التعليم والصحة ركيزتان في بناء المجتمع
العراق مثل
ان البناء الحضاري للشعوب ولمستقبل البشرية يعتمد بالدرجة الأساسية على ركائز مهمة ، ومن هذه الركائز لبناء القاعدة التحية للمجتمع هما التعليم لأعداد الكوادر العلمية و الثقافية في مجالات متعددة وهذا يعتمد أساسا على اللبنات الأولى في المدرسة ابتدائية لتعليم أسس اللغة أولا ومن ثم الحساب والعلوم وغيرها ، و الأخذ بنظر الاعتبار أعداد المناهج التعلمية من الكتب على يد أساتذة ومربين كبار لهم خبرة ومعتمدين على مناهج في دول أخرى ، ومن ثم الاهتمام بناء المدارس في المدينة والارياف ، وتشجيع الطلبة على الدراسة والمتابعة البيتية و الاهتمام بالكتاب المدرسي ، بعد انهاء المرحلة تبد ء مرحلة المتوسطة وهي مرحلة متقدمة في برامجها التعلمية من العلوم والانسانيات وبعد نجاح الطلبة في مرحلة الامتحانات الوزارية لهذه المرحلة ، ينقل الى مرحلة الثانوية وهنا الطالب يختار الفرع الذي يحبه ويرغب في اكمله ، ك الفرع العلمي و الادبي و التجاري والصناعي ، كمقدمة للذهاب الى الكلية التي يرغب فيها ويؤهله معدله للانتساب لها وليعد نفسه كادر في هذا المجال او ذاك خدمة لوطنه وشعبه. وبدء التعليم يتطور بعد انهاء الحكم العثماني على العراق ومجيئ الانتداب البريطاني للبلد ، أهتم الحكم الملكي بعد ثورة العشرين وتنصيب الملك فيصل ملكا على العراق اهتم ب تشكيل وزارة للتربية والتعليم وارسال الطلبة المتفوقين دراسيا الى المملكة المتحدة لإعداد كوادر علمية في مجالات متعددة وتم تأسيس جامعة بغداد لتضم بعض التخصصات القليلة ومن ثم جرى توسيعها على يد الأنظمة التي تلته حيث شملت كليات الطب البشري والطب البيطري وطب الاسنان والهندسة بكل تخصصاتها ، الكهرباء والعمارة و الميكانيك و الهندسة المدنية والتكنولوجيا و كلية العلوم الفيزياء والكمياء والاحياء والوراثة ، امالا الكليات الإنسانية مثل اللغات و الحقوق و كلية الآداب وكلية الفنون الجميلة وشملت التمثيل المسرحي و الفنون التشكيلية من الرسم والنحت .
وهنا أتذكر ما كتب على احدى الجامعات في جمهورية افريقيا الجنوبية اللافتة التالية :؛ إن تدمير بلد لا يتطلب استعمال القنابل الذرية أو الصواريخ بعيدة المدى ، يكفي تخفيض نوعية التربية والتعليم و السماح بالغش في الامتحانات ..حينها سيموت المريض بيد الطبيب.. وستنهار المباني على يد المهندسين ..و سيهدر المال على يد الاقتصادين و المحاسبين ……وستموت الإنسانية على يد علماء الدين …وستضيع العدالة على يد القضاة …إن انهيار التربية والتعليم كفيل بانهيار الأمة .
وهذا ما يجري الأن في وطننا العراق ما بعد الاحتلال من تدمير للمدارس وقتل للعلماء والخريجين و تزوير للشهادات العلمية والمجيئ بهم الى مراكز حساسة في الدولة للنهب ثروة البلد واجياله لكي يطبقوا مقولة وزير خارجية الولايات المتحدة بيكر بإعادة العراق الى القرون الوسطى من خلال الفوضى الخلاقة حسب تعبير كونداليزا رايس .
الصحة والبيئة
صحة الانسان من الأهمية بمكان هي صحة الانسان حتى يقوم بعمله في شتى المجالات و إطالة العمر لمواكبة ركب الحضارة الإنسانية وتقدم العلوم الطبية في مجال تشخيص الامراض وإيجاد سبل العلاج و دور تطعيم الأطفال من الامراض المعدية كشلل الأطفال و الخناق و الكزاز و الحصبة و النكاف و السعال الديكي وتطعيم ضد الانفلونزا . ودئبت منظمة الصحة العالمية و وزارات الصحة في بلدان العالم على الاهتمام ب لوقاحات التلاميذ وصغار السن من الأطفال بمواعيدها الموسمية .
في عراقنا بعد الاحتلال البريطاني وإقامة الحكومة الملكية جرى الاهتمام بوزارة الصحة وذلك من خلال تخريج دفعات من الأطباء و الكوادر الطبية المتوسطة وبناء المستشفيات في المدن و المستوصفات في قصبا ت العراق ، و كان لطبيب العائلة الملكية اندرسن دورا بارزا ، وكما حدثونا الإباء عن مبادرة المحسن الميسور الحال في الحلة وعلى وجه التحديد في محلة المهدية انشاء مستوصف وهو الحاج هادي الخواجة لمساعد أبناء المحلة في الأمور الطبية و البيئية وذلك بالتحدث مع من يراجعهم حول أهمية النظافة الشخصية والمنزلية كذلك نظافة المحلة ومن ثم المدينة وعندما عرف الطبيب اندرسن بهذه العمل الإنساني ومبادرة هادي الخواجة قام بتطويرها من حيث الكاد والتجهيزات وفعلا ظهرت اول مستشفى سميت ب (المجيدية )، وانتشرت المستشفيات وتحسنت الخدمات الطبية في العهد الملكي ومن ثم العهود التي تلته ، ولكن بعد الاحتلال لم يكن هناك اهتمام بالخدمات الطبية والصحية بل العكس اهملت المستشفيات و تم قتل عدد غير قليل من الأطباء ذو الاختصاصات الطبية و هاجر عدد منهم للبقاء احياء الى الدول المجاورة ومنها الى دول المهجر واستفادوا من خبراتهم و امكانياتهم العلمية ، وبقى العرافيين بدون مستشفيات و أطباء أكفاء وذو علم وخبرة واصبحوا يذهبون الى دول الجوار والهند ، وكل الحكومات التي تناوبت في ظل الاحتلال والمحاصصة لم تقدم أي انجاز في هذا المجال ، ونشهد اليوم في ظل جائحة كرونا ازدياد في عدد الإصابات وقلة في أجهزة الاوكسجين وعم وجود اسرة في المستشفيات و اليوم مع وجود لقاحات متعددة منها الصينية و الروسية والبريطانية والأمريكية و لم يتم وصولها الى العراق لبدء اللقاح . كل هذا سوء إدارة وعم وجود وزارة مخلصة تعمل لصالح الشعب ، لا يمكن التخلص من هذا الوضع الا الخلاص من حكومة المحاصصة الطائفية والعرقية ، لكي يرتقي التعليم والصحة .
محمد جواد فارس
طبيب وكاتب