قرأت مرة أن مقاتلا أفريقيا شجاعا، حفر بالسكين على درعه ” الأسد يموت في القتال وإذا أسر ومات في
الأسر فھو شھيد “.
سلطان ھاشم دخل الكلية العسكرية وھو فتى يبلغ بالكاد السابعة عشر من العمر عام 1964، ومنذ ذلك اليوم، وھو لا يعرف في الحياة شيئ سوى النظر إلى خريطة وطنه وأمته. جندي مقاتل محترف حتى يوم صعدت روحه إلى بارئھا حرة نقية تقية …ستون عاماً في خدمة بلادك وأمتك ما كلت فيھا يمينك وما
خنثت يمينك .فقاتلت وأجدت، جزاك الله عن جھادك خير الجزاء
تعرفت على سلطان ھاشم وھو برتبة ملازم عام 1967 في سرسنك، كان سلطان أمر فصيل مشاة في سرسنك، وكنت آمر سرية مشاة في قوات الحدود، ويومھا كانت البوصلة عندي تتجه إلى التفتيش عن العناصر الممتازة لكسبھا للحزب، فلفت انتباھي ھذا الضابط المحترم الكلي التھذيب ذو الصفات الشخصية والعسكرية الحميدة، وله مشاعر وطنية وقومية واضحة، وكان رفيق من وحدتھم )الملازم س( أخبرني أن
الملازم سلطان ھاشم بعثي بدون تنظيم، ھو قمة في الشعور الوطني والقومي، ومضمون إلى جانبنا.
نحو عشرة شھور قضيناھا معاً في موقع بلدة )مصيف( صغير كسرسنك، نلتقي كأصدقاء في ساعات الفراغ، وبعدھا نقلت من قوات الحدود، ولم ألتقي بعدھا سلطان، ولكننا نتبادل التحايا عبر أصدقاء مشتركين. وحين سطع نجم سلطان كضابط، كنت متوقعا ذلك لأنه يحوز على كافة صفات القائد، مھنية عالية، وحرص أخوي / أبوي على من يعمل بإمرته، محترم ونزيه، شجاع وكفوء ومقتدر، وعلمت من زميل له في كلية الأركان، أنه كان نعم الطالب الباحث المجتھد، فليس من المستغرب أن يتبوأ أعلى
المواقع القيادية.
يوم أطلق سراحك بقرار إلھي، وأنت حر خارج أسر القوى الغاشمة، التي ما تمكنت منك وسيفك في يدك، وما تمكنوا من بلدك، فما حصل ھو مؤامرة، ويوم فشلوا في ثلم سيفك، لجأوا للغدر والتآمر وأدوار الانحطاط والخسة، واستجداء النصر )سيبقون في حسرته إلى الأبد( على أيدي قوى عظمى، فراحوا
يحاولون أن يتشفوا منك وليشفوا غليلھم، ولكن ھيھات ..في القتال الحر الشريف كنت لھا .. وكنت لھم الدرع الفولاذي .. أما وأنت أسير فوالله الشماته بك دونية وانحطاط ھم أولى بھا .. وأنت اليوم في حضور ملك عادل، سترى أمامك في مقصورة الشھداء من القادة والجنود والمناضلين ممن لھم المكانة العليا، سترى أمامك الفريق الركن يوسف العظمة وزير دفاع سوريا، وسترى الفريق الركن عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري، وسترى قادة الوطن والأمة صدام حسين، وعمر المختار، وياسر عرفات، وجمال عبد الناصر، وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص.. وعقبة بن نافع، وقتيبة بن مسلم، ومقامك بينھم وما أروعه من مقام، فطب نفساً فھم لم يتمكنوا منك حياً، ولن يصلوا مقامك ميتاً .. وھذا مقام رفيع لا
يمنحه الله سبحانه إلا لمن ھو ذو حظ كبير .. وأنت منھم إنشاء الله..
دخلت مسجدك الذي شيدته بعرق جبينك وذراعك .. والناس جاؤا ليودعوك رغم حراب الإرھاب، ورفعوك فوق الرؤوس ملفوفاً بالعلم .. وأحد ضباطك رفع يده بالتحية العسكرية لك وخاطبك : سيدي القائد .. أي مجد ھذا .. أي شرف عظيم ھذا .. أي مقام كبير ھذا .. أنه مستحقه يا أخي وصديقي ورفيقي أبو
أحمد ..
سلام عليك سلطان ھاشم .. سلام من وطن وأمة لا تنساك .. يوسف العظمة أستشھد يوم 24 / تموز مثل ھذه الأيام قبل مئة عام .. ولكن من ينسى أبطال أمثالكم .
اخترت صورتك بعقالك المفخرة، رافعاً رأسك بشموخ … أيھا الطائي الكبير