لجان التحقيق التي تشكلها الحكومة
زهير كاظم عبود
تقرر الحكومة الاتحادية بين فترة وأخرى إصدار أوامر بتشكيل لجان أو هيئات تحقيقية تقوم بالأشراف على التحقيق في قضية تهم الرأي العام ، او جريمة تهز الشارع العراقي ، او حدث معين يهم الحكومة من الناحية الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية حسب مقتضى الحال .
ولكون مهمة التخطيط والتنفيذ للسياسة العامة للدولة تقع على عاتق الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء ، فأن مثل هذه اللجان تكون من اختصاص السلطة التنفيذية ، في حال عدم التزاحم مع اختصاص القضاء العراقي باعتباره وفقا للدستور العراقي مختصا بالوظيفة القضائية وطرق التقاضي ومهمات الهيئات القضائية في التحقيق او المحاكمات .
ومثل هذه اللجان أو الهيئات التي تشكلها الحكومة تكون وفقا لأوامر صادرة من هيئات تنفيذية عالية المستوى ، وتنص الأوامر على أن تباشر هذه اللجان أو الهيئات بالعمل لأنجاز التحقيقات أو التفاصيل للتوصل الى نتائج فاصلة تحسم الملفات المذكورة .
وبالرغم من كثرة وتعدد اللجان والهيئات التي تم تشكيلها الا ان الأوامر الصادرة كانت تخلو من فترات زمنية يتم فيها تحديد سقف زمني لأنجاز العمل ، ومن غير المقبول أن تبقى هذه اللجان أو الهيئات مستمرة في عملها ولم تستطع التوصل الى نتائج بالرغم من مضي سنوات على تشكيلها ومباشرتها .
ويتندر العراقي اليوم من أن أية قضية سيكون مصيرها الإهمال والنسيان في حال إناطة التوصل الى نتائجها من هيئات أو لجان حكومية ، والدليل أن عشرات أن لم تكن المئات من هذه اللجان لم يتم نشر نتائج أعمالها ، وثمة من يقول أن النتائج قد تصل الى الحكومة وأن هناك عائق أمني أو استخباري أو سياسي لا يسمح بنشرها ، غير أن ترقب المواطن العراقي وهو يطالع تشكيل هذه اللجان علنيا بنشر تلك الاوامر التي تصدر من الحكومة بتشكيل اللجان في الصحف والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي ، يوجب ان يتم نشر النتائج .
وحتى يتم تعزيز الثقة بين السلطة التنفيذية وبين المواطن ينبغي أن يتم الأهتمام بهذا الجانب ، لأن التكتم او التستر على نتائج تلك التحقيقات لن يفيد الحال ، ولن يجعل المواطن العراقي يثق بصحة تشكيل تلك النتائج .
واللجان والهيئات التي يتم تشكيلها ولا تتوصل الى نتائج معينة تعتبر عاجزة عن إكمال مهمتها ، وفي حال توصلها الى النتائج وعدم إطلاع الشعب عليها ، يزيد من الشكوك ويفسح مجالا للشائعات والتقولات التي تضر بسمعة ومصداقية السلطة التنفيذية .
ولعل لجان مكافحة الفساد التي عجزت عن مكافحة الفساد واتهمت بالفساد ، بالرغم من وجود القضاء العراقي وهيئة النزاهة والادعاء العام ، ومثل ذلك احتراق صناديق الاقتراع ، وأجهزة كشف المتفجرات ، وعقود الفساد في عدد من الوزارات ، واحتراق عدد من الدوائر الرسمية المهمة ، وعقود التسليح ، بالإضافة الى الجرائم الكبرى بحق العراق . ولعل لجنة التحقيق في قضايا قتل مئات من المتظاهرين واغتيال الناشطين يشكل صورة من صور تشكيل مثل هذه اللجان
وكثر التشكيك والأقاويل على هذه اللجان حتى عدها بعض انها مقبرة الحقيقة ووسيلة لإفلات المتهمين من العقاب والمحاكمة ، واتهم بعض آخر أن بعض من هذه اللجان تتبع حزبا او جهة متهمة بالفساد ، وثمة أمرا مهما قد يغيب عن بال من يقدم المشورة بتشكيل مثل هذه اللجان ، فأن بعض التحقيقات التي تجريها مهما كانت نتائجها فأن أمر التحقيق فيها منوط حصرا بالقضاة المختصين في مجلس القضاء العراقي ، وبالتالي لأقيمة لمثل هذه التحقيقات التي يتم اجراؤها خارج جسد القضاء المختص ، أو يمكن اعتبارها تحقيقات أولية لايتم اعتمادها كدليل لوحدها في المحاكم العراقية ، وبالتالي فأن تشكيل مثل هذه اللجان بالإضافة الى انه يحمل كاهل الخزينة والمال العام دون جدوى او فاعلية ، فأن الأصرار على أمر تشكيل هذه اللجان التي لم تقدم نتائج مهمة تخدم الواقع الاقتصادي أو السياسي أو الأمني في العراقي ،وان تشكيلها لا يعدو الا امرا سياسيا ومهمة تتعدى على اختصاصات سلطة أخرى ، كما انها تؤخر وبشكل سلبي على اظهار النتائج الحقيقية لمثل تلك الأفعال التي تدخل في باب الفساد أو الجرائم الجنائية .
وحتى لاتبقى الحكومة تستند على مثل هذه اللجان في ان تتوصل الى نتائج تفيد عملها او مسيرتها ، وحتى يمكن ان تكون الفائدة فاعلة ومنتجة في القضايا التي تهم الشارع العراقي ، فأن احالة ملفات مثل هذه القضايا الى الجهات المختصة للعمل بها .