سجاد العراقي ومشروعية القلق على جهاز مكافحة الأرهاب
د.عامر صالح
أعلنت خلية الإعلام الأمني، الاثنين الماضي في 21 أيلول 2020، تكليف قوة من جهاز مكافحة الإرهاب للتوجه إلى محافظة ذي قار والبحث عن الناشط المختطف “سجاد العراقي” والذي تم أختطافه يوم السبت مساء بتاريخ 19 أيلول 2020. وقالت الخلية في بيانها إن “رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، وجه قيادة العمليات المشتركة بإجراء فوري للبحث عن الناشط المدني سجاد العراقي الذي اختطف في مدينة الناصرية”. وتابع، “تم تكليف قوة مِن جهاز مكافحة الأرهاب للتوجه الى محافظة ذي قار مسنودة بطيران الجيش للبحث عن المخطوف وتحريره، وانفاذ القانون بالخاطفين وتقديمهم للعدالة، وسنوافيكم التفاصيل لاحقا”. وقد تم لاحقا فرض حصار على بعض المناطق والعشائر المشتبهة بأختطاف الناشط المذكور استنادا الى الشهود والمعلومات التي وردت من متابعة الحدث وكذلك من اصدقاء سجاد العراقي الذين كانوا معه في السيارة الخاصة التي كانت تنقلهم, وقد أصيبوا بجراح من عملية الأختطاف التي رافقها اطلاق نار من كواتم.
ويوم الثلاثاء المصادف 22 أيلول 2020، أعلنت خلية الإعلام الأمني، انطلاق عمليية تحرير المختطف سجاد العراقي في ذي قار، مشيرة إلى أن العملية تشمل 6 مناطق. وقالت الخلية في بيانها: “انطلقت وحدات (افواج من جهاز مكافحة الارهاب و فوج من شرطة ذي قار وفوج من لواء مغاوير قيادة عمليات سومر، بتنفيذ واجب مشترك للتفتيش والبحث عن المخطوف (سجاد العراقي) والقاء القبض على الخاطفين”. وأضافت أن ” الواجب يشمل مناطق ( أم الغزلان وناحية الدواية الشديد والعبيد والعكيكة الهصاصرة وسيد دخيل) بالتزامن مع خروج اللواء الرابع بالرد السريع على الحدود الفاصلة مع محافظة ميسان, ويأتي هذا الواجب بإسناد الأبطال في طيران الجيش”.
وبعد مضي ما يقارب الأسبوع على أختطافه وتجنيد أفضل القوات المسلحة العراقية والمتمثلة بجهاز مكافحة الأرهاب الى جانب قطعات اخرى واسناد جوي, لم تتم عملية تحريره من الخطف وألقاء القبض على الخاطفين المجرمين, حيث كشفت قيادة شرطة محافظة ذي قار, الخميس 24 أيلول 2020 عن آخر التطورات بشأن عملية البحث عن الناشط المختطف سجاد العراقي, وقال المتحدث الرسمي بأسم القيادة العامة العميد فؤاد كريم للأعلام ان ” عملية البحث والتفتيش التي تقوم قوة مشتركة من جهاز مكافحة الارهاب والجيش العراقي توقفت منذ يومين” وأوضح أن ” سبب التوقف جاء بعد حدوث اشكالية مع شخصيات ذات ثقل اجتماعي مهم وستستأنف العملية في الساعات المقبلة بعد ان حلت الاشكالية التي حصلت, ولحرص الحكومة والقوات الأمنية على النسيج الاجتماعي ولأثبات نيتها الحسنة توقفت العملية حينها وانسحبت القوة الأمنية للقاعدة الجوية في الناصرية”.
بالتأكيد ان خبرة جهاز مكافحة الارهاب وقدراته الاستثنائية يعكس الصورة الحسنة والمتقدمة للقوات العراقية التي تعتبر نموذجا في بناء الاجهزة الحيادية والبعيدة نسبيا عن تأثير السياسات الطائفية الأقصائية وقد مثل الجهاز في بنائه وقيادته مختلف شرائح الكفاءات العلمية والمهنية الميدانية وكذلك مثل مختلف ألوان الطيف العراقي وأنتماءاته المتنوعة, وقد قدم الجهاز في المعارك ضد داعش بحدود اكثر من 40% من قدراته لتحرير الأرض من داعش, وهو قادر بالتأكيد على حسم سريع لموقف ميداني ولوجستي كقضية اختطاف ” سجاد العراقي “, ولكن بالتأكيد وعلى ما يبدوا أن سطوة العشائر وخاصة المتحالفة مع الأسلامويين السياسين يريد ان يخرج من العملية بالحفاظ على ماء الوجه وحماية “شرف” العشيرة من ألحاق العار بها بسبب عملية الأختطاف والتي قد تكون انجزت بتواطئ قيادات سياسية عشائرية, وبالتالي تحويل القضية الى قضية جنائية عادية فيها مجرم وضحية, وبعيدا عن التسميات السياسية لمن يقف وراء الأختطاف. وقد قامت بعض العشائر في الناصرية في تحدي بائس امام جهاز مكافحة الارهاب بأستعراض قواتها, ولكن الجهاز المتمرس في المناورات الميدانية اكثر حكمة من عقل متحجر.
بالتأكيد هناك من يتربص للأيقاع وألحاق الأذى بجهاز مكافحة الأرهاب, وخاصة من الأحزاب والمليشيات الأسلأموية وحتى من قوى سياسية طائفية متمرسة في التخريب والأختطاف, وفي واقعة اختطاف سجاد العراقي من مدينة الناصرية والتدخل السريع لجهاز مكافحة الأرهاب للأفراج عنه بدأت بعض القوى المليشياوية والمعروفة بجرائم الأختطاف في تحريض العشائر على جهاز مكافحة الأرهاب, ذلك الجهاز المهني والمحترف في الأداء والذي قاتل داعش وقدم خيرة منتسبيه شهداء لتحرير الأرض المغتصبة من داعش, نعتقد ان عملية تحرير سجاد العراقي لا تحتاج الى تدخل جهاز مكافحة الأرهاب بل الى قوى صغيرة حيادية, لأن الأختطاف هنا سياسي مليشياوي ويحتاج الى المناورة الذكية مع الجهة المختطفة, ما دام لحد الآن لايتجرأ الكاظمي على تسمية الأشياء بمسمياتها ولا يقدر على المواجهة المباشرة, وهناك سوابق لذلك حيث الضحايا بقوا دون تشخيص للمجرم القاتل والجهة التي تقف ورائه ومجرد وعود في ألقاء القبض على القتلة, ويعرفهم الكاظمي بعناوينهم الرئيسية ولكن تلك هي إشكاليات موازين القوى في مختلف المعالجات.
وبالتالي قد يتمكن جهاز مكافحة الأرهاب في ألقاء القبض على مختطفي سجاد العراقي والأفراج عنه, وهو احتمال وارد جدا, ولكن هل يشار الى جهة المختطف بوضوح كما يتمناها الضحايا, الى جانب أن تداعيات تدخل الجهاز في بيئة عشائرية ملغومة بالتحالفات السياسية المليشياوية والفساد قد يترك آثارا ومزاج سيكواخلاقي للنيل من مكانة جهاز مكافحة الأرهاب والتي بدأها عادل عبد المهدي في محاولته لتصفية قيادة الجهاز. أن التحريض المقصود على جهاز مكافحة الأرهاب سيعبد الطريق امام عودة داعش الأجرامي بكل ثقلها وعندها لم تستطيع المليشيات الكارتونية المسلحة ” خفافيش الظلام ” الدفاع عن نفسها, أما مهمة الدفاع عن العراق كوطن للجميع فهي حصريا تناط بتلك الأجهزة المهنية الحيادية التي تجد في الشعب حليفا ثابتا لها.
ما يجري لقضية الشاب العشريني “سجاد العراقي” الباحث عن لقمة العيش وهو خريج الكلية ـ قسم التاريخ يسري على غيره من ضحايا سلطة الدولة العميقة حيث الشهداء اكثر من 700 والجرحى تجاوزا 30 ألف جريح وفيهم من الاعاقات الدائمة وغير القابلة للعلاج الى جانب المغيبين والذين انظم أليهم الناشط المدني سجاد العراقي وقد تجاوزعددهم 150 مغيب, تلك هي مخرجات نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الى جانب الفساد الاداري والمالي والاجتماعي الذي انهارت على خلفيته الدولة العراقية ووصلت الى حد العجز والشلل التام..