إضافات بسيطة بإسقاط راهن
على بحث
الدكتور عبد الحسين شعبان “في معنى أن تكون ماركسياً”
الأستاذ سمير عبيد
(كاتب ومحلل سياسي)
أتحفنا الكاتب والباحث والسياسي والاقتصادي والحقوقي الدكتور عبد الحسين شعبان ببحث عاصف حول الماركسية وبعنوان “في معنى أن تكون ماركسيا“والذي نشره بحلقتين متتاليتين في موقع مجلّة “الشراع“. ونقول عاصف لأنه سبّبَ عصفاً في رؤوسنا وأفكارنا وذكرياتنا جميعاً، وحرّك السكون حول ما نعانيه اليوم في عالمنا العربي الذي بات مشلولاً يبحث عن طبيب ودواء، بحيث بات الحنين لنظريات ورؤى ماركس نوعاً من المسكّنات والمهدّئات!
فماركس المتوفي في 14 آذار 1883 لم يكن اسماً عابراً، ولم يكن إنسانا فذًّا ومؤثّراً في أسرته وبين رفاقه أو في بيئته فقط، بل كان حالة عابرة للحدود والبلدان لتصل إلى الشعوب لتمارس نظرياته ورُؤاه في العصف الذهني والفكري برؤوس النخب في تلك الشعوب لكي تتحرك ولكي تنظّم نفسها وتسأل بصوت أعلى عن مصيرها ومستقبلها، ولكي تفتّش عن حرّيتها وأسباب تحقيق كرامتها ما دامت هي حرّة!
فباعتقادي الشخصي أنّ هكذا بشر وهبهم الله نعمة الذكاء والغور في فلسلفة الحياة والإنسان لتكون سبباً في اصطفاف الشعوب لرفض الظلم والاحتكار والتفتيش عن الحرّية والكرامة، فهؤلاء الناس وعندما عسكت أفكارهم ونظرياتهم الواقع محاولة تغييره وعبرَت الحدود والبحار والمحيطات لتصل إلى بلدان وشعوب كثيرة ومختلفة في الثقافات والحضارات، وعلى الرغم من محدودية الإعلام والانتشار آنذاك قياساً مع ما يشهده العالم الآن، إلّا أنّ ذلك التأثير يعني أنّ وراء هؤلاء البشر المتميّزون قوّة ماورائيّة، وهم وجبة من وجبات المصلحين الذين نشرهم الله ونشر فكرهم لتنمية الاختلاف الحميد، ولزيادة وعي الناس لتنظيم أنفسهم وعدم نسيان أن الله خلقهم أحراراً، وبالتالي لا يجوز استعبادهم.
إذن هؤلاء ما هم إلّا الوجبة الثانية أو الثالثة أو الرابعة بعد الصالحين الذين تأثروا بالأنبياء والأوصياء وعرفوا الطريق إلى الله دون وسيط. ولكن ليسوا بالضرورة يحافظون على صَلَاتهم وعبادتهم ولكنّهم آمنوا بالحرّية والعدالة وعدم الظلم، وهي توصيات الله والرسل. وآمنوا بالتضحية في سبيل إسعاد الأكثرية المظلومة. أوَلم يكن ذلك شعار الإمام الحسين عليه السلام عندما اختار الموت من أجل الحرية ورفض العبودية؟ وهنا لا نعطي إلى ماركس قداسة أو نجعله شيعيًّا أو حسينيًّا إطلاقاً، ولكننا نمتدح قناعاته الإنسانية والخيّرة والتي تؤمن بالتضحية في سبيل حرّية الأكثرية الإنسانية.
ونكرّر مرّة ثانية أننا لا نريد هنا أن نعطي إلى ماركس القداسة أو الانتساب إلى سلالة الأنبياء أو الصالحين إطلاقاً لكي لا يقصفنا المتصيّدون بهكذا أمور، بل علينا الاعتراف أن هؤلاء الناس أمثال ماركس مكمّلين لنفس المشروع الذي أراده ويريده الله لتحرير الإنسان من العبودية والظلم نحو الاكتمال الإنساني! بدليل بقاء أسمائهم وتراثهم ونظرياتهم تتداول وتُمارس تأثيرها حتى الآن، وهذه عمليّة دعوة تبشيريّة للعقول والأدمغة أن تفكّر لأن مهمة الأنبياء والرُسل قد انتهت بتنظيم الناس وتهذيب نفوسها وطباعها وترسيخ إيمانها بالله وحسب توجيهات الله والذي بقي هو مهمّة الناس الصالحين، وماركس لم يطلب حكماً ولم يطلب خُمساً ولا حتى يطلب غنائم، بل إنه دعا للثورة على الظلم وضد الاستغلال ومن أجل تحقيق العدالة للمستضعفين ونبذ الرأسمالية التي تأخذ ولا تعطي وتُذل وتستعبد الشعوب!
التميّز المبكر لدى ماركس
ماركس لم يكن منغلقاً مثلما صدّرهُ ويُصدّرهُ بعض الماركسيين المُغالين على أن ماركس نافورة أفكار ونظريات وتوقفت وما خرج عنها مقدّس لا يقبل النقد والتغيير والتجديد، فهذا انغلاق وغلوّ وجمود رفضه ويرفضه المفكّر شعبان، فالرجل سبق موته بوضع أُسس الإصلاح والنقد “وهنا أصرّ على اعتقادي بأنه استثنائي وبالغ التميّز، وهناك قوّة ماورائيّة كانت تتحكم بقدراته وأفكاره “ففي ٢٤ حزيران ١٨٧٢ علّق ماركس على البيان الشيوعي الذي صدر عام ١٨٤٨ بأن هذا البيان بحاجة إلى تحسينات ومراجعات، وأن هناك نقاط فيه أصبحت قديمة بسبب التطور الهائل والمستمر، وهذا بحدِّ ذاته يمتلك رؤية تمثّل قمّة التجديد وقمّة الإيمان بما يفعله الزمن كلّما تقدم بالأفكار والنظريات والناس وهذا سرّ بقاء ماركس خالداً حتى الآن.
يمكنني المحاججة بالقول: أعطني مفكراً عصريًّا أو مؤسساً عصريًّا لحزب أو فكّر أو جاء بعد ماركس بخمسين عاما أو 100 عام يؤمن إيمانا كاملاً بأن التطور يُتلف الافكار والنظريات القديمة وتصبح بحاجة إلى نقد وتجديد ومراجعة. فهذه عبقرية وثقة بالنفس تُحسب إلى ماركس الذي عاش زماننا ومعنا وهو الراحل عام 1883… وهنا يحضرني قولاً تربويًّا للأمام علي بن أبي طالب عليه السلام عندما قال (لا تعلّموا أولادكم عاداتكم لأنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم) وهي نظرية اجتماعية وتربوية ونفسية، بحيث يوصي الآباء بالتنازل عن مبادئهم وأفكارهم وسلوكهم لمنع الفجوات مع أبنائهم لأنهم سوف ينهلون أفكارا وثقافات جديدة. وهكذا قصد ماركس عندما أصرّ على التجديد.
المغالون الماركسيون ليسوا حالة لوحدهم
بعد حوالي قرن ونصف من الزمان هناك من يُمسك بأفكار ونظريات ماركس ويعتبرونها مقدسة علماً أن ماركس نفسه قد نقد نصوصاً كثيرة منها ودعا لتجديدها، لكن بعض المغالين يرفضون نقدها ويعتبرونها كتابا مقدّساً، وهؤلاء بالطبع ليسوا وحدهم، بل إن هناك مغالين من الإسلامويّين أيضاً، ونقدنا هذا لا يعيب على الماركسيين المغالين وحدهم بل إنه يمتدّ إلى المغالين الإسلاميّين وعلى سبيل المثال تنظيم (الإخوان المسلمين) الذي يرفض قادته ومريدوه نقد أفكار سيّد قطب وحسن البنا ويعتبرون أفكارهما وتوصياتهما كتاباً مقدساً وأنهم أشخاصاً لا يجوز نقدهم والمساس بهم، وهكذا يتصرّف حزب الدعوة الشيعي في العراق والذي يعتبر المفكر الشهيد محمد باقر الصدر مقدّساً وكتبه وأفكاره مقدّسة ولا يجوز نقدها أو حتى الانتساب إليها وإلى مدرسة محمد باقر الصدر إلّا من خلال تزكية من حزب الدعوة وهو الذي رحل عن الدنيا عام 1980 غدراً وانتهاكاً.
وفي موضوع التيار الصدري في العراق فلقد أُعطي الشهيد محمد صادق الصدر القداسة وبات يطلق عليه اسم “السيّد المقدس” فلا يجوز نقد أفكاره ورؤاه إطلاقاً وبات كثيرون يسيرون على نهجه وأفكاره وهو الذي اغتيل عام 1999، وبدليل أن تنظيم الإخوان وتنظيم حزب الدعوة الاثنان فشلا سياسيًّا وجماهيريًّا في مصر والعراق لأنهما قدما أسوأ نظام سياسي وإداري حاكم لأنهما منغلقان وإقصائيّان، ولعلّهما يسيران إلى نهايتهما وينحسر تأثيرهما بعد أن فشلا في تجربتهما السياسية فشلاً ذريعاً، زاد من عدد الفقراء وغرق البلدان اللذان حكموهما بالفساد والمحسوبية وانعدام العدل والعدالة، ومن الجانب الآخر ازداد النفور والنقد الشديد من بعض سياسات وممارسات الصدريين “التيار الصدري” أو من ينسب نفسه إليهم لأن الناس كانت تنتظر منهم الوقوف مع الطبقات المسحوقة وتحريرها من الفقر والظلم.
الراديكالية والشمولية التي امتاز بها الماركسيّون المغالون موجودة أيضاً لدى القوميين والبعثيّين والإسلاميّين وغيرهم من التيارات الشمولية، فمثلما هناك من يهمل آراء ماركس وجدليّته الحيّة ويتعاطى مع آراء وتعليمات تقادمت وانتهت بمرور الزمان ولم تعد صالحة لزماننا الراهن، ولو عاد ماركس لعارضها كما يقول شعبان، هناك أيضاً الشيء نفسه في المدارس الفكرية القومية والبعثيّة والإسلاميّة، وهنا نعطي مثالاً على الحالة البعثية، فالبعثيّون تركوا تراث عفلق وصلاح جديد والياس فرح وسياسات البكر وباتت الحالة الصدامية” نسبة لصدام حسين” هي السائدة بين البعثيين، وهناك صراع داخل أجنحة البعث فمن يريد التمسك بقوالب البعث القديمة ويراها مناسبة وناجحة ولا يجوز نقدها وبين من يدافع عن تراث وفكر صدام حسين.
ذيول الماركسية ليست فريدة
هناك نوع من البشر هوايته التنقل بين المدارس الفكريّة والثقافيّة وربما حسب مصالحه أو ربما لهواية عند البعض الآخر، وهم كُثر في عالمنا العربي بحيث هناك نوع من الناس مستمرين في التواجد وإشغال المناصب في جميع الأنظمة الحاكمة على الرغم من تغييرها من اليمين نحو اليسار وبالعكس، ومن القومية إلى الإسلاموية وبالعكس…الخ… وهكذا.
وبالتالي فالماركسيّة في عالمنا العربي لم تُنضّج أنظمة سياسية راسخة لكي تنتج تراث سياسي ماركسي عربي رصين. بل نضّجت حالات مثل اليمن الجنوبي على سبيل المثال، والسبب لأنها جاءت بقوالب وطبّقت كليشيهات مستنسخة وجاهزة دون أن تتلائم مع الواقع العربي المسلم، وزيد عليها تصرفات وسلوك بعض دعاة الماركسية والشيوعية الذين تباهوا بالعصرنة على أنها ضدّ الدين وضد رجال الدين وضد الإقطاع وضد تقاليد المجتمع، فسارع جمعٌ من المحافظين ليتحالفوا مع رجال الدين ليتمّ تسقيط الشيوعيين والماركسيين ومثلما حصل في العراق ما بعد عام 2003 وعندما تحالف رجال الدين مع خليط الليبرالية والديموقراطية الزائفة ومع ما يسمى بالمدنية التي خرجت من رحم الليبرالية ليتم شيطنة الوطنيين والقوميين والأفكار الأخرى وإبعادها عن المشهد السياسي، وللأسف هرول بعض الماركسيين والشيوعيين لينتموا إلى أحزاب رجال الدين وإلى الإسلام السياسي، ويضعوا إمكاناتهم في خدمته، في حين ذهب القسم الآخر منهم لينتمي إلى الليبرالية والمدنية الجديدة والتي هي نتاج الرأسمالية في العراق سواء في العراق العربي أو العراق الكردي.
هكذا انخرط بعض الماركسيين والشيوعيين الكبار في العمُر ليصبحوا يمينيين متطرفين وباتوا يدافعون عن تمثيلهم في جوقة الحكم تحت شعار (أسمعوا.. فنحن هنا ولن نموت) وغير ذلك من ادعاءات الأمر الواقع، سواء بتأييدهم للدستور أو للمعاهدة الأميركية العراقية، ومثلها الحالة البعثية التي أعطت لحزب البعث قداسة فصارَ الدفاع عنه لإغاضة النظام الجديد في العراق، وأيضاً لتحقيق شعار (أسمعوا فنحن هنا ولن نموت)، بحيث كتبوا شعارات جاهزة لجميع المظاهرات والحراك الشعبي الذي حدث وسيحدث في المستقبل داخل العراق وتم دسّها في وسط تلك المظاهرات التي حدثت والتي ستحدث وفقط يضعون التاريخ الجديد عليها فيرفعها لهم مستأجَر أو رجل أيديلوجي قديم ليثبتوا أنهم موجودون وحاضرون.
الماركسية ملاذاً
فبعد فشل الرأسمالية بتصدير بنتيها “الليبرالية الناعمة، والليبرالية المتوحشة” إلى عالمنا العربي والإسلامي بات الطريق سالكاً للماركسية كرافعة إنقاذية للدول والشعوب التي تعرضت إلى شرور الليبرالية والليبرالية المتوحشة، وحتى لشرور الثيوقراطية التي ارتدت رداء الديموقراطية بعد اغتيال الأخيرة.
ومن هنا فما حدث في دول أمريكا اللاتينية بعد التوحش الرأسمالي من خلال الليبرالية المتوحشة التي أفقرت الشعوب اللاتينية وانتهكت سيادة الدول في أمريكا اللاتينية فعادت الماركسية حلًّا عبر صناديق الاقتراع في دول مثل فنزويلا وبوليفيا والباراغواي والأكوادور بحيث عاد حتى ثوار الساندنيتسا في نيكاراغو ليكونوا حكّاماً وأمام مرأى الولايات المتحدة، وبالتالي فعودة الماركسية واردة جدًّا في بعض الدول العربية التي باتت تفتش عن رافعة إنقاذية بعد تجريب جميع البدلاء الذين خذلوا الشعوب أيضاً، وبالتالي هناك رغبة لإيجاد البديل ويبدو أن الماركسية أحد الحلول المطروحة… وللأسباب التالية :
١- بعد الكراهية المفرطة ضد التوحش الأميركي والخبث الغربي من قبل الشعوب العربية والإسلامية.. بات الكثيرون ينظرون إلى الماركسية حلًّا سحريًّا.
٢- بعد فشل الإسلام السياسي بشقيه( السني والشيعي) في أدارة الحكم ولإسعاد الشعوب العربية والإسلامية بات الطريق سالكاً نحو الماركسية بديلا عن أنظمة الإسلام السياسي !
٣- بعد صدمة الشعوب العربية والإسلامية بأحزاب وحركات الإسلام السياسي وعلاقاتها القوية جدا بالمؤسسات الأميركية وبالأنظمة الغربية علناً وسراً. وبحالات القمع وانتهاك حقوق الإنسان وتنمية الفساد وتفكيك الدول العربية التي رعتها أحزاب الإسلام السياسي في العالم العربي.. بات النظر وبقوّة نحو الماركسية بديلاً.
٤- بعد صدمة الشعوب العربية بالتيارات المدنية التي اعتقدت الشعوب العربية بأنها فعلاً إصلاحية وسوف تحقق أنظمة الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية. واذا بها تلوذ تحت عباءات الإسلام السياسي من جهة وتتحرك ضمن أجندات السفارات الأميركية والغربية من جهة ثانية.
٥- وبعد تفرج المرجعيات الدينية الكبيرة ومن جميع الأديان والطوائف والمذاهب على ما يجري من ظلم وقهر وتجهيل وخرافة وتراجع وتجويع وبطالة في الدول العربية باتت الشعوب تنظر إلى الماركسية حلًّا.
٦- الصعود الصيني الكبير في المسرح الإقليمي والدولي حرك الأمل لدى الشعوب العربية المقهورة من الليبرالية الأميركية المتوحشة، ومن فشل حكومات الإسلام السياسي، ومن خداع التيارات المدنية باتت الشعوب ترى في الصين ملاذاً آمناً وأن الماركسية حلّ طيّب ما دامت لا تتعارض مع التراث الصيني، لكن تلك العودة مشروطة بإعادة قراءة الماركسيّة “المادية الجدليّة” و”المادية التاريخية” على نحو جديد وبرؤية نقديّة منفتحة مع التطورات التي حدثت في العالم حسب شعبان.
وبالتالي لن نتفاجىء إطلاقاً أن تعود الماركسية إلى الدول العربية. وربما أن عودة الماركسية التي تؤمن بمحاربة الظلم والاستبداد والعبودية تهيئ الظروف للمؤمنين المنتظرين لخروج الإمام المهدي الذي ينهي الظلم والتوحش ويبسط العدل بين البشر.
الرأسمالية تأكل ذرعها
جميعنا نعرف أنّ الرأسمالية عدو لدود للماركسية، وأن من يعتقد بموت الماركسية بانتهاء الاتحاد السوفيتي فهو واهم، فالماركسية الآن في غاية السعادة وهي تشاهد تقهقر الرأسمالية في عقر دارها وهي الولايات المتحدة الأميركية التي تعيش أزمة حادّة وانقساماً عموديًّا وخطيراً، وانعدام الثقة بين الحزبين الحاكمين، لا بل تعالت الأصوات الكثيرة التي تنتقد سياسات أمريكا داخليًا وخارجيًّا، وهناك بوادر حرب لونية وحتى تفكك جغرافي من قبل بعض الولايات، فالرأسمالية باتت تأكل ذرعها لدرجة انتشار المليشيات الحزبية والفئوية المتطرفة في شوارع أمريكا، كما هناك ابتعاد بات واضحاً ولأول مرة بين أوروبا والولايات المتحدة وبالعكس. فلم يبقَ أمام الرأسمالية إلّا الانفجار داخل الرحم الأمريكي أو الانتحار بالصين الصاعده بقوه وانظروا للمسافة القصيرة والفهم المشترك بين الماركسية والصين في حال تربّعت على العرش العالمي.
الخلاصة:
ما تفضّل به الدكتور عبد الحسين شعبان من ربط معرفي وفكري اقترب من النبوءات بعودة الماركسية فهو أمر واقعي، ويُحسب للدكتور شعبان بأن أبحاثه ودراساته في هذا الشأن أحدثت العصف الذي ضرب عقول النخبة وتفكيرنا وحركتنا نحو زيادة وتيرة النقاش والجدل حول مستقبل الماركسية والصراع من أجل العدالة وإلغاء استغلال الإنسان للإنسان.
فهل ستكون الماركسيّة باتت حلًّا ناجعاً لمشاكل وإشكاليات البلدان النامية وخصوصاً في العالم العربي وتحديداً بعد القضاء المُتعمد على الطبقات الوسطى وتوسيع الطبقات المسحوقة وخطف السلطة ورأس المال والاقتصاد من قبل مجموعات سياسية ودينية متحالفة بثنائيات استبدادية؟
من هنا نتفهّم شعور الأكثريات المسحوقة في العالم العربي المتشوقة إلى الحرية والعدالة والمساواة، وإعادة بناء المجتمعات على نحوٍ جديد للتخلص من الفئات القليلة التي جهّلت وقمعت وقهرت تلك الشعوب وسرقت كل شيء منها بما فيها أحلامها الجميلة، وبدعم من الرأسمالية وفراخها الليبرالية، والليبرالية المتوحشة والمدنية المنبطحة والماركسيّة المُبتذَلة والإسلاموية الزئبقية والنفعية.
شكراً دكتور عبد الحسين شعبان
سمير عبيد
15 ديسمبر 2020
ملاحظة: هذا هو القسم الثاني من مطالعتنا لبحث ودراسة د. شعبان “في معنى أن تكون ماركسياً”، وقد نشر القسم الأول من هذه المطالعة في مجلة “الشراع” أيضاً.