العقيد غضبان السعد الانسان . الشيوعي المقدام
محمد جواد فارس
الناس الذين يستحقون لقب إنسان هم أولئك الذين ينذرون أنفسهم من أجل تحطيم القيود التي تغل عقل الانسان .
مكسيم غوركي
عراقنا في التاريخ مر ب انتصارات وانكسارات ، ولكنه لن يهزم وبقي رافعا راية الحضارات أكد وسومر واشور وبابل ، والعراق تمتع منذ ذاك التاريخ بموقعه الجغرافي كونه بلد الرافدين نهري دجلة والفرات وبنيت على ارضه الحضارات التاريخية منها اول من أسس المكتبة في العالم هو اشور بنيبال و حمورابي وشريعته في مجموعة قوانين بابلية يبلغ عددها 282 مادة قانونية له الفضل في صياغة القوانين لاحقة في العالم ، وكذلك فن العمارة في الجنائن المعلقة في بابل وكذلك الزقورة السومرية ، هكذا كان شعبنا كما يطلق عليه شعب الحضارات .
وفي التاريخ الحديث منذ الاحتلال العثماني وبعده الاحتلال الإنكليزي وشعبنا يعاني من الاحتلالات التي كانت تفرض علينا من المحتل ، وبعد ثورة تموز المجيدة عام 1958 تنفس شعبنا الصعداء على امل بناء عراق يكون في المواطن امن يتمتع بثروته وحريته ، ولكن للأسف بدأ التآمر عليه من قبل دول عربية واجنبية ، و اصبح العراق نصب أعين هذه البلدان لسبب انه هو ثاني اكبر خزان نفطي في المنطقة ، وكما هو معروف أهمية النفط في الطاقة وأستخدمها في كافة مجلات ، وفي السنوات التي سبقت احتلال العراق تحت حجج واهية اعترفوا انها كاذبة ومضللة من قبل عملائهم في العراق ، ففي عام 1978 وبعد استلام صدام حسين للسلطة راح يعمل من اجل ضرب الحليف في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية ، لأنه وجد بالحزب منافس حقيقي لحزبه في الشارع العراقي وكان واضحا من خلال توزيع جريدة الحزب المركزية ( طريق الشعب ) وكسب المزيد من الرفاق والمؤزرين بدأ في
حملات اعتقالات شملت الكوادر الحزبية وتقديم شباب ممن كانوا يؤدون الخدمة العسكرية بحجة ممارستهم لنشاط حزبي داخل الجيش وهي اكذوبة لانهم حسب ميثاق العمل للجبهة ان ينهوا علاقتهم الحزبية عندما يكونوا في الخدمة العسكرية و ساقهم الى الإعدام 31 شابا كانوا أشداء في تصديهم للقرارات الجائرة وحكمته الهزيلة ، وصدام لن يتوانى بكيل التهم زورا وبهتانا حتى مع رفاقه دربه في القيادة موجها لهم تهمة التآمر مع سوريا من أمثال عبد الخالق السامرائي و عدنان حسين ومحمد عايش ومحمد محجوب واخرين في محكمة حزبية صورية و بمسرحية هزلية بطلها محي عبد الحسين المشهداني والذي كان مدير لمكتب الرئيس أحمد حسن البكر و هذه حدثت في قاعة الخلد عام 1978 وهو نفس العام الذي اعدم الشيوعيين ، اعدموا مع مجموعة من الكوادر الحزبية والتي تحمل التوجه من اجل إزاحة تسلط صدام وعائلته على الحزب والسلطة ، والعودة الى موقف الحزب وجه رفاقه وكوادر الحزب من المكشوفين للأجهزة الأمنية والمخابراتية الاختفاء او مغادرة البلد ، وفعلا قدم الكثير منهم الى الجارة سوريا التي كانت تضم المعارضة وكل الناجين من نظام صدام حسين .
ومن بين الرفاق كان العقيد غضبان السعد(أبو سعد ) وهو من الشيوعيين العسكرين المعروفين ، وغضبان السعد من عشيرة السعد وهي فخذ من قبيلة بني تميم جدهم الحجاج بن بدر التميمي ، وتسكن عشيرة السعد في قرية النهيرات إلى شمال مدينة القرنة بمحاذات شط العرب سكنها الشيوعي غضبان السعد وهي مدينة جميلة خضارها وكرم أهلها ، في دمشق وبعد حصار بيروت عام 1982 و صولي الى دمشق وعملي في جمعية الهلال الأحمر تعرفت على شخصية ابي سعد غضبان حردان السعد وجدته انسانا رائعا وشفافا يتمتع بشخصية تدل على انه رجل عسكري ، وأصبحت بيننا علاقات وزيارات عائلية له أولاد سعد وفهد وعلي ، حدثني عن انتسابه للحزب الشيوعي العراقي ، وكيف انه ورفاق له كانوا معجبين بشخصية داود الصائغ ولذلك التفوا حوله ، وعندما صدرت الحقيقة وهي لسان حال الحزب الشيوعي العراقي تضمن العدد الأول منها عن أسباب تأليف الحزب ولماذا حزب شيوعي الان ، وكانت لجنة تحريرها مؤلفة من كل من هاشم الاعرجي وغضبان السعد وملا شريف ، وعلى اثر صدور الحكم على داود الصايغ وجماعته انظم جماعته الى القاعدين وقررت لجنتهم المركزية المؤلفة من سليم الفخري الرئيس الركن و جلال عبد الرحمن المحامي و غضبان السعد قرروا الانضمام الى القاعدين والتسمية جاءت من اسم جريدتهم ( القاعدة ) هي جريدة الحزب بعد الشرارة ، وسليم الفخري كان ضابطا وعضو في اللجنة المركزية في رابطة الشيوعيين العراقيين ( العمل ) وكانت صلته مع رفاقه المحامي جلال عبد الرحمن و غضبان السعد . وهؤلاء من حملة الأفكار الثورية والتي سمتها قياد الحزب بالمتطرفة اليسارية ، وكان الحزب يذكرهم بمقولة لينين ( أذا ذهبت الى أقصى اليسار وجدت نفسك في اليمين ) و هذه النزعة اليسارية تكون عادة لدى العسكر . وكان من رفاقه العسكري سلمان الحصان لديه موقف مشرف من تظاهرة جرت في بغداد عام 1956 دعما للشقيقة مصر ضد العدوان الثلاثي عندما استلم امرا بتفريقها نزل وعساكره مع المتظاهرين دعما لهم ومؤازرة هاتفين بنفس شعاراتهم ، وكان يتصل بغضبان السعد محمد عبد اللطيف مدرس في كلية الهندسة وهو من أهالي مدينة الحلة ومن كواد الحزب الشيوعي العراقي المتقدمة
. وله تاريخ نضالي في مدينة الحلة عمل من اجل توسيع الخلايا للحزبية وتحريك الشارع الحلي بمطاليب جماهيرية من متطلبات الناس وتحسين ظروفهم .
ونأتي بالحديث عن خالد الذكر غضبان السعد
وفي احدى لقائتنا سألته عن احداث قطار الموت بعد انقلاب شباط الدموي وعلى اثر انتفاضة البطل حسن سريع في الثالث
من تموز والتي سميت بحركة البطل الشيوعي الباسل حسن سريع ويقول غضبان السعد وهو السجين في رقم واحد حول تنسيقهم مع الحركة الانقلابية ، وكان من المقرران يلعب دورا محوريا” لقد ابلغ حسن سريع قيادة منظمة السجن بخطته الانقلابية “بما في ذلك دور الضباط فيها ، قال بعد فشل الحركة كان لدى حكومة عبد السلام عارف وحزب البعث قرار بنقلنا الى سجن نقرة السلمان الصحراوي في قطار للحمولة لنقل الأغنام والمواشي وهذا القطار ليست فيه أي تهوية و اخذونا بسيارات إلى محطة السكة الحديدية وأصعدونا في هذا القطار الذي سوف تنتهي حياتنا به ولم يعرف سائق القطار عبد عباس المفرجي الذي أتوا به وهولا يعرف يحمل بشر ،ولكنه عرف بعد ذلك ان حمولته (520 ) شيوعيا من العسكرين والمدنيين ومنهم قاسمين محسوبين على الزعيم عبد الكريم قاسم عجل الوصول الى مدينة السماوة ، وبعد ان وصلوا الى السماوة وهم على اسوء حال علما بانهم التزموا بتعليمات الطبيب الشيوعي رافد صبحي أديب وكان قد استشهد احدهم واستقبال اهل السماوة لهم كان استقبال الكرم والضيافة والالتزام بالعناية بهم ، حتى نقلوا الى سجن نقرة السلمان الصحراوي ، كان أبو سعد غضبان يشيد بواقف رفاقه من الشيوعيين العسكر من أمثال سليم الفخري وخزعل السعدي ، ومسؤول تنظيم العسكرين عطشان ضيول الآيزرجاوي وهو من عشيرة (ال ازيرج ) في الناصرية احد الشيوعيين الذين مارس بهجت العطية شتى أساليب التعذيب عليه لكنه بقى صامدا وكان المسؤول العسكري عن منظمة الحزب ولكن تخوف المخابرات السوفيتية منه في الاقدام على إزاحة قاسم وتغير وجهة النظام و طلبوا من الحزب ان يأتي الى موسكو لغرض الدراسة ، وفعلا سفر إلى موسكو هناك حدث له ما حدث وأخيرا استقر به الامر في جمهورية المانيا