اطمئن يا غسان لقد فجروا الخزان!
كلما قرأت خبراً عن نضال الشعب الفلسطيني ضد التغوّل الإسرائيلي، أتمنى لو كان الأديب المبدع الشهيد الفلسطيني غسان كنفاني (الذي أغتاله العدو) ما يزال حياً؛ ليطالع أخبار المقاومة الفلسطينية في العقول كلها وليكتب عنها.. وعلى الرغم من أنف الوحشية الإسرائيلية في الأرض المحتلة وفي سجون العدو، لكنهم يسجلون الانتصارات على السجان ولا يركعون، فهم يعرفون أن من يركع مرة لن يستطيع النهوض ثانية، وها هم واقفون في السجون في مواجهة السجان الإسرائيلي ويحاربونه أيضاً بسلاح العلم، وها هم «يحولون الزنازين إلى أكاديميات علم»، وقد نال 25 من الأسرى الفلسطينيين شهادة «البكالوريوس»، إنها «المقاومة» بسلاح العلم أيضاً.
سيكبرون ويقاومون!
الأسرى الفلسطينيون يقومون أيضاً بتهريب نطفهم من سجون التعذيب الإسرائيلية لتحمل الزوجات بجيل جديد من الفلسطينيين. إنها المقاومة بالإنجــــاب، وكلما ســقط شهيد فلسطيني وجد ابنه الذي لم يره بطلاً مقاوماً. إنهم يقاومون بالوسائل كلها، بالإنجاب، بالعلم، بالصمود..! إنهم يا غسان، يقرعون جدران الخزان ويردون على السؤال الملتاع في روايتك: «لماذا لم تقرعوا جدران الخزان».. أطمئن يا غسان.. إنهم يقرعون بل يفجرون جدران الخزان ويخرجون إلى الحياة والموت بلا وجل دفاعاً عن أرض فلسطين ـ أرضهم ووطنهم السليب.
أما مفاتيح البيوت التي حملها معهم الذين تم تهجيرهم من فلسطين منذ عشرات السنين، فسيقوم أحفادهم بتشييد بيوت لها بدلاً من مستعمرات المستوطنين الإسرائيليين.. ولها المفاتيح نفسها.
أطمئن يا غسان.. قد يختبئ فلسطيني في الخزان حتى الاختناق، كما في روايتك التحذيرية، ولكنهم اليوم فجروا الخزان.
سرقات إسرائيلية بكل صفاقة
لا تكتفي إسرائيل بسرقة الأرض واختطاف المستوطنين لأصحابها الأصليين، وتهوى اختطاف شقيقين مثلاً ليغوص الخنجر في قلوب الأهل بأكثر عمقاً.. بل تحاول أيضاً سرقة التراث الفلسطيني الحضاري، بما في ذلك «فن الطبخ»!
وكما يعرف الجميع أن فرنسا بلد يعشق الطعام الشهي والطباخ الكبير في فرنسا تتم معاملته كأي نجم سينمائي. وثمة برامج تلفزيونية أسبوعية في التلفزيون الفرنسي حول الطبخ ونجومه، حتى أن أحد مشاهير الطباخين حبيب النجمة صوفي مارسو، واسمه سيريل لينيال، صار له برنامج تلفزيوني يومي، وذلك حول (صناعة) الحلوى التي يبدع فيها.
الإعلام العربي قلما يتحدث في التلفزيونات العربية عن الطعام والطبخ (الراقي) على الرغم من أننا كبشر نتذوق ذلك، ولكننا على الأرجح نشعر بالحرج من برامج كهذه لكثرة الفقراء في أوطاننا. ولكن ثمة أطعمة شهية ورخيصة الثمن نتميز بها. وها هي إسرائيل تسرقها وتزعم أن «الفلافل والحمص والشكشوكة» أطعمة إسرائيلية تراثية!!.. كأن سرقة الأرض لا تكفيها وتريد سرقة حتى تراث طعامنا الشهي.. زاعمة أنها من تراثها في حقل (العنف)!
هل «التبولة» تراث إسرائيلي حقاً؟
في مجلة (كلوسر) الفرنسية في صفحة خاصة بالطعام نقرأ عن «التبولة اللبنانية» لا الإسرائيلية. والتبولة شامية أيضاً ولا فرق، ولكن هل سنقرأ في السنة المقبلة على علب (في السوبر ماركت) الفرنسية: التبولة الإسرائيلية؟ ما الذي لا تحاول إسرائيل سرقته حتى فن الطعام وهي تدرك مدى أهميته للفرنسيين؟.
وثمة كتب حول أشهى المطاعم الفرنسية والباريسية، أشهرها ما يلقبونه (إنجيل المطاعم الشهيرة)، أي دليل «ميشلان» بالفرنسية، حيث تختار المطعم الذي ستذهب إليه (إن لم تكن مفلساً) ونمط الطعام فيه وأسعاره وعدد (النجوم) التي حصل عليها من (ذواقة) الطعام الذين يذهبون شبه متنكرين لمراقبة مستوى جودة الطعام.
ترى هل سنقرأ عما قريب عن مطعم إسرائيلي يتصدر قائمة المطاعم الشهيرة، أما الطعام الذي يقدمه فمسروق كله من التراث الشامي والعربي في الطبخ!! وما الذي لم تسرقه إسرائيل من العرب، فهل سيدهشنا ذلك ممن يحاول سرقة المسجد الأقصى وسرقة حياة المرضى في سجونه بحرمانهم من العلاج؟
وكيف تتوهم بعض المواقع الغربية على الإنترنت أن بوسعها حذف اسم فلسطين عن الخارطة وكتابة اسم إسرائيل في ذلك الوطن السليب؟ ما ضاع حق خلفه مطالب. والفلسطينيون لم يتوقفوا يوماً عن رفض الاحتلال والتمدد النتنياهوي/الترامبي.. ولكنهما سيمضيان وستبقى فلسطين راسخة في قلوب ملايين العرب وأنا منهم.. وهذا وعد مني لأرواح الشهداء الفلسطينيين، وبينهم أصدقاء لقلبي ناضلوا لتحرير وطنهم المحتل لا تتسع هذه السطور لذكر أسمائهم.
حين يصير الصديق عدواً!
يقال عندنا: «احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة.. فقد يصير الصديق عدواً ويصير أدرى بالمضرة». والسؤال هو: ماذا يحدث لمن يصير الصديق عدواً له ويصير أكثر قدرة على الأذى من العدو؟
نستطيع أن نسأل ميغان ماركل، زوجة الأمير هاري حفيد الملكة أليزابيت البريطانية: فقد أعلنت (أعز صديقاتها) أي صديقات ميغان، واسمها جيسيكا مولروتي، أنها توضب كتاباً تفضح فيه أسرار صديقتها (السابقة) الخلاسية الممثلة نصف الفاشلة سابقاً والمطلقة، ولكن الدوقة اليوم وزوجة الأمير هاري ووالدة طفلهما و(كنّة) للعرش البريطاني.
بالمقابل، هل بوسعنا الحياة بلا صداقات ومودات، ولمن ندلي إليهم بأسرارنا بدلاً من الطبيب النفساني مثلاً؟
ربما كان من الأفضل الحذر ومعاشرة الصمت وابتلاع الأسرار، لأن الصديق أدرى بالمضرة!!
أعز أعدائي؟ صديقي الخائن!
الصداقة يمكن أن تكون فخاً نمضي إليه بكل سرور وراحة نفسية.. ثم نكتشف أننا منحنا سلاحاً لمن نتوهمها صديقة/صديقاً ويصير عدواً مسلحاً بأسرارنا. هل بينكم من لم يخنه صديق؟ من طرفي، سقطت مرات في فخ الصداقة وتألمت مرات لخيانة الود، ثم تعلمت أن الإنسان يولد وحيداً ويموت وحيداً، وعليه أن يحمل أثقال أسراره بمفرده…
ومنذ أعوام طويلة، تعلمت أن الصمت الأليم أهون ألماً من الغدر (الودي) لكي لا يكون من تتوهمه صديقاً أعز أعدائك!