أزمة العراق سيادياً
مشروع معهد العلمين وملتقى بحر العلوم للحوار
عبد الحسين شعبان
باحث ومفكر عربي
توطئة
حسناً فعل معهد العلمين وملتقى بحر العلوم للحوار، حين حاولا استشراف ” أزمة العراق سيادياً” وذلك من خلال مناقشة رؤية خمسة رؤساء سابقين لمجلس الوزراء تعاقبوا على دست المسؤولية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، العام 2003، وهم كل من : د. إياد علاوي ود. ابراهيم الاشيقر (الجعفري) وأ. نوري المالكي ود. حيدر العبادي وأ. عادل عبد المهدي.
وكان سدى هذه المبادرة ولحمتها هو موضوع السيادة ، سواء بإجاباتهم أو بمشاركة رؤساء مجلس النواب السابقين أيضاً، إضافة إلى شخصيات أكاديمية وثقافية وسياسية، والهدف من ذلك تقديم رؤية نقدية تحليلية للإجابات المذكورة، على أن تلتئم ندوة لجميع المشاركين للتوصل إلى استنتاجات وتوصيات ليصار إلى تعميمها على أصحاب القرار، ثم لنشرها كاملة باللغتين العربية والانكليزية.
المبادرة
تكتسب هذه المبادرة أهمية بالغة للأسباب التالية:
أولاً- إنها تعيد طرح القضايا ذات الطبيعة الإشكالية النظرية والعملية في ما يتعلّق بالسيادة ارتباطاً بالنظام السياسي وآفاق العملية السياسية التي تأسست على قاعدته ، خصوصاً بعد حركة الاحتجاج الشعبية التي بدأت في 1 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2019، والتي ما تزال مستمرة.
وثانياً- إنها تنشغل بموضوع السيادة ومدى تحققها عملياً بعد أكثر من 17 عاماً من الاحتلال، وهو أمر مهم ومطلوب، خصوصاً بعد تصويت مجلس النواب على إخراج القوات الأجنبية كافة، إثر مقتل قاسم سليماني رئيس فيلق القدس الإيراني وأبو مهدي المهندس أحد أبرز مسؤولي الحشد الشعبي يوم 3 يناير (كانون الثاني) 2020 على يد القوات الأمريكية ، مع الأخذ بنظر الاعتبار المواقف المتعارضة من وجود القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي بشكل خاص، والقوات الأجنبية بشكل عام، بما فيها توغل القوات العسكرية التركية المستمر والمتكرر، إضافة إلى قواعدها العسكرية التي أقامتها في العراق، ناهيك عن التغلغل والنفوذ الإيرانيين.
وثالثاً- إنها تضع هدفاً لهذه المراجعات يتلخص في إمكانية التوصّل إلى مشتركات واستنتاجات وتوصيات، لاستعادة السيادة العراقية التي ظلّت منقوصة ومجروحة ومعوّمة منذ غزو قوات النظام السابق للكويت في 2 آب (أغسطس) 1990، وحرب قوات التحالف الدولي في 17 كانون الثاني (يناير) 1991 لتحرير الكويت، وما أعقبها من فرض حصار دولي شامل على العراق، حيث زاد عدد القرارات التي صدرت بحقه أكثر من 75 قراراً دولياً (نحو 60 قراراً منها قبل الاحتلال والبقية بعده) ويعدّ بعضها خرقاً سافراً للسيادة وبعضها الآخر تقييداً لها أو انتقاصاً منها أو تعويماً لممارستها.
ورابعاً- إنها تشتبك باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تم توقيعها في الوقت نفسه مع الاتفاقية العراقية – الأمريكية لعام 2008 والتي انتهى مفعولها في 31/12/2011، حيث اضطرّت القوات الأمريكية إلى الانسحاب من العراق لأسباب عديدة، منها ما تكبدّته من خسائر بشرية ومادية ومعنوية ، ناهيك عن ضغط الرأي العام الأمريكي والعالمي ، إضافة إلى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وانعكاساتها على الولايات المتحدة .
السيادة والقرارات الدولية
إذا كان موضوع السيادة وممارستها قد ورد مشوشاً في الإجابات المختلفة، سواءً عدم المجيء على ذكره أو الإتيان عليه بصفته موضوعاً “نظرياً”، وأحياناً اختلط مع مواضيع أخرى أو أنه ارتبط بمفهوم ” المكوّنات” وبعض تفسيرات الدستور المختلفة، دون التوقف عند الجوانب العملية التطبيقية (البراكسيس)، فإن مثل تلك الالتباسات القانونية الفقهية والسياسية وردت هي الأخرى في القرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن الدولي، بدءًا من القرار 1483 الصادر في 22 أيار (مايو) 2003، والذي أعلن انتهاء العمليات الحربية وتعامل مع الولايات المتحدة وبريطانيا بوصفهما دولتين قائمتين بالاحتلال، والقرار 1500 الذي صدر في 14 آب (أغسطس) 2003 الذي اعتبر مجلس الحكم الانتقالي “خطوة مهمة في تشكيل حكومة عراقية معترف بها دولياً وتتولّى ممارسة السيادة “، أو القرارات الأخرى بما فيها القرار الذي سبقه ونعني به القرار 1490 الصادر في 3 تموز (يوليو) 2003، أو القرارات التي تلته ، ولاسيّما القرار 1511 الصادر في 16 تشرين الأول (اكتوبر) أو القرار 1518 الصادر في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 وجميعها صدرت ضمن الفصل السابع.
كما صدر القرار 1546 في 8 حزيران (يونيو) 2004 ضمن الفصل السابع أيضاً (بعد إلغاء مجلس الحكم الانتقالي ) ودعا إلى حكومة عراقية مؤقتة مستقلة وتامة السيادة لها كامل المسؤولية والسلطة بحلول 30 حزيران (يونيو) 2004، لكن القوات المحتلة استمرت في العراق بامتيازاتها وحصاناتها الكاملة بجيوشها والمتعاقدين معها، علماً بأن القرارات السابقة تعاملت مع القوات المحتلة نظرياً على أقل تقدير، بوصفها المسؤولة عن إدارة العراق وضمن الفصل السابع الخاص بالعقوبات (من المادة 39 إلى 42 من ميثاق الأمم المتحدة)، إلّا أن صدور القرار 1546 أعاد وضع الفصل السابع قيداً جديداً في عنق العراق المقيّد أساساً بنحو 60 قراراً كانت قد صدرت قبل الاحتلال كلّها كانت ضمن الفصل السابع، باستثناء القرار 688 الذي صدر في 5 نيسان (أبريل) 1991 وهو القرار اليتيم والتائه والمنسي من سلسلة القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي، وهو القرار الخاص بوقف القمع الذي تتعرض له المنطقة الكردية وبقية مناطق العراق وكفالة احترام حقوق الإنسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين.
إذا كان العراق قد استمر في الرضوخ مكرهاً لتنفيذ الالتزامات الدولية، فإن المحتل تحرر من التزاماته بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها وأصبح حرّاً طليقاً من القيود، بزعم مطاردة الإرهاب الدولي الذي فتحت الحدود أمامه، حيث تم تمديد مهمة القوات الأجنبية بالقرارات 1637 في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 و1723 في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 والقرار 1790 الصادر في 18/12/2007 الذي مدّد بقاء القوات الأجنبية إلى 31 كانون الأول (ديسمبر) 2008.
وقد تغيّرت الوضعية القانونية للقوات الأمريكية التي ضغطت لتوقيع اتفاقية العام 2008 لتكريس شرعية وجودها، فبعد أن كانت “قوات محتلة” تحولت إلى فريق في قوة متعددة الجنسيات بقيادتها متعاقدة مع الحكومة العراقية ، أي أن “الاحتلال العسكري” تحوّل إلى “احتلال تعاقدي” أو تعاهدي ، وامتلكت القوات الأمريكية حرّية استخدام الأراضي والأجواء والممرات المائية لمواجهة أي خطر يتهدّد السلم والأمن الدوليين، أو يعرض الحكومة العراقية أو دستورها ونظامها الديمقراطي للتهديد ، فضلاً عن مواجهة الإرهاب الدولي.
وهكذا أنشأت عدداً من القواعد العسكرية وتصرّفت بحرّية بما فيها القيام بارتكابات شنيعة لحقوق الإنسان، سواء في السجون أو من خلال المواجهات المباشرة تحت زعم ملاحقة الإرهابيين دون الحاجة إلى اتباع الإجراءات التي يتطلبها وجود قوات عسكرية في أراضي دولة أجنبية متعاقدة معها، الأمر الذي يتنافى مع قانون المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، ولاسيّما اتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات لعام 1969 التي تفترض أن يكون الاتفاق بين طرفين متكافئين وعلى أساس الإرادة الحرة دون أن يشوبه أحد عيوب الرضا، وليس كما هو واقع الحال بين طرفين أحدهما قوي ومحتل والآخر ضعيف ومحتلة أراضيه.
وبالطبع فقد تجاوزت الولايات المتحدة على قواعد القانون الدولي بما فيها المتعلّقة باتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لبروتوكولي جنيف لعام 1977 المتعلقة بالحرب وآثارها؛ الأول- الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، والثاني- الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية ، مستندة بذلك إلى قواعد القانون الدولي التقليدي الذي أصبح من تراث الماضي والذي يقوم على مفهوم “الحرب الوقائية” أو ” الحرب الاستباقية” ، علماً بأن القرار 1373 الذي صدر في 28 أيلول (سبتمبر) 2001 عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية الإجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة إثر تفجير برجي التجارة العالميين، قد أعاده إلى الواجهة، بأن أعطى الحق في شن الحرب فيما إذا شعرت الدولة أن ثمة تهديداً إرهابياً وشيك الوقوع أو محتمل.
واستندت واشنطن إلى ذلك حين احتلت أفغانستان العام 2001 والعراق العام 2003، بزعم العلاقة بالإرهاب الدولي، إضافة إلى امتلاك العراق أسلحة دمار شامل ، بما فيها غاز الانثركس، الذي اتضح زيف تلك الدعاوى، وهو ما كشف عنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بعد أن مشّطت القوات الأمريكية العراق طولاً وعرضاً.
السيادة الداخلية
وإذا كان ذلك يشمل مفهوم السيادة الخارجية للدولة العراقية، فإن من يمتلك السيادة الداخلية في العراق أخضع لتوزيع طائفي وإثني منذ مجلس الحكم الانتقالي وكرّس للأسف قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية الصادر في 8 آذار (مارس) من قبل 2004 والذي ثُبّت في الدستور الدائم المستفتى عليه في 15 تشرين الأول (اكتوبر) العام 2005، والذي تحدث عن ما يسمى بالمكوّنات ، وذلك في المقدمة (مرتان) وفي المواد 9 و12 و49 و125 و142، وليس ذلك سوى نظام سياسي يقوم على مبدأ المحاصصة والتقاسم الوظيفي.
وأعتقد أن ذلك بدأ يتحسّس منه العديد من القوى والشخصيات، بل إن بعضهم يعلن براءته منه ويحاول البحث عن الممكنات لتغييره أو لوضع حد له ، لأنه في الواقع أوقع البلاد في ورطة حقيقية أنتجت نظاماً مشوّها يقوم على الزبائنية السياسية والحصول على المغانم، لاسيّما في ظلّ ضعف مرجعية الدولة وعدم تطبيق حكم القانون وولّدت هذه المحاصصة: الفساد المالي والإداري واستشراء العنف والإرهاب، لاسيّما بشيوع ظواهر التعصّب ووليده التطرّف التي لعبت سنوات الاستبداد والدكتاتورية في ظل النظام السابق ، إضافة إلى الحروب والحصار دوراً كبيراً في تغذيتها، خصوصاً بانتشار السلاح والاستقواء به عبر ميليشيات وقوى مسلحة باستخدام أجهزة الدولة أحياناً أو قوى منفلتة من خارجها.
وبالطبع كلّما كانت الدولة صاحبة سيادة كاملة كلّما تمكنت من اختيار نظامها السياسي والاجتماعي بحرية كاملة بما فيها السيطرة على الموارد الاقتصادية، والعكس صحيح أيضاً كلما كانت الدولة مثلومة السيادة أو منتقصة أو مبتورة، كلّما اضطرّت للرضوخ للقوى المتنفّذة فيها، سواء على المستوى الخارجي الإقليمي أم الدولي أم على المستوى الداخلي، دون أن يعني ذلك الانعزال عن المحيط الدولي والعلاقات الدولية، التي ستترك تأثيراتها سلباً وإيجاباً على سيادة الدولة واستقلالها.
ما السبيل لاستعادة واستكمال السيادة ؟
لاستعادة السيادة كاملة على المستوى الخارجي يحتاج الأمر إلى إعادة النظر بعلاقتنا الدولية، فعلى الرغم من وجود قوات أمريكية ودولية بطلب من الحكومة العراقية إثر هيمنة تنظيم داعش الإرهابي على الموصل في 10 حزيران (يونيو) 2014، فإنه بانتهاء هذه المهمة ينبغي انتهاء وجود هذه القوات، خصوصاً وأن البرلمان اتخذ قراراً بذلك بتاريخ 5/1/2020 ، ولا بدّ من تحديد سقف زمني لتنفيذه وإلّا بقي الأمر مفتوحاً، علماً بأن القوات الأمريكية مارست منذ العام 2003 وحتى الآن أعمالاً تتنافى والسيادة العراقية، بما فيها القيام ببعض الأعمال العسكرية بالضد من إرادة الدولة العراقية التي لم تحسب لها أي حساب، كما حصل في تحليق طائرات فوق مطار بغداد وتعقب عناصر تعتبرها إرهابية، منهم من له مسؤوليات في أجهزة الدولة العراقية .
وللأسف فإن الموقف من وجود القوات الأمريكية ليس موحداً، فالتحالف الكردستاني لم يحضر في التصويت على جلاء القوات الأجنبية، وكذلك التحالفات والقوى السنيّة بأسمائها المختلفة، بل على العكس من ذلك، فإنها تعتقد أن وجود القوات الأمريكية ضرورة لمواجهة داعش من جهة وتدريب القوات العراقية من جهة أخرى، فضلاً عن وجودها سيكون عامل تقليص للنفوذ الإيراني في العراق، وغيابها سيعزز من دور ما يسمى بالقوى الشيعية والنفوذ الإيراني المتعاظم ، سواء أعلنت ذلك أم لم تعلن لكن ذلك واقع الحال، في حين أن القوى القريبة من إيران والتي يسمى بعضها بالولائية تصرّ على خروج هذه القوات، بل ويقوم بعضها بقصف مواقع للقوات الأمريكية بما فيها السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، خارج إطار القوانين والأعراف الدبلوماسية والتزامات الحكومة العراقية التي يدخلها في حالة حرج وتناقض.
ومن مظاهر انخرام السيادة العراقية هو زيارات مسؤولين أمريكان بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقاعدة العسكرية الأمريكية في عين الأسد شمال بغداد في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2018 دون إشعار الحكومة العراقية ، ناهيك عن طلب إذنها، وكما زار وزير الخارجية مارك بومبيو القاعدة يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) 2019، والأمر مستمر ومتكرر منذ العام 2003 ولحد الآن.
ولاستكمال السيادة العراقية على جميع الأراضي العراقية فيتطلب الأمر أيضاً الطلب من تركيا مغادرة الأراضي العراقية وتفكيك قواعدها، وليس حجة وجود قواعد حزب العمال الكردستاني PKK سوى ذريعة لا يمكن قبولها لأنها تتعارض مع مبادئ السيادة ، ولابدّ من إعادة النظر بجميع الاتفاقيات التي تسمح للقوات التركية بالتسلل داخل الأراضي العراقية منذ العام 1984. كما إن استكمال السيادة يتطلب إعادة بحث الاتفاقيات المائية مع تركيا بما يضمن تأمين حقوق العراق وحصته وفقاً لقواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالأنهار الدولية، ومثل هذا الأمر ينطبق على إيران، وبسبب استفراد الدولتين واستغلالهما ضعف العراق وتعويم سيادته قامتا بعدد من الإجراءات التي من شأنها حرمان العراق من موارده المائية بما يلحق ضرراً بالغاً بالسيادة والمصالح الوطنية العراقية.
أما بشأن التغلغل الإيراني الناعم والنفوذ السياسي الهادئ ، فلا بدّ من اعتماد استراتيجيات جديدة وفقاً للمصالح العراقية أولاً لكي لا يكون العراق ساحة للصراع الأمريكي – العراقي، وثانياً لكي لا يكون جزءًا من المحاور الإقليمية والدولية المتصارعة، وثالثاً يستطيع أن يقيم علاقات متوازنة مع دول الجوار غير العربي من جهة ومع الدول الأجنبية الأخرى، فضلاً عن إعادة بناء العلاقات العربية على أساس المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة وبروح السلم والأمن والإخاء وعدم الاعتداء وحل المشاكل العالقة بالطرق السلمية والدبلوماسية وفقاً للمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.
أما بخصوص السيادة الداخلية ، فيتطلب إعادة النظر بالنظام السياسي ككل والخطوة الأولى تبدأ من الدستور، إما بإلغائه وسنّ دستور جديد أو بتعديله جذرياً، علماً بأن ما ورد فيه من حقوق وحريات واعتماد مبادئ المواطنة هي أمور جيدة ومتقدّمة ، لكنها تقدّم بيد لتقيّد في اليد الأخرى، فضلاً عن العديد من القوانين التي شرّعها البرلمان، والجانب الإجرائي في ذلك اعتماد الآليات الواردة فيه، خصوصاً بإجراء مراجعة شاملة كان لا بدّ من القيام بها خلال أربعة أشهر بعد انتخابات العام 2005 .
والأمر يتعلق أيضاً بعلاقة السلطة الاتحادية بالإقليم من حيث الصلاحيات، بما فيها المواد الخاصة بالنفط وتنازع القوانين على أساس قواعد النظام الفيدرالي المعمول به دولياً في أكثر من 40 بلد، وقد تحتاج هذه الأمور إلى حوار وطني شامل يشارك فيه الجميع من قوى ومنظمات وشخصيات أكاديمية وثقافية وحقوقية ومن مختلف التوجهات الفكرية والاجتماعية، والهدف هو تحقيق السيادة الكاملة وبناء نظام سياسي على أساس المواطنة العابرة للطوائف والإثنيات والحاضنة للتنوّع والقائمة على أساس التكافؤ والمساواة والشراكة والمشاركة والعدل الاجتماعي، وهنا لا بدّ من تحديد الأولويات والتدرج فيهان خصوصاً في ظل إرادة وطنية شاملة .
ــــــــــــــــــــــــ
* نشرت هذه المساهمة في كتاب من إعداد وتقديم د. إبراهيم محمد بحر العلوم الموسوم “أزمة العراق سيادياً” ، دار العلمين للنشر والعارف للمطبوعات ، إصدار ملتقى بحر العلوم للحوار ، العراق ، الكوفة – النجف الأشرف، 2021 .
والبحث جزء من مشروع يناقش 5 رؤساء وزارات هم : إياد علاّوي وابراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي ومنظورهم للسيادة ، كما يناقش منظور 5 رؤساء برلمان هم : حاجم الحسني و محمود المشهداني و إيّاد السامرّائي و أسامة النجيفي و سليم الجبوري ، وشارك في الحوار شخصيات أكاديمية وفكرية وثقافية وسياسية في 5 محاورٍ شملت النظام السياسي والوعي بأهمية العوامل الإقليمية والدولية وإدارتها والمصالح الوطنية والتّوازن الإقليمي الدولي وكيف تعاطت حكومات ما بعد العام 2003 مع مبادئ السيادة.