تقديس الزعامات
المقال السابع
أفرز الواقع الذي نعيشه وهو امتداد لعمر الإنسانية في طول القرون المنصرمة ، أنّ تكوين الرعية المنقادة مثل قطيع الأغنام اتي تتبع قائدها من غير إعمال العقل والفكر ، لأنّ كل ما يصدر عن الحاكم (الراعي) هو الحق والصدق غير القابل للمناقشة يسهل تشكيلها وتكوينها وتكثيرها فيما لو كان الزعيم من رجال الدين ، أو اصطبغ بصبغة الدين ؛ لأن أغلب هؤلاء الأدعياء صيروا الدين على أهوائهم بتحريف الكلم عن مواضعه تبديلاً ، أو تأويلاً ، وما مقولة الفيلسوف الاقتصادي الألماني كارل ماركس : ((الدين زفرة الإنسان المسحوق ، روح عالم لا قلب له ، كما أنّه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح ، إنّه أفيون الشعوب)) . إنّ هذا النص الذي غالباً ما يقتبس مبتوراً بما يخدم أدعياء التدين في تحريفهم وتأويلهم بما يخدم ما صيروه من دين ، فالدين عندهم الخضوع والانقياد والقبول بالفقر والحرمان طالما أن الزعيم مصان ، فرجعوا من حيث لا يشعرون للصنمية التي حاربها الدين الحق وجعل العبادة لكثرة آلهة صنعت بأيدي شياطينهم من الأصنام الحجرية والخشبية وما شاكلها ، وبعد أن عبد الناس إلهاً واحداً، احتال عليهم تجار الأديان وصنع لهم أصناماً بشريةً منحت الألقاب والعناوين لتحل محل الأصنام السابقة تماشياً مع التطور في الفكر والتأمل والنظر .
العجيب الغريب أن الأنبياء والرسل والأوصياء ومن سار على نهجهم يختلفون كلياً عن الزعامات الصنمية البشرية للرعية في طول التاريخ ، لأنّ الزعامات لا تتطابق أفعالها مع أقوالها خلافاً للرسائل والرسل ، وإلاّ لم خاطب رب العزة سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون + كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) الصف/2ـ3 . ولذا تجد أنّ الأحزاب العلمانية تمنى بالخسارة ميدانياً على مستوى التنظير والتقعيد والقيادة في ساحة ينافسها على الرعية الأحزاب المحسوبة على الدين ، أي دين .