تقديس الزعامات
المقال السادس
إنّ المتتبع لستراتيجية الحاكم (الراعي) يجده مختفياً خلف ما يعول عليه من الكادر الوسط ، أو الحلقة التي يدير بها أتباعه (رعيته) حتى يرمي ظلمه على هؤلاء فيما لو اعترت رعيته صحوت الموت إن لحقوا بالثائرين ، أو المعارضين لهذا الحاكم (الراعي) حتى يأسر عقول رعيته مرةً أخرى ، بل مرات ومرات . شبيه بهذا التوصيف مقولة الزعيم الثائر الجنوب أفريقي نلسون مانديلا Nelson Mandela : ((القائد مثل راعي الغنم ، يقف خلف القطيع ، يترك الأكثر نباهة ورشاقة يتقدّم في المقدمة ، فيتبعه الآخرون بدون أن يشعروا أنّهم كلهم موجهون من الخلف)) . هكذا تنشأ المجتمعات الغنمية ، أو القطيعية الخانعة الخاضعة ، فيصبحون مصداقاً واضحاً لتقسيم الإمام علي عليه السلام في قوله : الناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح لم يستضيؤوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق . نعم هكذا هو حال الرعية المنقادة المنبطحة دوماً ، المستعدة للانقياد لزعامة تقدسها ، وتجعلها رمزاً لا خطأ ، ولا ظلم في ساحته .
كثير من هؤلاء الرعية عندما تقدم له الأدلة على أنهم ينقادون لمن هو لربما أقل منهم كفاءةً وحنكةً وفهماً وتدبيراً ، ولاسيما أصحاب الشهادات تقرأ في حدقات عيونهم الموافقة لما تقول والقناعة الراسخة به . بيد أنّهم تقولبوا من حيث يشعرون ولا يشعرون ، ودجّنوا أنفسهم على العيش في قطيع الرعية ، والخوف من الخروج منه لئلآ تأكلهم ذئاب الخصم الموهوم ، أو الرمز الآخر لقطيع يشابههم في الأدلجة والخضوع والقبول بهذا الحال الذي صار العيش بدونه ضرب من المحال ! .
من طريف ما يذكر في نماذج هذه القطعان من الرعية المنقادة . إن مجموعة من أعضاء الفرق في حزب البعث العربي الاشتراكي سألوا رفيقاً في أثناء خفارتهم ، وكان هذا الرفيق عضو في المجلس الوطني الذي تصويتهم بالإجماع لقرار غزو الكويت عام 1991م ؟ وبعد إلحاحهم عليه أجابهم : عندما كنا في الاجتماع وعرض علينا رئيس المجلس الدكتور سعدون حمادي مقترح قرار غزو الكويت قام أحد الأعضاء ، وأظن من الديوانية فقال بأعلى صوته : إذا قال صدام قال العراق ، فصفق الجميع وصوتوا بالموافقة على القرار بالإجماع .
Hello! Do you know if they make any plugins to protect against hackers?
I’m kinda paranoid about losing everything I’ve worked hard on. Any recommendations?