المركز العربي الألماني
برلين
القطب الشمالي في طريقه للنهاية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراسلات :
Dr. Dergham Al Dabak : E-Mail: drdurgham@yahoo.de
دراسات ـ إعلام ـ معلومات
العدد : 226
التاريخ : 23 / أيلول ــ سبتمبر / 2020
كتبت في إحدى بحوثي قبل بضعة شهور (شهرين أو ثلاثة) أن القطب الشمالي في حالة يرثى له، وأن العالم على وشك أن يخسر القطب الشمالي. فكتب لي أحد القراء، بما يعني أن القطب يتعافى، وبطيه هذا التقرير الحديث (نيسان / 2020) يؤكد أن القطب في حالة ميؤوسة منه. وأول أمس (20/ أيلول) نشر التلفزيون الألماني صورا من الأقمار الفضائية لحالة القطب الشمالي … محزنة … تؤكد أن القطب الشمالي انتهى تقريباً … للأسف.
أدناه هذا التقرير الحديث عن حالة القطب
40 جهاز كمبيوتر : الجليد في القطب الشمالي لم يعد من الممكن إنقاذه
حتى مع مساعي البشرية لحماية البيئة، فإن الاحتمالات بالنسبة للقطب الشمالي تبدو قاتمة، على الأقل لهذا الموسم، وهذا ما أثبتته دراسة قائمة على أبحاث حديثة.
(صورة الغلاف : السفينة كاسحة الجليد الروسية درانيسين)
المقال من تحرير : كريستوف سيدلر
ترجمة : ضرغام الدباغ
نشرت في دير شبيغل / القسم العلمي
بتاريخ : 20 / نيسان / 2020
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما كانت كاسحة الجليد الروسية ” القبطان درانيسين “ تشق طريقها من خلال الجليد، ولاحظت أنه أشد صلابة من ذي قبل، ولاحت للباحثين في شؤون القطب، أن الموقف الآن على ما يرام حالياً، وعلى على متن السفينة أفراد طاقم جديد ومواد لتموين البعثة الروسية ” موزائيك “ التي تمكن الباحثين المكوث طيلة عام كامل في القطب الشمالي بمهام بحثية.
وهذه الآمال التي كانت مرتفعة بحيث أن السفينة الروسية كانت على وشك العودة، حين التقى الباحثون والعلماء الروس من بعثة موزائيك، حين التقوا بسفينة كاسحة الجليد الألمانية ” بولارشتيرن “ وكانت تستهلك كميات كبيرة من الوقود، وسوف لن يمكنها مواصلة رحلتها ما لم تتمون بالوقود الكافي، وما يمكنها من العودة إلى موانئ الوطن.
في الشتاء تظهر التقارير أن المنطقة المحيطة بالقطب الشمالي، ما تزال خشنة (غير ذائبة)، ولكن في الربيع ظهرت صور مختلفة، 13,26 مليون كم مربع من القطب الشمالي يسجل أدنى ثاني أقل قيمة له منذ ظهور صور الأقمار الفضائية، وبالمناسبة فإن المراكز الخمسة الأولى نلاحظ المعطيات السلبية التي تدور منذ خمس سنوات.
الاتجاه في القطب الشمالي واضح: فدرجات الحرارة هناك ترتفع بوتيرة أسرع بكثير من المتوسط العالمي، والبحر الجليدي يتوسع في الصيف، ومتوسط سمكه ينخفض بشكل كبير. وتبين أن دراسة استقصائية أجريت مؤخرا عن مدى تغير المنطقة القطبية الشمالية في الصيف في السنوات المقبلة بشكل كبير. ووفقاً لهذا، فمن المرجح أن يكون المحيط المتجمد الشمالي خالياً من الجليد في العديد من فصول الصيف قبل عام 2050 – حتى لو تبذل البشرية ما بوسعها من خلال تدابير حماية المناخ من خلال إجراءاتها.
(الصورة: جانب من الأزمة، الحياة في القطب تواجه الهلاك)
ويقول ديرك نوتز من جامعة هامبورغ لمجلة دير شبيغل ” في غضون الخمسة والعشرون عاماً المقبلة سيكون الوضع الطبيعي في القطب الشمال هو عدم وجود الجليد صيفاً. وفي أفضل الأحوال، سيكون هناك شيئ منها (الجليد في بعض الخلجان، شمال غرينلاند) وفي الأرخبيل الكندي ربما ستبقى بعض الكتل الجليدية طافية، وكل هذه البقع المتفرقة سوف لن تتجاوز مساحتها مجتمعة أكثر من مليون متر مربع.
وكان الباحث نوتز قد عمل بالتنسيق مع فريق دولي يضم باحثين دوليين من 21 معهد، وسوف تنشر نتائج أبحاث هذه المجاميع العلمية في المجلة العلمية التخصصية ” Geophysical Research Letters ” (رسائل وبحوث جيوفيزيائية)، والدراسة التي أعدها الفريق العلمي الدولي تضم نتائج 40 تقريراً ونموذجاً، والاحتمالات بما تسمى ” سيناريوهات المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة ” وسوف يتضمنها التقرير الدولي المقبل الذي يعني بتغير المناخ، المقرر صدوره في العام المقبل (2021) ، وربنا ستوثر على صدوره أزمة جائحة كورونا.
ويلاحظ في نماذج السيناريوهات والتي تبذل جهود كبيرة لمكافحة تدهور الوضع المناخي، مع محاولات لخفض الانبعاثات الغازية الدفيئة المرتفعة جداً وهو ما أذهل الباحثين، مع وجود محاولات الخفض، فإن التقديرات تتجه إلى أن القطب الشمالي يتجه لأن يكون خالي من الجليد وحتى شهر أيلول / سبتمبر / 2019 وصل الجليد إلى أدنى مستوياته، وليس لبضعة أيام فقط ..!
وفي هذه الحالة، سيكون هناك ذوبان كامل إلى جانب تصاعد عام لحرارة الأرض، ستكون هناك ظروف غير مؤات في الأرصاد الجوية. ففي الصيف على سبيل المثال يخشى من تسبب منطقة انخفاض جوي فوق المنطقة القطب الشمالي بشكل خاص بعواصف قوية، ويمكن أن يتسبب الجليد بتكوين مرتفعات جليدية صغيرة، ولكنها تذوب بسرعة. في بعض من أوقات الشتاء يمكن حتى أن تكون دافئة.
(الصورة : لاحظ عدم وجود الجبال الجليدية في القطب الشمالي)
ولا تحدث مثل هذا الظروف القاسية في كل عام، فمع وجود حماية طموحة للبيئة (هكذا يطلق عليها الباحثون) ستكون هناك سنوات يتواجد فيها الجليد صيفاً في القطب الشمالي.ولكن ما يتم خفض الأنبعاثات الضارة، وإذا تواصل أرتفاعها فإن التحولات الطبيعية لوحدها سوف لن تلعب دورا، فالأنبعااثات البشرية المؤدية للتلوث وحدها كافية لجعل منطقة القطب الشمالي خالية من الجليد. (*)
يقول أحد الباحثين في مجال القطب الشمالي ” على حد علمي لا يوجد مشهد آخر يعبر عن التغيير في المناخ سوى القطب الشمالي وأخشى القول : أننا لم يعد بوسعنا السيطرة عليه “.
ويقول الباحث الألماني نوتز ” أن الفريق لا يرغب بالتعليق على السؤال على درجة الاحترار التي عليها الحالة ” ولكن النتائج الاختيارية والتحليلية تشير إلى أمر له علاقة جيدة جداً، إذا كانت البشرية بمصانعها وسياراتها وطائراتها تبعث نحو 1000 غيغا طن من ثاني أوكسيد الكاربون إلى الغلاف الجوي، فإن منطقة القطب الشمالي ستكون خالية (كمتوسط) من الجليد في الصيف. وإذا واصلنا بث الأنبعاثات الدفيئة في مستواها الحالي فإننا نبلغ هذا المستوى خلال 25 عاماً.
” وهناك دراسة تشير إلى علاقة الطيران الجوي وتضاؤل الجليد في القطب الشمالي “.
وأشارت أجهزة الكومبيوتر المختصة لأكثر من مرة إلى وقت سيكون فيه القطب الشمالي خالياً من الجليد، ومنحت توقيتات مختلفة : بين 2080 ــ 2040 بل وربما حتى عام 2020. والأمر يتعلق بتغذية دقيقة خالية من المبالغة بالمعلومات.
إذا اختفى الجليد، سيختفي موطن بأكمله. وعلى سبيل المثال، تمثل موطناً تعيش فيه الدببة القطبية، وحيوانات الفقمة، التي تعيش على جليد القطب يقول العالم الألماني نوتز ” أخشى أن يكون قد فات الأوان لإنقاذ القطب الشمالي “.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) في دراسة أصدرها المركز العربي الألماني، أشرنا وفق معطيات علمية، إلى تحول في المناخ العالمي، وإلى نهاية للقطب الشمالي وما لذلك من تأثيرات على البيئة والجغرافية