النمس .
الدكتور ضرغام الدباغ .
قرأت وشاھدت أشرطة عن حیوان النمس، واسترعتني الملاحظات عن غرابة حیاة ھذا الحیوان الضعیف شكلاً وغذاؤه وصراعھ مع الأفاعي والجرذان. وثم أنتبھت بصفة خاصة كیف وصل ھذا الحیوان الذي یعتبر الھند موطنھ الأصلي، فقرأت أن الإنكلیز بخبثھم المشھود لھم، أتوا بھ لیخلقوا معادلة بیئیة بین الأفاعي والنمس، لیتولوا ھم امتصاص النفط على راحتھم … فلا یتعبون أنفسھم بمكافحة الأفاعي …
النمس سیتولى المھمة وھو الممنون ….. وھكذا یفعلون ….!
النمس )أو المنغوزMongoose ( حیوان ثدي من فصیلة السموریات، طویل الجسم یستطیع مقاتلة الأفاعي وأكلھا، موطنھ الأصلي ھو شبھ القارة الھندیة، ولكنھ یتواجد بكثرة في العراق، في مدینة كركوك وفي منطقة بابا كركر خاصة. وقد جلبھ الإنكلیز مع الاحتلال بعد 1920، وبعثاتھم الأولى الذین أتوا للبحث والعمل على النفط، وذلك للقضاء على الأفاعي بالمنطقة للتخلص من شرھا، حیث جلبوه من الھند وأستوطن المنطقة وتكاثر فیھا
وھناك أكثر من أحد عشر جنسا من حیوان النمس، وجمعھا نموس تضم أكثر من 400 نوعا تعیش في العالم القدیم أشھرھا النمس الھندي الرمادي اللون. وتبلغ فترة حیاة النمس من 7 إلى 12سنة وتلد أنثاه من 3 إلى 4 صغار. یتمیز النمس الھندي بذیل طویل لھ نفس طول الجسم تقریبا، الرأس صغیر، والأذن
صغیرة، والأنف مستدق، والقوائم قصیرة ینتھي كل منھا بخمسة أصابع مزودة ببراثن بارزة .
قد یبلغ طول النمس قرابة المتر بما في ذلك الذیل ویزن نحو تسعة كیلو غرامات. یعیش فرادى أو في جماعات صغیرة أثناء الصید وأثناء موسم التزاوج ویقطن البیئات الشجریة والعشبیة والحقول الزراعیة ویتسلق الأشجار بسھولة، ویھاجم المناطق المأھولة بالسكان ویسطو على الطیور الداجنة. یسكن الجحور الأرضیة التي یحفرھا بنفسھ وفي التلال الضخمة التي یبنیھا النمل الأبیض. وھو شدید الحذر حیث انھ
نادرا ما یخرج من بین الحشائش والأعشاب إلى الأراضي المكشوفة لأكثر من لحظات قصیرة.
صراعھ مع الأفاعي اشتھر النمس ببراعتھ ومھارتھ في القضاء على الأفاعي السامة، ویرجع السبب في ذلك إلى سرعتھ الفائقة ورشاقتھ، إذ یغرس أسنانھ الحادة التي تشبھ رؤوس الإبر في عنق الأفعى بعد مراوغات معھا ینتصب خلالھا شعر الجسم والذیل جمیعھ فیبدو النمس ضعف حجمھ. كما أن الذنب ینتصب ویتحول إلى فرشاه
2
قاسیة یحك بھا وجھ خصمھ حتى ان ناب الأفعى یعجز عن التأثیر على ھذه الحزمة من الشعر. ویذكر انھ لیس لدى النمس حصانة ضد سم الأفاعي، لكنھ غالبا لا یعطیھا الفرصة للدغھ، ولدیھ بعض المقاومة للسم. وعلى الرغم من شراسة النمس إلا انھ إذا إستأنسھ الإنسان صغیرا، فإنھ یصبح ألیفا ویتحول إلى حیوان
مدلل لعوب.
النمس المقدس اعتقد المصریون القدماء ان النمس حیوان مقدس حتى اسموه فأر فرعون وذلك لإبقائھ على اعداد التماسیح عند حد معین في نھر النیل، إذ كان یتغذى على بیضھا. وھناك أسطورة تقول أن النمس قد یتسلل إلى فم التمساح ویتعدى البلعوم والحنجرة لیمزق أحشاءه ویصل إلى القلب لیمزقھ ویأكلھ. وبالطبع أن الأساطیر لیست بدون داع أو لا معنى لھا، وھي إشارة إلى خفة حركة النمس وشطارتھ، وشدة غباء التمساح وكسلھ.
حاسة السمع وصید الفرائس یتمتع النمس بحاسة شم قویة جدا، ویستشعر الروائح من بعید ویحس بحركة الھواء باتجاه العدو. وتمنحھ حاسة الشم القدرة على استكشاف مواقع الشقوق والحفر والقنوات ومعرفة ما بداخلھا من فرائس.
یتغذى النمس على الجرذان والفئران والسقایات والحشرات والحیوانات الصغیرة والحبوب والثمار، إلا أنھ شدید الولع بأكل البیض. وتصید النموس فرائسھا بین الحشائش والنباتات القصیرة. وتبقى على اتصال مع بعضھا من خلال صوت زقزقھ مستمرة كالطیور.
تشتھر ذكور النموس بعراكھا العنیف فیما بینھا، إذ یتشابك النمسان كالقطط البریة مستعملة الأسنان والكفین كأسلحة تتشابك حتى یبدو وكأن كل منھما یمزق الآخر مع إصدارھم لصراخ عال، لكن المعركة غالبا تنتھي من غیر إصابة أحدھما بسوء وقد أدخل النمس إلى نیوزیلندة وجزر الھند الغربیة لمكافحة الأفاعي والجرذان، إلا انھ أحدث تدھورا خطیرا في التنوع البیولوجي بقضائھ على أنواع محلیة كثیرة.
لذلك تمنع الكثیر من الدول إدخالھ إلیھا كالولایات المتحدة وكندا.
التوازن البیئي لولا نشاط النمس والعرسة لارتفع معدل تكاثر الجرذان في العالم فھذان الحیوانان یأكلان الفئران ویتغذیان علیھا ویخلصان العالم من )شرورھا( خارج معامل العلماء. لذلك فبني البشر مھما تقدموا في التكنولوجیا والعلوم، لكن الإنسان یبقى بحاجة إلى المضادات الطبیعیة لإحداث التوازن البیئي.