ھا قد مضت إحدى وعشرون سنة على صدور الطبعة ا&ولى من ھ1ذا العم1ل” قض1ايا ا&م1ن
القومي والقرار السياسي”، وقد جاء وقتئذٍ كتلبية لحاجة موضوعية، إثر صدور كتابن1ا ” ق1وة
العمل الدبلوماسي في السياسة ” ، بل إني وجدت أنھما متمم1ان لبعض1ھما، ويس1رني الي1وم أن
أ ف1ي السياس1ة الدولي1ة كان1ت
قدمھما بثوب جديد بإضافات جديدة حكمھا تطور عش1رون عام1اً
مليئة با&حداث الجسام، كما أن التطور التكنولوجي ق1د قط1ع أش1واط مذھل1ة، فك1ان = ب1د م1ن
تحديث يطال ا<راء والمفاھيم، ويمنحھا نكھة العصر وطابعه .
ھل تطورت مفاھيم ا&من القومي لھذه الدرجة الكبيرة ؟
نعم بالتأكيد، ففي منتصف الثمانينات كان ا=تحاد السوفيتي والمعسكر ا=شتراكي يم1 !حي1زاً
كبيراً على مس1رح السياس1ة الدولي1ة، ول1ه آث1اره وتأثيرات1ه عل1ى العDق1ات الدولي1ة، كم1ا كان1ت
القطبية الثنائية لھا أبعادھا السياسية وا=قتصادية وا=ستراتيجية، و= يك1اد يخل1و مي1دان مھم1ا
صغر من آثار القطبية الثنائية، بما في ذلك ميادين الفنون التشكيلية والرياضة وا&دب .
أما على صعيد التكنولوجيا واKقحام المتزايد لمنج1زات العل1وم ف1ي التص1نيع العس1كري ف ، ق1د
قادت التطورات إل1ى قف1زة خيالي1ة ل1يس أقلھ1ا أن جعل1ت م1ن مس1ألة ص1ناعة الص1واريخ أش1به
بأعمال ش بان ھواة، ما لم نقل ألعاب أطفال، وا=ستخدام المتزايد ا=نتش1ار لش1بكة المعلوم1ات
الدولي11ة (ا=نترني11ت) ق11د أدى إل11ى ذي11وع أس11رار ص11ناعة أس11لحة ووس11ائل ت11دمير جماعي11ة،
كا&سلحة الكيماوية والبايولوجية، وربما حتى نماذج مصغرة من القنابل النووية، تطرح ك1ل
ھذه المعطيات تساؤ=ت صعبة أمام صناع القرار والمولجين بص1ياغة ا&س1س ا=س1تراتيجية
ل!من القومي سواء في الحلقات العليا أو الدنيا .
بالطبع خضنا نقاشات طويلة، = تخلو من الفائدة عن مفاھيم ا&من القومي مع عدد كبير م1ن
زمDئنا ا=ختصاصيين والعسكريين عن ھذا المصطلح في شتى أبعاده، و=ب1د ل1ي م1ن الق1ول
أن بعض1ا م1ن زمDئن1ا م1ن الض1باط الDمع1ين، م1ن الق1ادة وا&رك1ان، يحل1و لھ1م أن يس1حبو ا ً
المناقش11ات العلمي11ة ح11ول ا=س11تراتيجية إل11ى التبح11ر ف11ي الخ11رائط، وف11ي الخط11ط التفص11يلية
لخوض الحرب الش1املة وكس1بھا. وبع1ض ھ1ؤ=ء العس1كريون عل1ى درج1ة رائع1ة م1ن الثقاف1ة
العس1كرية والسياس1ية والعام1ة م1ع إج1ادة للغ1ات ا&جنبي1ة، ھ1و أم1ر ك1ان يوس1ع م1ن مص1ادر
ثقافتھم وقدراتھم، مما يؤھلھم لخوض مثل ھذه المناقشات .
ولكن دعنا نؤكد مرة أخرى ھنا، أن ا=ستراتيجية العس1كرية وخططھ1ا التفص1يلية ھ1ي ج1زء
من ا=ستراتيجية العامة، وھذا ما عملت على البرھنة عليه وإثباته في الفص1ول الDحق1ة لھ1ذا
العمل، وھو قائم على بديھية، أو أفترض أنھا بديھية، أن ا&من الق1ومي لل1بDد أو ل!م1ة، ھ1و
شأن يتج1اوز الخط1ط العس1كرية إل1ى م1ا ھ1و أكب1ر م1ن ذل1ك بكثي1ر، و= أظ1ن أنن1ا نختل1ف ف1ي
الق1ول، أن ا&م1ن ا=س1تراتيجي لل1بDد يس1تلزم م1وارد اقتص1ادية متنوع1ة وق1ادرة عل1ى ض1 خ
الق111درات إل111ى الفعالي111ات الت111ي تعت111زم الدول111ة القي111ام بھ111ا، وم111ن ھن111ا تحدي111داً، ش111اعت
مصطلحات:ا&من الغذائي، أمن الموارد المائية، أم1ن الطاق1ة وتفرعاتھ1ا، اس1تراتيجية التعل1يم
الع1الي، المنج1زات التكنولوجي1ة، ش1بكة المواصD1ت، الموق1ف الص1حي وق1درة المستش1فيات
.لخإ..
5
وق1د أطلع11ت شخص11يا ا ال11دول المتقدم11ة ف11ي إط11ار التھي11ؤ ً عل11ى تفاص11يل جھ11ود كبي1رة تب11ذلھ
وا=ستعداد للكوارث البيئية: الز=زل، البراكين، الحرائق، الفيض1انات الكبي1رة، انتش1ار أوبئ1ة
خطيرة مما قد يستلزم عزل أعداد كبيرة جدا خط1ار فعالي1ات ً م1ن الس1كان، أو ربم1ا مواجھ1ة أ
تخريبي1ة مث1ل: اس1تخدام ل!س1لحة الكيماوي1ة أو البايولوجي1ة، أو ا&س1لحة الكتلوي1ة ذات ال1دمار
الشامل والتخريب الواسع النطاق. وقد تحيط تل1ك ال1دول اس1تعداداتھا تل1ك بالس1رية والكتم1ان،
و= يرشح منھا ل!خبار العامة سوى النزر اليسير .
كما أن أمثلة أخرى قد تقنع زمDءنا العسكريين أن ا=ستراتيجية ھي ممارسة كبيرة وواس1عة
وھي إدارة لعملية تتدخل فيھا عناص1ر م1ن حق1ول ش1تى، فعل1ى س1بيل المث1ال تعم1د ال1دول ف1ي
الحا=ت ا=عتيادية، إلى ضمان وجود حجم من العمDت الص1عبة يمث1ل مش1تريات ال1بDد م1ن
سائر احتياجاتھا لمدة ستة شھور، وبالطبع أن ھذا المبلغ ينبغي أن يتضاعف في حال1ة م1ا إذا
كانت الدولة تخطط لشأن ما، أو أن تضاعف خزينھا ا=ستراتيجي من السلع التي ھي ب1أمس
ا ّ لحاجة لھا، إذن فنحن بداھة بحاجة إل1ى اقتص1اديين يطعم1ون علمھ1م بالمف1اھيم ا=س1تراتيجية
ومغزاھا وأھدافھا .
وتس11تحق التغي11رات المھم11ة الت11ي ح11دثت عل11ى مس11رح السياس11ة الدولي11ة من11ذ تفك11ك ا=تح11اد
الس1وفيتي والمعس1كر ا=ش1تراكي، ونھاي1ة مرحل1ة القطبي1ة الثنائي1ة، أن تن1ال اھتمام1ا خاص1ا، ً
وتأثيرات غياب ا=تحاد الس1وفيتي والقطبي1ة ا&حادي1ة متواص1لة، وم1ن الم1رجح أن تتواص1ل،
ولكنھ11 ا تف11رز معطي11ات جدي11دة، ربم11ا تق11رب م11ن نھاي11ة القطبي11ة ا&حادي11ة ونظ11ام العولم11ة
Glolalisation بقي1ادة الو=ي1ات المتح1دة، وم1ن غي1ر المس1تبعد أن تط1رح التط1ورات عل1ى
مسرح السياسة الدولية قوى جدي1دة ت1نھض وتتن1افس، ف1ي وق1ت يط1ول أو يقص1ر، وق1د نش1ھد
أحDف وتكتDت جديدة، وتدعونا جميع ھذه التطورات، أن نضاعف ا=ھتم1ام بقض1ايا ا&م1ن
ا=ستراتيجي لبلداننا وأمتنا .
وتعبر الطبعة الثانية عن مواكبة التطورات : بإضافة الكثير من المDحظات والجم1ل ومق1اطع
كاملة أضيفت، وجرى تشذيب فقرات أخرى، كما ت1م تص1ليح العدي1د م1ن الھف1وات وا&خط1اء
(الفصل الرابع) يمثل أكثر م1ن كامDً
الطباعية، ھذا من جھة، ومن جھة أخرى، أضفنا فصDً
ثل1ث الطبع1ة الثاني1ة إل1ى الكت1اب مك1رس بص1فة أساس1ية إل1ى المتغي1رات ف1ي مي1دان العDق1ات
الدولية، وأھمية التطورات التقنية في عمل صناع القرار السياسي، والمولجين بقضايا ا&من،
فالطبعة الثانية ھي حديثة، لكن مع احتفاظھا بمبادئ العمل في الطبعة ا&ولى .
ثم ھناك أمر آخر، ھو أني كنت قد كتبت الكتاب(الطبعة ا&ولى) في بغداد أواسط الثمانينات،
بقلم حبر ناشف، بثمن زھيد = يذكر، وھا أنا أطبع ھ1ذا الكت1اب بنفس1ي باس1تخدام الكومبي1وتر
الشخصي، أ َ و ليس في ذل1ك تعبي1ر مھ1م عل1ى تط1ور قطع1ه العل1م ي ّس1ر العم1ل الكت1ابي لدرج1ة
خيالية وقلص من حج1م ا&خط1اء الطباعي1ة، ب1ل بوس1عي أن أض1ع الي1وم عن1واني اKلكترون1ي ّ
لمن يود مراسلتي من أجل المزيد من المعلومات .
مھم1ة البح1ث والب1احثين = نھاي1ة لھ1ا، وأتعھ1د لجمھ1ور الق1راء ب1أن = نتوق1ف حت1ى اللحظ1ة
. وأخيراً ا&خيرة من الحياة من العمل خدمة للعلم والبحث . لبDدنا وأمتنا ال
عربية أو=ً
المؤلف
ضرغام الدباغ : برلين