كاظم حبيب
من هم برابرة العراق الجدد ، من هم خونة الشعب والوطن!
منذ أن بدأت إيران بعمليات تأسيس الميليشيات الطائفية المسلحة في العراق منذ منتصف عام 2003 ، وعلى طريقة تشكيل حزب الله في لبنان في عام 1982 وفيلق بدر العراقي أثناء الحرب العراقية الإيرانية في عام 1982 أيضاً ، أطلق المجتمع العراقي على هذه التشكيلات الميليشياوية القديمة والجديدة لقب “الولائية” ، أي أن ولاء هذه الميليشيات أولاً وأخيراً لإيران وليس للعراق . وقد كلف فيلق القدس والحرس الثوري واطلاعات بمهمة تشكيل هذه الميليشيات. واقترن تشكيلها بعملية واسعة ودؤوبة من جانب إيران ، ومعها الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية، بإقامة البنية التحتية الواسعة والمتنوعة للدولة العميقة التي تأتمر بأوامر ولي الفقيه الإيراني علي خامنئي . والسؤال بقى يدور في سماء العراق وعلى ألسن المزيد من بنات وأبناء الشعب العراقي: إلى متى تسكت المرجعيات الشيعية عن هذه الميليشيات التي استخدمت فتوى “الجهاد الكفائي” للسيد علي السيستاني ، لتعيث في أرض العراق فساداً وقتلاً وتدميراً ونهباً للخيرات المادية ، إلى متى تسكت هذه المرجعيات عن الولاء المطلق لهذه الميليشيات وقيادة وكوادر الحشد الشعبي لإيران ولولي الفقيه علي خامنئي وليس للعراق. لقد مارس وكلاء المرجعية في النجف وكربلاء نقداً مساوماً لهذه الميلشيات في رغبة منهم للحافظ على وجودها حماية لهم أو للنظام السياسي الطائفي الذي تقوده أحزاب إسلامية شيعية طائفية فاسدة، وقد ارتفع سخط الجماهير على هذه المواقف غير المبدئية وانتفض في تشرين الأول 2019 وقدم ضحايا كبيرة للخلاص من هذه الطغمة الشريرة الحاكمة.
ولكن قبل أيام قليلة ، وبالتحديد في 15/08/2021 ، ألقى الشيخ حميد الياسري ممثل مرجعية السيد علي السيستاني الشيعية في السماوة خطبة في مدينة الرميثة ،ثاني أكبر مدن محافظة السماوة في جنوب العراق: جاء فيها : “من الإمام الحسين تعلمنا أن من يوالي غير الوطن خيانة ودجل عظيم وخداع كبير”. وأضاف الياسري، وهو آمر لواء ما يسمى بـ”أنصار المرجعية”، قائلا، طبقا لوكالة الأنباء الفرنسية : “أن يأتينا الصوت والتوجيه والإرشاد من خلف الحدود ، فنحن نرفض هذه الانتماءات والولاءات ونعلن بأعلى أصواتنا، بلا خوف وبلا تردد أن من يوالي غير الوطن فهو خائن“.. (أنظر : العين الإخبارية، في 15/08/2021 في مدينة الرميثة -ميسان/السماوة) .
وألمح الياسري إلى أن الموالين لغير العراق يقفون خلف قتل المتظاهرين الذين طالبوا بحقوقهم في إشارة إلى 600 قتيل سقطوا في مظاهرات أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وتابع قائلا: “أعلم أن الكلام يجرح، أعلم أن هذه الكلمات صرخات رصاصات سوف تضرب صدور المتخاذلين والخائنين والمتقاعسين، والذين باعوا ولاءهم إلى ما خلف الحدود“. ونبّه قائلا : “أعلم أن هناك من يكتب ويسجل ويبعثر هذه الكلمات لأسياده وأسياده يبعثونها لأسيادهم خارج الحدود وسوف يفتي المفتي خارج الحدود بقتلي وقتلكم، بتهمة أننا نزعزع الولاءات الورقية الزائفة الزائلة في يوم من الأيام“.. (أنظر : ممثل للسيستاني يهاجم الموالين لإيران ، رجل الدين الشيعي حميد الياسري ، الإخبارية 24 ، 15 أ[،أغسطس 2021) .
وجاء في تقرير لموقع العين الإخبارية ما يلي : “اتهم خبراء ومتخصصون في الشأن العراق، إيران بتبديد أحلام العراقيين في العيش بسلام، وبسط نفوذها السياسي والعسكري، والتغلغل في مختلف أجهزة البلاد، والتنكيل بكل من يحاول الوقوف أمام هذا النفوذ. وشدد الخبراء خلال حديثهم لـ”العين الإخبارية”، على أن نظام طهران خطط لإسقاط المدن الرئيسية بيد الجماعات الإرهابية، واستغل كورونا للقضاء على المظاهرات التي انطلقت في العراق رفضا لنفوذها. وقال الصحفي العراقي ثامر الزبيدي: “كنا ننتظر العيش بحرية وسلام لكن إيران بددت كل أحلامنا عبر سيطرتها على كل شيء، وبدأت بتشكيل العديد من المليشيات المسلحة بعد عام ٢٠٠٣، تحت غطاء مقاومة المحتل في وقت إيران أكبر محتل للعراق“. . (أنظر: دلشاد الدلوي ، خبراء: إيران حولت العراق لمركز تجسس وتبدد السلام ، موقع العين الإخبارية ، بتاريخ 26/04/2020) .
والسؤال الكبير : هل ستتخذ المرجعية الشيعية الأكبر في العراق ، بعد أحداث أفغانستان وعواقبها المرة على الشعب الأفغاني موقفاً أكثر مسؤولية إزاء الشعب العراق والوطن العراقي في مواجهة كل الميليشيات الشيعية المسلحة وحشدها الشعبي ، التي لا تخضع للدولة الرسمية بل للدولة العميقة ، بل لإيران لا غير؟ وهل ستشارك المرجعية الشعب في رأيه بأن هذه القوى ليست سوى بقوة بربرية تريد إلحاق العراق بإيران وهي بذلك تخون الشعب والوطن في آن واحد ؟ هل تصريح الشيخ حميد الياسري بداية لموقف أكثر صوباً وعقلانية ومسؤولية من قبل المرجعية الشيعية للسيد علي السيستاني ؟ لنرى ما سيحصل خلال الفترة القادمة وقبل الانتخابات المبكرة والمتوقع جداً ، في ظل استمرار الظروف الراهنة ، تزويرها لصالح إعادة إنتاج الفئات الطائفية الفاسدة الحاكمة ، لصالح إيران ، هذه الدولة الثيوقراطية الاستبدادية الفاسدة السائرة نحو تشديد هيمنتها ، ومن ثم فرض “انتدابها!” (الاستعماري) الفعلي على العراق!!!