھب والشتائم المقذعة، وقلة الأدب والھمجية والتخلف، وھم بالكاد يدفعون رواتب موظفيھم ..!. الأمريكان والمتوسعون يمتلكون على الأقل أساليب التوسع، من حضارة وثقافة ولياقة، وإيران لديھا أزمة في كل ذلك . وصلنا إلى بيت القصيد … الأزمة …! ھل ھناك أزمة في إيران ..؟ يندر أن يكون ھناك بلد تحاصره الأزمات كإيران … على جميع الصعد وعلى كافة الاتجاھات، أزمات عميقة كامنة وظاھرة توشك أن تلتھب حتى من عود ثقاب صغير .. أزمة اقتصادية خانقة من مظاھرھا العامة كثرة الانتفاضات التي تطلب بحياة محترمة. أزمة سياسية عميقة، من مظاھرھا نظام ثيوقراطي متخلف، ديني طائفي، يعتمد القمع الدموي ليستمر في الحكم. أزمة ثقافية، فسياسة البلد تعادي الثقافة والتحضر، فسياسة البلاد تعتمد سياسة محاربة الثقافة والفن والأدب، بل تشجع المزيد من الغطس في الجھل والتخلفـ فالثقافة ومنجزاتھا ھو العدو الرئيسي للتيار السياسي الديني. أزمة وحدة وطنية، ھي الأزمة الأعمق من بين دول المنطقة: فھناك جبھة تحرير أذربيجان، وحركة تحرير كردستان )وقد سبق في تاريخ الشعبين تأسيس نظام مستقل(، حركة تحرير بلوشستان، وحركة تحرير الأحواز العربية. ومن أزمة الوحدة الوطنية يمكن تصور أبعاد الأزمة الثقافية، والأزمة السياسية.
ضرغام الدباغ
أزمة مع الدول المجاورة ودول الإقليم بسبب التدخل الذي لا يتوقف في الشؤون الداخلية ومحاولات إحداث اضطرابات. أزمة في علاقاتھا الدولية القائمة على عدم الشفافية. وترسيخ مبدأ إيران دولة غير موثوقة. كيف يمكن لدولة أن تكون موثوقة، ذات سياسة حصيفة، إذا ھي تلعن رسمياً، أن حيث يكون قبر لأحد الأولياء ھو موقع إيراني. أما كيف يمكن إثبات صاحب ھذا القبر، ولماذا عائديته لإيران، فھذه فلسفة خرافية لا يفھمھا إلا واضعوا أسس ھذه السياسة، لماذا العراق وسورية ولبنان، والكويت والبحرين واليمن .. وربما غيرھم .. لماذا ھذه دول إيرانية ..؟ في العالم المتحضر يعلمون أن ھؤلاء حفنة من شذاذ الأفاق والمخرفين، يتحدثونھا في أوساطھم، ولكن المصالح الدولية )أقتسام العالم( يقضي ببقاء الوضع على ھذا الحال في إيران، وھذه المصالح ھي التي حرمت الشعب الآذري من وحدة بلاده )الشطر الجنوبي منه تحتله إيران(، والمصالح الدولية حرمت الأكراد من حقوقھم، والمصالح الدولية قضت بمنح الأحواز العربي لإيران من أجل توزيع النفط في الخليج، والمصالح تقضي بمنع البلوش من الالتحاق بوطنھم في الباكستان، لئلا تكبر الباكستان. إذن إيران ھي كيان توافق دولي، وسيبقى الأمر ھكذا لأجل غير معروف بعيد أو قريب … إذن ھي كيان سياسي، ممكن أن يكبر أو يصغر حسب الظروف ..!. اليوم ھو غير 1935، وغير 2003، من اليوم فصاعداً 2020 ھناك حسابات جديدة .. العالم يتغير، ولم يعد وراداً أن يتمكن حفنة من حثالة ملالي أن يقودون العالم نحو السلام والأمان والتقدم، فھذه المخلوقات اختصاصھا ھو إثارة الشغب، وتجنيد أسافل الناس والشقاوات والسرسرية، والتھديد والإرھاب، وإطلاق الشتائم والسباب، واللعنات، بلغة تستحق الانقراض، اليوم تحاصر المشاكل نظام الملالي المتخلف، فيطلقون التھديد وفق نظرية سخيفة، بدل أن يطلبوا منك، أطلب منھم وضايقھم بالصخب والزعيق ….! العرب يقولون مثلاً رائعاً ” ما ھكذا تورد الإبل يا سعد “. سأدون أدناه مانشيتات لأھم التقارير العالمية ھو إيران … وذيولھا في المنطقة ..:ــ ــ بين العلم و”الجھل المقدس” كورونا تضع إيران أمام مأزق عقائدي …! ــ الدنمارك تحاكم متھماً بالتجسس وتنفيذ اغتيالات لصالح إيران. ــ ألمانيا ـ انطلاق جلسات أول محاكمة في العالم بشأن التعذيب في سوريا. ــ ــ ألمانيا تحظر حزب ? اللبناني وتشن حملة أمنية ضد أنشطته. ــ حزب ?.. كيف سيتأثر مالياً وسياسياً بحظر أنشطته في ألمانيا؟ ــ الأسد قد سقط بلا رحمة عند الروس. ديكتاتور، ضعيف، وغير مقتدر. ــ قرار ألمانيا بحظر أنشطة حزب ?..شجب إيراني وصمت لبناني. ــ ليس بسبب كورونا وحدھا.. الفنانات الإيرانيات والحجر المنزلي. ــ ھل تقضي روسيا على الھلال الشيعي في سوريا؟ ــ ماذا يعني غياب الطائرات الروسية وتلميحات إيران حول استقبال الأسد؟ ــ ھل يسعى الكرملين إلى التخلص من ب ّشار الأسد؟
ًًً
ھذه عناوين لأحد عشر تقريرا أجنبيا )ألمانيا( خلال أيام قليلة فحسب )أربعة أو خمسة أيام(، وھي القليل
من بين كثير وھي تقارير موثوقة رصينة… تقارير تضع إيران في مرتبة منحطة بين الدول والمجتمعات، وھذا النظام الفاشي المتخلف الذي مضى على وجوده 41 عاماً من حرب لحرب، ومن فضيحة لأخرى، ومن مصيبة لأخرى … فقط لأنه بقاؤه يفيد القوى العظمى من الدور الذي تلعبه في المنطقة، والشعوب من جيران إيران تدفع ثمن جھل وتخلف ھذا الجار .. والشعب الإيراني بكل مكوناته
… ولكن ربما يلوح الأمل في الأفق …! 1 / أيار ــ عيد العمال العالمي / 2020