قوة نساء الصين محمد عارف* «الجمال حكمة المرأة» يقول المثل الصيني القديم. وكل من الجمال والحكمة اجتمعا في «وانغ يان يي» مديرة «معهد الفيروسات» في مدينة «ووهان»، حيث اندلع وباء فيروس كورونا الذي أصاب حتى الآن أكثر من خمسة ملايين شخص حول العالم، وفتك بحياة أكثر من ثلث مليون إنسان. واندحار الوباء في «ووهان» نفسها بشارة إنقاذ عالمنا الذي أُغلقت فيه الحدود والعقول ودُّمّرَت الاقتصادات. وفي حديثها الذي بثته الفضائية الصينية الرسمية، تُسهب «وانغ يان يي»، المختصة بعلم المناعة، في عرض تفاصيل اكتشاف فيروس «كوفيد – 19» كما يُسمى الآن، وكيف سارع «معهد الفيروسات» إلى إبلاغ «منظمة الصحة العالمية» والمجتمع العلمي الدولي، بتركيبه الجيني المختلف عن الفيروسات التاجيات المعروفة، والتي أحدثت أوبئةً فتكت بحياة الملايين، مثل «الكوليرا» و«الطاعون» و«الجدري» و«متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» و«إيبولا». وتعليقاً على لعبة اتهامات إلقاء المسؤولية، تذكر العالمة الصينية أن تطوير فيروسات جديدة تصيب ملايين الناس يفوق القدرة العلمية الحالية. وقد استغرق تطور «كوفيد – 19» في الطبيعة أكثر من نصف قرن، حسب تقدير العالم البريطاني «إدوارد هولمز» أحد رواد علم الفيروسات. و«المرأة الصبور يمكن أن تشوي لحم ثور كامل على نار فانوس». في هذا المثل الصيني القديم قصة حياة «وانغ يي»، الطبيبة النفسانية في مدينة «ووهان». ويعرف ذلك الآن معظم سكان العالم الذين يواجهون خطر وباءين معاً، وباء فيروس كورونا ووباء الرعب الذي يثيره. عاشت «وانغ يي» محنة الخطرين معاً لدى ظهور الوباء في مدينة «ووهان» في فبراير الماضي، حيث كان عليها وفريقها الطبي تقديم الخدمات الاستشارية للمصابين بالفيروس، وبينهم أعضاء في الفريق الطبي وأفراد عوائلهم. وكانوا يسهرون ليال متواصلة، يتابعون الصحة النفسانية للمصابين، ويحاولون تحسين مزاجهم ورفع معنوياتهم. آنذاك اختارت «وانغ يي» العمل في مستشفيات العزل، حيث من الصعب جداً المحافظة على التوازن النفساني للطبيب نفسه في «ووهان» مركز زلزال الجائحة، التي أغلقت المدينة 76 يوماً. هذه التجارب المروعة أثمن ما خرج به أهل الصين من محنة الوباء المزدوج. وعندما نتابع أعمال «مجلس ممثلي الشعب الصيني» المنعقد الأسبوع الماضي في بكين نرى على الطبيعة المثل الصيني القديم القائل: «الرجل رأس الأسرة والمرأة الرقبة التي تُدَوِّر الرأس». عضو المجلس «غوان كوتشين»، مثل معظم أعضاء المجلس ليست سياسية محترفة، بل مُدرسة في مدينة «أنشان» بإقليم «لياوننغ». وعند وقوع الجائحة كانت متهيأة للتدريس عبر الأونلاين، والذي انطلق رسمياً في الصين بداية مارس. وهي تَعتبر الجائحة فرصة لتأسيس مجموعة قيم إيجابية في نفوس طلبتها، وتكوين نظرة إيجابية للحياة. «في مواجهة الجائحة، نحن لسنا مجرد متفرجين»، تقول ذلك «غوان كوتشين» التي شجعت طلابها على كتابة قصصهم الشخصية، وعلى المشاركة في مسابقات القصص. والآن فيما تكافح دول العالم للخروج من هوة الوباء العميقة، يناقش الصينيون مشاكل ما بعد الخروج من الهوّة، ولنسائهم دور مميز في تطوير إلكترونيات تجعل من الصعب تماماً تحول أي فيروس إلى وباء لا يمكن السيطرة عليه. وطفرة الذكاء الاصطناعي التي ساهمن فيها، طوّرت أنواع الذكاء القادرة ليس على تحليل البيانات لمئات ملايين البشر فحسب، بل التنبؤ بالكارثة الوبائية قبل حدوثها، وبهذا تتقدم الصين خطوات على أي فيروس محتمل. و«المرأة الفضولية تدور حول قوس قُزح لمجرد أن ترى ما وراءه». هذا المثل الصيني القديم يراه العالَم الآن في حفلات الأعراس الجماعية، حيث قوس قزح في بريق عيون عرائس الصين اللواتي انتظرن بفارغ الصبر زوال الوباء. يا عرائس الصين، هل ترين قوس قُزح العالم الخارج من الجائحة؟ *مستشار في العلوم والتكنولوجيا |