تعاني حالا من الانفصام
ينفي الممثل السوري عباس النوري، الذي يستكمل تصوير مسلسل “شارع شيكاغو”، علمه بإنتاج مسلسل جديد بعنوان “كان قلبي” إلى جانب الممثلة كاريس بشار، ويشارك فيه الفنان دريد لحام ضيف شرف، ويقول “هذا الكلام ذكر في الإعلام فقط، ولا وجود لمثل هذا المسلسل. ربما من تحدثوا عن هذا العمل يخططون لعمل جديد، يجمع بين مجموعة من الممثلين، وربما لا، وربما تم استبدال عنوان مسلسل “إجازة” بعنوان آخر. فأنا كنت مرتبطاً بعمل اسمه “إجازة” وكانت كاريس بشار مرشحة لبطولته، بالإضافة إلى نجمات أخريات من بينهن سلافة معمار، على أن يشارك فيه الأستاذ دريد لحام كضيف شرف، ولكن لم يحصل اتفاق بينه وبين الشركة المنتجة، وربما انسحب الأمر نفسه على كاريس بشار”.
عن رأيه بتأثير أزمة كورونا في الدراما السورية التي كانت تعاني في الأساس من تراجع لافت في الأعوام الأخيرة، يوضح النوري “هذا الموضوع يطول البحث فيه. أزمة الدراما السورية ليس سببها ظروف الحرب والاختلاف الاجتماعي في المؤسسات الثقافية والفنية وغيرها، بل أزمتها تشبه أزمات الدراما في كل دول العالم الثالث، حيث يجرّب رأس المال في صناعة الفن، كما يفعل في الصناعات الأخرى. هم يجربون في صناعة البندورة وفجأة ينتقلون إلى صناعة الفن، ليس في سوريا فحسب وأيضاً في العالم العربي كله. المال لا هوية ولا جنسية له وهو المهيمن، لذا هو يفرض ثقافته وكل ما يريده. وهذا وضع طبيعي، وأنا معه تماماً، لأن التجارب التي نخوضها، يمكن أن تنجح أحياناً ويمكن أن تفشل أحياناً أخرى، وأحياناً أخرى يمكن أن تتعثر. لكن الدراما في سوريا، لها وضع خاص، لأن النجاحات الكبيرة السابقة، استندت إلى تجارب نجوم كبار رحلوا عن عالمنا، أما اليوم، فنحن نعاني من تضييق في التوزيع والمشاهدة والمتابعة، لاعتبارات سياسية، لا علاقة لنا فيها، وهي جعلت الدراما السورية تعاني من انفصام من الشخصية، لكون المشهد الفني والثقافي انقسم بين موالاة ومعارضة، وأنا أعتبرها تسميات سخيفة لأن الثقافة أكبر بكثير من السياسة”.
دراما موديلات
وعن رأيه بالدراما المشتركة، وهل هي عوّضت عن الدراما اللبنانية والسورية عربياً، يقول: “لا أؤمن بهذه التسمية. والدراما المشتركة كانت موجودة في السنوات الماضية من خلال إنتاجات بين لبنان ومصر وسوريا لبنانية وسورية. عام 2008 خضت تجربة مشتركة من خلال مسلسل “الاجتياح” الذي شارك فيه فنانون لبنانيون وسوريون وأردنيون وفلسطينيون وتونسيون، ووصل إلى العالمية وفاز بجائزة “إيمي أورد”. الدراما الحالية التي تعرف بالمشتركة تصح عليها تسمية دراما مفبركة، حيث يتحدث كل ولد من أولاد العائلة الواحدة، بلهجة مختلفة عن لهجة أخيه. هي دراما موديلات، والممثل فيها يمثلّ موديلاً وليس شخصية”.
توصيف النوري للدراما المشتركة بهذه الطريقة لا يعني رفضه المشاركة فيها، كما يؤكد، إذ هو يعتبر أن هناك فرقاً بين المسألتين ويقول: “شاركت في الفترة الماضية بأعمال مع الفنانة ورد الخال صاحبة التاريخ والتجربة والقيمة، كما مع مجموعة من الممثلات اللبنانيات. الدراما المشتركة الحالية هي حالة تسويق ليست أكثر. وأي نقاش في هذا الموضوع يوصلنا إلى أبواب في غاية الحساسية، فيها نيل من مكانة الفنان السوري أو الفنان اللبناني، وهذا الأمر غير صحيح على الإطلاق. الدراما المشتركة نجحت، وساهمت ببروز وجوه جديدة، بخاصة بين الممثلات، ولكن المطبّ الذي يمكن أن تقع فيه، في مرحلة لاحقة، أنها تُبرز أشكالاً جميلة فقط”.
ونفى النوري أن يكون قصده أن الممثلات اللبنانيات اللواتي يشاركن في الدراما المشتركة، جميلات ولكن غير موهوبات، وأضاف: “هم بدأوا بالتركيز على جيل جديد رأسماله الوحيد هو الجمال، بعيداً من الموهبة. وهذا الأمر ينطبق على نسبة كبيرة من الأعمال ولكن ليس كلها”.
وفي ظل الصراع الخفي بين نجوم الدراما المشتركة، يرى النوري أن المستفيد الوحيد منها، ليس الممثل السوري أو الممثلة اللبنانية، بل صاحب المال. ولكن ماذا عن النجومية التي حققها الممثلون الذين شاركوا فيها؟ يوضح “النجومية كانت موجودة، وهي في الأساس لم تعتمد إلا على النجوم”.
المال والنجوم
وعما إذا كان النجوم السوريون أخطأوا عندما شاركوا بما سمّاها الدراما المفبركة، وهل كان المال هو الدافع الأساسي الذي يقف وراء قرارهم؟ يجيب “طبعاً المال هو السبب الرئيسي لمشاركتهم فيها، ولكني لا أجد أنهم أخطأوا لأنني أنا أيضاً شاركت فيها. الفن عبارة عن تجربة إبداع فقط لا غير، ومن خلالها يعبر الفنان عن موهبته، سواء في الغناء أو الموسيقى أو التشكيل أو الدراما أو السينما أو التلفزيون وغيرها من الفنون الأخرى، ولكن هل يمكن القول إن هذه الدراما فشلت؟ صحيح أن للدراما المشتركة جمهورها، ولكن جمهور الفن في هذا الزمن أصيب بالعدوى من جمهور السياسة، وهنا يأتي دور الميديا التي تعمل على صناعة الرأي العام”.
وهل يعتبر أن الدراما المشتركة، أخذت من درب الدراما المحلية في سوريا ولبنان؟ يجيب: “يوجد في لبنان ممثلون ترفع لهم القبعة احتراماً، تاريخاً وجهداً وثقافة وموهبة، لكن الأعمال المشتركة شوّشت على كل مساحة خريطة المشهد الدرامي اللبناني. صحيح أنه لا يمكن إلغاء هذا المشهد، لأنه يضم عباقرة لهم اسمهم وتاريخهم ووجودهم وأهميتهم التي تؤكدها تجاربهم على الصعد كافة، سينمائياً ومسرحياً وتلفزيونياً، لكن أحداً لم يخدمهم، بسبب التشويش الذي أصبح صناعة حقيقية في وجه كل من يمتلك الجدارة. هناك تجمّع لمن لا يملكون الجدارة بل الجمال، وحتى لو كانت إحدى الجميلات تعاني من مشكلة بسيطة، فإنها يمكن أن تحل بالقليل من السيليكون وبالملابس الجميلة وبالماكياج الجيد، لكي تطلّ بأفضل صورة، ولكنها ستظل مجرد امرأة جميلة ولن تكون ممثلة أبداً، وهذا الكلام ينطبق على الممثلات والممثلين على حدٍّ سواء. والمشهد الدرامي في سوريا لا يختلف عنه بل هو قريب جداً منه بسبب التشويش أيضاً”.
شارع شيكاغو
وبرّر النوري تجمع النجوم وثقل الأسماء في الدراما السورية، من بينها مسلسل “شارع شيكاغو” الذي يضم عدداً كبيراً من نجوم ونجمات سوريا من بينهم دريد لحام، سلاف فواخرجي، أمل عرفة، نادين خوري، خالد القيش وغيرهم، والكفيل كل اسم منهم بالتسويق لأي عمل، بأنه يشكل إضافة إلى العمل، وتابع “كلها أسماء لها قيمتها وتاريخها ووجودها. لا يوجد شيء اسماً يبيع بل عمل جيد. صحيح أن كل الأسماء المشاركة في المسلسل لامعة، ويكفي التوقف عند اسم دريد لحام، الذي لم يكن ليوافق على هذا العمل لو لم يكن مهماً. اجتماع كل هذه الأسماء، لم يكن مصادفة بل بسبب جودة العمل والفكرة والنص، وبالثقة بالمخرج والمشروع. نحن نعاني من شحّ في الإنتاج ومن انعدام بعض الحريات على المستوى الثقافي، ولكننا لا نعاني من وجود المشاريع والثقافة. ولأن المشروع فيه إبداع، فهو تطلب وجود كل هؤلاء النجوم، الذين تنازلوا عن جزء من أجورهم أو عن أمور أخرى”.
النوري يتمنى ألا يعرض مسلسل “شارع شيكاغو” في الموسم الرمضاني المقبل، ويقول: “لا أحب سوق رمضان الدرامي، لأنه يتم التركيز على الأعمال التي فيها مضيعة للوقت. رمضان يفرض ثقافة مشاهدة مختلفة، والناس يفضلون متابعة “باب الحارة” والأعمال الشامية وسواها من الأعمال الخفيفة، كما أشار إلى أنه لم يكن متابعاً جيداً للدراما في الموسم الرمضاني الفائت، ولذا لا يمكنه أن يحكم عليها”.