في لبنان: اتيكيت خاص بكورونا… ورجل دين يتكفل بطرد الفيروس
في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية، التي تضرب لبنان منذ سنوات، ورغم التحديات غير العادية التي يعيشها العالم اليوم مع انتشار جائحة كورونا التي تسببت بوفاة مئات آلاف البشر حول العالم وتعطيل حركة الاقتصاد العالمي، وفقدان ملايين الموظفين لفرص عملهم، فإن الـ»سوشال ميديا» هناك تجد مساحة للتندر حول مواضيع غاية في الغرابة.
معها كل الحق! لا سيما في فترة الحجر التي يعيشها البلد المنكوب في الفساد والطائفية، وهرباً من البرامج السياسية التي تعج بها فضائيات الأحزاب والميليشيات الطائفية.
آخر هذه المواضيع «الصرعات» عنوان حلقة على قناة الـ»أم تي في»: «اتيكيت الإعلان عن الإصابة بكورونا» لـ»خبيرة الاتيكيت والبروتوكول» نادين ضاهر . فقد نشرت على صفحتها الرسمية على انستغرام إعلاناً لبرنامجها حي ومباشر، فقرة «إيتيكيت» التي تطل من خلالها على المشاهدين مرتين في الأسبوع.
والله كتر خيرك.. ها أنت ترفعين اسم لبنان عالياً! إن العالم في أجمعه أهمل شركة «فايزر» واللقاح المنتظر. ولا هم لديه الآن سوى تتبع حلقتك ليتعلم منك كيف يعلن المريض عن إصابته!
أثار الإعلان الغريب من نوعه موجة سخرية بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي داخل لبنان والعالم العربي. حيث علقت إحدى المتابعات «معقولة كمان هيدا المرض إله إتيكيت، مش معقولة مدام نادين» فيما علق متابع آخر « في لبنان كلشي إله إتيكيت، حتى الاستهتار بحياة الناس»!
كما اقترحت إحدى المعلقات على القناة تخصيص حلقة حول «اتيكيت لما تطلعي مشوار بدون ولادك» والكثير من التعليقات الساخرة التي عكست غضب واستغراب المتابعين لهذا النوع من برامج الـ «لايف ستايل».
لا تسخروا من الحلقة. فنحن ننتظر من السيدة ضاهر أن تخصنا بأخرى. وقد تكون «أعمق» هذه المرة! نقترح عليها عنوان: «بروتوكول الشهقة الأخيرة»!
كي لا يغادر مريض كورونا الحياة بشهقة غير محسوبة أو تخل بالإتيكات، لا قدّر الله.
لا أعرف كيف لم تؤمن لها المستشفيات حلقة توعوية أسبوعية داخل غرف الطوارئ! ولكن لن نطلب منها أن تجهد نفسها أكثر..
يبدو أن جعبة البرامج التلفزيونيّة في البلد المنكوب بالفساد والمحسوبيات باتت باهتة وفارغة، وغير قادرة على اجتراح مواضيع جديدة وهادفة، بدليل أنها تعيد إنتاج عناوين كانت قد ناقشتها في السابق مع بداية انتشار الفيروس في لبنان.
ففي آذار (مارس) الماضي، خصصت خبيرة البروتوكول نادين ضاهر حلقة على نفس القناة عن «إتيكيت الإصابة بكورونا» وعن «إتيكيت ما بعد كورونا». كذلك ناقشت فيما بعد أدبيات الاستضافة الطويلة في حال الإصابة بالفيروس.
بالطبع يمكن افتراض حسن النية وتفهّم هذه النوعية من البرامج التوعوية في سياق أكثر جديّة، وضمن سياسة إعلامية واضحة يراعى فيها استضافة أطباء ومختصين يقدمون النصح للمشاهدين، بدلاً من استضافة خبراء في البروتوكلات والمناسبات الاجتماعية.
لقاح «مسيحي»!
انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لرجل دين مسيحي يعظ في الكنيسة مبشراً بعلاج لفيروس كورونا من «صلب الديانة المسيحية». لا بأس بذلك فلكل إنسان إيمانه. ونحن كإخوة نحترم معتقدات بعضنا البعض.
ولكن المصيبة أن يصل بنا الحال لإلغاء الآخرين والافتخار بعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية والتحدث بأمور خارج اختصاصاتنا.
هكذا لبس أبونا ثوباً لا يليق به إطلاقاً.. وافتتح كلامه وكأنه عالم ببرمجة الكمبيوتر وبروفيسور في الطب قائلاً:
«بيل غايت يلي هو كان يساعد العالم وحط مليارات حتى العالم تكسب ثقته.. هلأ هو بدو يعمل لقاح للكورونا؟ هو يلي عمل كرونا هو أتباع المسيح الدجال. مين بقلكم هيدي اللقاحات ما رح تكون كلها أمراض وكلها ميكروبات».
كيف تأكدت من معلوماتك قبل طرحها على جمهور من المصلين؟ هل تعرف أن تلك المعلومات الخاطئة من الممكن أن تدفع البعض إلى الهروب من اللقاح الذي قد ينقذ حياتهم إن أصيبوا بالمرض؟
كما أضاف: «عنا لقاح طبيعي وأقوى منهم. شو هو؟
نتناول القربان المقدس بعد الاعتراف بخطايانا وندهن الزيت المقدس على جبينا وعلى صدرنا وعلى يدينا ونشرب مي مصلاية ومنغسل وجهنا بمي مصلاية. ومنحمل مسبحتنا ومنصليها. قديش إلنا هون هيدي الكنيسة ما تسكرت مفتوحة وكلكم بلا كمامات وبلا كفوف وما حدا عم يصرلو شي».
هل يعني ذلك بأن المسيحيين فقط سيشفون من الكورونا بعد إتباع الخطوات التي ذكرتها؟ ماذا عن أتباع الإسلام واليهود وباقي الديانات؟ هل سيفتك بهم المرض يا أبانا؟!
لم يكتف واعظنا» الحكيم» بذلك فقط . بل أيضاً تباهى بعدم ارتداء المصلين في الكنيسة للكمامات. وكأن هناك تشجيعاً ضمنياً وثناء لهذا الفعل، الذي لا يتماشى مع التعليمات، التي نصت عليها الجهات الصحية المعنية.
متى ستنتهي مأساة الجهل في عالمنا العربي؟
*كاتبة لبنانيّة