ماركوس راشفورد يهزم العنصرية في بريطانيا… والحكومة اللبنانية «تنتصر» على الطفلة جوري
بيدر ميديا.."
ماركوس راشفورد يهزم العنصرية في بريطانيا… والحكومة اللبنانية «تنتصر» على الطفلة جوري
منذ ساعتين
كشفت هزيمة المنتخب الإنكليزي أمام نظيره الإيطالي بالضربات الترجيحية عن بعض الأفعال والتصريحات العنصرية المقززة. فقد تعرض الثلاثي، ماركوس راشفورد وجادون سانشو وبوياكو ساكا، لإساءات عنصرية على مواقع التواصل، بعد فشلهم في تسديد ركلات الترجيح في النهائي الأوروبي. ونقل تلفزيون «بي بي سي» تغريدة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، لتزيد من حدة الانتقادات التي طالت الحكومة البريطانية.
وكانت الوزيرة قد قالت في حديث سابق إلى «جي بي نيوز» حول احتجاج لاعبي إنكلترا على العنصرية من خلال الانحناء على الركبة قبل انطلاق كل مباراة لهم إنها لا تدعم «الأشخاص الذين يشاركون في هذا النوع من الإيماءات السياسية». وهي حركة مستوحاة، كما هو معروف، من حادثة الاعتداء التي راح ضحيتها الأمريكي الأفريقي جورج فلويد عام 2020.
وعلى الرغم من تنديد الوزيرة بالعنصرية، التي واجهها اللاعبون الثلاثة في المنتخب الإنكليزي إلا أن اللاعب مينغز رفض تعاطفها وعلق بتغريدة:
«لا يمكنك إذكاء النار في بداية البطولة من خلال وصف رسالتنا المناهضة للعنصرية بأنها» سياسة الإيماءات، ثم التظاهر بالاشمئزاز عندما يتعلق الأمر بذلك. كذلك تم تشويه لوحة فنية للاعب لماركوس راشفورد في منطقة ويثينغتون، جنوب مانشستر، بعد وقت قصير من إهداره ركلة جزاء.
وقد تقدم اللاعب باعتذار عن إضاعته ضربة الجزاء في المباراة، لكنه أوضح أنه لن يعتذر مطلقاً بسبب ماهيته أو أصوله.
وكتب صاحب الـ23 عاماً، عبر انستغرام: «من الممكن أن أتقبل الانتقادات لأدائي، أو عن ركلة الترجيح، التي لم تكن جيدة بالشكل الكافي، وكان يجب أن تدخل المرمى، لكني لن أعتذر مطلقا بسبب ماهيتي، أو بسبب أصولي. لم أشعر بفخر أكبر من ارتداء قميص الأسود الثلاثة، ومشاهدة عائلتي وهي تشجعني أمام عشرات آلاف من المشجعين. لا أعلم حتى من أين أبدأ، ولا حتى الكلمات لا يمكن أن تعبر عما أشعر به في الوقت الحالي تحديداً».
وتابع: «للأسف، لم تكن النتيجة التي أريدها. شعرت أنني أحبطت زملائي في الفريق. شعرت أنني أحبطت الجميع. ركلة الترجيح هي كل ما طُلب مني للمساهمة في فوز الفريق. أستطيع تسجيل ركلات الترجيح حتى وأنا نائم، ولهذا، لم لا هذه الضربة؟ كل ما يمكنني قوله هو أنني أعتذر. أتمنى لو خرجت الركلة بشكل مختلف. طالما حلمت بأيام مثل نهائي الأحد».
وأكد أيضاً أنه رغم الانتقادات، إلا أن رسائل الدعم التي تلقاها بعد الخسارة كانت «إيجابية للغاية». وختم خطابه قائلاً: «المجتمعات التي تحيط بي تدعمني بشكل مستمر. أنا ماركوس راشفورد، وعمري 23 عاماً. رجل أسود من ويتنغتون، جنوبي مانشستر. أشكر الجميع على رسائلهم الطيبة. سأعود أقوى. سنعود أقوى». إذاً الفضل في مواجهة العنصرية يعود للمجتمع أولاً، كما يشير راشفورد، وليس للحكومة البريطانية التي تفاوتت تصريحاتها بين الإدانة والحديث عن حرية التعبير.
إن المجتمع الغربي، الذي أنتج الديمقراطية والمساواة ودفع ثمنها، يشعر بمسؤولية إزاء مقاومة الظواهر المرضية التي تصيبه. هنا يأتي دور النخبة الاجتماعية من رسامين ورياضين ومبدعين وإعلاميين ليتركوا بصمتهم، ويسجلوا مواقفهم.
الفنان البريطاني أكسي، الذي ابتكر لوحة راشفورد سيعود للعمل عليها وترميمها مباشرة «لأن ذلك يأتي بشيء إيجابي. فالناس يتحدثون عن قضية العنصرية في هذا البلد. هناك الكثير من التضامن مع هؤلاء اللاعبين – لقد كانوا قدوة جيدة داخل وخارج الملعب».
كما نجحت دعوات محلية في حشد العشرات أمام جدارية اللاعب ماركوس راشفورد في رسالة دعم بعد «اشمئزازهم» من التخريب والتشويه الذي طالها.
يقول أحد المتضامنين: «لقد دافع راشفورد عن الأطفال ودافع عما يؤمن به، وكان نموذجًا يحتذى به لأبنائي وللكثير من الناس في جميع أنحاء البلاد. لقد شعرنا بالفزع حيال ما حدث. وإذا كان بإمكانك المجيء وإظهار دعمك، فهذا شيء صغير يمكنك القيام به لإحداث فرق. نحن فخورون به». بعد هذا الدعم اللافت كتب راشفورد تغريدة إنه كان «على وشك البكاء» عندما رأى اللوحة الجدارية مغطاة برسائل داعمة.
لبنان مقبرة جماعية
كلما رحل ملاك صغير أضاءت نجمة في السماء. وكأن السماء تنده لهؤلاء الصغار لتنير بهم ظلمة الأرض، التي تسبب بها ساسة منافقون وفاسدون. ظلمتنا حالكة جداً، لا كهرباء، ولا مولدات، ولا حتى شموع! بطلتنا صغيرة جداً أيضاً، وقصتها مفجعة، وكأن صباحات الندى جمعاء لا تكفي لتبكيها.
كانت جوري طفلة تضج بالحياة. وردة يانعة جميلة جداً تفوح بعطرها، ناشرة الفرح في أرجاء بيتها الواقع في بلدة عانوت قضاء الشوف. كانت تتفتح ببراءة، يوماً بعد آخر، لكنها لم تكمل عامها الأول.
لم يكن لها من اسمها نصيب. لم تعش لفترة طويلة، كما تعيش وردة الجوري. ولم تكبر لتلبس لونها الأبيض، ولا لتلون شفتيها بالأحمر. جوري رحلت بلون أصفر أسكبته عليها عنوة رزمة الفاسدين الحاكمين والمتحكمين بمصير الشعب اللبناني. هو عام وحيد فقط عاشته بيننا. عام يتيم. فقير جداً. لم تحصل فيه على أدنى حقوقها كطفلة صغيرة. حق الاستشفاء وحق العلاج. وحقها في حياة كريمة. هكذا رحلت في الربيع وبألوانها لتترك والديها بحسرة مرة ما بعدها حسرة. ارتفعت جوري إلى السماء، بعد أن ضاقت بها الأرض. ماتت لأنها لم تجد الدواء ولا العناية الطبية في كنف العهد «القوي»!
قصتها انتشرت بصورة غير مسبوقة على وسائل التواصل الاجتماعي، لما تحمله من رسالة إلى عالم صامت متفرج أمام جنازة لبنان المفجوع. وقف والدها وهو يحضن أمها المنهارة بشكل كامل أمام الكاميرات التلفزيونية. وصرخ مفجوعاً: لماذا لم تأت سيارة الإسعاف؟ لماذا لم نجد لها سريراً في مستشفى؟ أين هي الأدوية؟ لماذا أقفلت الصيدليات؟ لماذا أصرخ؟ من سيسمعني، التماسيح؟ كل الناس يصرخون ولا أحد يسمعهم؟ نعم يا أخي. لا أحد يسمعك، لأن ساستنا وبكل بساطة رزمة من الديناصورات.
هكذا هو حالنا في عهد الإجرام والمجرمين . هذا هو لبنان اليوم الذي تغنى به وديع الصافي.آه لو تعرف ماذا حصل من بعد رحيلك للبنان. لبناننا لم يعد قطعة من السماء، بل أصبح قطعة من جهنم، مقبرة مفتوحة. ولم تعد تلك الأرض محرمة على الطامعين، كما تغنيت بها لسنوات طويلة وغنينا كلنا معك، بل أصبحت أرض الطامعين. نعم ستبقى تلك الأرض على شفاهنا صلاة إلى أن يتمكن العهد من إخراسنا عبر جلطات دماغية من كثرة الصدمات والضغوط النفسية والمادية أو الانتحار، كما فعل شبان كثيرون بعد انعدام الأمل والاستسلام لواقع لا يليق بالإنسانية. إنه العهد القوي جداً. قوي لحد أنه ينهي حياة أطفالنا بعد انقطاع الأدوية وعدم قدرة الأهل على دفع فواتير المستشفيات.
عهد الظلمة. عهد قاتل لم يترك لا خبزا ولا نورا ولا دواء ولا بنزين. عهد الفشلة، عهد أصبحت فيه هدية العرس غالون بنزين، نعم غالون بنزين! لقد انتشر مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو بثته قناة «أم تي في» اللبنانية لمشهد مضحك مبكي.
دخل مدعو على صالة العرس وهو يتراقص بغالون بنزين أحضره هدية للعريس. انتفض العريس من كرسيه مبتهجاً بالهدية النادرة. هدية باهظة الثمن. لقد أصبحت بمثابة حلم جميل للبنانيين. فهم يقفون بالطوابير ولساعات طويلة للحصول على القليل منه. هذا إن تمكنوا من الحصول عليه أصلا. فهو غير متوفر في كثير من المحطات بسبب أزمة المحروقات الحادة، التي يمر بها البلد. هكذا أصبح غالون البنزين أكبر وأهم من زفة العرس ومن خاتم الزفاف. غالون بنزين أم علبة دواء أم ربطة خبز؟ لا تحتاروا. كلها أصبحت هدايا مبهجة جداً.