كاظم حبيب
هل المنتفضون أمام شراسة عادل عبد المهدي جديد؟
رحل رئيس الوزراء الجزار عادل عبد المهدي منصبه وفي رقبته الغليظة دماء أكثر من 700 شهيد وأكثر من 27000 جريح ومعوق والمئات من المختطفين والمعتقلين والمغيبين من بنات وأبناء الشعب العراقي الجريح والمستباح بالجماعات الإرهابية المتمثلة بالميليشيات الطائفية المسلحة وقيادات من الحرس الثوري وفيلق القدس وأجزاء كبيرة وأساسية من قادة وكوادر ومسلحي الحشد الشعبي. رحل الجزار ولعنات الشعب تطارده وسيمثل دون أدنى ريب أمام القضاء العراقي أو الدولي ولن يكون هذا اليوم بعيداً، ومعه كل من اشترك بإذلال وتجويع وهرس جلود الشعب بحر الصيف اللاهب بل وبخيانة الشعب العراقي بمختلف السبل. فلشعب يمهل ولا يهمل!
بالأمس سقط شهيدان جديدان في ساحات نضال قوى الانتفاضة الباسلة على أيدي شرطة مكافحة الشغب، ومعها في الغالب الأعم، الميليشيات الطائفية المسلحة لا لذنب اقترفاه بل لأنهما احتجا ونديدا بالانقطاع المستمر للتيار الكهربائي ليس في بغداد فحسب، بل وفي جميع مناطق الوسط والجنوب، التي تشهد كلها تظاهرات غاضبة ومستمرة. والسؤال الذي يواجه الشعب هو: هل عاد مصطفى الكاظمي من طهران وهو يحمل فرماناً من ولي الفقيه خامنئي لمواجهة قوى الانتفاضة الشعبية على الطريقة الوحشية والدنيئة التي واجه بها عادل الجزار المنتفضين في سوح النضال العراقي؟ هكذا تبدو الأمور! وهو ما تريده إيران ويرفضه الشعب!
بالأمس صرح الكاظمي بأنه سينشر أسماء شهداء الانتفاضة، وسكت عن نشر أسماء القتلة المعروفين له خير معرفة. واليوم يضيف الكاظمي لقائمة الشهداء شاب عشريني ورجل خمسيني من المشاركين في ساحة التحرير. وهكذا تلطخت يداه، شاء أم أبى، بدماء قوى الانتفاضة، وبدأ انزلاقه، الذي ما كان يتمناه أي إنسان، إلى المستنقع الذي حط فيه عادل عبد المهدي وأغلب قادة حكم العراق خلال الـ 17 سنة المنصرمة. لا يمكن أن يتوجه الاتهام لمن أطلق النار على الشهيدين وكثرة من الجرحى والمعوقين فحسب، بل وبالأساس يتوجه الاتهام صوب المسؤول السياسي الأول في البلاد، صوب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، الذي أعطى قرار استخدام خراطيم المياه والرصاص المطاطي والرصاص الحي لمواجهة المتظاهرين السلميين وتفريق تظاهراتهم. نعم هذا ما فعله عادل عبد المهدي قبل ذاك، وهذا ما بدأ به مصطفى الكاظمي أيضاً فتباً لهما!
إن الانتقال من موقع إلى موقع سهل جداً لمن يصل إلى السلطة، فكرسي الحكم المحاط بعدد هائل من الجماعات والشخصيات الطائفية الفاسدة والمناهضة لمصالح الشعب، إذ سرعان ما ينسى الحاكم الجديد الوعود التي قطعها على نفسه أمام الشعب والانتفاضة وأطلقها بصوت مرتفع، ليتناغم مع من بيدهم السلطة الفعلية، لقوى ومؤسسات ومنشآت ومكاتب وأجهزة الدولة العميقة التي خيوطها بيد علي خامنئي في العراق ووكيله نوري المالكي وأتباعه من قادة الميليشيات الشيعة المسلحة.
ليس أمام قوى الانتفاضة غير تنشيط قواها وتوسيع قاعدة مؤيديها والمناضلين معها وتوحيد جهودها لمواجهة سلطات الدولة الثلاث التي يتحكم بها الطائفيون الفاسدون والعاملون ضد التغيير المنشود من قبل الشعب. فالكاظمي لا يخطو خطوة جيدة إلى الأمام، بل يدير ظهره ليبدأ خطوه فخطوة إلى الوراء بعد أن بدأ بقتل مناضلين من قوى الانتفاضة، وهو أبشع ما يمكن أن يمارسه رئيس حكومة عراقية بعد رحيل الجزار عادل عبد المهدي.
لن يمر مصطفى الكاظمي، أن قرر السير في درب الصد ما رد، درب مواجهة مطالب الشعب العادلة في مكافحة الطائفية والطائفيين والفساد والفاسدين، والتراخي في التحضير للانتخابات المبكرة وتعديل قانون الانتخابات وقانون المفوضية المستقلة للانتخابات، وعدم الكشف عن القتلة وتقديمهم للمحاكمة، إذ ستسقطه الانتفاضة المقدامة كما أسقطت عادل عبد المهدي، وقبل ذاك بطل تسليم الموصل ونينوى للمجرمين الدواعش وشهداء سبايكر والقائد الفعلي غير الرسمي للحشد الشعبي والمسؤول الأول عن القوى والنشاط الإيراني في العراق ووكيل ولي الفقيه السياسي في العراق نوري المالكي، مسؤول الدولة العميقة في البلاد.