جائحة اللاعودة للماضي محمد عارف* «هل ينذر فيروس كورونا بنهاية الرأسمالية؟»، و«هل يمكن أن يشفي فيروس كورونا الرأسمالية؟»، و«الطاعون فتك بالنظام الإقطاعي، فماذا سيفعل فيروس كورونا بالرأسمالية؟».. عناوين مقالات وأبحاث تختلف وجهات نظر مؤلفيها، لكنها تتفق في أن العالم يواجه أزمة مصيرية، يلخصها الباحث البريطاني «بول ميسون» في عنوان مقالته «أزمة فيروس كورونا تكشف أننا بحاجة لنظام اقتصادي جديد تماماً». المقالة منشورة في دورية «نيوستيتمان» اليسارية، وتبدأ بإعلان وزير الخزانة البريطاني «ريشي سوناك» أنه سيفعل كل ما يتوجّب عمله. ويقول الكاتب إن الوزير لا يملك ما يقتضيه الموقف الحالي، لأن أزمة «كوفيد -19» ستطيح بالنمو، في بريطانيا والعالم. ويذكر أن «ما سيحتاجه الوزير مُخيّلةٌ مضادة للرأسمالية. وليس على الحكومة سوى أن تتلقى أوامر الاقتصاد. لكنها لا تعرف كيف تفعل ذلك، والسبب ليس فقط الافتقار للثقافة والتجربة، بل الأيديولوجيا». وجائحة اللاعودة للماضي تسود الفكر العالمي، وتتمايز فيها وجهات نظر مختلفة، تعرض بعضَها مقالة «هل يمكن أن تشفي كورونا فيروس الرأسمالية؟» للباحثة الأميركية «دينس هيرن»، التي تذكر أن الأجيال الشابة سترى نقطة التحول العظيم وستتهاوى ثقتها بالأنظمة الديمقراطية. وينشر «المنتدى الاقتصادي العالمي» مقالة «ماريانا مازوكاتو»، أستاذة الاقتصاد في «كلية لندن الجامعية»، وعنوانها «فيروس كورونا والرأسمالية: كيف سيغير الفيروس الطريقة التي يعمل بها العالم»، وتذكر الباحثة الأكاديمية أن الفيروس سيلقي الضوء على الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية عبر العالم، ويكشف بعض نواقص المجتمع الرأسمالي، وتُرجّح أن يغير فيروس كورونا نظرتنا للعمل. وتذكر أن الرأسمالية تواجه جائحة ثلاثية على الأقل أنتجت أزمة صحية أشعلت بسرعة أزمة اقتصادية ما تزال عواقبها مجهولة، وكل هذا يحدث على خلفية أزمة تغير المناخ العالمي. لكن «لماذا فيروس كورونا قد يفجر نجمة الرأسمالية المستعرة؟». ذلك عنوان مقال ضمن سلسلة مقالات عن «نزع كولونيالية الاقتصاد» أعدّتها منظمة «الديمقراطية المفتوحة» الأميركية، ويسخر كاتبه «جون سميث» من فكرة نمو «أموال سحرية فوق الأشجار، وصفقة تهدف لإنقاذ نظام مهترئ لا يعمل». ويتحدث عن العائدات العالمية الحالية مقارناً إياها بالماضي، ويذكر أن المعدلات السلبية للسندات المالية تقدر الآن بنحو 10 تريليونات دولار، و«هذه هي النجمة المستعرة التي قد تنفجر يوماً ما». وتنشر «فاينانشيال تايمز» مقالة بعنوان «لا تلوموا الرأسمالية، بل لوموا مَخرَج هروبنا من هذه اللخبطة»، ينبه كاتبها «روبرت كالفايل» إلى أن أي عمليات إنقاذ ينبغي أن «تميز بين شركات الخراف والمعز، وتنزل العقاب بشركات (الأوفشور) المسجلة في الخارج». ويُسلّم بأن «فايناشيال تايمز» نفسها تؤكد على أن «أحد عواقب الجائحة إعادة صياغة العلاقات بين البيزنس والمجتمع». ويذكر أن «سوء التقدير لا يقتصر على كيف وقعنا في هذه اللخبطة، بل كيف نخرج منها»، ويرى من حسن الحظ وقوعها خلافاً للتوقعات في البلدان القادرة على تحملها. وينبغي أخذ هذا بالاعتبار عند توقع كوارث تغير المناخ العالمي. و«علينا التوقف عن هَوَس أي رأسمالية نريد أن تكون عندنا بعد الأزمة، بل نكون ممتنين أن تكون عندنا أي رأسمالية»! *مستشار في العلوم والتكنولوجيا 22.5.2020 |