كاظم حبيب
رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس مجلس الوزراء؟
اللامعقولية في ما يجري في العراق!
السيد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي المحترم
مرَّ حتى اليوم 111 يوماً على تشكيل حكومتكم في السابع من أيار/مايس 2020. وكان المفروض أن تبدأوا في هذه الفترة العمل على إنجاز مجموعة من المهمات المركزية التي لا غنى للشعب العراقي عنها، إن أرادت الحكومة حقاً وفعلاً الاستجابة لمطالب الشعب وانتفاضته الباسلة وتضحياته الكبيرة. وفي أكثر من خطاب وتصريح أشرتم إلى أنكم تريدون إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة. لا أريد أن أشكك بنواياكم ولا الذين يعملون معكم في الحكومة، ولكن من حقي أن أضع أمامكم أسئلة لا تدور في بالي كمواطن عراقي فحسب، بل تدور في بال جميع الشرفاء من بنات وأبناء الشعب العراقي بجميع قومياته وأتباع دياناته ومذاهبه واتجاهاته الفكرية والسياسية الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، إضافة إلى كثير من الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي المهتمين بالشأن العراقي.
** هل تعتقدون حقاً بأنكم تستطيعون إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة والشعب يعاني من وجود وفعاليات إجرامية مستمرة لمجموعة كبيرة من الميليشيات الطائفية المسلحة التي تمتلك السلاح الخفيف والمتوسط، بل والثقيل أيضاً، إضافة إلى سلاح إضافي منفلت في الساحة العراقية وبين العشائر؟
** هل تعتقدون حقاً بأنكم قادرون على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في ظل وجود “الحشد الشعبي” الذي قوامه وهيكله الأساسي من الميليشيات الطائفية المسلحة وقياداتها، لاسيما الكبيرة والأساسية منها، مثل كتائب حزب الله وفيلق بدر والنجباء وعصائب أهل الحق …إلخ، التي لا تدين بالولاء للعراق بل لإيران ووليها الفقيه علي خامنئي، وتمتلك من السلاح ما يقترب مما يمتلكه الجيش العراقي، إضافة إلى هيمنة كادرها المؤدلج على منشآت صناعة السلاح والصواريخ العراقية؟
** هل تعتقدون حقاً بأنكم ستجرون انتخابات حرة ونزيهة وعادلة والمرجعيات الدينية الشيعية في النجف راضية وساكتة على دور الحوزات الشيعية الصفوية في قم وطهران وخراسان وعلى دور علي خامنئي وتدخله المباشر في العراق ورفع مستوى نقدهم الشديد لرئيس الوزراء العراقي ورغبته في إزاحته عن الحكم، والذي عبَّرت عنه علناً وصراحة ميليشيات كتائب حزب الله في العراق، باعتبارها جزءاً من التنظيم الدولي الشيعي المسلح التابع لولي الفقيه علي خامنئي، والمماثل لتنظيم إخوان المسلمين الدولي؟
** هل تعتقدون بأنكم ستوفرون الأجواء المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وعادلة في ظل استمرار وجود كبار الفاسدين والمفسدين واستمرار ممارستهم للفساد في البلاد وقدراتهم، التي تجسد قدرات الدولة العميقة، على شراء الأصوات وتزييف الانتخابات وتزويرها لصالح الأحزاب الشيعية والطغمة الحاكمة فعلياً في البلاد، مع واقع وجود مستوى وعي ديني مزيف وفقر مدقع وواسع جداً يهيمنان على واقع العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي حالياً؟
** هل تعتقدون حقاً بأن حكومتكم يمكنها تحقيق انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في ظل قانون الانتخابات الراهن غير العادل والمفصل على مقاسات الأحزاب التي حكمت العراق طيلة 18 عاماً من جهة، ومع مفوضية انتخابات برهنت على إنها غير مستقلة بل تابعة ومنحازة للأحزاب الإسلامية السياسية، الشيعية منها والسنية، والأحزاب الكردية المشاركة في الدولة الطائفية والأثنية الفاسدة من جهة أخرى؟
** هل تعتقدون بأن انتخابات حرة ونزيهة وعادلة يمكن أن تجري في البلاد وقتلة المتظاهرين وجرحاهم ومعوقيهم والمختطفين منهم، [في العراق أعلى عدد من المفقودين بالمقارنة مع جميع دول العالم] (راجع: لجنة دولية: العراق يضم أكبر عدد من المفقودين في العالم، جريدة العالم، بغداد، الخميس – 27 اب/اغسطس 2020)، ممن لم يُكشف عنهم حتى الآن، بل مازال القتلة يمارسون القتل والاختطاف يومياً وبوضح النهار وأمام أعين الدولة بسلطاتها الثلاث وأجهزتها الأمنية والمخابراتية؟ (ما يجري في البصرة والناصرية وبغداد مثلا).
أطرح هذه الأسئلة عليكم، وهي أسئلة تصلني باستمرار من عدد كبير من القارئات والقراء في تعليقاتهم على مقالاتي وفي رغبتهم في توجيهها لكم، لأنهم، وأنا معهم، لا نرى أية معقولية في ما يجري في البلاد، وابتعادكم حتى الآن عما كان وما يفترض قيامكم به خلال الفترة المنصرمة بصدد المسائل المركزية التي أشرت إليها في أسئلتي في أعلاه، وليس عن قضايا جزئية قمتم بها، رغم أهميتها. فالمجتمع العراقي ينتظر غير ما تحقق حتى الآن، فهل ستجيبون على أسئلتي، وهي أسئلة جمهرة هائلة من المواطنات والمواطنين؟ أنا وغيري بالانتظار!
د. كاظم حبيب
30/08/2020