في جلسة دفاع دكتوراه في جامعة لایبزغ بألمانیا الدیمقراطیة، لطالب ذكي ومجتھد كان أسمھ: أرمین أرنست “، وكانت في اللغة العربیة وآدابھا. والعنوان الدقیق للأطروحة كان ” الكلمات العربیة في اللغة الألمانیة ” . وقد أحصى الباحث بنفسھ ووجد 550 كلمة عربیة في اللغة الألمانیة وبتقدیره أن ھذا الرقم كبیر. وأكد الباحث فضل العرب واللغة العربیة على تطور العلوم في أوربا بالأدلة والوثائق. یستخدم الفلاح الألماني نحو 800 كلمة فقط في حیاتھ البسیطة، واللغة الألمانیة التي أستخدمھا الأدیب الكبیر یوھان فولفغانغ غوتة لا تزید عن 18 ألف كلمة. وإذا كانت كلمات إنكلیزیة وفرنسیة قد تسللت إلى اللغة الألمانیة فھذا لا یثیر الدھشة، نظرا لأن ھذه اللغات ھي لغات من أرومة واحدة، أنكلو سكسونیة. وحتى تسلل كلمات روسیة (سیریلیة) إلى اللغة الألمانیة أمرا ُ مفھوما بسبب علاقات وأواصر الجیرة، وأنتقال الأفراد والسلع والافراد بین البلدان بسھولة. ولكن كیف جاءت 550 كلمة عربیة إلى اللغة الألمانیة واستقرت فیھا للیوم . والباحثة الألمانیة الدكتورة زیجرید ھونكة ( Sigrid. Dr Hunke (والتي جمعت أبحاثھا في عدة كتب، أشھرھا كتابھا شمس الله تسطع على الغرب ( Sonne Allaahs Abendlamd dem über (الذي ترجم للغة العربیة بعنوان ” شمس العرب تسطع على الغرب ” الذي طبع بلغتھ الألمانیة الأصلیة، العدید من الطبعات، وكذلك تكرر طبعھ للغة العربیة، وتختصر أعجابھا باللغة العربیة بقولھا ” كیف یستطیع الإنسان أن یقاوم جمال ھذه اللغة ومنطقھا السلیم وسحرھا الفرید …؟ فجیران العرب أنفسھم في البلدان التي فتحوھا سقطوا صرعى سحر ھذه اللغة “. دعت السفارة العراقیة ذات یوم شخصیة ثقافیة ألمانیة مھمة، وھو یكتب وینشط في مجالات سیاسیة، وخلال الدعوة وردا على الكلمة الترحیبیة التي ألقاھا السفیر ً العراقي، قال : اللغة العربیة منطقیة جدا وھي تعكس عمق ً اللغة والثقافة والرؤیة وأشیاء كثیرة، ومن تلك مثلا اللغة العربیة ھي الوحیدة في العالم، واللغة الألمانیة … (وربما تعلمناھا منكم …!) نقرأ الرقم بصورة منطقیة صحیحة فنحن نقول خمسة وثلاثون، في حین سائر اللغات الأخرى یقرأونھا: ثلاثون وخمسة، المنطق یقول القلیل فوق الكثیر ولیس العكس. أما في اللغة الفرنسیة فلكي تقول خمسة وتسعون، علیك أن تقرأھا ھكذا : أربع مرات عشرون، وعشرة، وخمسة ….! ً وھنا یبدو الفرق واضحا . ویكتب علماء ألمان تقدمیون في مقدمة كتابھم المھم (كتاب موسوعة تاریخ العرب 4 أجزاء وضعھ 24 عالم وأستاذ) في مقدمة ھذا العمل :” وبالنسبة للعلماء التقدمیین، فلیس ما یستدعي الانتباه ھو الكم الوافر من الانتصارات في سوح المعارك، وإنما الخدمة التي قدمھا العرب من أجل التقدم الاجتماعي للبشریة، وعندما كانت الحضارة والمدنیة العربیة الإسلامیة قد وصلت إلى ذروتھا، استطاعت أن تتوصل إلى 2 نظام ري متعدد القنوات مثل أعلى درجات التطور في الإنتاج الزراعي، وكذلك في الاقتصاد التجاري، لراقي العالي ّ فیما مثلت المصنوعات الیدویة، من منتجات الورش ولاسیما في صناعة السجاد، النسیج ا ً التطور، وكذلك في إنتاج الجلود التي كانت لھا أھمیتھا في العالم بأسره، كما ترجم أساتذة عرب أعمالا باللغات الیونانیة، اللاتینیة، الھندیة، فضاعفوا بذلك من حجم العلوم والمعارف التي كانت بحوزتھم في تطور مضاعف للعلوم. فوضعوا حجر الأساس للكثیر من الم ّ یادین الرئیسیة في العلوم، ودونوا ما كان ً معروفا لدیھم في تلك الأزمنة في أعمال وكتب موسوعیة، ولذلك أصبحت اللغة العربیة لغة عالمیة، فانتشرت الحروف العربیة مع الإسلام إلى شعوب وبلدان غیر عربیة، كما حاز فن الشعر العربي على درة الأدب العالمي، فیما تؤشر الیوم جوامع ومساجد في دمشق والقدس وقرطبة كشواھد لامعة لفن ّ المعمار العربي. وباختصار، فإن الثقافة في العصور الوسطى للدولة العربیة قد أثرت بشدة على التطور ّ ي مؤثرة في الھیاكل ً ً ً الثقافي لأوربا كما في آسیا وإفریقیا، وكونت إرثا ثقافیا حیویا لتلك الشعوب، وھ التقلیدیة في حیاتھم حتى وقتنا الحاضر “. وفي مكان آخر یكتب العلماء الألمان “أن العرب فخورون بلغتھم العظیمة، وأنھا لغة قدمت للبشریة ً “. الكثیر جدا وأشعلت الأنوار یوم كان الظلام یعم الأرض وإذا كانت اللغة العربیة لھا ھذا التأثیر الكبیر على اللغة الألمانیة فما بالك بتأثیرھا على اللغة الإنكلیزیة، والأسبانیة وھما لغتان كان لھما ملامسة بأشكال عدیدة مع اللغة والثقافة العربیة. فعلى سبیل المثال: ھناك 2800 لغة في العالم، ولكن كثیر من اللغات لم یسمع بھا أحد، ناھیك عن تأثیرھا، وكثیر من اللغات لم تعد موجودة، والكثیر منھا تعد من اللھجات. وكثیر من اللغات في العالم ھي للحدیث ولیست للقراءة والكتابة. واللغة ھي وسیلة رئیسیة لانتقال وتعمیم الثقافة. فاللغة العربیة اكتسبت ھیئتھا ھذه منذ نزول القرآن، حوالي 610 م. وھناك حوالي 550 كلمة عربیة في اللغة الألمانیة و 1000 كلمة في معجم أكسفورد للغة الإنكلیزیة و3000 في اللغة الأسبانیة. وإذا كان عمل الموسوعات والمعاجم والقوامیس أحد دلائل تقدم ثقافة أي شعب أو أمة، فأن العرب كانوا سباقین في وضع المعاجم العدیدة وأشھرھا: (كتاب العین) لخلیل بن أحمد الفراھیدي 786 م، وقد وضع بعد ذلك معاجم أشھرھا معجم الأصمعي المتوفى عام 828 م وكتاب التھذیب وضعھ أبو منصور محمد بن أحمد الأزھري المتوفى عام 980 م. والصحاح ووضعھ أبو نصر إسماعیل الجوھري المتوفى عام 1005 َ م، ومن مشاھیر المعاجم أیضا لسان العرب لأبن منظور المتوفى عام 1311 م وغیرھم. وتس َ تخدم اللغة العربیة حروفا خاصة بھا (ألف باء) وكذلك الأرقام (1 ،2 ،3(وأسماء الأشھر(رجب، شعبان، رمضان) وأیام الأسبوع(السبت الأحد ، الأثنین)، وكل ھذا قبل نزول القرآن فیما لم تبرز اللغات الأوربیة الرئیسیة إلا بعد 1500 میلادیة. واللغة الألمانیة بعد عام 1600 حین ترجم القس مارتن لوثر الأنجیل من اللاتینیة إلى اللھجة المحلیة للألمان. والثقافة الأوربیة كانت تستخدم اللغة اللاتینیة التي َ اندثرت الیوم تقریبا إلا عند الاختصاصین. ذات یوم قرأت لأدیب ألماني مقطع من قصیدة لعنترة : ولقد ذكرتك والرماح مني نواھل وبیض الھند تقطر من دمي فوددت تقبیل السیوف لأنھا لمعت كبارق ثغرك المتبسم وترجمتھا لھ للألمانیة، ولكن جن جنونھ حین أخبرتھ أن ھذه الأبیات تعود لأكثر من 1500 سنة …! إنھ ھي بدأت ً لمغزى كبیر، وكبیر جدا أن تستطیع أمة تحقیق منجزات أدبیة كبیرة، ثم تحقیق منجزات علمیة و تتحقق بعد العصر العباسي الوسیط، ومنجزات فنیة، 3 الحملة السیاسیة والاقتصادیة والعسكریة على الأمة ھي في ثقافتھا ولغتھا. ً إن جزء كبیر، وكبیر جدا من ھو یھدف إلى إلغاء، أو تقلیص أو تھمیش ھذا الموروث الكبیر، بحیث لا یجد المراقب والمتتبع إلا القلیل من المفكرین والباحثین الغربیین یمتلك الجرأة على ذكر الحقیقة، وقد تابعت بنفسي محاولات بعض المفكرین المنصفین، ولكنھم جوبھوا بالصد، والتجاھل، ومن یحاول منھم الإصرار على خطھ، یستبعد من الصحافة وإلاعلام. في الغرب الرأسمالي أنت حر في أن تشتم أنبیاء ورسل، ولكن یحكم علیك بالسجن بین 8 ــ 10 سنوات إذا خففت من رقم 7 ملیون ضحیة للھولوكوست (إبادة الیھود).إذا كنت كاتبا، وأردت أن تبقى تكتب ویقرأ لك الناس، علیك أن تكون ذكیا وخالیا من العفویة وتعرف ما تكتب وأن لا تغضب من لا یطاق غضبھ ..!