منذر الشاوي.. ذاكرة جيل أكاديمي وحين تتلاقح الفلسفة بالقانون
عبد الحسين شعبان
غادرنا البروفيسور منذر إبراهيم الشاوي في 24 شباط (فبراير) 2021 عن عمر ناهز الثانية والتسعين، حيث وُلِدَ في العام 1928 في محلة الأعظمية ببغداد، وعاش فتوته في منطقة الصالحية بالكرخ، وقد نعته أوساط أكاديمية ومهنية عديدة بينها نقابة المحامين العراقيين.
ويُعدّ الشاوي من أهم فقهاء القانون الدستوري في العراق، إضافة إلى سليمان فيضي وخليل اسماعيل وعبد الحميد القشطيني واسماعيل المرزة ومحمد علي آل ياسين وعبدالله اسماعيل البستاني، كما يعتبر من أبرز فقهاء القانون الدستوري العرب من أمثال مصطفى كامل وثروت بدوي وعبد الحميد بدوي ويحيى الجمل وطعيمة الجرف ومحمود حلمي وعثمان خليل وسعد عصفور ومحمد المجذوب ومنير العجلاني ومصطفى البارودي وكمال غالي، وقد رفد المكتبة العربية بالعديد من الكتب والمؤلفات والدراسات الرصينة، إضافة إلى منجزاته العملية، حيث يعود له الفضل في مبادرة تأسيس المعهد القضائي في العام 1976 والذي صدر قانونه بالقرار رقم 33 والذي يهدف إلى إعداد مؤهلين لتولّي الوظائف القضائية ورفع المستوى القانوني للعاملين في دوائر الدولة الرسمية وغير الرسمية.
وبحكم موقعه ودوره الفعلي كان الأبرز في بلورة فكرة إصلاح النظام القانوني في العراق الذي صدر بقانون رقم 35 سنة 1977 والذي أقرّ التزام الوزارات وأجهزة الدولة وهيئاتها ومؤسساتها لتحقيق ذلك بالتنسيق والتعاون مع وزارة العدل، كما ساهم في كتابة الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 في لجنة مؤلفة من عدد قليل من الأعضاء وكذلك قانون الحكم الذاتي لعام 1974 ومشروع الدستور العراقي الدائم لعام 1990 الذي لم يرَ النور، حيث تم نشره قبل ثلاث أيام من غزو الكويت (2 آب/ أغسطس/ 1990) وطواه النسيان بعد ذلك،
وقد سبق لي أن ناقشتُ تلك المشاريع من موقع النقد باستفاضة في كتابَيَّ الأول – “المحاكمة: المشهد المحذوف من دراما الخايج1992 والثاني – “عاصفة على بلاد الشمس” الصادر في العام 1994 وعدتُ أيضاً لمناقشتها بصورة موّسعة في كتابي الموسوم ،”الدستور والدولة من الاحتلال إلى الاحتلال” في العام 2005 وذلك في نقدي للمشاريع الدستورية التي طُرحت بعد الاحتلال من “قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية” عام 2004 إلى “الدستور الدائم” الذي أستفتيَ عليه في 15 تشرين الأول (اكتوبر) 2005 وأجريت الانتخابات على أساسه في كانون الأول (ديسمبر) من العام ذاته.
وبغضّ النظر عن الاختلاف في التوجه والرؤية وزاوية النظر والخلفيات الفكرية إزاء تلك النصوص الدستورية والقانونية وفلسفتها ومقاصدها والأهداف التي تقف خلفها والجهات التي تخدمها، فقد كان الشاوي جزءًا من مرحلة شديدة الحساسية والتعقيد والواحدية والاطلاقية وكان هامش حرية التعبير محدوداً إن لم معدوماً، وعلينا أن لا ننسى ذلك عند التوقف عنده أو عندها، وحاول أن يفلسف رؤية السلطة القانونية ضمن سياقات السلطة النافذة وتوجهاتها المعلنة وإيديولوجيتها السائدة في مراحلها المختلفة، حيث عمل وزيراً للعدل من العام 1974 ولغاية العام 1988 وعاد إلى وزارة العدل بعد إعفاء “شبيب المالكي” من العام 2000 إلى العام 2003 كما شغل منصب وزير التعليم العالي من العام 1988 ولغاية العام 1991.
وخلال تلك الفترات عمل مستشاراً لرئاسة الجمهورية من العام 1994 ولغاية العام 2000 وقبلها مستشاراً في مكتب السيد النائب صدام حسين لوضع الخطط والبرامج لتطوير مناهج الدراسات العليا.
وفي جميع المواقع التي شغلها وعمل فيها كان يتمتع بصدقية واستقامة وحرص ومسؤولية وحاول أن يحتفظ لنفسه بهامش من الاجتهاد في حدود الممكن والمسموح به، وكان يُدرك الأرضية التي يقف عليها ويقيس المسافة بدقّة بينه وبين قمة الهرم من خلال ذكائه الحاد وحكمته وبُعد نظره وصبره.
استحقّ منذر الشاوي أن يكون عضواً في المجمع العلمي العراقي لمنجزاته الأكاديمية وذلك منذ العام 1979 وأستطيع القول أنه كان صاحب فلسفة وعلم غزيرين، لا سيّما في القانون وحاول أن يضّخ فلسفته القانونية من خلال “قانون إصلاح النظام القانوني” الذي عبّر عن فلسفة السلطة في مرحلة تأسيسية من مراحلها المهمة، التي استهدفت إعادة طبع الحياة السياسية بما تناسب مع توجهاتها التي صبغت حركة التحرر الوطني في مرحلة من مراحل تطورها تأثّراً بالتجربة الاشتراكية العالمية ومحاولة تقليدها أو استنساخها ضمن ظروف العالم الثالث والأوضاع الخاصة في بعض بلدانه.
كان الشاوي مقبلاً على الحياة و”عيّشاً” كما يقول اللبنانيون، وقد كان لا يريد أن تفلت لحظة من بين أصابعه لأخذ قسطاً من لذائذها وفوائدها، وكان متذوقاً للأدب والفن والموسيقى والجمال، قارئاً منفتحاً وناقداً عارفاً لحيثياتها وله عينٌ بصرية خاصة بالرسم والنحت، وهو من القلائل الذين عرفتهم من الأساتذة الذين يوّلون الجانب الثقافي اهتماماً خاصاً، ولولا استغراقه بالعمل المهني والوظيفي الذي أخذ جُلّ وقته، لكان منذر الشاوي فقيه قانوني أقرب إلى قلم الأديب وحبر الناقد، وقد حاول أن يُطعم كتاباته القانونية بذلك، خصوصاً وقد كان تأثيرات الوجودية في مرحلتها الاولى الستينية قوية عليه، وحاول أن يجد روافداً بين فلسفة القانون والثقافة والفن، وهو ما عكسه في سنواته الأخيرة، خصوصا وأنّ روحه الحرة وانفتاحه وتألق شخصيته كانت في هذا الاتجاه.
العلاقة بين الطالب والأستاذ
أُعجبتُ والعديد من زملائي بشخصية منذر الشاوي الكارزمية وفكره التنويري ودعوته إلى الحداثة وارتباط ذلك بفلسفة التغيير، بل أنه كان يمثّل لجيلنا نمطاً جديداً من الأساتذة، الأنيق، الوسيم، المستقلّ، غير التقليدي، المنفتح، المشجّع على الحوار، القريب من الحس والشعور بالتجديد، وكانت حصته الدراسية منتدىً للحوار والاثارة ومنها مواضيع يشتبك فيها القانون بالسياسة، وهذه بالفلسفة التي كان يميل إليها، فضلاً عن الأدب والفن والسينما والمسرح، ولم ننسى حياة الناس ومعاناتهم أيضا في أجواء كانت متوفرة إلى حدود معينة في جامعة بغداد في أواسط الستينات. وغالباً ما كنا نلتقي بساحة الكلية بعد انتهاء محاضرته أو كلّما كانت الشمس ساطعة والجو معتدلاً وذلك في أكثر الأيام، وكان دائما ما يتحلّق حوله العديد من الطالبات الجميلات. وبالمناسبة فتلك الفترة حرص فيها الأساتذة على لقاء الطلبة مثلما كان يفعل ابراهيم كبة ومحمد عزيز وخير الدين حسيب وطارق الهاشمي وآخرين.
درسنا على يديه القانون الدستوري (نظرية الدستور) ثم القانون الدستوري (نظرية الدولة)، وأعتقد أنه أدخل فرعاً جديداً أو حاول ذلك بعنوان “نظرية الدولة والقانون” ويعتقد وهو على حق إنّ الفلسفة أمّ العلوم، ولذلك لكل قانون فلسفة، وبالطبع فلكل قانون تاريخ أيضاً وهو ما كنّا نناقش فيه أيضاً من خلفياتنا بشأن المادية التاريخية، وهكذا فالفلسفة والتاريخ ركنان أساسيان لأي علم ولأي موضوع، واذا كان الشاوي أحد الأساتذة الذي أثّروا في توجهي الأكاديمي، فقد كان للدكتور حسن الجلبي الذي درّسنا القانون الدولي، وكان من أكثر الأساتذة تشدّداً، هو الآخر لعب دوراً في اختياراتي القانونية لاحقاً، وهو ما حاولتُ أن أشتغل عليه في دراساتي العليا التي انتقلت من العلوم السياسية والاقتصادية إلى العلوم القانونية الدستورية والدولية.
وحين عُدتُ إلى العراق بعد حصولي على الدكتوراه في العام 1977 نصحني الدكتور صفاء الحافظ الذي كان عضواً في ديوان التدوين القانوني بزيارة منذر الشاوي في وزارة العدل، لاطلاعه على اختصاصاتي، خصوصاً وكان يعرف علاقتي الخاصة به، وقد اتصلتُ بالوزارة فإذا بمدير مكتبه أحد زملائي وصديق عزيز لي وهو إدهام خميس الضاري، وهو قريب الشيخ حارث الضاري، وكنت كلما ألتقي الشيخ حارث الضاري يرد ذكر إدهام. وفي اليوم التالي، كنتُ في مكتبه وكم كان يُصغي إليَّ باعتزاز وغبطة، إلى أنني درست “نظرية الدولة والقانون” في “معهد الدولة والقانون” التابع لأكاديمية العلوم التشيكوسلوفاكية، وهي أرقى مؤسسة علمية، وكنت حينها الطالب العربي الوحيد الذي تخرّج من المعهد علماً بأنني درستُ في الوقت نفسه “فلسفة القانون” واخترت القانون الدولي كاختصاص، وكاختصاص دقيق “المعاهدات الدولية المتكافئة وغير المتكافئة”، ولا أنسى أنّه أثنى على توجهات بلدان أوروبا الشرقية ومناهجها القانونية ودراساتها الأكاديمية التي اعتمدت فلسفات كلّانية بشأن وحدة القانون باعتباره تعبيراً عن مصالح الطبقات القابضة على السلطة، وهو ما حاول العراق اقتفاءه في تجربته السياسية والقانونية، وللأسف فإنّ التجربتين الأصل والفرع لم تكونا ناجحتين.
وسألني ماذا أنا فاعلٌ بخصوص العمل؟ فقلت له لديّ تعيين مشروط من جامعة بغداد كلية القانون يبدأ بعد إنهاء الخدمة الإلزامية، فقال: لنا حديث آخر بعدها، وأرجو أن تتّصل بي بعد الإنتهاء من إدائها واذا حصل أي تأجيل أو انتداب يمكن أن تعلمني بذلك فشكرته على اهتمامه.
الانتخابات الطلابية
تعمّقت صلتي بمنذر الشاوي عشية الانتخابات الطلابية (ربيع عام 1967) وسألني ماذا أنتم فاعلون؟ قلت له نمدّ أيدينا للتعاون مع الجميع فعسى أن نتمكن من عقد “جهة طلابية” وكان ذلك شعارنا، لكن الأمر لم يتحقق لإشكاليات وعُقدٍ سابقة، فضلا عن محاولة تضخيم الحجوم، وفضّل كل فريق أن ينزل الانتخابات بمفرده، وعلى الرغم من تخوّفنا من احتمالات الصدام إلّا أنّ الأمر تمّ بسلاسةٍ واعتياديةٍ نسبياً باستثناء ما حصل في كليتي الحقوق والتربية الرياضية التي انسحبنا منها بسبب أعمال شقاوة وتهديدات، وفعلنا ذلك احتجاجاً. مع ذلك كانت النتائج أن أحرزنا 80% من الأصوات و76 من المقاعد الانتخابية، وهذا ما كان مفاجئاً حتى لنا، بل مفارقة حقيقية، فقد كانت التقديرات التي توّصلنا إليها قبل الانتخابات بأننا يمكن أن نحصل على 20-25 % وإذا بنا نعبر أكثر الاحتمالات تفاؤلاً، ويعود السبب في ذلك إلى أننا نزلنا بقائمة موّحدة وشعارات مهنية واخترنا أفضل الوجوه الاجتماعية وقد انضمّ إلى قائمتنا مجموعة يسارية يُطلق عليها اسم “المنظمة العمالية” وأصولها من حزب البعث وقد انشقّت عنه في مطلع الستينات وأسسّت كتلةً بإسم “الكادحين العرب” التي كان يقودها قيس السامرائي الذي كان قد درس معنا بعد عودته من انكلترا ليستكمل دراسته في جامعة بغداد، وقد فاز عدد من الذين تمّ ترشيحهم معنا وتحت اسم قائمتنا. أمّا السبب الثاني فإن الآخرين كانوا متفرقين ومنقسمين، وأننا كنا نمثل الطرف الأكثر تماسكاً وتنظيماً وتطلّعاً نحو الحداثة وتوجهاً للتغيير في الشبيبة الطلابية المتطلّعة دائما إليه.
واحترنا في الأمر لا سيّما بعد إلغاء نتائج الانتخابات في اليوم التالي، وكان المبرر أن “القوى الشعوبية” بدأت ترفع رأسها كما كتبت صحيفة عراقية كانت تبرر فعل الحكومة في الغاء نتائج الانتخابات، التي كنا نأمل أن تكون “بروفة” لإنتخابات عامة، كما وعد حينها رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وكان خير الدين حسيب وهو الآخر أستاذ في كليتنا حينها، قد طلبني ليستفسر كيف حصل ذلك؟ وبصوتٍ عالٍ سألني: هل هو جمهوركم أم تنظيم قويّ لكم؟ وقلت له وهو ما كتبته قبل سنوات في مراجعةٍ للتجربة “مجلة المستقبل العربي” 2013: أنّ مسؤوليتنا ستصبح أكبر وأننا حتى لو حصلنا على 99% فإننا لن نستطيع أن نقود الإتحاد أو البلاد دون تعاون وطني عام وتلك هي قناعتي التي كانت تتعزّز مع مرور الأيام، فالتعددية والتنوّع من طبيعة المجتمع العراقي التي لا بدّ من أخذها في عين الاعتبار.
كان الشاوي حريصاً على التعاون الوطني ونصحنا بتكرار مبادرة اللقاء مع الآخرين، وهو الأمر الذي عدنا إليه بقوة برفع شعاراتٍ جبهوية بعد عدوان حزيران (يونيو) 1967 وخصوصاً كان شعارنا “كل شيء إلى الجبهة”، بل رددّ بعضنا “كل شيء من أجل الجبهة” وهو حوار بمنولوج داخلي لدينا انفجر لاحقاً بانقسام الحزب الشيوعي إلى كتلتين متنازعتين “القيادة المركزية” و”اللجنة المركزية”، وكم كان متعاطفاً مع الطلبة في الإضراب العام أواخر العام 1967 وأوائل العام 1968 خصوصاً بعد سقوط جرحى في كلية التربية إثر مداهمةٍ بوليسية.
وازدادت لقاءاتنا مع الشاوي وكنا على وشك التخرّج، وأتذكّر أنّه دعانا مرّة في “مطعم عمّو الياس” على الغذاء، وذلك تحضيراً لفكرة تأسيس “الجمعية العراقية للعلوم السياسية” على الرغم من أنّه وضع نفسه خارجها، وكانت الاتصالات الأولى مع القيادي البعثي محمد محجوب وتمّ الأمر في الأسابيع الأخيرة لتخرجنا. وعند قيام انقلاب 17 تموز (يوليو) 1968 كانت الجمعية قيد الانشاء، وأتذكر أنها اختارت جمعية الحقوقيين كمقرّ لها أيضاً.
لقاء مع ليلى خالد
من الأماسي التي نظمتها الجمعية حتى قبل انتخاباتها التي جرت في العام 1969 هو استضافة ليلى خالد واسمها الحركي”شادية أبو غزالة”، والتي ستُعرف باختطاف الطائرة الأميركية TWA في 29 آب (أغسطس) 1969 وبلغت شهرة واسعة بعد محاولة اختطاف طائرة العال الإسرائيلية المتوجهة من أمستردام إلى نيويورك (6 ايلول / سبتمبر/ 1970) وقد قُتل زميلها النيكاراغوي باتريك أورغويللو على متن الطائرة وتمّ احتجازها في لندن حين هبطت الطائرة اضطراراً، وقد انعقدت صداقة بيني وبينها إضافة إلى صداقتي مع زوجها المناضل والكاتب فايز الرشيد.
وحينها تعرّفت يومها على رفيقها عدنان جاسم البيّاتي المعروف باسم “باسم العراقي” والمسؤول عن مطار الثورة واختطاف الطائرات في عمّان والذي رصدت له الأجهزة الأمنية الأردنية عشرة الآف دينار لمن يُلقي القبض عليه حيّاً أو ميتاً. وعدنان أو “باسم العراقي” كان عضواً في الحزب الشيوعي العراقي، وضابطاً سابقاً برتبة ملازم أول في الجيش العراقي وحُكم عليه لمدة ثلاث سنوات بعد انقلاب 8 شباط (فبراير) العام 1963 وبقي في سجن نقرة السلمان. وحين أُطلق سراحه غادر العراق بعد فترة وإلتحق بحركة المقاومة الفلسطينية واشتغل مع الجهة الشعبية لتحرير فلسطين وتنظيم العمليات الخارجية بقيادة وديع حداد. وكنت قد التقيته في العام 1975 في براغ، وقد سألته إلى متى سوف تبقى على هذه الحال من التّرحال؟ فقال لي: أنها مهمّة واحدة وسأستريح.
وبعد عدة أسابيع اعتقلت الأجهزة المصرية عدنان البيّاتي الذي كان قادماً من ايران بجواز سفر سعودي وتمّ كشف المهمة وهي اغتيال شاه ايران (محمد رضا بهلوي) خلال زيارته إلى برلين، وقد أنكر أنّه عراقي، فقامت السلطات المصرية بتسليمه إلى المملكة العربية السعودية التي حكمت عليه لثلاث سنوات قضاها في سجن انفرادي وقد قابلت والدته الرئيس المصري محمد أنور السادات مرتين ووعدها خيراً، وبعد انتهاء محكوميته أُطلق سراحه العام 1978 بتدخل من الحكومة العراقية. وعاد إلى العراق، ثمّ غادر إلى بيروت، ومنها إلى عدن ثم عاد إلى العراق وتوفي هناك.
كانت إدارة الشاوي للندوة التي عقدتها الجمعية العراقية للعلوم السياسية متميّزة كالعادة، وطرح أسئلة شارك فيها عدد من الأساتذة والمعنيين وإن لم يكن العدد يزيد عن 15 مشاركاً، فقد كانت ندوة نخبوية بامتياز عن مركز المقاومة في القانون الدولي، والحق في الدفاع عن النفس وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى التفريق بين المقاومة والإرهاب، والإرهاب الأسود والإرهاب الأبيض والأحمر، ولم يكن إرهابا أخضراً حينها، وغيرها من مواضيع حركة التحرر الوطني وأساليب الكفاح، ولا سيّما الكفاح المسلّح . وكانت تلك إحدى مميزات الشاوي غير القابلة للحصر، فهو يفاجئك بآراء ووجهات نظر متقدمة، ويثير أسئلة أقرب إلى الشك والشغب الفكري أحياناً، والهدف هو تفعيل التفكير وتنشيط الحوار وتعميق الجدل بعيداً عن النصيّة أو الإيمانية أو ادعاء امتلاك الحقيقة، وتلك كانت إحدى مواصفاته في الستينات، سواء خلال إلقائه محاضرات أو أثناء الحوار معه.
الصحافة
أتذكر أنه في أحد الدروس سألنا ما هي أهم جريدة في العراق، قال أولّهم اليقظة و آخر البلاد وثالث الزمان ورابع المنار وخامس العرب وسادس الثورة العربية وسابع الجمهورية، وقلت أنا اتحاد الشعب التي لم تعمّر طويلاً كجريدة علنية، وسألني هل هي جريدة سرية الآن؟ قلت له ما يوازيها، ثمّ سألني خارج الصف ماذا تعني؟ فقلت له: اسمها الحالي “طريق الشعب” فقال على الرغم من أنني لم أكن في العراق يوم صدرت (اتحاد الشعب) الّا أنّ الأعداد القليلة والتي لا تتجاوز أصابع اليد التي اطلعتُ عليها، وأنا في فرنسا، كانت تشير إلى مهنيتها ورصانتها وتنوّع موادها وغنى الثقافة فيها بغضّ النظر عن الاختلاف مع توجهاتها، فقد كانت أكثر مدنية وحداثةً وتنويراً. وهو الرأي الذي فاجئنا حينها، في تعليقه داخل الصف وذلك في لحظة وضوح وصراحة. وبعد الانتهاء من المحاضرة، بادرتُ للهمس في أذنه إذا كنت راغباً في ايصال طريق الشعب فيمكنني أن أوفر لك ذلك، وأتذكر أنني زوّدته لأكثر من مرة بها وكلما توفرت الظروف، وما كنت أفعله مع آخرين.
جمعية العلوم السياسية
ما عزّز علاقتي بمنذر الشاوي هو الحوار معه لإقناعه بترؤوس الجمعية العراقية للعلوم السياسية، وكنت أذهب إلى بيته مساءً مع مسؤول الحركة الاشتراكية العربية “صباح عدّاي” واشترط موافقة البعثيين، وقلنا له بالطبع فذلك أمر لا غنى عنه، ونحن نطمح بائتلاف وطني واسع يشارك فيه الأكراد أيضا، وبالطبع كان زهير يحيى من المتحمسين لرئاسته للجمعية، وهو أحد القيادات البعثية المتنوّرة والمثقفة، وكنت قد جئتُ على ذكر مزاياه أكثر من مرة، وارتبطت به بعلاقة صداقة منذ العام 1966 بعد عودته من لندن ومواصلة الدراسة معنا، وكان عضواً في فرع بغداد، وأصبح في المؤتمر القطري الثامن عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث (مرشحاً احتياطيّا)، وهو من الشخصيات التي تستحق الثقة والوفاء، وقد توفي في ظروف غامضة في السبعينات والتقينا الشاوي وأبلغناه دعم البعثيين وحماستهم لرئاسته وهم والحقيقة تُقال، كانوا الأكثر نفوذاً في الجمعية، فاشترط أن يكون الأمين العام (صادق الأسود) وهو أقرب إلى اليسار، فوافق الجميع.
والتقينا عدّة لقاءات حيث مثّل الحركة الاشتراكية سمير العاني وصباح عدّاي وكنت ألتقي هاني إدريس أيضاً للغرض نفسه، امّا حزب البعث فبعد لقاءات عديدة مع زهير يحيى الذي كان مسؤولاً عن تنظيمات وزارة الخارجية وأصبح مسؤولاً عن مدينة الثورة ثمّ نُقل الى الموصل كمسؤول أول فيها أوكل الأمر إلى حامد الجبوري، الذي التقينا به لقاءً واحداً في وزارة الشباب، ثمّ تفرّغ للمهمة الصديق مجبل السامرائي سفيرنا في أوسلو قبل تقاعده (أعيد بعد الاحتلال للعمل الديبلوماسي). ومثّل الأكراد طيّب محمد طيّب وصلاح عقراوي وكانا من مجموعة المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني (ابراهيم أحمد – جلال الطالباني)، والأمر قبل بيان 11 آذار (مارس) 1970 أما الحزب الشيوعي فقد مثّله (كاتب السطور) واتفقنا على أن يكون منذر الشاوي الرئيس وصادق الأسود أميناً عاماً وأحد البعثيين (مجبل السامرائي) وأحد الشيوعيين (كاتب السطور) نواباً للرئيس أو حتى بصفة أعضاء إذا اتفقنا على (الرئيس والأمين العام وأمين الصندوق) ويأتي كل طرف منّا بعضو مستقل (ويكون العدد 9) واتفقنا على ذلك، واستبشر البعثييون بالتحالف الأول الذي حصل على الصعيد المهني.
وقبل الإعلان عن موعد الانتخابات قانونياً، هاتفني الشاوي وطلب حضوري إلى منزله (القريب من منزلي في العطيفية) وكذلك بالقرب من منزل صباح عدّاي وحين قلتُ له هل أبلغ صباح عدّاي؟ قال لي تعال لوحدك في الثامنة وأبلغه بالحضور في التاسعة مساءً. وذهبت إليه وكان يرتدي سترة النوم (الروب) فوق القميص والبنطلون، وجلستُ أمامه وكان يُحدّق عاليا، فقال لي: أنني أعتذر عن الترشيح وفوجئتُ بالخبر، بل وقع عليّ كما هي الصاعقة ، فقد بذلنا محاولات دامت لأكثر من ثلاثة أشهر لترتيب القائمة، وهكذا انسحب الأسود أيضاً وكان التشكيل لاحقاً ضعيفاً، فرشحنا من جانبنا نعمان شعبان واحتياطي أحد الشخصيات على ملاكنا لعدم موافقتهم على ترشيح السيّدة رجاء الزنبوري، وكان الأخير قلقاً وغير مستقرّ، وقد أبلغت الرفيق ماجد عبد الرضا حينها بشأنه، فقلت له أنّه الآن معنا وصديق لنا ويدفع تبرعات مستمرة منذ ثلاث سنوات، لكنه إذا تمّ الضغط علينا قليلاً فسينسحب، وإذا ازداد سينتقل إلى الطرف الآخر، وهو ما حصل بالفعل فقد تسلّق المواقع سريعاً.
ويضحك معي جليل الشيخ راضي، حين قال لي مرة: لقد أمضيت في حزب البعث ما يزيد عن ربع قرن، ولست سوى عضوا، فكيف أصبح “صاحبكم” عضو شعبةً وتلك واحدة من مفارقات الوضع السياسي وربما يوجد مثلها الكثير ما بعد الإحتلال فقسم من الذين عملوا في تنظيمات حزب البعث أو الصف الوطني أصبحوا كوادر متقدمة لدى الأحزاب القائمة وانتقلوا من ضفّة إلى أخرى، بل أنّ بعضهم أصبح الأكثر تطرفاً، ورشّح صباح عدّاي عن القوميين وصلاح عقراوي عن الأكراد وأصبح الرئيس طه الحديثي (ماجيستير علوم سياسية) واختزلت المناصب الأخرى إلى صفة عضو فقط.
قال لي منذر الشاوي في الخلوة بيني وبينه: نحن نريدها جمعية حقوقية فكرية ثقافية ونريد اصدار مجلة حرّة ونريد اثارة مواضيع للنقاش والجدل، والجو العام لا يسمح بذلك، لذلك قررتُ الابتعاد وهذا الأمر بيني وبينك، وما سأقوله لصباح والآخرين أنني متفرغ للكتابة ولدي مشاريع أخرى.
كان ذلك قبل أن يستدعى ليشارك في صياغة الدستور العراقي المؤقت (تموز/ يوليو/ 1970) ومن ثمّ توكل إليه المهمات الرسمية التي قام بها بجدارة بغضّ النظر عن الرأي فيها، وأظنّه اقتنع في تلك الظروف أن السبيل لكي يكون دوره أكبر وأكثر تأثيراً هو بالانتماء إلى حزب البعث، سواء كان الأمر طوعاً أو اضطراراً وقد تمّ الأمر على مراحل و بالتدرّج، فالظروف العامة كانت تميل بهذا الاتجاه، وعمل في المكتب المهني وكان مسؤوله لفترة شبيب المالكي، علماً بأن المؤسسات والمنظمات المهنية كلها تابعة للمكتب المهني، بما فيها الجمعية العراقية للعلوم السياسية، وكان آخر مسؤول للمكتب المهني عبد الغني عبد الغفور، وبالعودة إلى الجمعية العراقية للعلوم السياسية التي نشط فيها لفترة وميض عمر نظمي، كما ساهم في تأسيس “الجمعية العربية للعلوم السياسية” في قبرص، وأصبح أميناً عاماً لها، وقد ترأس منذر المطلك عضو المكتب المهني الجمعية العراقية للعلوم السياسية، وكان أن التقيته في مؤتمر ديربن بجنوب أفريقيا 2001 رئيساً للوفد العراقي الذي ضمّ الصديق رياض عبد العزيز النجم والصديق نعمان شاكر نقيب المحامين الذي تعرفتُ عليه لأول مرة وثائره العاملة في الطاقة الذرية التي تعرفتُ عليها ولم ألتقِ بها لاحقاً.
ويومها فاجئني منذر المطلك ملاطفاً ما الذي أتى بك إلى هنا؟ قلت له أنا الذي أسأل ما الذي أتى بك أنتَ إلى هنا؟ فقال صرنا مثلكم ” مجتمع مدني” ثمّ سألته بعد ذلك ماذا تقصد؟ فقال: أنني رئيسٌ للجمعية العراقية للعلوم السياسية، وكانت الجمعية قد انضمّت إلى جمعية الحقوقيين العراقيين بعض اعتقال بعض أعضائها بمن فيهم من الهيئة الإدارية وابتعاد الأفراد المحسوبين على المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بعد بيان 11 آذار (مارس) 1970 لكنها حسبما يبدو عاودت النشاط كمنظمة مهنية مستقلة، فرويتُ له كيف تأسست الجمعية وما هي التحضيرات الأولى واللقاءات التمهيدية ومن ثمّ الحوارات للوصول إلى صيغة مشتركة وتلك حكاية أخرى لا بدّ من التوقف عندها في وقتٍ لاحقٍ، ويهمني أن أنوّه هنا إلى ما سمعته من المطلك والنجم من معاناة إنسانية وشخصية وعامة كانا يعيشانها وتلك تحتاج إلى سردية خاصة كنت قد وضعتها ضمن مشروعي النقدي.
في عمّان
بعد أن تعرّض منذر الشاوي إلى احتجاز في بغداد العام 2005 قال أنّ أحد طلابه من المتطرفين في النظام السابق كان وراءها، وذلك حين تمّ ترشيحه ضمن مجموعة ما يسمّى بالمكوّن السّني حيث أضيف 15 عضواً إلى لجنة صياغة الدستور الذي وضع مسوّداته نوح فيلدمان وقام بتنقيح بعض أجزائه بيتر غالبرايت، ولاطفته هنا أين سيكون موقع منذر الشاوي؟ قال: تلك غلطةٌ لم أقدّر أبعادها، وبعدها اضطرّ إلى الهجرة إلى عمّان التي عاش فيها منذ العام 2005 ولغاية وفاته، ولعل خطوة قبوله الانضمام إلى تلك اللجنة كانت خطوة خارج السياق وهي تتعارض مع ما عمله طيلة ما يزيد عن ثلاثين عاماً في أعلى المواقع الحكومية والادارية، وفي عمّان عاش حياة بسيطة أقرب إلى التقشف في شقة متواضعة كنت قد زرته فيها أكثر من مرة، بعد أن زارني عدّة مرات في الفندق وأهداني كتبه الجديدة وكنتُ مسروراً مثلما هو باستعادة العلاقة، وكان صاحب دار ورد محمد الشرقاوي هو الذي يقوم بطبع كتبه، مثلما طبع لي أكثر من كتاب وأدوّن هنا اهداء أحدها لي بخطّه الجميل وحروفه الأنيقة “إلى المفكر العربي الأخ الدكتور عبد الحسين شعبان مع فائق الود والاعتزاز منذر الشاوي الأول من حزيران 2008 وحين تدهورت صحته ولا سيّما بعد وفاة زوجته “أمّ النعمان” كنت أزوره في المنزل بصحبة أحد الأصدقاء وفي أحد المرات بصحبة الدكتور حسن البزاز كما أتذكّر.
في آخر لقاء لي معه في عمّان ومنذ نحو سنتين تقريباً من وفاته، في تموز (يوليو) 2019 كان متعباً وبدا نحيفاً بذاكرة مشوشة، زرناه مجموعة من طلبته اجتمع بعضها عن طريق الصدفة في لقاء فكري وضمّت المجموعة البروفيسور عامر حسن فياض (مدير مكتبه قبل سفره للعمل في ليبيا) والبروفيسور شيزارد النجار والدكتور نجدت عقراوي والدكتورة خانزاد أحمد، وكانت الرغبة الجماعية الاتصال باستاذهم القديم وقد اتصلتُ به وأبلغته بذلك وسألته إذا كان وضعه الصحي يسمح بالزيارة، فرحّب باللقاء وطلب مني الأسماء فذكرتها له.
وبما أنه كان يعيش وحيداً فقد طلب حضور أحد طلبته القدامى وزميله في الوزارة لاحقاً الذي كان يتردد عليه وهو سمير الشيخلي وزير الداخلية الأسبق، الذي كان باستقبالنا وتمتدّ علاقتي بالشيخلي إلى أواسط الستينات، وكان آخر لقاء بيننا في نهاية العام 1969 أو مطلع العام 1970 وكان اللقاء مع الدكتور منذر الشاوي ممتعاً وشيّقاً كالعادة، وحين تقدّمت منه إحدى زميلاتنا لالتقاط صورة تذكارية، قلت لها اقتربي منه، بل والتصقي به فإنه يحبّ الحلوات، فضحك الشاوي من القلب لهذه الأجواء المملّحة الذي ذكّرته بالماضي الجميل، وحلّت تلك الضحكة في ذاكرتنا كلّ ما التقينا نتذكّرها بمودة وشعور الامتنان لاستاذنا.
هشام الشاوي: سجل حافل
ربطتني علاقة شخصية بشقيقه هشام الشاوي خرّيج جامعة أكسفورد، وكان حين يتحدث بالانكليزية لا يمكنك تمييزه عن الانكليز، وهو ما فاجئ به الصحفيون الأجانب في المؤتمر الصحافي الذي عُقدَ في لندن اثر انتقاله للمعارضة في ربيع العام 1993 وبعد أن عمل سفيراً في كندا وقد وصل في الفترة ذاتها حامد الجبوري، وبالمناسبة فقد درّسنا هشام الشاوي “الدبلوماسية” في السنة الرابعة من الدراسة العام 1967 وكانت علاقتي قد توطدت في لندن خلال الأشهر القليلة التي مكث فيها قبل اضطراره المغادرة إلى المملكة العربية السعودية، وفيما بعد في الرياض. كان هشام الشاوي يختلف عن منذر فقد كان قومي الهوى لدرجة المحافظة أحياناً، وقد أسسّ مع المحامي يوسف الخرسان “الرابطة القومية” وعمل معهما لفترة الشاعر عدنان الراوي، الذي سبق أن أُسقطت عنه الجنسية العراقية في العهد الملكي، لكنها ظلّت منظمة على الهامش، وقد استوزر كوزير للتعليم العالي ووزيراً للشؤون الخارجية في السبعينات، وأدخل كقومي إلى الجهة الوطنية مع دكتور نزارالطبقجلي الذي هو الآخر أقرب إلى التيار القومي والذين عملوا تحت هذه المظلة.
ويمتاز هشام الشاوي بمسألتين لا يضاهيه فيهما أحد: الاولى: لغته العربية الصافية، وكان متمكنّا منها وبارعاً في استخدامها، حيث كان يرفض الحديث بالعامية لأي أمر وفي أية قضية، وكان الرفيق عامر عبدالله الذي زامله في الوزارة شديد الإعجاب به وفي الوقت نفسه يحاول مناقشته بشأن اللغة ودورها ووظيفتها كما أخبرني وقد التقاه في لندن أيضا. والثانية: معرفته بتاريخ العشائر فهو من العبيدات ويستطيع بسرعة خاطفة أن يُظهر لك شجرة العائلة وأين يمكن أن تلتقي مع العبيدات؟ وحين سألني عن أصل شعبان، فأجبته أنّه الجد السادس القاضي عبدالله الشعبان رئيس الخدمة في حضرة الإمام علي، والأصل حميري قحطانيٌّ من جبل النبي شُعيب في اليمن، فأكمل لي المشهد وذلك خلال دعوته لي في الرياض بفندق الإنتركونتننتال وفي كل زيارة لي للرياض لم أكن أتردد من اللقاء بأبو الحكم لما في حديثه من علم وفائدة ومتعة. وآخر لقاء لي معه في عمّان في مطعم بالصدفة ثم عرفت أنه توفي بعد بضعة أشهر 2013 وهو أصغر من منذر بسنتين.
منذر الشاوي في سطور
تخرّج الشاوي من كلية الحقوق في بغداد، العام 1951 ونال دبلوم العلوم القانونية في العام 1954 والدكتوراه في العام 1956 وحصل على درجة شرف في دكتوراه الدولة من جامعة تولوز حيث كان الفائز الأول في الاطروحات العام 1961 ودرّس في جامعة بغداد ونال درجة الاستاذية في العام 1973 وكان استاذاً في المعهد القضائي 1977- 1988 وقال لي القاضي رزكار أمين الذي كان أول قاضٍ لمحاكمة صدام حسين واستقال احتجاجاً على تدخلات خارجية كما أفاد، أن أكثر أستاذ استفاد منه هو منذر الشاوي، وفرح كثيراً حين عرف علاقتي الطيبة به، كما درّس في جامعة النهرين (صدام سابقاً) من العام 1992 ولغاية العام 2002.
ومن أهم مؤلفاته:
– نظرية الدستور (1964)
– نظرية الدولة (1966)
– القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية في العراق
– فلسفة القانون (1994)
– المدخل لدراسة القانون الوضعي 1996
– الدولة الديمقراطية في القضية السياسية والقانونية
– تأملات في الثقافة والقانون
– فلسفة الدولة 2013
– تأملات في فلسفة حكم البشر
– القانون والحياة 2008
{ { { { {
رحل الشاوي وحيداً ومكسوراً في عمّان وفي ظروف جائحة كورونا التي جعلت من التباعد الاجتماعي قانوناً ينطبق على المجتمع، وهكذا وريَ التراب في عمّان في ظرف استثنائي، ويحتاج منا نحن طلبته وزملاؤه وأصدقــــــــاؤه والمعنيين بقضايا الحـــــــــقوق والقانون والفلسفة والثـــــــــقافة الاهتمام بتراثه وجمعه، فعسى أن نفـــــــيه حقّه وهي دعوة لإقامة احتفالية له عند مرور عام على وفاته.