العراق المحتل … ومهزلة الانتخابات في القرن الحادي والعشرين
محمد جواد فارس
طبيب وكاتب .
العراق احتل من قبل المملكة البريطانية المتحدة بعد انتصار إنكلترا وفرنسا في الحرب العالمية الأولى ، حيت تقاسم الإنكليز و الفرنسين منطقة الشرق الأوسط ، وأصبحت لبنان وسوريا حصت فرنسا ، والعراق حصت المستعمر الإنكليزي ، العراف لأهمية موقع العراق الجغرافي ، أضافة لوجود نهري دجلة والفرات (وادي الرافدين ) و العراق بلد الحضارات وفيه الكثير من الاثار و سومر و أكد وبابل و اشور ، إضافة للمعلومات المتوفرة لدى علمائهم حول وجود النفط في العراق بكميات كبيرة و لسنوات ممكن اجراء الكشف والتنقيب و استخراجه ووضعه لخدمة إنكلترا ، وبعد ان هيمن الإنكليز بقواتهم على العراق لن يستكين شعب العراق فحدثت ثورة النجف على يد شيوخ ورجال الدين في العراق ، و بعدها انتفض الشعب العراقي في ثورة العشرين عام 1920 كحركة تحرر وطني شارك فيها شيوخ عشائر الفرات الأوسط و المنطقة الغربية و أكراد العراق (كما جاء في الوثائق و كتب عن الثورة ) هذه الثورة كلفت الإنكليز في معاركها الكثير و كان مطلبها الرئيسي استقلال العراق و إقامة نظام و طني يتولى الحكم فيه شخصيات وطنية عراقية ، و لكن الإنكليز فرضوا فيصل ابن الحسين قدما من نجد والحجاز ملكا على العراق ، و فيصل الأول يتمتع بإمكانيات تؤهله لقيادة العراق و إقامة دولة عراقية و العمل على لملمة الامة العراقية ، وذلك بإجراء تشريعات للدولة و البدء بتأسيس الجيش العراقي و الاهتمام بالتعليم لأعداد الكوادر في مختلف المجالات ، مثل الصحة و الهندسة و غيرها من الفروع التي تهم بناء الدولة ، و عملت الحكومة آنذاك في تقسيم مهام الدولة في تشريع القوانين و هذا مناط لمجلس نواب منتخب من قبل الشعب و تشكيل مجلس اعيان معين من قبل الدولة يضم شخصيات من العشائر و التكنوقراط ، وفعلا جرت انتخابات لهذا المجلس أي مجلس النواب ممثلين عن قطاعات واسعة من الشعب في الوية العراق و التي سميت لاحقا بالمحافظات ، صحيح ان هذا المجلس هو من صنع المستعمر البريطاني و لكنه كان يتخذ موقف عراقية و وطنية و التاريخ يحدثنا عن انتحار الشخصية الوطنية المعروفة عبد المحسن السعدون صاحب النصب التذكاري في شارع السعدون والمجاور المجاور لساحة التحرير ، وعندما جرت انتخابات في منتصف الخمسينات و رشح عدد من الوطنين المعروفين من أبناء الشعب حل نوري السعيد البرلمان وجاء بأعوانه من شيوخ و تجار موالين له ولسياسة الإنكليز ، أتذكر كان من المرشحين في مدينة الحلة رجل الدين ونصير السلم الشيخ عبد الكريم الماشطة ، كان برنامجه الانتخابي التالي : من يريد الخبز والعمل والمدارس و المستشفيات و المصانع ، بدلا من القواعد العسكرية و المنشأة الحربية فليصوت للشيخ عبد الكريم الماشطة . هكذا كانوا الوطنيين يفكرون بالشعب ومتطلباته اليومية ومن اجل مستقبل الأجيال ، و بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 التي انهت الحكم الملكي و استبدلته بالحكم الجمهوري ، و أعلنت عن خروج العراق من حلف بغداد الاستعماري وحررت الدينار العراقي بخروجه من الإسترليني ، وسنت جملة من القوانين المهمة منها قانون الإصلاح الزراعي وذلك بتوزيع الأراضي على الفلاحين ، وقانون الأحوال الشخصية الذي اقر حقوق المرأة في الإرث والزواج و الطلاق و قانون رقم ثمانين في حصر حق العراق بالتنقيب و الاستخراج و بيع نفطه عن طريق شركة النفط الوطنية العراقية ، و اوعد بإقامة انتخابات مجلس النواب وتسليم السلطة الى الحكم المدني ، واكن طال الانتظار ولم تطبق الوعود ، حتى جاء انقلاب شبا عام 1963 ، وتعاقبت حكومات بكل اشكالها و لم تكون هناك مجالس حقيقية ممثلة للشعب عن طريق انتخابات حرة ونزيه ، و في عام2003 شن بوش وزمرته بالتعاون مع بلير لتدمير العراق بحجة و جود أسلحة دمار شامل وعلاقة النظام القائم مع القاعدة المتهمة بتنفيذ ضربة أبراج نيويورك في الحادي عشر من أيلول ، و اثبت الأيام وعلى لسان المعتدين انهم كذبوا على الرأي العام العالمي خارقين كل الأعراف و القوانين و الشراع التي أقرتها الأمم المتحدة ، وشاركم في العدوان وتدمير الدولة عدد من المعرضين في الخارج ودخلوا العراق ، و خطط لهم بريمر رسم خارطة طريق تضمنت الغاء الجيش الوطني العراقي و القوى الأمنية ، اعد لهم دستور يتضمن المكونات الطائفية و الاثنية و العرقية بدلا من المواطنة ، و الدستور صوت عليه من قبل كل الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية ، و في هذا الدستور تشكيلات الرئاسات الثلاث على ان تكون رئاسة الجمهورية للأكراد ورئاسة الوزراء للطائفة الشيعية وكذلك رئاسة مجلس النواب للطائفة السنية ، و نحن اليوم ننتظر موعد الانتخابات المزمع عقدها في 10- 10-2021 وشعبنا عانى الامرين من الانتخابات السابقة و التي جاءت بالكثير من مزوري الشهادات العليا وعاقدي الصفقات مع شركات وهمية و ناهبي ثروة البلد و جعل الكثير منهم ممن لهم اليوم حسابات في بنوك الدول الغربية واصبحوا أصحاب الملاين من الدولارات ، على حساب لقمة عيش المواطن الي أغدقوه بالوعود الكاذبة ، وعلوا من العراق يشحت من ايران الكهرباء و الغاز ، ولا مستشفيات للمواطن ولا توفير الدواء لمرضى الامراض المزمنة ، و لا مدارس للتعليم وانما تفشت الامية و الجهل في صفوف الأطفال و الكبار بعد ان كان خالي من الامية ، امن المدن ومن ضمنها العاصمة بغداد وكل مدن العراق لا تبليط للشوارع و لا تجميل للمدن ولا تخطيط عمراني ، كل هذه المور و اليوم يطلون علينا تحت مسميات لقوائم جديدة واسمائهم ومعهم جدد ، يطلبون التصويت لهم بشعارات زائفة ومنتهى الوقاحة وكما يقال ( تدوير النفايات ) ، شعبنا لم ينسى ما أقدمتم عليه من قتل وجرح لمنتفضي تشرين الذين كانوا يتظاهروا سلميا ورافعي شعار نريد وطن و هم يحملون العلم العراقي و اختطفتم الكثير من النشطاء ، شعبنا اليوم قسم غير قليل منهم يطالبون بمقاطعة الانتخابات ، لأنها منذ فترة ليست بالطويلة و المال الفاسد شغال لشراء الذمم و البطاقات و كذلك السلاح المنفلت . و اقتبس من كتاب الأستاذ الوطني الدكتور حسن البزاز في كتابه (القوة والقيادة في الدولة الفاسدة ) ما يلي : أسحق عدوك كليا – بلا رحمة ، كل القادة العظاء في التاريخ ومنذ موسى ،عرفوا أن العدو يجب ان يسحق بالكامل ، ولم يكن من السهل تعلم ذا لك ، فإما بقيت شرارة واحدة مشتعلة ، ومهما تكن من ضعف دخانها ، فإن النار و في نهاية المطاف ستوقد من جديد . قد يؤدي ذلك إلى الفقدان ، ولكن يمكن أن يكون أكثر عند الوقوف في وسط الطريق بدلا من الاستمرار حتى المحق النهائي ، فسيظهر العدو من جديد و سيسعى للثائر ، فأسحقه ليس فقط جسديا ، بل معنويا وروحيا أيضا ومن بين المفاتيح الأساسية :الحل ، لا يمتلك الرحمة ، أسحق عدوك كاملا و بالقدر الذي يحاول فعله بك . فالأمن والسلام الوحيدان اللذان تآلفهما من عدوك هما في النهاية يتحققان بإنهاء وجوده . انتهى الاقتباس . لذا انني اهيب بأحفاد ثورة العشرين ان لا ينتخبوا من كذب عليهم من الوجوه السابقة و اعوانهم .