حفريات تاريخية من النجف
الإمام الحسني البغدادي … سسيولوجيا الدين والتدين
تأليف: د. عبدالحسين شعبان
عرض: أ. د. عبد علي كاظم المعموري(*)
يقدّم كتاب المفكر عبد الحسين شعبان مائدة ثقافية دسمة للقارئ فيما يتعلق بسسيولوجيا الدين والتديّن، من خلال الإمام الحسني البغدادي الشخصية الإسلامية المثيرة للجدل والإشكالية بامتياز، وقد صدر عن مركز إحياء تراث الإمام البغدادي في النجف عام 2018، وهو كتاب من القطع المتوسط، بعدد صفحات بلغ (333) صفحة.
والأصل في الكتاب كما يقول الباحث، دراسة أو مقالة، لكنه ظلّ يتوغل عميقاً في شخصية الحسني البغدادي، ويديم البحث بلا هوادة عن أية معلومة عنه وعن تراثه، وفي أحيان كثيرة نراه يتوقف عند الكتابة للتأكد من (كلمة) واحدة، قيلت من قبله أو قيلت فيه.
إنه بحث في السرديات التاريخية، للشخصية وللأحداث والمواقف، وما يرافقها وما يترتّب عليها، وهو بحث يماثل عمل الآثاريين في التحقيب والتنقيب في مكنونات وتحف وآثار السابقين، لاسيّما في الغوص في أعماق المجتمع النجفي الديني والمدني في آن، لكي يفي الموضوع حقه، لابد له من إيراد الشواهد والموروثات المدونة منها وغير المدوّنة. وهو ما يجعل العمل متجاوزاً للصيغة التي أريد لها أن تكون، تبعاً لثراء ما وفره المؤلف حول هذه الشخصية موضع البحث والمثيرة للجدل.
ولعل ما دفع المفكر شعبان لتناول هذه الشخصية، بجانب العلاقة الأسرية التي تربط أسرة الإمام الحسني البغدادي وأسرة آل شعبان، لكون هذه الأخيرة من العوائل التي أشرفت على خدمة الروضة العلوية المقدسة بالنجف قبل أكثر من خمسة قرون من الزمن، إلّا أن هناك هدفاً يرافق اهتماماته هذه، هو سعيه الحثيث في المساهمة في كتابة تاريخ العراق السياسي، فالكتب والسير والمراحل التاريخية، تميط اللثام عن هذا الاهتمام، ولم يكن يحكمه في هذا مدى توافق هذه الشخصية مع توجهاته الفكرية أو السياسية، بقدر ما يريد أن يقدم اختيارات منتقاة بعناية، يسلط من خلالها ضوءًا كاشفاً مع الحرص على أن تتم قراءة التاريخ (الماضي) قراءة صحيحة لا خاطئة، كما يقول عبد الرحمن منيف، وهذا المنهج كان لازمة للباحث والبحث من مقدمته وحتى خاتمته وأقسامه السبعة.
فاختيار شخصية الحسني البغدادي لا تقتصر على ما فيها من الخصائص والطبائع، والأدوار والمواقف، وبخاصة عندما تكون هذه الشخصية موصوفة بأنها إشكالية، فإن الاختيار يتعلق بفك بعضاً منها، فما بالك عندما يحسبها شعبان (ظاهرة) فمن المؤكد أن جوانبها سياسية ودينية وثقافية،لهذا سوغ لنفسه الغوص في قراءتها من منظور سسيولوجيا الدين والتديّن وما بينهما، وشعبان لم يكن في كل ما كتبه من سير وسرديات، ساعياً إلى الترجيح أو لوي المواقف واستجلابها لصالح رؤية أو موقف أيديولوجي، بل جلّ ما يسعى إليه هو فكّ الالتباس والاختلاط، وفصل الخيط الأبيض عن الخيط الأسود.
ولما كان الباحث ابن البيئة النجفية عائلياً ومدينياً، عارفاً بأزقتها وحاراتها، شخصياتها وعوائلها، سراديبها وبرانياتها، وعلى معرفة بتوجهات نخبها الدينية والفكرية والثقافية، بإزاء مختلف المواضع والمواقف، ومن منظوره أن لكل موقف أو توجه مقصده ومبناه، حتى في الدين والتديّن، وعلى وفق هذا لا يمكن لباحث من خارج هذا التوصيف،أن يحصل على دقائق الأمور وأصغرها فيما يخص تفكيك تلافيف الظاهرة الدينية، فالنجف ليست ككل المدن، ولا يمكن وصفها بمدينة دينية فحسب، بل هي مدينة ثقافية شديدة التنوع، ومدارسها الفكرية يستبطنها (جدل كبير)، بين التقليدية والحداثوية، وبين اليسار واليمين، كما أنها مدينة مالية واقتصادية، تدخلها الأموال وتخرج كما يدخل الوافدون إليها من شتى الأمصار، وفي كل هذا كانت هناك مدخلات ومخرجات، لهذا فهي عبارة عن متدفقات وتيارات لا تهدأ، في سكونها الظاهر، وتفاعلها المستتر، وهو ما يذكره شعبان بدقة وملاحظة لا متناهية.
ولربما ما دفع شعبان إلى كتابة هذه السردية عن الإمام الحسني البغدادي، هو بيان المختلف عنده والمتفرد فيه، والتي وسمت دوره ومواقفه، لكونها جوانب محفزة للمهتم بتفاصيل الوقائع والتاريخ، فالحسني البغدادي لم يكن ليناً أو مترجياً لمصلحة أو مغنمه، لهذا نجده راديكالياً في الكثير من مواقفه، وحاداً وخارجاً عن سياق الخطاب المعتاد في مؤسسته، فمواقفه من شاه إيران أبان انتفاضة خرداد، جعلته موضع تقدير من الإمام الخميني، وظلّت العلاقة دافئة بينهما ظلت حتى وفاته دليلاً على تميّزه مثلما هي مواقفه الناقدة للعديد من زعامات الحكم في العراق، منذ رفضه للاحتلال البريطاني ومشاركته في مقاومته مع السيد محمد سعيد الحبوبي، قبل (ثورة العشرين) إضافة إلى دوره المشهود لاحقاً بفضح أساليبه الخبيثة تجاه العراقيين، وإيمانه المطلق بالمقاومة الفلسطينية، وتشجيعه العمل الفدائي ضد الصهاينة، ، وطبيعة الصراعات ما بين التيارات الرئيسة في العمل السياسي في العراق والمنطقة، وجميع هذه المواقف اتسمت بالوضوح من دون لبس أو تأويل. لهذا عدت مثابات لمواقف عروبية وقومية ومبدئية، وهو ما يتناوله شعبان بعمق، لاسيّما باستعادة قراءة التاريخ بروح حرّة منفتحة.
ومن وجهة نظري إن كتاب مقاربات في سسيولوجيا الدين والتديّن ، يتمحور حول مفاصل رئيسة هي:
أولاً: الدين والتدين
وهنا أراد الكاتب أن يقدّم إضاءة على رمزية دينية، كجزء من مقاربة تتعلق بسسيولوجيا الدين والتدين، وأكثر وضوحاً بيان العلاقة بين المعتقدات وتجلياتها الفعلية على الأرض، فبينما الأديان تظل محل قدسية لا خلاف عليها، فالتدين ظاهرة اجتماعية متحركة ومتغيرة، وتتأثر بمحيطها سلباً أو إيجاباً، وتنعكس طبيعياً على واقع المجتمع وأحواله، وتمارس تأثيرها في أنماط وطبيعة الصراع بين القوى المحركة للمجتمع في مرحلة تاريخية مشخصة وموصوفة. لهذا بدا هناك افتراق بين الدين والتدين، وخصوصاً لمن يذهب إلى الادعاء بامتلاك الحقيقية وفهم النص الديني كما يجب، ويضفي التفسير القاصر والفهم المسطح للنص الديني قدسية على الحاكم، بغية إلزام الناس وتغييب عقولهم بعدم الخروج عليه، حتى وأن كان ظالماً وغير عادل. في حين تتسم تعاليم الدين بالعدل والمساواة وحق الاختلاف.
ثانياً: الفتاوى في التكفير والإلحاد
ويشكّل التجريم والتكفير الجزء الأكثر جاذبية في هذه السردية، ولعل شعبان أراد أن الأمر كله ينصب فيه، لكونه يأتي على وفق معطى ديني، سواء لمذهب أم لجماعات دينية أو سياسية كما جرى لليسار بشكل عام والماركسي بخاصة،عندما أصدر المرجع الديني (الأعلى) السيد محسن الحكيم، فتوى تكفير وتحريم للشيوعية في شباط 1960- والمفارقة أن الفتوى حين صدرت من النجف، كان السيد (صاحب الحكيم) هو مسؤول محلية النجف للحزب الشيوعي أي نفس عائلة الحكيم، وينتسب لهذا التنظيم العشرات من الأسر الدينية الكبيرة والمعروفة في النجف من مثل آل الحكيم، آل الرفيعي، آل الخرسان، آل الجواهري، والشبيبي وآل شعبان (أسرة المؤلف) وغيرهم .
وقد جرى استثمار ذلك في إطار الصراع الداخلي بين القوى السياسية المحلية لصالح التلوينات الطاغية بالقومية واليمنية (فقد وظفها حزب البعث لتسلّم السلطة في العام 1963)، وفي ميدان الصراع العالمي بين الإمبريالية والاشتراكية، فقد جرى تلقّفها من قبل القوى الدولية الكبرى آنذاك وبخاصة الولايات المتحدة القوة الصاعدة الكبرى، لتحشد إعلامياً وثقافياً وفكرياً لمواجهة الانتشار الشيوعي (الماركسي) في المنطقة، وتعقد مؤتمرات وأبرزها مؤتمر بحمدون والذي ردّ عليه الإمام محمد حسين كاشف الغطاء بكرّاس (المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون) والذي قام اليسار العراقي بإعادة طبعه وتوزيعه لما فيه من ردود على القوى الإمبريالية وحلفائها الرجعيين. ومن الجدير بالذكر أن كاشف الغطاء، كان قد دعي إلى المؤتمر الذي انعقد لمحاربة الأفكار المادية الهدامة، لكنه اعتذر عن حضور المؤتمر وكتب جواباً عليه الكراس المشار إليه.
وبالرغم من الضغوط التي مورست على السيد الحسني البغدادي،لإصدار فتوى متزامنة مع فتوى السيد الحكيم، لكنه رفض ذلك بعناد وإصرار، ويروي (البغدادي الحفيد) أن ثلاثة من علماء الشيعة، زاروا البغدادي الكبير لإقناعه بإصدار فتوى ضد الشيوعية، وهم الشيخ مرتضى آل ياسين والسيد إسماعيل الصدر والسيد محمد جمال الهاشمي، ومع قناعته التامة بالحادية الأفكار الشيوعية، ومحاولة الهاشمي استمالته بأن فتواه ستكون مقدّمة على فتوى الحكيم، إلّا أنه ظل متمسكاً بموقفه في رفض الإفتاء، وشاركه بموقفه هذا كل من:آية الله حسين الحمامي وآية الله عبد الكريم الزنجاني وآية الله الشيخ محمد فاضل القائيني، وتحملوا بسبب ذلك الكثير من الاتهامات والإساءات، فقد ترتب على هذا الرفض اتهام القائيني بالشيوعية، وتم تسفيره إلى إيران، والتهمة نفسها روّجت ضد الحمامي، أما الزنجاني فقد أتهم بأنه عميل بريطاني، فيما كانت تهمة كاشف الغطاء بأنه سلطوي، هذه أجواء فاح منها شدة الصراع الحاصل في الأوساط الدينية في النجف آنذاك.
ويسوق الكاتب (شعبان) جملة مسوغات لذهاب (الحسني البغدادي)، لمجاراة التوجه العام، ربما تحت الضغط، أو بدافع الحيطة والحذر أو ما يسمى (التقيّة)، أو أنه موقف قد استدرج إليه، فقد قدم شيئاً موافقاً لتكفير الشيوعية، يقرأه بعضهم “فتوى”، وبعضهم يعد مجرد رأي في سياق الآراء. وهذا جزء من إشكالية المواقف عند الإمام الحسني البغدادي. بالرغم من أن ” فتواه” إن اعتبرت فتوى أو رأيه إن اعتبر رأياً جاء باهتاً وفي غير وقته، لذلك لم يثر أي ردود أفعال بشأنه في حينها، مقارنة بما أحدثته فتوى السيد الحكيم. فالسياق العام لتوجهات (البغدادي)، لا تؤشر وجود شواهد تدفعه لتبني خطاب أو فتوى تحريمية، ولربما جاء موقفه من اليسار والشيوعية في إطار نتاجه الفكري وليس الافتائي، أو تجنّب الانتقاد، وهذا الظن أراد المؤلف إشاعته في الكتاب من خلال سياق تناوله لمواقف الإمام (البغدادي).
ثالثاً: الخفايا والصراع
ما يمكن قوله أن (البغدادي)، لم يكن راغباً في الانخراط بالعمل السياسي، وكان يفضل العمل الدعوي والوعظي والتدريسي في الحوزة، وظلت توجهاته تتعارض وتفترق قليلاً أو كثيراً عن توجهات الكثير من العلماء في النجف. وهذا نابع من رؤيته في أحقية الفرد في الاختلاف فكرياً أو دينياً أو مذهبياً. وهو ما أعطى للإمام (البغدادي) مساحة كبيرة من القبول والالتقاء، بل وتعضيد مواقفه ومناصرتها .
ولعل عدم رغبة الإمام (الحسني البغدادي) في الدخول في الشأن السياسي، تعود في جزء منها إلى طبيعته الراديكالية ومواقفه الصلبة وعدم المساومة أو عدم تبني اللين بإزاء بعضها، ناهيك عن حدة الخطاب الذي يعتمده، والذي عادة ما يكون بسيطاً ومباشراً وواضحاً، فهو لا يجيد استخدام العبارات المنمّقة وكلمات المجاملة، مثلما يعتمدها غيره، وإن اتخذ موقفاً لا حياد فيه إزاء الاحتلال البريطاني والعهد الملكي وقضية فلسطين والعدوان الثلاثي على مصر وما يجري للمسلمين من ظلم أينما كانوا ومهما كانت طبيعة النظام، لأنه يعتقد أنه يتبع نهج الإسلام المحمدي الأصيل، الذي لا يرضى بالخنوع والذل والعبودية واستغلال الإنسان للإنسان.
وحتى علاقته بنظم الحكم التي تعاقبت ورجالات السلطة، فإنها ظلت على وتيرة واحدة، وكانوا هؤلاء يخشون من آرائه المباشرة والقوية، يحاولون التودّد إليه، وجميعهم حاولوا تقديم أموال له أو تخصيص راتب شهري، نظراً لما يعرف وينقل لهم عن حياة الزهد والتقشف التي يعيشها، بدءاً من الزعيم عبد الكريم قاسم عبر (حميد الحصونة) قائد الفرقة الأولى، ومروراً بـ عبد السلام عارف الذي كان يريد تخصيص راتب شهري له، عبر مبعوثه (نجم الدين النعيمي) وصولاً إلى أحمد حسن البكر، حين زاره (عبد المجيد الرافعي) عضو القيادة القومية لحزب البعث في عام 1969، الذي أراد أن يطرح على القيادة آنذاك دعم (الحسني البغدادي) مادياً نظراً لأوضاع سكنه ومكتبه، إلّا أن شبيب المالكي الذي كان محافظاً لكربلاء في حينه، أعلمه بأن الإمام (البغدادي) لا يستلم هدايا ولا يقبل أموال، وعلى المنوال نفسه كان خير الله طلفاح قد طلب من الرئيس أحمد حسن البكر، تقديم مساعدة مادية للحسني، أسوة بنظرائه الذين يحصلون على أموال من جهات أخرى، فكان رد الرئيس عليه بأنه رفض أكثر من عرض مني ومن الدولة.
وفي خواتيم هذا الكتاب المهم والغني لابدّ من المرور على قصة الخلاف بين الحسني البغدادي والحكيم، فالرجلين وما بينهما من خلاف واختلاف مبعثه (من وجهة نظر المؤلف)، لكونهما يمثلان منهجين متعارضين ومزاجين مختلفين، فقد كان البغدادي حاداً في صراحته وواضحاً في رأيه، في حين كان الحكيم أميل إلى الحذر والتحوّط وتقليب الأمور لدرجة التردّد أحياناً، ويورد الكاتب (نقلاً عن البغدادي الحفيد)، بأن علاقتهما كانت طبيعية حتى وفاة النائيني (مطلع القرن العشرين)، إلا أن الخلاف دبّ بينهما، على خلفية طلب الحكيم انتزاع المرجعية من الحوزة الفارسية في النجف، بوصفها ظلمت الحوزة العربية، لكن الحسني البغدادي الكبير ومعه أبو الحسن الاصفهاني ومحمد حسين كاشف الغطاء كانوا يعتقدون أن طلب الحكيم هذا يستبطن طلب المرجعية لنفسه.
ومن الجدير بالذكر أن كاشف الغطاء الكبير كان أستاذ الحكيم والنائيني والسيد أبو الحسن، وقد وجد لمعة اجتهاد عند النائيني وأبو الحسن ولم يجدها عند الحكيم، وعلى وفق هذا سوّغ اعتراضه على ما طلبه الحكيم، وهذا الأمر أثار حساسية شديدة وعداوة مستمرة بين الحكيم وكاشف الغطاء، لم تنتهي حتى بوفاة الأخير، مثلما ظلّت العداوة بين الحكيم والحسني البغدادي قائمة طيلة نحو خمسة عقود من الزمان.
ومن الجدير بالذكر فأن خصائص المرجعية فضلاً عن مركزية توافر الأعلمية في شخص المرجع، فأنها تمتد إلى الزهد والتسامح والتواضع ورحابة الصدر والأقدمية في العلم وسعة المدارك والمعارف وتراكم الخبرة والقدرة على قول الحق ومدّ يد الوحدة والتعاون، فهو يعد مرجعاً ليس لطائفة بل لعموم المسلمين.
وما يمكن قوله في خاتمة هذا العرض، أنني لم أستطع أن أعرض كل ما في الكتاب الذي تضمن سبعة أقسام وما يشبه التمهيد وخاتمة تمثل خلاصات مهمة وجريئة وقد سلّط الباحث الضوء على ” دين العقل وعقل الدين” في القسم الأول، وفي القسم الثاني تناول الظاهرة الدينية بين الموضوعي والذاتي، وخصص القسم الثالث لـ ” ما بين الديني والسياسي”، وتوقّف في القسم الرابع عند جدليات الحوزة الدينية، أما القسم الخامس فقد كرّسه لـ ” تحريم الشيوعية”، وكان القسم السادس قد تناول فيه بعض إصدارات الحسني البغدادي، وبحث في القسم السابع والأخير فكرة الجهاد وآراء فقهاء الشيعة ومسألة الجهاد الكفائي التي قال بها السيد السيستاني في مواجهة داعش بعد احتلالها للموصل عام 2014، وسلّط ضوءًا على كتاب وجوب النهضة للحسني البغدادي الذي نقل فقرات ضافية منه كمقتطفات.
لقد استطعت أن أغترف من هذا الكتاب الغزير بأفكاره وفي شواهده ومحطاته، وحتى ألغازه وأحباره وخباياه، فالكثير من روح الجمل موجودة في المتن، ولكنها غير مكتوبة، ومن يقرأ الكتاب لابدّ له من إعادة قراءته، بل وسيجبر على البدء برحلة سباحة في بحر لا ضفاف له.
نُشرت في مجلة المستقبل العربي (مركز دراسات الوحدة العربية) العدد 501، تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
(*)استاذ الاقتصاد السياسي المتمرّس – كلية العلوم السياسية – جامعة النهرين – العراق.