الكتابة
المقالة الأولى .
الدكتور عبد الحسين أحمد الخفاجي .
تعد الكتابة من أهم المحصلات الحضارية الكبرى التي حققها الإنسان في مسيرته التاريخية نحو الترقي ، وتأتي على رأس الدلائل المادية في النضوج الحضاري ، ولها يعود الفضل الكبير في وضع أصول التاريخ المدون للإنسانية في مختلف المعارف ، والعلوم ، والفنون ، فضلاً عن أثرها الكبير على مجمل الحضارة الإنسانية ، ولولا الكتابة لما كان في مقدور الإنسان أن يسجل علومه ومعارفه وتراثه وينقله إلى الأجيال .
إن أول تأصيل للتدوين كان قبل خمسة آلاف سنة في منطقة أوروك الواقعة جنوب شرق السماوة والتي تسمى الوركاء حالياً ، إذ عثر في احد معابدها على أكثر من ألف رقيم طيني تضمنت وثائق اقتصادية بأقدم أنواع الكتابة وأيسرها وهي الكتابة الصورية Pictographic في حدود (3500ق.م ) ، وليس من الغريب أن يكون وادي الرافدين نواة الحضارة ونقطة إشعاعها ، فقصة هذه الرقعة الجغرافية اعني وادي الرافدين لها خصوصية فريدة تنماز بها عن باقي بقاع المعمورة .
نشأة الكتابة وتطورها
ظهرت بوادر اختراع الكتابة في الألف الثالث ق . م وكانت في أول أطوارها تتألف من ألفي علامة صورية ، ونتيجة للبس الحاصل من تشابه العلامات وتعدد المعاني فعلى سبيل المثال ان الكلمة السومرية (UDU) التي تؤدي معنى الغنم كتبت بأكثر من إحدى وثلاثين علامة صورية واختزلت هذه العلامات من طبقة إلى طبقة حتى صارت لها علامتين فقط ، وفي مطلع الألف الثاني ق . م أصبح عدد العلامات الصورية يتراوح بين 550 ـــ 500 علامة مسمارية ، ويمكن تحديد المراحل التطورية التي مرت بها الكتابة على النحو الآتي : ـ
- المرحلة الصورية Pictographic :
إذ عبر الكاتب عن معاني المفاهيم برسم هيئة صورية لها فرسم صورة سمكة لكلمة السمكة ، وصورة قدم لكلمة القدم ، ورسم صور موجزة للتعبيرات التي تتألف من عدة تراكيب ، فمثلاً رسم صورة موجزة للإنسان تتألف من جذع ورأس فقط .
- المرحلة الرمزية Logogram :
اهتدى الكاتب العراقي الى ابتكار الطريقة الرمزية لكي يتمكن بواسطتها من تدوين الافكار والاشياء المعنوية وذلك برسم صور لها بهيئة مختصرة ، فأصبحت العلامات لا تعبر عن الشيء الذي تصوره فقط بل تعبر عن افكار ذات صلة بما تمثله تلك العلاقة او بعبارة.