تداعيات كوفيد-19 تُفاقم الأوضاع المتأزمة للاقتصاد التونسي
تونس – أ ف ب: نبه مراقبون في تونس إلى أن القرارات المتخذة مؤخرا من قبل الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد ستزيد من تفاقم الأوضاع المتأزمة للاقتصاد التونسي منذ ثورة 2011.
وقرّرت السلطات التونسية فرض حظر تجول ليلي اعتبارا من الخميس الفائت وعلى مدى 15 يوماً في ولايات تونس الكبرى للحد من انتشار العدوى بفيروس كورونا المستجد، وقد سجلت البلاد عشرين وفاة كمعدل يومي في الأيام الأخيرة.
وتؤكد الحكومة على أنه لن يكون هناك عودة للاغلاق التام في البلاد مثل الذي أقرّ في مارس/آذار الفائت، معللة قرارها بأن الاقتصاد لا يحتمل. وتشير الأرقام الرسمية لمعهد الاحصاء إلى أن نسبة الانكماش الاقتصادي التي تسبب بها الوباء في الفصل الثاني من العام 2020 تخطت 20 في المئة، وأن نسبة البطالة قفزت من 15 إلى 18 في المئة.
ووصف البنك المركزي الانكماش الاقتصادي المسجل في البلاد «بغير المسبوق». قدرت «منظمة الأعراف» (إتحاد أصحاب الأعمال) في تونس أن الموجة الأولى لوباء كوفيد-19 في البلاد تسببت في خسارة حوالي 165 ألف مواطن عملهم، منبهةً إلى تواصل تداعيات الأزمة الاقتصادية مع عودة الفيروس للانتشار من جديد.
ويقول بشير بوجدي، عضو المكتب التنفيذي في «الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية» أن تقديراته تشير إلى خسارة ما يقارب 165 ألف موطن شغل خلال الموجة الأولى من الوباء في القترة بين مارس/ ويونيو/حزيران.
يذكر أن القطاع غير المنظم في الاقتصاد يضم 44 في المئة من مجموع العاملين في البلاد، حسب احصائيات المعهد الوطني للاحصاء للعام 2019. ولا توجد أرقام دقيقه عن عدد الوظائف المفقودة فيه.
ويبين بوجدي أن حوالي 35 في المئة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة في القطاع الخاص «مهددة بالاندثار» بينما 40 في المئة من شركات الصناعات التقليدية على وشك الافلاس. ويتابع «من المؤكد أن الموجة الثانية ستزيد من تعقيد الأمور لكن يجب المحافظة على أسواقنا والتحمس للإنتاج». وأرفقت السلطات التونسية قرار الحظر الليلي بمنع الجلوس في المقاهي والمطاعم.
وعبرت كل من «الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المقاهي» و»الغرفة النقابية الوطنية لأصحاب المطاعم» في بيان يوم الجمعة الماضي عن «رفضهما القطعي» للإجراءات المتخذة بمنع استخدام الكراسي والطاولات بالمحلات الناشطة بولايات تونس الكبرى واعتبرتها إجراءات «مجحفة ستتسبب في قطع أرزاق 100 ألف عائلة تعيش من القطاعين وفي إفلاس عشرات الآلاف من أصحاب المحلات».
وشمل الحظر الليلي ولايات أخرى على غرار بنزرت (شمال) وسوسة والمنستير الساحليتين ومناطق في ولايات زغوان (وسط) وتوزر (جنوب) والكاف (غرب).
ويقول صاحب مقهى في العاصمة تونس علي بالراشد غاضباً من قرار الحكومة منع الجلوس حول الطاولات «نحن مجبرون بهكذا قرار على الاغلاق. … من سيدفع رواتب؟» ستة من العاملين في المقهى.
بينما يفصح ياسر (22 عاما) وهو نادل في حانة ويعمل من أجل سداد مصاريف دراسته في اختصاص الاقتصاد «آخذ نصف الراتب…وتم ايقاف نصف العاملين ولم يعد هناك بقشيش لأن عدد العملاء تناقص».
ويقول مجدي شبّار، المشرف على مطعم وحانة في وسط العاصمة تونس «نخسر نحو 90 في المئة من رقم المعاملات أمسي» بسبب حظر التجول الليلي.
ومع اقرار الغلق التام في الموجة الأولى للوباء في مارس/آذار الفائت، أعلنت الحكومة حزمة مساعدات مالية منحتها إلى العائلات المعوزة والفقيرة قدرتها بحوالي ستين يورو. كما أقرت الحكومة السابقة وعودا بمساعدة الشركات المتضررة من الاغلاق بقيمة 700 مليون دينار (حوالي 235 مليون يورو) بالرغم من أن المالية العمومية تواجه صعوبات. وكانت تونس احتوت الوباء تقريبا في نهاية يونيو/حزيران ورفعت معظم القيود خلال الصيف. لكن عدد الحالات المؤكدة بات حاليا يناهز 27 ألفا بينها 409 وفيات.
يذكر أن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي لم تفلح فن الحد من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي، إلى أن زادت الجائحة من تدهور الوضع وتفاقمت المديونية لدى المانحين الدوليين.
ونبه رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ في يةنية/حزيران الفائت إلى أن الدَين الخارجي للبلاد «تجاوز الخط الأحمر» وبلغ 60 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي مع بلوغه نحو 30 مليار يورو.
التعليقات