وزارة الكاظمي.. الخروج من الغُرف المُظلمة!
وزارة الكاظمي.. الخروج من الغُرف المُظلمة!
تسلم الإسلام السياسي أربع وزارات عن طريق الانتخابات، ثلاث لحزب «الدّعوة الإسلامية»، وواحدة للمجلس الأعلى، فاستقلالية عادل عبد المهدي ليست صادقة، حاول الرَّجل بعد انتمائه الإسلامي، إزاحة ما لحقه من انتماءات سابقة، لذلك كان عبد المهدي صادقاً، عندما قال لأحد الخلصاء مِن المعممين المتنورين، عندما عاتبه على ارتباطه بالعمائم السياسية: «لا أسير إلا وراء عِمامة»! وبالفعل صار وراء عمامة محمد باقر الحكيم (اغتيل2003)، ثم وراء أخيه الأصغر، فولد الأخير، والرجل خرج مِن الوزارة وفي رقبته دماء أكثر مِن سبعمائة متظاهر ومتظاهرة، وخضوع فظيع لقادة الميليشيات، وعلى الخصوص في معالجة ملف الإرهاب.
كنا نسبق إلى التفاؤل مع كل وزارة، فاعتبرنا إبراهيم الجعفري (2005-2006) الأنسب في تلك الفترة، لكنه تمادى في الوهم، حتى أخذ يدير الوزارة بالخيرة، أو قراءة الفال، جاء ذلك بشهادة رفيقه الإسلامي ووزير داخليته حينها، فتصوروا ماذا يحصل لدولة تدار بحبات المسبحة، وهو ما يُسمى بخيرة الإمام المنتظر!
بعدها، جاء نوري المالكي (2006-2014)، وسميناه بابن الفرات رافعاً غصن الزيتون، وكنا معه في «صولة الفرسان»، وفي تصريحه «لدينا ما هو أسوأ من القاعدة»، ووقف ضد تدريب الإرهابيين بسوريا وإدخالهم للعراق، لكن ما هي إلا فترة، ويتعاظم الفساد، وتتفاقم الطائفية، ثم تسليم ثلث العراق، واستقال مرغماً، وفي مسؤوليته قتل أكثر ألف من الشباب(سبايكر)، وقبلها ستمائة في ما عُرف بـ«جند السماء»، وما زال أسر الاثنين وتسليم العراق غامضاً.
بعدها، أتى حيدر العبادي (2014-2018)، وحاول التصحيح، واصطدم بالميليشيات، فلم يترك رفيقه في الميزانية سوى ثلاثة مليارات، حتى إن مسؤول لجنة النزاهة في البرلمان قال علانية: ذهبت 221 ملياراً إلى اليمن والصومال وحماس، ولا أحد يدري كيف ولماذا؟! لكن مشكلة العبادي هي حزب الدعوة، فلم يجرأ على الخروج مِن أردان الحزب، بعده تولى عادل عبد المهدي(2018-2020)، وكان نكسةً لا تخطر ببال مع أيده ورشحه، ومنها المرجعية الدينية.
ليس أصعب على رئيس وزراء العراق من إدارته في الأزمات المتواصلة، مع عظمة حجم الثروة، وهذا ما جعل يزيد بن المهلب (قُتل102هجرية) يستعفي نفسه من ولايته، بعد موت الحَجَّاج(95هجرية)، بسبب الشراهة بالدِّماء والشَّراهة بجمع الخراج للخليفة. كتب الطَّبري: «إن يزيدَ نظر لما ولاه سليمان ما ولاه من أمر العراق في أمر نفسه، فقال: إن العراق قد أخربها الحَجَّاج، وأنا اليوم رجاءُ أهل العراق، ومتى قدمتها وأخذت الناس بالخراج وعذبتهم عليه صرتُ مثل الحّجَّاج، أدخل الناس الحرب، وأعيد عليهم تلك السُّجون» (تاريخ الأُمم والملوك).
أقول: سيتجاوز العراق المحنة، وهذا الماضي ينعشنا كلما مررنا بمساوئ الحاضر، يقول أبو الحسن المسعودي (ت346هـ) في العراقيين: «أهل العقول الصحيحة، والشهوات الممدوحة، والشمائل الموزونة، والبراعة في كل صناعة» (التَّنبيه والإشراف)، فقاعدة التعافي موجودة ماضياً وحاضراً، والعلة في الإدارة.