أخطاء تراثية مريبة منها تنسيب علماء ولدوا وعاشوا في العراق إلى دول أخرى!
علاء اللامي
خلال اشتغالي على بعض المواضيع التراثية، والبحث عن بعض المصادر، وقعت مصادفة قبل أيام على مقالة لكاتب يدعى محمود الدستوقي، منشورة في موقع “بوابة الأهرام” على النت بتاريخ 17-7-2020؛ تحتوي هذه المقالة على ركام من المعلومات المتداخلة والمحشورة على بعضها حشراً بخصوص عدد من العلماء العرب ذوي العلاقة بموضوع فكِّ رموز الكتابات واللغات القديمة، وقد لفت انتباهي فيها بعض المعلومات الخاطئة أو المحرَّفة بشكل مريب والتي أعتقد أنها لا تخلو من الانحياز والتعصب القطري في محاولة لإخراجهم من العراق الجغراسياسي وإلحاقهم بدولة عربية أخرى. ومن ذلك:
كتب الدسوقي: (و”أحمد بن وحشية”، كلداني الأصل نبطي من بادية الأردن، وقد توفي عام 296هـ). وهذا غير صحيح تماما، فأولا لم يكن للأردن وجود ككيانية جغراسياسية معترف بها في العصور القديمة، بل كان اسم الأردن يطلق على النهر المعروف بهذا الاسم في تلك العصور، وفي العصر الإسلامي أطلق الاسم على المنطقة التي أقيم فيها معسكر لجند الفاتحين العرب قريبا من النهر سمي “جند الأردن” ضمن خمسة أجناد في بلاد الشام تحولت لاحقا إلى ما يشبه الوحدات الإدارية؛ ثلاثة منها في سوريا هي دمشق وقنسرين وحمص. وثانيا، فإن ابن وحشية الذي توفي في القرن الرابع الهجري العاشر، اسمه الكامل كما ورد في كتاب “الفهرست للوراق البغدادي المعتزلي ابن النديم هو: أبو بكر أحمد بن علي المختار بن عبد الكريم بن حرثيا بن بدنيا ابن بوراطيا، المعروف بان وحشية النبطي. ويضيف ابن النديم أن ابن وحشية من أهل قُسَّين وجنبلاء وهما كورتان من كور الكوفة في بلاد السواد جنوب العراق بحسب “معجم البلدان” لياقوت الحموي. والكوفة هي ثاني عواصم الإسلام بعد المدينة، بعد أن اتخذها الخليفة الراشدي الرابع الإمام علي بن أبي طالب عاصمة لخلافته، وهي مدينة عراقية تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات الأوسط (شط الهندية القديم) شرق مدينة النجف وقرب عاصمة مملكة المناذرة، ولا علاقة لها لا ببادية الأردن في عصرنا ولا بغيرها!
أما عالم الكيمياء المعروف بأبي القاسم العراقي فقد عرفه الدسوقي باسم “أبو القاسم العراقي المصري”؛ ولم أجد أصلا لهذه التسمية التي أوردها الدسوقي فالمعروف في كتب الرجال “السِّيَّر” أن الاسم الكامل لهذا العالم هو: “أبو القاسم محمد بن أحمد العراقي السماوي، ولد في العراق وعاش في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، هو كيميائي عربي. ولد في العراق ولا يعرف بالضبط تاريخ ولادته غير أن معظم المؤرخين أجمعوا على أنه توفي سنة 580 هـ. حاول في دراسته للكيمياء إثبات صحة النظريات التي قدمها العلماء السابقون له، ومتابعة إنتاجهم وفحصه. يقول عنه جورج سارتون، في كتابه “المدخل إلى تاريخ العلوم”: إن أبا القاسم العراقى من كبار علماء الكيمياء؛ حيث إنه سار على مبدأ الشك في جميع ما صنفه أسلافه، فكان لا يصدق بما بين يديه من النظريات والأفكار العلمية إلا بعد التجربة، فهو يعتبر من الكيماويين المجددين بهذا المنهج. يرى بعض العلماء وخاصة علماء الغرب أن أبا القاسم هو مؤسس المنهج الحديث في العلوم التطبيقية عامة/ الموسوعة الحرة ويكيبيديا”.
أما العالم العظيم جابر بن حيان والذي نبغ في علوم الكيمياء والفلك والهندسة وعلم المعادن والفلسفة والطب والصيدلة، فقد أورد الدسوقي اسمه مختصرا وبخطأ إملائي حيث كتبه هكذا: “بن حيان”، إنما حسنا فعل فلم ينسبه الى مصر أو الأردن فهذا العالم أشهر من نار على علم، وهو كوفي الولادة والنشأة، وفي الكوفة عمل صيدلانياً وفيها توفي وقد جاوز التسعين من عمره. يبقى أن نأمل في أن يكف البعض من صحافيين ومدونين عرب عن هذا العبث القطري ويكتبوا أسماء العلماء الأعلام كما وردت في أمهات المصادر والمراجع التراثية القديمة، فالتراث العربي الإسلامي ليس هو المكان المناسب لتمرير نزعاتهم القطرية و”الوطنية الشعبوية” عبر هذه الممارسات المستهجنة وغير الأمينة.
كتب الدسوقي: (و”أحمد بن وحشية”، كلداني الأصل نبطي من بادية الأردن، وقد توفي عام 296هـ). وهذا غير صحيح تماما، فأولا لم يكن للأردن وجود ككيانية جغراسياسية معترف بها في العصور القديمة، بل كان اسم الأردن يطلق على النهر المعروف بهذا الاسم في تلك العصور، وفي العصر الإسلامي أطلق الاسم على المنطقة التي أقيم فيها معسكر لجند الفاتحين العرب قريبا من النهر سمي “جند الأردن” ضمن خمسة أجناد في بلاد الشام تحولت لاحقا إلى ما يشبه الوحدات الإدارية؛ ثلاثة منها في سوريا هي دمشق وقنسرين وحمص. وثانيا، فإن ابن وحشية الذي توفي في القرن الرابع الهجري العاشر، اسمه الكامل كما ورد في كتاب “الفهرست للوراق البغدادي المعتزلي ابن النديم هو: أبو بكر أحمد بن علي المختار بن عبد الكريم بن حرثيا بن بدنيا ابن بوراطيا، المعروف بان وحشية النبطي. ويضيف ابن النديم أن ابن وحشية من أهل قُسَّين وجنبلاء وهما كورتان من كور الكوفة في بلاد السواد جنوب العراق بحسب “معجم البلدان” لياقوت الحموي. والكوفة هي ثاني عواصم الإسلام بعد المدينة، بعد أن اتخذها الخليفة الراشدي الرابع الإمام علي بن أبي طالب عاصمة لخلافته، وهي مدينة عراقية تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات الأوسط (شط الهندية القديم) شرق مدينة النجف وقرب عاصمة مملكة المناذرة، ولا علاقة لها لا ببادية الأردن في عصرنا ولا بغيرها!
أما عالم الكيمياء المعروف بأبي القاسم العراقي فقد عرفه الدسوقي باسم “أبو القاسم العراقي المصري”؛ ولم أجد أصلا لهذه التسمية التي أوردها الدسوقي فالمعروف في كتب الرجال “السِّيَّر” أن الاسم الكامل لهذا العالم هو: “أبو القاسم محمد بن أحمد العراقي السماوي، ولد في العراق وعاش في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، هو كيميائي عربي. ولد في العراق ولا يعرف بالضبط تاريخ ولادته غير أن معظم المؤرخين أجمعوا على أنه توفي سنة 580 هـ. حاول في دراسته للكيمياء إثبات صحة النظريات التي قدمها العلماء السابقون له، ومتابعة إنتاجهم وفحصه. يقول عنه جورج سارتون، في كتابه “المدخل إلى تاريخ العلوم”: إن أبا القاسم العراقى من كبار علماء الكيمياء؛ حيث إنه سار على مبدأ الشك في جميع ما صنفه أسلافه، فكان لا يصدق بما بين يديه من النظريات والأفكار العلمية إلا بعد التجربة، فهو يعتبر من الكيماويين المجددين بهذا المنهج. يرى بعض العلماء وخاصة علماء الغرب أن أبا القاسم هو مؤسس المنهج الحديث في العلوم التطبيقية عامة/ الموسوعة الحرة ويكيبيديا”.
أما العالم العظيم جابر بن حيان والذي نبغ في علوم الكيمياء والفلك والهندسة وعلم المعادن والفلسفة والطب والصيدلة، فقد أورد الدسوقي اسمه مختصرا وبخطأ إملائي حيث كتبه هكذا: “بن حيان”، إنما حسنا فعل فلم ينسبه الى مصر أو الأردن فهذا العالم أشهر من نار على علم، وهو كوفي الولادة والنشأة، وفي الكوفة عمل صيدلانياً وفيها توفي وقد جاوز التسعين من عمره. يبقى أن نأمل في أن يكف البعض من صحافيين ومدونين عرب عن هذا العبث القطري ويكتبوا أسماء العلماء الأعلام كما وردت في أمهات المصادر والمراجع التراثية القديمة، فالتراث العربي الإسلامي ليس هو المكان المناسب لتمرير نزعاتهم القطرية و”الوطنية الشعبوية” عبر هذه الممارسات المستهجنة وغير الأمينة.