كاظم حبيب
تعليق على تعليقات بشأن رسالتي المفتوحة للسيد علي السيستاني
ما أن نشر مقالي الموسوم “رسالة مفتوحة إلى المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني” بتاريخ 15/06/2021 حتى وصلتني مجموعة من التعليقات اخترت منها أربعة تعليقات دون ذكر أسماء المعلقين:
الأول يتهمني بالكذب وصدرت عنه عبارات جارحة أخلاقياً في دفاعه عن حشده الشعبي الولائي، وهذا الشخص لا يستحق الرد لأنه لا يناقش بل يشتم!
أما الثاني فقد يكتب يقول بأنك يا دكتور تضيع وقتك دون فائدة، على وفق المثل الشعبي: اللي يقرَ هندي واللي يسمع أهل الجريبات!”. أما الثالث فقد كتب ما يلي:
أخانا العزيز الدكتور كاظم
ولو نار نفخت بها أضاءت. ولكن انت تنفخ في رماد.
السيد علي السيستاني جزء من المنظومة ولهذا لا يستطيع تحريكها.
كان هناك أمل ان تستطيع ولاية انتظار المُخلّص التي تحولت إلى ولاية الأمة على نفسها ان تحافظ على نهجها العربي العراقي المستقل لكن ذلك لم يحصل وامتص المخبول مقتدى الصدر معظم زخمها وقتله والسيستاني غير قادر مطلقا على التأثير.
مقالة ممتازة لكن السيستاني غير جدير بهذا النداء الرائع، تحياتي.
والرابع أخيراً وجد الرسالة المفتوحة موفقة فقرر إعادة نشرها.
هكذا هو واقع مجتمعنا تباين في وجهات النظر، وهو أمر صحي بغض النظر عن أسلوب البعض السائد حالياً في العراق والذي ينتمي إلى القوى الإسلامية السياسية الحاكمة والميليشيات التي تهدد من يتعرض لها بالنقد وتستخدم كل أساليب العنف بما فيه وأقله الشتم وأشده الاغتيال لمواجهة من ينتقدها ويطالبها بالتغيير لصالح الشعب والوطن.
السؤال الذي يهمني الإجابة عنه هو: ما هي أهمية الرسائل المفتوحة التي أوجهها وغيري إلى أسماء معروفة في العراق ولها مسؤوليات وتتحمل جزءاً، كبر أو صغر، مما حلَّ بالعراق منذ 18 عاماً؟ وهل هي موجهة للشخص المعني فقط، أم المقصود أساساً وأيضاً هو الرأي العام في العراق ومن يقرأ العربية أو حين تترجم الرسالة إلى لغات أخرى؟
الرسالة المفتوحة، كما أرى، لها غرض خاص، هو الشخص الذي توجه له الرسالة المفتوحة مباشرة، وغرض عام أساسي هو إطلاع الرأي العام العراقي والعربي بما هو عليه هذا الشخص الذي وجهت له الرسالة والدور الذي يقوم به، وما المطلوب منه، ارتباطاً بموقعه السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادين القيام به لمصلحة الشعب العراقي والوطن، وهل هو مستعد لإدراك هذا الدور أو أنه مدرك له ولكنه غير مستعدٍ أو لا يملك الجرأة والشجاعة على تنفيذ ما يطلبه الشعب منه، أو رغبة منه في احتفاظ هذه القوى الطائفية والفاسدة بقيادة الدولة؟ فالرسالة المفتوحة لا تهدف الوصول إلى الشخص بعينه فقط، وربما لا تنتظر منه بالضرورة معالجة القضايا المطروحة كحلول للمشكلات التي ساهم بها والتي يعاني الشعب منها الأمرين، بل تريد الوصول إلى الشعب أولاً وتريد تحميله جزءاً مهماً وأساسياً من مسؤولية ما آل إليه الوضع في البلاد ثانياً.
الرسالة المفتوحة ليست مضيعة للوقت أولاً، ولا تتحدث عن أشخاص مخبولين، إذ عندها لا يمكن محاسبة المخبول على أفعاله، بل توجه هذه الرسائل إلى مسؤولين ضمن العملية السياسية الفاسدة الجارية، وضمن النظام السياسي الطائفي الفاسد القائم في البلاد، وضمن نشاط قوى الإسلام السياسي الفاسدة والمهيمنة على الدولة بسلطاتها الثلاث ثانياً، والرسالة تؤكد بأنهم جميعاً، وهنا المقصود الحوزة الدينية الشيعية والمؤسسات الدينية السنية والسيد مقتدى الصدر والأحزاب الإسلامية السياسية والميليشيات الطائفية المسلحة وحشدها الشعبي، وسرايا السلام وجيش المهدي وسائرون، كلهم قد شاركوا، وما زالوا يشاركون، بما جرى ويجري حالياً في العراق، وهي المسؤولة عن هذا الوضع المأساوي والكارثي والرث الحاصل في الوطن المستباح. ويبدو للجميع بأن مساهمتها بما جرى ويجري يمنعها حتى حين تدرك بسعة دورها، يمنعها من الاعتراف بالخطاء وتصحيحه، إنها “العزة بالإثم!”. كما ليست عند هؤلاء إرادة حقيقية للتغيير، فليس بالإمكان أبدع مما كان! فالرسالة المفتوحة في مثل هذه الحالات تعتبر تحدياً واضحاً وصارخاً وكشفاً عن الأدوار وليس التغطية عليها أو الانتظار الفعلي بالضرورة بأنها ستقوم بعمل شيء نافع للشعب وسيادة الوطن. إن مثل هذه الرسالة المفتوحة تضع الناس أمام حقائق الوضع متأملة من أوساط جديدة من الشعب أن تتسع يوماً بعد أخر قاعدة من يدرك المأزق الذي يعيش فيه العراق وشعبه والعواقب المترتبة على سقوط العراق في أحضان إيران أو غيرها من الدول المجاورة أو الكبرى التي احتلت العراق ورسمت خارطته السياسية الراهنة، وأهمية النضال للخلاص من النظام السياسي الطائفي المحاصصي الفاسد ومن التبعية الخارجية. إنه وكما قال الكاتب العراق الأستاذ يحيى علوان بأن العراق وشعبه يعيشان مرحلة تحرر وطني، من استعمار غير مباشر يهيمن على قراراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الداخلية منها والخارجية، وسواء أكانت هذه التبعية لإيران أو للولايات المتحدة أو غيرهما. إنها مهمة نضالية كبيرة ومعقدة تحمل معها تضحيات كبيرة، ولكنها ضرورية ومظفرة في المحصلة النهائية. 17/06/2021