القلوب البشر تقهرُ الوباء محمد عارف* وباء «كوفيد- 19» الذي أغلق الحدود، حتى بين الأقطار الأوروبية، قهره الحبُ في أوتيل قرية «لكيور» الصغيرة، التي تقسمها نصفين الحدود بين سويسرا وفرنسا. تفاصيل مثيرة في تقرير «اموجين فولكس»، مراسلة «بي بي سي»، عن القرية التي اشتهرت بمفاوضات ميثاق «إفيان» عام 1961 بين ممثلي منظمة التحرير الجزائرية وفرنسا. وتضاهي ذلك الآن في الإثارة قصة حبيبين من جنسيتين مختلفتين، فرنسية وسويسرية، عازمين على الزواج، إلاّ أن غلق الحدود قَسَم القرية والأوتيل قسمين، لكل مدخله المختلف. مالك الأوتيل وضع الحبيبين في غرفة رقم 9 التي تقطعها الحدود نصفين، وطلب منهما الالتزام بالغلق! وهكذا، قهرت قلوب الناس الوباء حول العالم. في بريطانيا وحدّت مواجهة الوباء بين الدكتورة «كيران أحمد» (34 عاماً) مسؤولة التخدير في قسم الطوارئ في مستشفى لندن، وأطباء جدد التحقوا بالخدمة الصحية. «هجمة الوباء الصعبة، التي تثير الهلع العام، شدّت عزم 50 طبيبة وطبيباً شباباً، جمعتهم مواقف زمالة يصورها شريط فيديو يتضمن تفاصيل عمليات الإنقاذ، والأجهزة المستخدمة، كالرئة والكلية الصناعيتين اللتين تعيدان الحياة لمصابين على شفا الموت. وفي تايلاند بادرت فرقة «تايلاند للتايلانديين»، التي شكلها متطوعون شباب، إلى جمع أموال لشراء الأدوية، واستخدموا مدّخراتهم الشخصية لتأمين وسائل التعقيم في الأحياء الفقيرة، المعرضة للوباء أكثر من غيرها في معظم أنحاء العالم. وزورق الموسيقى في أمستردام اغتبط به مالكه، وسكان المنازل على جانبي قناة أمستردام. مالك الزورق «رينيه» فقد عمله بسبب «كوفيد- 19» الذي أغلق أبواب الرزق حول العالم، ومنحته حكومة هولندا معونة قدرها ألف يورو، فحمل في زورقه طبلَه يقرعها بقدمه وبوقه يعزف عليه بفمه، وتجّمع السكان في شرفات منازلهم، أو على متن زوارقهم يرقصون ويهزجون. «رينيه» يقول: «كل شخص يمكن أن يفعل شيئاً للمشاركة في الكفاح ضد فيروس كورونا». وقلوب الفلسطينيين كوطنهم، الذي يقول عنه محمود درويش: «ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي، إنه حياتك وقضيتك معاً»، وهنا «الأمل ليس مادة ولا فكرة.. إنه موهبة». وموهوبون ممثلو المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، الذين أقاموا «أوتيل القديس جورج» في المدينة القديمة لحجر المصابين بالفيروس مجاناً. وتوجع القلب رسالة طبيب عراقي مقيم في قسم الطوارئ في «مدينة الطب» ببغداد عن أعداد مخيفة متزايدة للمصابين، وقلة أجهزة إنقاذهم، حيث يضطر الطبيب إلى مناوبة قنينة الأوكسجين بين مصابين على شفا الموت، «كل شويه واحد منهم ياخذ نَفَس». وتتضمن رسالة الطبيب العراقي مواقف، كما يسميها، يصعب تصديقها، لولا أنه وقع الرسالة باسمه الصريح، وأرسلها عبر أكاديمي عراقي يعيش في لندن. و«مِن عَطبك تأتي قوتك»، قالها عالم النفس فرويد، ومن عَطب البشر بالكورونا تأتي قوتهم في المرح وإطلاق النكات. بعض النكات رُقع من الكرتون تحمل نصوصاً ورسوماً يتبادلها ملايين الناس عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، مثل صورة ضفدع يُطلق تعليقات بلهاء، كتعليقه على سبب قبض البوليس على متفائل بالعام 2020، «يا ستار جابوه منين!». وبعض النكات للتخفيف من مشاعر الضيق بالحجر المنزلي، مثل «صاحب نظرية أن الكورونا ستختفي في الحر، هو نفسه صاحب نظرية الجزمة الضيقة تتوسع بالمشي، والحب يأتي بعد الزواج»! *مستشار في العلوم والتكنولوجيا |