أم لبنانيّة تموت لتنقذ طفلتها… وعشق وطلاق في زمن كورونا!
انتشرت مؤخراً على الفضائيات العربية ومواقع التواصل الاجتماعي صورة مؤثرة لمسعف من الصليب الأحمر اللبناني يدعى زياد بكار يحتضن طفلة صغيرة أرعبها الموت مبكراً بعد أن افترس والديها في حادث سيارة مروع.
كيف بدأت القصة؟
لقد نشرت صفحة «يازا» وهي جمعية لبنانيّة تهدف إلى التثقيف وتعزيز سلامة المواطن من حوادث السير خلال القيادة، عبر حسابها على «تويتر» تلك الصورة الناطقة التي يظهر فيها المسعف بعينين يندفع منهما نور خافت حزين.
عينان شاردتان في قسوة الحياة ورهبة الموت. يضم إلى صدره بكلتي يديه طفلة صغيرة مرتعشة وجدت في حضنه مسكناً آمناً بعد أن انتشلت بأعجوبة من بين ركام سيارة تحطمت على رؤوس ركابها.
ذكرت «يازا» أن الحادث وقع ما بين سيارتين وأدّى مباشرة إلى وفاة الأب والأم. لكن الطفلة جودي نجت بأعجوبة بفضل والدتها التي حمتها بجسدها لتمنحها ولادة أخرى لحظة موتها.
تصدرت تلك الصورة في الأيام الأخيرة كل مواقع التواصل الاجتماعي لتتخطى بانتشارها لبنان والعالم العربي.
هكذا أصبح المسعف بطلاً بإنسانيته واستضافته عدة قنوات من بينها قناة «الجديد» حيث حلّ ضيفاً في برنامج طوني خليفة ليتمحور الحوار حول نقاط ثلاث: الفعل الإنساني وخصوصية الأفراد وعلاقة المسعف بالطفلة.
أكد المسعف أن الصليب الأحمر اللبناني بكل طاقمه يحرص على خصوصية المواطنين وانتشار الصورة لم يكن بإرادته. وبأن تلك اللحظة التي حضن فيها الطفلة كانت أقسى تجربة عاشها في حياته حتى الساعة.
وقد عبر عن ذلك بقوله: «من أصعب المواقف يلي انحطيت فيها بكل حياتي. كمسعف متطوع لازم أمن لجودي الإسعافات اللازمة. رحت لعندها كانت عم تبكي كانت خايفة كان في عالم كتير حولها. قدمت لها الإسعافات الأولية حضنتها وطلعت فيها على السيارة دغري كرمال احميها من الأجواء».
وأضاف بالنسبة لالتقاط الصورة وانتشارها: «بدي ضوي على نقطة كتير مهمة هي سرية المريض. نحنا بالصليب الأحمر اللبناني منحاول قد ما فينا نحمي المريض نحمي هويته. بس العالم كانت متحمسة ما عرفت مين صور. ما عرفت مين فات على سيارة الاسعاف».
أما الملفت فقد كان عدد الاتصالات التي هطلت على القناة من لحظة انتشار الصورة رغبة في تقديم المساعدات وتبني الطفلة التي تيتمت في سن مبكر. لكن خليفة شكر كل من اتصل، مؤكداً أن للطفلة عائلة محبة قادرة على الاهتمام بها.
وعلق بدوره على الصورة المنتشرة قائلاً: على الرغم من كل المآخذ التي ذكرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن عدم احترام خصوصية الطفلة وسريتها إلا أنها أصبحت درساً لكل قائد سيارة.
«هالصورة لازم تكون درسا لكل قائد سيارة. أنت ممكن بلحظة من اللحظات تكون مكان أهل الطفلة ويصير بولادك هيك. أو بسبب طيشك وإهمالك تخلي طفلة متل جودي يصير فيها هيك».
جودي الصغيرة ستبقى في ذاكرة كل من يقود على الطريق. سنتذكر جودي لنحمي أبناءنا.
من يتمعن فيها لن يستطيع أن يقود بسرعة من جديد. ستطارده عيناها الخائفتان. ستحاكيه دموعها. سيسمعها تناديه من بعيد قائلة:
أنا صاحبة تلك الصورة الناطقة بالوجع والأسى والمثقلة بالإنسانية المفرطة. أنا جودي بشعري المنسدل على الحياة وجسدي الصغير المرتعش أمام رهبة الموت.
مات والداي. نعم ماتا. من سيمنحني جناحين جديدين، من يعطيني انتماء ما؟ أين سأجد وجهاً كوجه أمي، وجها من ماء ونور، عينين تذرفان الشوق لآلئ من برد ونار. ويدا تمتد لتمنحني القليل من الصفاء؟!
ها هي أمي تجسد لي الحب من جديد في لحظة موتها فأجد من ينتشلني إلى صدره الدافئ.
من سيحميني غداً من الضجيج من الوحدة والخوف؟
لا تسرعوا لأن الموت لا ينتظر أحداً.
لقد أصبحت الطفلة أيقونة تذكرنا بأهمية الصليب الأحمر اللبناني، المؤسسة الوحيدة في لبنان التي تعطي من دون أي مقابل..
تبرعاتنا له تثمر دوماً غلة من المحبة وتعود لنا بأمان نفتقده جداً في كنف الوطن المهزوم.
جودي الصغيرة ترقد اليوم في المستشفى، لكنها ستخرج قريباً. لقد أصبحت رمزنا الوطني للسلامة.
لبنان ينتظرك!
عشق وطلاق في زمن كورونا
بيقولوا الحب بيقتل الوقت
وبيقولوا الوقت بيقتل الحب
يا حبيبي تعا تنروح
قبل الوقت وقبل الحب
من أجمل ما قيل في الحب للأخوين الرحباني. وربما تنطبق كلمات هذه الأغنية، أكثر ما تنطبق، علينا في زمن كورونا. زمن نحتاج فيه للحب لنقتل وقت الحجر الطويل والوحدة والتباعد. لننتصر على الموت.
لقد سمعنا عن قصص حب كثيرة نشأت عبر السطوح ومن خلف النوافذ وعبر أروقة وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الأسرة في المستشفيات.
نعم نحتاج الحب لنعيش. نحتاج الأمل والضوء في وسط العتمة.
ولكن، ويا للمفارقة، لقد ارتفعت في الوقت نفسه نسبة الطلاق بشكل غير معهود في العالم كله. وقد نشرت «بي بي سي» عربي مؤخراً فيديو لأزواج يتكلمون عن تجاربهم المرة في زمن كورونا. وكيف انتهى الحب بسبب وجودهم الطويل معاً تحت سقف واحد.
تقول رافايلا، وهي موظفة في الخدمة الاجتماعية، انفصلت عن زوجها بسبب الحجر:
لقد أمضينا معاً فترة جميلة امتدت 12 عاما. لكن الوباء لم يترك شيئاً على حاله. أصبحنا نعمل من ذات المنزل ونعتني بابنتينا. لقد أظهر لنا الحجر أن هناك كثيراً من الأمور بيننا تفتقد إلى الإنسجام».
وتضيف: «عشنا لحظات من الغضب والإختلاف وانتقاد بعضنا البعض. لقد أخذت بعض الأمور الصغيرة تتفاقم مثل ارتداء قناع الوجه، وتغيير الثياب عند العودة إلى المنزل، والإستحمام. في حين كان رأيه مختلفاً. الآن أجد الأمر مضحكاً لكننا كنا فعلاً غاضبين في تلك الفترة».
أما ريتشارد، وهو مدير مشاريع، فيقول: «بدأنا بالشجار حول أمور تافهة. كان الحجر المنزلي صارما للغاية ولم نستطع مغادرة المنزل حتى لاستنشاق هواء منعش. كان صعباً علي أن أتقبل كل تلك الصرامة».
تأخذنا تلك التجربة إلى السطر الثاني من أغنية الرحابنة:
«بقولوا الوقت بيقتل الحب». إذ يبدو أن الحب لا يعيش بدون انتظار ولوعة وحلم وشوق، وأن الالتصاق المبالغ فيه بالآخر قد يشوه الحب ثم يقتله.
ألم تقل غادة السمان:
آه، لا تذهب، لا تحضر، لا تقترب،لا تبتعد، لا تهجرني، لا تلتصق بي، لا تضيعني، لا تؤطرني، ولنطر معاً في خطين متوازيين لا يلتقيان، لكنهما أيضاً لا يفترقان. إنه الحب.
البعد حارق والقرب قاتل.
يا حبيبي تعا تنروح
قبل الوقت وقبل الحب.
كاتبة لبنانيّة