نحن ” المهاجرين ” و الانتخابات البرلمانية و البلدية في السويد
بدأت ايام العام الانتخابي القادم تتاكل متدرجة نحو سبتمبر ” ايلول ” 2018 على اعتبار ان سنة الدورة الحالية الاربعة تنتهي مع حلول شهر ايلول، في هذه الايام كالعادة تنشغل الاحزاب في سباقها نحو مقاعد البرلمان بتنشيط اعضائها و مناصريها على ارضية ابراز القضايا ذات الاهتمام الاكبر لديهم، تترافق هذه الفعاليات مع استطلاعات للراي من قبل الصحافة واسعة الانتشار و المراكز الاحصائية التحليلية المتخصصة بهذا الامر، لرصد شعبية هذا الحزب او ذاك، هبوطا، صعودا ام مراوحة في المكان، تلك المكانة المتوقعة للاحزاب البرلمانية تبعا للاسباب الموجبة و القضايا السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية المطروحة للتداول في الشارع، تهيئة لانتخاب مندوبي الشعب.
ان مسالة المهاجرين ” اللاجئين ” باتت قضية جدالية بامتياز وخاصة اللاجئين العرب و المسلمين، حيث ينفخ الحزب العنصري “حزب الديمقراطيين السويديين ” ” سفاريا ديمقراط ” فيها و يضخمها و يبالغ في الاضرار التي تلحق بالمجتمع السويدي من تدفق المهاجرين، هذا الحزب الذي يثير بالحاح ايضا قضية ” الاسلاموفوبيا ” داعيا الى اغلاق المساجد و اعادة اللاجئين الى ديارهم و يقوم باستفزازات مكشوفة بين الحين و الاخر في اماكن مختلفة من البلاد , قد اشتدت هذه الحملة منذ عشية الانتخابات الماضية عام 2014، تلك السنة التي استمر فيها تدفق موجات جديدة من المهاجرين و لا سيما من سوريا، حيث حقق هذا الحزب نسبة عالية من اصوات الناخبين في البرلمان و غدا مؤثرا في قرارات العديد من البلديات , تتوقع بعض اوساط استطلاعات الراي بانه سيحصد المزيد من الشعبية في الانتخابات القادمة قد تصل الى ما نسبته %12,6.
كل تحليلات نتائج الانتخابات السابقة اشارت الى ان نسبة التصويت في الاحياء التي يغلب على سكانها بانهم من اصول اجنبية كانت متدنية و في التجمعات ذات الاكثرية العربية كـ روسينغورد – مالمو كانت متدنية جدا، و الانكى من ذلك ان العنصريين قد حازوا على نسبة لا باس بها من الاصوات فيها، ان الاسباب في رايي تعود الى الخلفية الثقافية التي حملناها معنا من بلداننا و التي لا زالت تتحكم بسلوكنا تجاه مسائل الديمقراطية و تطبيقاتها، من بينها الانتخابات، على قاعدة ” ما دخلني و اللي بدو يطلع، يطلع ” او منطق ” النتائج محسومة سلفا، ان انتخبنا او لم ننتخب “، اما نحن الفلسطينيين و لا سيما في بلدان الهجرة و الشتات لم نذق طعم اختيار ممثيلينا بعد !.
الانتخابات القادمة تكتسب اهمية خاصة بالنسبة للمهاجرين الجدد، الوافدين الى السويد في بحر الدورة الانتخابية الحالية، فعشرات الالاف منهم قد مضى على نيلهم الاقامة الدائمة ثلاث سنوات او يزيد و البعض الاخر قد حصل على الجنسية،سواء منهم من استوفى الشروط الزمنية او ممن منحوا جنسية كونهم دون سن 18 بعد سنتين من وصولهم الى البلد و قد تجاوز البعض منهم بعد ذلك العمر القانوني للاحقية في الاقتراع.
و كما تعلمون، فمن امضى ثلاث سنوات، يحق له الاقتراع للمجالس البلدية و من حاز على الجنسية يصوت للبرلمان و للمجالس البلدية – سيكون لنا لقاء على هذه الصفحة مع تفاصيل الحقوق و الواجبات في الانتخابات – فمن حقنا و الواجب علينا ان ندلي بصوتنا، لايصال افضل الممثلين لنا و لمصالحنا الى البرلمان، و من لا يشارك يكون بشكل مباشر او غير مباشر قد خدم العنصريين في احتلال مزيد من مقاعد البرلمان و المجالس البلدية، كما ان المشاركة هي شكل من اشكال الاندماج في مجتمعنا الجديد و برهان اكيد على انتمائنا لبلد قدم لنا و لاطفالنا الامان و الاستقرار، فالادلاء باصواتنا له قيمة انسانية وازنة و تساهم مساهمة جادة في صياغة سياسة البلاد.
فالمهم جدا ان نهيئ انفسنا لنقترع، اما لمن نعطي اصواتنا فهذا امر اخر يتعلق بتكويننا و خلفيتنا الفكرية، فالاحزاب البرلمانية متعددة، متشاكية الالوان من اليسار الى اليمين الى الوسط و من الاحمر الى الاخضر و كل له برنامجه و ما عليك الا ان تختار من ترى فيه بانه الجدير بالدفاع عن مصالحك، و سياسته الخارجية تنسجم مع رؤيتك للمصالح الوطنية في بلدك الاصلي .
بقلم الكاتب
الأستاذ محمد قدورة